ما هي متلازمة الموهوب؟

لقد استحوذت هذه الظاهرة المُثيرة للاهتمام على اهتمام الباحثين والجمهور على حدٍّ سواء، فقدَّمت رؤىً عن تعقيدات الدماغ البشري وإمكاناته في تكوين مواهب غير عادية وسط التحديات المعرفية، لذا إذا كنت من المهتمِّين فما عليك إلا أن تتابع معنا.

اختبار متلازمة الموهوب:

لا يوجد اختبار محدَّدٌ لمتلازمة الموهوب؛ وذلك لأنَّها حالةٌ نادرة جداً يصعب تعريفها تعريفاً دقيقاً، ولكن يمكن استخدام بعض الأدوات لتقييم احتمال إصابة الشخص بمتلازمة الموهوب تشمل:

أولاً: اختبارات الذكاء

1. اختبارات الذكاء التقليدية، مثل اختبار "ويشلر" لذكاء الكبار (WAIS).
2. اختبارات الذكاء التكيُّفي، مثل اختبار "ماتريكس رافينز".

ثانياً: اختبارات المهارات

1. اختبارات المهارات الحسابية.
2. اختبارات المهارات اللغوية.
3. اختبارات المهارات الحركية.
4. اختبارات الذاكرة.

ثالثاً: المقابلات

1. مقابلة مع الشخص المصاب.
2. مقابلة مع أفراد عائلته.
3. مقابلة مع أصدقائه.
4. مقابلة مع معلِّميه.

رابعاً: الملاحظة

1. ملاحظة سلوك الشخص في مختلف المواقف.
2. ملاحظة تفاعله مع الآخرين.
3. ملاحظة طريقة تعلُّمه.

خامساً: التصوير الطبِّي

1. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للدماغ.
2. التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) للدماغ.

من الهامِّ أن نتذكَّر أنَّه:

1. لا يمكن لأيِّ اختبارٍ واحدٍ أن يُشخِّص متلازمة الموهوب تشخيصاً قاطعاً.
2. يجب استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات لتقييم احتمال إصابة الشخص بمتلازمة الموهوب.
3. يجب أن تُشخَّص من قِبل فريق من المُتخصِّصين، مثل طبيب نفسي وأخصائي علم النفس وأخصائي النطق واللغة.

متلازمة الموهوبين في الطبِّ:

متلازمة الموهوبين أو ما يُعرف أيضاً باسم متلازمة العالِم العبقري هي حالةٌ نادرة جداً يُظهِر فيها بعض الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية كبيرة قدراتٍ استثنائيةً في مجالٍ معيَّن تتجاوز المُعدَّل الطبيعي بكثير، وهي في الطب كالآتي:

1. اختلافات في بنية الدماغ:

أظهرت بعض الدراسات وجود اختلافات في بنية الدماغ لدى الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين، على سبيل المثال قد يكون لديهم حجم أكبر في بعض مناطق الدماغ، مثل: القشرة السمعية وهي مرتبطة بقدرات موسيقية استثنائية، والقشرة البصرية مرتبطة بقدرات فنية استثنائية، وقد يكون لديهم أيضاً اتصالات أقوى بين مناطق الدماغ المختلفة، وهذا يُحسِّن من سرعة معالجة المعلومات وربطها ببعضها بعضاً.

2. الناقلات العصبية:

يُعتقد أنَّ بعض الناقلات العصبية تؤدِّي دوراً في الإصابة بمتلازمة الموهوبين، مثل الدوبامين مرتبط بالتحفيز والتعلُّم، وهذا يُعزِّز الرغبة في استكشاف المجال الموهوب فيه الشخص، والسيروتونين مرتبط بالمزاج والتحكُّم في الانفعالات، وهذا يُساعد على التركيز والمثابرة.

3. الجينات:

أظهرت بعض الدراسات وجود ارتباط بين بعض الجينات وظهور قدرات استثنائية، مثل جينات مرتبطة بالذكاء الاستثنائي وجينات مرتبطة بمهارات موسيقية استثنائية.

4. الذكاء الاستثنائي:

يتميَّز الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين بذكاء استثنائي في مجال مُعيَّن.

5. قد يُظهرون مهارات استثنائية في:

الرياضيات والموسيقى والفن والعلوم.

6. الذاكرة القوية:

يتمتَّع الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين بذاكرة قوية.

قد يتمكَّنون من تذكُّر المعلومات بسرعة وسهولة، والاحتفاظ بالمعلومات في ذاكرتهم طويلة الأمد.

7. التركيز العالي:

يتمتَّع الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين بقدرة عالية على التركيز، وقد يتمكَّنون من التركيز على مَهمَّة ما لفترة طويلة دون تشتُّت انتباههم وإنجاز المهام بكفاءة عالية.

8. الإبداع:

يتمتَّع الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين بقدرة عالية على الإبداع، وقد يتمكَّنون من التفكير بطرائق جديدة وغير تقليدية، وابتكار أفكار جديدة وحلول مبتكرة للمشكلات.

سلبيات متلازمة الموهوبين:

1. الشعور بالوحدة:

قد يشعر الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين بالوحدة، بسبب صعوبة التواصل مع الآخرين الذين لا يشاركونهم مستوى الذكاء أو الاهتمامات نفسها.

2. التنمُّر:

قد يتعرَّضون للتنمُّر من قِبل زملائهم في المدرسة أو العمل بسبب اختلافهم.

3. الصعوبات الاجتماعية:

قد يعانون من صعوبات في التفاعل الاجتماعي، مثل: فهم مشاعر الآخرين، والتواصل مع الآخرين تواصُلاً فعَّالاً لِتكوين علاقات اجتماعية.

4. القلق والاكتئاب:

قد يعانون من القلق والاكتئاب بسبب صعوباتهم في التفاعل الاجتماعي، وشعورهم بالوحدة وصعوبة التأقلم مع محيطهم.

5. الشعور بالضغط:

قد يشعرون بالضغط بسبب توقُّعات الآخرين منهم للنجاح وتحقيق إنجازات كبيرة.

6. الإحباط:

قد يشعرون بالإحباط بسبب صعوبة فهمهم من قِبل الآخرين.

7. صعوبة الحصول على التعليم المناسب:

قد يواجهون صعوبة في الحصول على التعليم المُناسب الذي يُلبِّي احتياجاتهم الخاصة.

8. صعوبة الحصول على عمل مناسب:

فقد يواجهون صعوبة في الحصول على عمل مناسب يُناسب قدراتهم ومواهبهم.

علاج متلازمة الموهوبين:

لا يوجد علاج مُحدَّد لمتلازمة الموهوبين، لكن يركِّز العلاج على:

1. تحسين المهارات الاجتماعية والتواصلية:

مساعدة الأشخاص على فهم مشاعر الآخرين والتواصل تواصُلاً فعَّالاً وتكوين علاقات اجتماعية.

2. تحسين المهارات الحياتية:

مساعدة الأشخاص على تعلُّم كيفية العيش عيشاً مستقلَّاً وإدارة شؤونهم المالية والحصول على وظيفة.

3. العلاج الطبِّي:

استخدام الأدوية لعلاج بعض الأعراض، مثل القلق والاكتئاب وصعوبة التركيز وغيرها من المشكلات التي يتعرَّض لها المصاب بمتلازمة الموهوبين.

من الهامِّ أن نتذكَّر أنَّ متلازمة الموهوبين ليست مجرد ميِّزة، بل هي حالة لها إيجابيات وسلبيات، فـ "لكلِّ شيء إذا ما تمَّ نقصانُ" كما يُقال.

أبرز المشاهير المصابون بمتلازمة الموهوب:

اولاً: الفنانون

1. كيم بيك:

فنَّان أمريكي مشهور بقدرته على رسم أي شيء يراه بدقَّة مذهلة حتى لو لم يرَ ذلك الشيء إلَّا مرة واحدة، يمكنه أيضاً تذكُّر كمية هائلة من المعلومات، مثل أسماء جميع الأشخاص الذين قابلهم وتواريخ الأحداث التاريخية.

2. سوزان بويل:

مغنِّية اسكتلندية اكتسبت شهرة عالمية بعد مشاركتها في برنامج المواهب "Britain's Got Talent" بصوتها الملائكي، واجهت صعوبات في التعلُّم في طفولتها، لكنَّها تمكَّنت من تحقيق النجاح في حياتها المهنية.

3. تيم برتون:

مخرج أفلام أمريكي مشهور بأفلامه الغريبة والخيالية، يُعتقد أنَّه يعاني من متلازمة أسبرجر، وهي أحد أشكال اضطراب طيف التوحُّد.

4. آندي وارهول:

فنَّان أمريكي مشهور بأعماله الفنية التي تُركِّز على الثقافة الشعبية، ويُعتقد أنَّه يعاني من متلازمة أسبرجر أيضاً.

5. داريل هانا:

ممثِّلة أمريكية مشهورة بأدوارها في أفلام مثل "Splash" و"Kill Bill"، واجهت صعوبات في التعلُّم في طفولتها، لكنَّها تمكَّنت من تحقيق النجاح في حياتها المهنية.

6. فينسنت فان جوخ:

رسَّام هولندي مشهور بأعماله الفنية التي تُعرف بألوانها الزاهية وخطوطها العريضة، يُعتقد أنَّه كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب، وهو اضطراب مزاجي يُسبِّب تقلُّبات مزاجية حادة.

7. مايكل أنجلو:

فنَّان ونحَّات ومهندس معماري إيطالي مشهور بأعماله الفنية الرائعة مثل "تمثال ديفيد" و"سقف شبل سيستين"، ويُعتقد أنَّه كان يعاني من متلازمة أسبرجر.

8. ليوناردو دافنشي:

مخترع وعالم وفنان إيطالي مشهور بأعماله الفنية الرائعة مثل "الموناليزا" و"العشاء الأخير"، يُعتقد أنَّه كان يعاني من متلازمة أسبرجر.

ثانياً: الموسيقيُّون

1. ديفيد باوي:

موسيقي بريطاني مشهور بأغانيه المبتكرة وأسلوبه الفريد، ويُعتقد أنَّه يعاني من متلازمة أسبرجر.

2. موزارت:

موسيقي نمساوي مشهور بتأليفه لأعمال موسيقية رائعة مثل "سمفونية جوبيتر"، يُعتقد أنَّه كان يعاني من متلازمة الموهوب.

3. بتهوفن:

موسيقي ألماني مشهور بتأليفه لأعمال موسيقية رائعة مثل "سيمفونية القدر" و"سوناتا ضوء القمر"، ويُعتقد أنَّه كان يعاني من الصمم.

ثالثاً: الكتَّاب

1. إيميلي ديكنسون:

شاعرة أمريكية مشهورة بشعرها الغامض والرمزي، يُعتقد أنَّها كانت تعاني من اضطراب الشخصية الانعزالية.

2. أغاثا كريستي:

كاتبة روايات بوليسية بريطانية مشهورة بأعمالها مثل "جريمة على نهر النيل" و"موت على النيل"، يُعتقد أنَّها كانت تعاني من اضطراب الشخصية الانفصامية.

رابعاً: العلماء

1. ألبرت آينشتاين:

عالِمُ فيزياء ألماني مشهور بنظرية النسبية، واجه صعوبات في التعلُّم في طفولته، لكنَّه تمكَّن من تحقيق أحد أعظم الاكتشافات العلمية في التاريخ.

2. نيوتن:

عالم فيزياء ورياضيات إنجليزي مشهور بقوانين نيوتن للحركة وقانون الجاذبية الكونية، يُعتقد أنَّه كان يعاني من اضطراب طيف التوحُّد.

3. تيسلا:

مخترع أمريكي مشهور باكتشافاته في مجال الكهرباء والمغناطيسية، ويُعتقد أنَّه كان يعاني من اضطراب الوسواس القهري.

ملاحظة: هذه القائمة ليست شاملة، فثمة عددٌ من المشاهير الآخرين الذين يُعتقد أنَّهم مصابون بمتلازمة الموهوب.

من الهامِّ أن نتذكَّر أنَّ متلازمة الموهوب هي حالة نادرة جداً، وأنَّ الأشخاص الذين يعانون منها قد يواجهون تحدِّيات كبيرة في حياتهم، كما يجب على الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الموهوبين الحصول على الدعم والمساعدة من العائلة والأصدقاء والمجتمع لاستثمار هذه المتلازمة استثماراً صحيحاً ومثاليَّاً.

في الختام:

إنَّ متلازمة الموهوبين تظلُّ حالةً رائعة وغامضة تتميَّز بقدرات معرفية رائعة تتعايش مع التحديات التنموية، من خلال عدسة علم الأعصاب وعلم النفس والتعليم، استكشفنا طبيعته المُتعدِّدة الأوجه مُدركين قدرته على التبصُّر في الدماغ البشري وأهمية دعم الأفراد ذوي الملامح المعرفية المتنوعة، وفي حين أُحرِزَ كثير من التقدُّم في فهم متلازمة الموهوبين وما يزال هناك كثير ممَّا يجب اكتشافه، وهذا يوفِّر طرائق للبحث المستقبلي والتدخُّلات الرحيمة التي تهدف إلى رعاية المواهب وتحسين نوعية الحياة لأولئك الذين يعانون من هذه الحالة الاستثنائية.