سنناقش في هذا المقال أهميَّة الإحماء والتمدُّد قبل التمرينات الرياضية، وسنستكشف الفوائد العديدة التي يقدِّمها، وسنقدِّم لك بعض النصائح العملية لتطبيقها تطبيقاً صحيحاً.
أهمية الإحماء قبل التمرينات
يُعدُّ الإحماء قبل التمرينات الرياضية هامٌّ جداً، فهو بمنزلة تحضير لجسمك للنشاط القادم، وله فوائد عديدة، أهمها:
1. زيادة مرونة العضلات
يُعدُّ الإحماء قبل بدء التمرينات الرياضية خطوة أساسية لا يمكن تجاهلها، فهو يسهم في رفع درجة حرارة العضلات، ويجعلها أكثر استعداداً للتقلُّص والتمدُّد بسرعة وفاعليَّة، ويحسِّن هذا التحضير أداء العضلات، ويساعد أيضاً على تقليل خطر الإصابة بالإجهاد أو الشد العضلي، كما يرفع من حرارة الجسم، وهذا يعزِّز مرونة العضلات، ويزيد من بعض عناصر اللياقة البدنية مثل السرعة والقوَّة.
2. زيادة القدرة على التحمُّل
لا يقتصر الإحماء قبل التمرينات الرياضية على تجهيز العضلات فقط، بل يؤدي دوراً حيوياً في تعزيز القدرة على التحمُّل، فيَحدث تغيير في ارتباط "الأوكسجين" بـ "الهيموجلوبين" عندما ترتفع درجة حرارة الدم خلال الإحماء، وهذا يسهِّل وصول "الأوكسجين" إلى العضلات المستهدفة، وتعزِّز هذه الزيادة في تدفُّق "الأوكسجين" من كفاءة الأداء، وهذا يسهم في تحسين القدرة على التحمُّل إسهاماً ملحوظاً.
3. تقليل خطر الإصابات الرياضية
تُعدُّ تمرينات الإحماء، مثل المشي السريع، أو ركوب الدراجة، أو الجري في المكان من الخطوات الأساسية التي يجب على كلِّ رياضي الالتزام بها، وتساعد ممارسة هذه التمرينات لمدة تتراوح بين 5 و10 دقائق العضلات على التكيُّف مع الجهد البدني القادم، وهذا يضمن استعدادها الجيِّد، ويسهم هذا التحضير في تحسين الأداء، ويؤدي دوراً حاسماً في تقليل خطر الإصابات الرياضية، وهذا يجعل الإحماء ضرورياً لأيِّ نشاط رياضي.
4. تنشيط عمل القلب
أظهرت دراسة أُجرِيت على 44 رجلاً لا يعانون من أمراض القلب أنَّ ممارسة تمرينات عالية الكثافة لمدَّة تتراوح بين عشر إلى عشرين ثانية دون إحماء أدَّت إلى تغييرات غير طبيعية في تخطيط القلب لدى 70% من المشاركين؛ بسبب انخفاض تدفُّق الدم إلى عضلة القلب.
مارَسَ 22 من هؤلاء الرجال بعد ذلك الجري معتدل الشدَّة، لمدة دقيقتين بوصفه إحماء قبل العودة إلى التمرينات عالية الكثافة، فكانت النتائج مثيرة، وأظهر تخطيط القلب أنَّ عشرة مشاركين حصلوا على نتائج طبيعية، وعشرة آخرين حققوا نتائج أفضل صحيَّاً، بينما لم يتأثَّر تخطيط قلب اثنين منهم سواء قبل الإحماء أم بعده، وتسلِّط هذه النتائج الضوء على أهمية الإحماء بصفته خطوة حيوية لتحسين صحَّة القلب في أثناء ممارسة الرياضة.
5. تحسين الأداء
تتجاوز أهميَّة الإحماء مجرد تجهيز الجسم للتمرينات، ويمتدُّ تأثيره ليشمل تجهيز ذهن اللاعب أيضاً للنشاط الرياضي القادم، ويسهم هذا التحضير الذهني في تحسين الأسلوب والمهارة والتنسيق في أثناء الأداء.
يساعد الإحماء الرياضيين على الاستعداد لمواجهة التحديات التي قد يواجهونها في أثناء التدريب، وهذا يمكِّن الجسم من إنتاج سرعات أعلى، وتحمُّل مشقَّات أكبر، وفي المقابل إذا لم يكن العقل مستعداً لمواجهة هذه التحديات، فإنَّ الأداء البدني سيكون أقل كفاءة.
كيف تمارس تمرينات الإحماء؟
إليك أبرز حركات الإحماء الرياضي التي تساعد على تجهيز الجسم للنشاط البدني:
1. تمرين الزحف من المكان
يسير الرياضي في مكانه، مع التقدُّم للأمام والخلف، مع رفع اليدين إلى الأعلى، وإنزالهما بالتزامن مع خطواته، ويُمارَس هذا التمرين لمدة ثلاث دقائق.
2. تمرين الحفر بالكعب
يستمرُّ هذا التمرين دقيقة كاملة، ويتطلَّب الوقوف على إحدى القدمين مع رفع الأخرى للأمام، ثمَّ لمس كعب القدم المرفوعة بالأرض، ويُكرَّر رفع الكعب وإنزاله 60 مرة خلال الدقيقة.
3. تمرين القرفصاء
يستهدف هذا التمرين عضلات الجزء السفلي من الجسم، ويُمارَس من خلال الوقوف مع فتح القدمين بمقدار عرض الورك، ثمَّ النزول، مع الحفاظ على استقامة الظهر حتى يصبح الورك موازياً للأرض.
4. تمرين رفع الركبة
يُنفَّذ هذا التمرين 30 مرة خلال 30 ثانية، فيبدأ الرياضي بالوقوف على إحدى القدمين، ثمَّ يرفع القدم الأخرى من الركبة بمحاذاة الورك، مع التبديل بين القدمين، ولمس الركبة باليد المعاكسة.
5. تمرين دحرجة الكتف
يُمارَس هذا التمرين مرتين، بواقع 10 دحرجات في كل مرة، فيُرخي الرياضي يديه، ثمَّ يقدِّم الكتف إلى الأمام ويعود به إلى الخلف باستمرار.
6. تمرين ثني الركبة
يتطلَّب مد اليدين إلى الأمام بموازاة الكتفين، ثمَّ الانثناء من الركبة مع تكرار الحركة 10 مرات، مع ضرورة عدم خفض الجسم أكثر من 10 سم.
7. تمرين الاندفاع الجانبي
يبدأ الرياضي بالوقوف مع فتح القدمين بمقدار عرض الورك، ثمَّ يضغط على إحدى القدمين، وينحني بركبتها، بينما يُبقي الأخرى مستقيمة، مع التبديل بين القدمين.
كيف تعرف أن تمرينات الإحماء ناجحة؟
يجب أن تشعر ببعض العلامات لتأكيد فاعليَّة التحضير عند أداء تمرينات الإحماء، مثل:
- يجب أن تشعر بدفء جسمك؛ لأنَّ حرارة الجسم ترتفع بعد التمرينات، فإذا لم تتعرَّق تعرُّقاً بسيطاً، فقد يعني ذلك أنَّ جسمك غير مستعد لممارسة الرياضة بعد.
- ينبغي أن تشعر بأنَّ عضلاتك ومفاصلك أصبحت أكثر مرونة، وهذا يسمح لك بالتحرُّك بحريَّة، ودون أي انزعاج أو صعوبة.
- يجب أن تشعر بالاستعداد العقلي لممارسة الرياضة؛ إذ يسهم الإحماء في زيادة تركيزك على المهمة التي تقوم بها.
أضرار ترك تمرينات الإحماء قبل التمرينات الرياضية
قد يتعرَّض الرياضيون لمخاطر وأضرار عديدة إذا تركوا ممارسة تمرينات الإحماء قبل بدء التدريبات، ومن هذه المخاطر:
- تُعدُّ الإصابات من أبرز المخاطر، وتشير الإحصاءات إلى أنَّ حوالي 30% من مراجعات العيادات الطبية تتعلَّق بالإصابات العضلية الهيكلية، والتي يمكن الوقاية منها من خلال الإحماء المناسب.
- يؤدي عدم الإحماء إلى زيادة الضغط على القلب، ويسهم الإحماء في تهيئة الجسم تهيئة تدريجية لوصول مستويات الأوكسجين والدم اللازمة في أثناء ممارسة الرياضة، وقد يسبِّب البدء في التمرينات الرياضية الشاقَّة دون هذا التحضير ضغطاً مفاجئاً على القلب، وهذا يزيد من خطر المشكلات الصحية.
أنواع تمرينات الإحماء
يعتمد اختيار النوع المناسب لتمرينات الإحماء على عدة عوامل لضمان تحقيق أكبر فائدة قبل التمرين، مثل نوع النشاط الرياضي، والحالة البدنية للرياضي.
إليك قائمة بأنواع تمرينات الإحماء:
1. الإحماء النشط
يُعدُّ الأكثر شيوعاً، ويسهم في تحسين أداء الجسم، ويساعده على تنفيذ النشاطات الرياضية المختلفة دون الشعور بالألم، إضافة إلى تعزيز وصول "الأوكسجين" إلى العضلات.
شاهد بالفيديو: 5 نصائح للتخلص من آلام العضلات بعد الرياضة
2. الإحماء السلبي
يعتمد هذا النوع على وسائل خارجية مثل حمَّام الماء الساخن أو الساونا؛ لرفع درجة حرارة الجسم، ولا يسبِّب الإحماء السلبي إرهاقاً، ولا يمنح الجسم نفس الفوائد التي يمنحها الإحماء النشِط.
3. الإحماء الثابت
يتضمَّن تثبيت العضلات لفترة تتراوح بين 30 إلى 90 ثانية في أثناء إطالتها، ثم إعادتها إلى وضعها الطبيعي، وتشير الدراسات إلى أنَّ هذا النوع ليس مناسباً قبل ممارسة الرياضة.
4. الإحماء الديناميكي
يُمارَس من خلال تمرينات حركية تُحاكي حركات الرياضة المستهدفة، مثل لفَّات الكتف، أو تحريك الذراع في دوائر، وهذا يساعد الرياضيين على الاستعداد المثالي للنشاط البدني.
هل توجد مدة محددة لتمرينات الإحماء؟
قد يستفيد جسمك استفادة كبيرة من تمرينات الإحماء إذا مارستها لمدَّة لا تقلُّ عن خمس دقائق، ويُفضَّل أن تستمرَّ حتى عشر دقائق؛ لتحقيق مزيد من الفوائد، وتتناسب مدة الإحماء تناسباً طردياً مع شدة التمرينات الرياضية التي تخطِّط لأدائها، فيجب زيادة فترة الإحماء عندما تكون التمرينات شاقة؛ لضمان تحضير الجسم تحضيراً كافياً، أمَّا بالنسبة إلى الرياضات ذات الشدة الأقل، فيمكن الاكتفاء ببعض تقنيات الإحماء الأساسية؛ لذا يجب تخصيص الوقت المناسب للإحماء لضمان أداء أفضل وتقليل خطر الإصابات.
نصائح لممارسة حركات الإحماء الرياضية
إليك هذه النصائح والإرشادات التي يجب مراعاتها لتحقيق أفضل النتائج:
- مارِس تمرينات الإحماء المناسبة لنوع الرياضة المراد البدء بها، مثل تمرينات إمالة العنق، وتحريك الحوض قبل ممارسة رياضة "الكارديو".
- ارفَع شدَّة التمرينات تدريجياً، ابدأ من التمرينات ذات الشدة الأقل، ثمَّ انتقل إلى تلك التي تتطلَّب نشاطاً عضلياً أكبر، كما يُفضَّل تجنُّب تقنيات الإطالة الثابتة، والتي قد تؤدي إلى تمزُّقات، واستبدالها بالإطالة الديناميكية التي تتضمَّن حركة.
- ركِّز في أثناء التمرين، يُعدُّ التركيز عنصراً أساسياً، فقد أظهرت الدراسات أنَّ تصوُّر الفوز قبل بدء الإحماء قد يعزِّز الأداء.
- تنفَّس تنفُّساً سليماً، من خلال الزفير في أثناء الإطالة، والشهيق عند العودة للوضع الطبيعي، وهذا يساعد على تحقيق نتائج أفضل.
- ابتعد عن التمرينات المؤذية، يجب أن تكون تمرينات الإحماء قويَّة، ولكن غير مؤلمة؛ للحفاظ على سلامة الجسم.
في الختام
إنَّ تمرينات الإحماء هي خطوة أساسية لا يمكن تجاهلها؛ لذا يجب على كل مَن يمارس النشاط البدني أن يخصِّص وقتاً كافياً للإحماء، سواء أكان مبتدئاً أم محترفاً، ويضمن الاهتمام بهذه الخطوة تجربة رياضية آمنة وممتعة، ويعزِّز من الفوائد الصحية العامَّة للنشاط البدني.
أضف تعليقاً