ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "فانيسا فان إدواردز" (vanessa Van Edwards)، وتُخبرنا فيه عن معنى الإدراك الذهني وكيف ينطبق علينا.
ما هو الإدراك الذهني؟
هذا مقتطف من كتاب سيجل: "الإدراك الذهني هو نوع من الاهتمام المركَّز الذي يسمح لنا برؤية ما يدور داخل عقولنا، إنَّه يساعدنا على أن نكون على دراية بعملياتنا العقلية دون أن تؤثر فينا، ويمكِّننا من التوقف عن التصرف دون وعي أو هدف ووفقاً للسلوكات المتأصلة وردود الفعل المعتادة، وينقلنا إلى ما وراء الدوامات العاطفية التفاعلية التي نميل جميعاً إلى الوقوع فيها، كما تمكننا مهارات التركيز التي هي جزء من الإدراك الذهني من رؤية ما بداخلنا وقبوله، وإمكانية التخلي، ومن ثمَّ تغييره أخيراً".
بمعنى آخر الإدراك الذهني هو القدرة على تصنيف عالمنا العاطفي الداخلي وتحليله وتوضيحه وكيف يستجيب للعالم من حولنا، وقد تسأل نفسك - كما سألت نفسي - في أثناء قراءة هذا الكتاب: "هذا مفهوم رائع، لكن أين العلم؟".
يَذكر سيجل أنَّنا عندما نكون يقظين أو منتبهين تنطلق الخلايا العصبية في دماغنا وتتشابك معاً ويتنشط هذا الجزء من دماغك، ويزيد هذا التشابك من المرونة العصبية في الدماغ؛ ممَّا يساعدنا على معالجة عواطفنا؛ فنحن حرفياً "نوقظ" الجزء من الدماغ الذي نحتاجه لمعالجة المشاعر المختلفة.
أحد الأمثلة التي قدمها سيجل للمساعدة على توضيح فكرة تنشيط الدماغ هي تجربة أُجرِيَت على سائقي سيارات الأجرة؛ فمنطقة الحُصين الموجودة في الدماغ تتسع عند سائقي سيارات الأجرة؛ فهذا هو الجزء من الدماغ المسؤول عن الذاكرة المكانية، وإضافة إلى ذلك يشرح سيجل أنَّ الدماغ يدخل بنوبات تشذيب عصبية ويزيل الروابط العصبية للتقليل من الدوائر المختلفة غير المستخدمة بحيث يصبح الدماغ أكثر تخصصاً وكفاءة.
باختصار: يمكنك تصميم عقلك
يقترح سيجل أنَّ الأشخاص الذين لديهم تدريب على الوعي الذهني، تتحول عقولهم إلى حالة تسمح لهم فيها بالتحرك نحو المواقف الصعبة بدلاً من الابتعاد عنها، وهي علامة الدماغ على المرونة.
المفهومات الرئيسة المفيدة للإدراك الذهني:
"تسمية شعورك وترويضه":
تُعدُّ ملاحظة الحالة التي تشعر بها وتسميتها وترويضها أو اعتيادها من بين المبادئ الرئيسة للإدراك الذهني، وأجد هذا مفيداً جداً ويسهل التكيف عليه في حياتي الخاصة؛ فإذا قمنا بتسمية المشاعر التي نمر بها بدلاً من أن تسبب لنا الإرباك، سنكون قادرين على معاملتها معاملة أفضل؛ على سبيل المثال فكر في الفرق بين قولك: "أنا غاضب" و"أشعر بالغضب"، يوجد فرق واضح جداً بينهما؛ فعبارة "أنا غاضب" هي نوع من تعريف الذات الذي يقيدك، في حين تشير عبارة "أشعر بالغضب" إلى القدرة على التعرف إلى المشاعر وقبولها دون تجاوزها.
التوقف عن عيش الحياة دون هدف:
أحد المفهومات الأساسية التي يشرحها سيجل وأجدها أكثر صلة بحياتي اليومية هي إدراك عملياتنا العقلية دون أن ننساق وراءها، فيساعدنا هذا على التوقف عن التصرف وفقاً للسلوك المتأصل والاستجابات المعتادة والدوامات العاطفية التي يمكن أن نقع فيها.
شاهد بالفيديو: 6 طرق لتصفية ذهنك
صقل 9 وظائف ما قبل الجبهية:
يصف سيجل 9 من الوظائف الرئيسة لقشرة الفص الجبهي بوصفها مفتاحاً لتطوير الإدراك الذهني: التنظيم الجسدي، والتواصل المتناغم، والتوازن العاطفي، ومرونة الاستجابة، وتعديل الخوف، والتعاطف، والبصيرة، والوعي الأخلاقي والحدس؛ هذه الجوانب التسعة تؤدي إلى السلامة العاطفية، ويساعدك الإدراك الذهني على العثور على المعوقات في كل مجال من المجالات التسعة حتى تتمكن من تحرير جهاز العقل الطبيعي للشفاء والتفكير.
لقد وجدتُ بعض الصعوبة في محاولة التفكير في الجوانب التسعة كلها دفعة واحدة؛ لكنَّني نجحتُ في معالجة جانب واحد كل أسبوع، وبمجرد الانتباه إلى كل قدرة تعلمت عن نفسي وعاداتي المتأصلة.
ركائز التفكير الثلاث:
المبدأ الرئيس للإدراك الذهني هو تركيز الانتباه أو التفكير، فيقسم سيجل التفكير إلى ثلاث ركائز وهي الانفتاح، والملاحظة، والموضوعية، وهذا أصعب مما يبدو، ومع ذلك وجدته مفيداً عند محاولة التفكير في مشاعري وتحديدها، وحاولت بصورة طبيعية أن أخفي بعض المشاعر كالغيرة، والغضب، والضعف، وعلى أقل تقدير شعرت بمزيد من الهدوء وتمكنت من تجاوزهم بسهولة.
كان أحد المجالات التي عانيتها حقاً هو اتخاذ المزيد من الخطوات الملموسة لتحقيق عملية الإدراك الذهني أو حتى ممارستها، ويذكر سيجل "نشاطات تدريب اليقظة" بانتظام؛ لكنَّه نادراً ما يشرح كيفية إكمال هذه النشاطات من دونه.
فيما يأتي بعض النشاطات التدريبية المتعلقة بالإدراك الذهني التي جمعتها من الأمثلة التي يستخدمها في الكتاب:
- لعبة التواصل غير اللفظي لنسخ تعبيرات وجه شخص آخر وتخمين المشاعر.
- لعبة التواصل غير اللفظي لمشاهدة التلفاز مع إيقاف تشغيل الصوت والسماح لعقلك باستنتاج التفاصيل.
- تدوين يومياتك باستخدام صور/ روائح/ أصوات للمساعدة على تنشيط الحواس.
- محاولة الرسم باستخدام جوانب مختلفة من الدماغ (يوصي الكاتب ببعض الكتب التي تتعلق بهذا الموضوع).
- تدوين المشاعر.
- إيجاد الكلمات لوصف عالمنا الداخلي.
- إنشاء "خرائط ذهنية" لأنفسنا وعلاقتنا بالآخرين، وكيف نرى أنفسنا وعلاقاتنا مع الآخرين.
- شد مجموعات عضلية معينة وتحريرها للتعرف إليها.
- وجود شخص يقول "لا" بنبرة قاسية، ثمَّ "نعم" عدة مرات ومناقشة ما تشعر به عندما تُقال لك كلتا الكلمتين.
لمَّا أجرب بعد أيَّاً من هذه النشاطات المحددة، لكن يمكنني أن أرى كيف أنَّها خطوات عمل لمبادئ الإدراك الذهني.
أضف تعليقاً