لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ الشركة لا يمكن أن تنمو وتحقق أرباحاً في الوقت نفسه، فعندما نتحدث مثلاً عن شركة أُنشِئت مؤخراً أو شركة تدخل سوقاً جديدة، وتسعى إلى تحقيق نمو كبير على غرار الشركات في منطقة "وادي السيليكون" (Silicon Valley)، فهذا المزيج من النمو والربحية يصبح أكثر ندرة من الكبريت الأحمر وهذا التوجه نحو تحقيق نمو كبير هو ما أدى إلى ظهور شركات تتجاوز قيمتها مليار دولار.
إذن ما هي الاستراتيجية التي يجب عليك اتباعها بصفتك رائد أعمال:
- إما أن تستثمر عن طريق ادخار كل قرش لتحقيق الربح في أسرع وقت ممكن.
- أو تستثمر في تحقيق النمو الهائل، متجاهلاً الربحية على الأقل على الأمد القصير.
لسوء الحظ، لا وجود لخيار صحيح وآخر خاطئ؛ إذ يختلف رأي كل رائد أعمال أو مستثمر عن غيره، ومن الممكن أن تنجح الشركة من خلال اتباع أي من هذه الخيارات، ولكن بالنسبة إلى الآخرين، يمكن أن يكون اختيار استراتيجية غير مناسبة هو الفارق بين أن تزدهر شركتك أو تندثر.
استراتيجية النمو:
حتى أولئك الذين لا يؤيدون فكرة النمو، ستجد من يخبرك أنَّك إن اتبعت هذا التوجه، فيجب عليك القيام بذلك فقط في ظل ظروف معينة، على سبيل المثال، يجب أن تتحقق من أنَّ لديك تمويلاً مضموناً تقريباً، وتتطلب هذه الاستراتيجية رأس مال كبير؛ وذلك لأنَّه في كثير من الأحيان كلما زاد النمو الذي تحققه، زادت الخسائر الأولية التي تتكبدها، وإذا لم يكن لديك تمويل، فلن تتمكن من الاستمرار عندما تنفد أموالك؛ وذلك لأنَّ أحد معززات النمو الفعالة هي تقديم عروض ترويجية قوية لجذب العملاء، مثل: إلغاء العمولات أو الرسوم التي يجب على عملائك دفعها عن طلباتهم الأولى، وتقديم حوافز للمنتجات أو الخدمات، وتخفيض الأسعار في نهاية الموسم، وأمور أخرى.
مثال على ذلك الاستراتيجية التي اتبعتها شركة بايبال (Paypal) لتنمية خدمة الدفع عبر الهاتف المحمول فينمو (Venmo)؛ حيث كان يجب على فينمو أن تكون خدمة رائدة في مجالها؛ وذلك لأنَّ العامل الهام في نجاح هذه المحافظ الإلكترونية هو أن تكون قادرة على إجراء تحويلات مالية بين مستخدمي التطبيق ذاته، ومن ثمَّ تقليل التكلفة وزيادة سرعة معاملاتهم.
ولكن لجذب المستخدمين الذين لديهم أيضاً تمويلاً لإجراء المعاملات، كان عليهم اتباع استراتيجية صارمة تتمثَّل في إيداع الأموال إلى المنصة، ثم اكتشفوا طريقة لإيداع الأموال من بطاقتك الائتمانية بدون عمولة؛ أي إذا أدخلت أموالاً إلى منصة فينمو باستخدام بطاقتك الائتمانية، فإنَّهم لا يفرضون عليك أي عمولة كنوع من الترويج؛ لذا كانت خدمة فينمو - أو بايبال - تتحمل تكلفة حوالي 2-3% من كل دولار تودِعه في التطبيق، قد لا تبدو هذه النسبة كبيرة، ولكن لولا خدمة فينمو وشركة بايبال التي تقف وراءها، لنفدت أموال المستثمرين على الفور.
إذا لم يكن لديك تمويل مضمون، أو كان هناك نقص نسبي في استثمارات رأس المال المخاطر في القطاع الخاص بك، فإنَّ اتباع استراتيجية مثل هذه يعد مخاطرة كبيرة؛ وقد يعني ذلك فشل مشروعك دون أخذ فرصة للنجاح.
بالنسبة إلى العديد من روَّاد الأعمال الآخرين، فإنَّ استراتيجية النمو هذه ببساطة ليست حتى خياراً؛ وذلك لأنَّهم لم يحققوا جولات استثمارية، أو أنَّ المبالغ المستثمرة لا تكفي لتنفيذها.
شاهد بالفديو: 10 نصائح من رواد الأعمال لجني الأموال
الاستراتيجية الربحية:
هذا هو الخيار الأول لروَّاد الأعمال؛ وذلك لأنَّ استراتيجية النمو المفرط تتطلب الكثير من رأس المال، والجانب السلبي لاتباع هذه الاستراتيجية هو أنَّك قد تتنازل عن مستخدمين لمنافسيك ممن لديهم رأس المال للاستثمار في النمو الهائل، ولكن كانت هناك أيضاً قصص نجاح كبيرة جداً في إطار هذه الاستراتيجية، بالإضافة إلى ذلك، يُتوَّج النجاح الذي تحققه باستخدام هذه الاستراتيجية عموماً بامتلاكك حصة أكبر بكثير من شركتك كرائد أعمال.
ومن الأمثلة على ذلك شركة "لوير" (Lower)، وهي شركة تمويل استغرقت 7 سنوات لتحقيق جولة استثمارها الأولى بقيمة 100 مليون دولار، وهي تستخدم أيضاً استراتيجية ربحية، ومن الأمثلة الأخرى على ذلك شركتا غاليليو (Galileo) وكوالتريكس (Qualtrics)، اللتان تم شراؤهما مؤخراً مقابل 1.2 مليار دولار و8 مليار دولار على التوالي.
هذه الاستراتيجية، التي تركز تركيزاً أكبر على النفقات، تستغرق من الشركات الناشئة وقتاً أطول لتحديد مدى نجاحها، وإذا كانت استراتيجية النمو تتطلب بذل جهد كبير لتكتشف بعدها ما إذا كنت تستطيع تحقيق النجاح، فإنَّ هذه الاستراتيجية لا تتطلب سوى الاهتمام بأمور وجوانب معينة من العمل واحداً تلو الآخر، ليكون نجاحك بذلك مضموناً.
في كثير من الأحيان تكون الاستراتيجية التي تتخذها هي نتاج رأس المال المتوفر لديك، ولكن في أحيان أخرى قد يكون قرارك البحت؛ إذ عليك أن تتأنى دوماً وتختار ما يناسبك ويناسب مجال عملك.
أضف تعليقاً