كيف تتغلب على ضغط العمل وما هي المهارات اللازمة لذلك؟

ومع الاعتراف بأنَّ الضغط لا يمكن تجنُّبه، أصبح من الضروري اكتساب مهارات فعَّالة للتعامل معه، تُعرف هذه المهارات بمهارات العمل تحت الضغط، ولكن ما هي هذه المهارات بالتحديد؟ وكيف يمكن للفرد تطويرها وتعزيزها للتكيُّف مع مواقف الضغط تكيُّفاً أفضل؟ سنتناول في هذا المقال أهمية هذه المهارات وطرائق اكتسابها، وهذا يساعد على تحسين الأداء الشخصي والمهني في جميع جوانب الحياة.

ضغط العمل وعلاماته

ضغط العمل هو حالة من الإجهاد الجسدي والنفسي ترتبط بالمهنية، وغالباً ما ينشأ نتيجة تراكمات وضغوطات تفوق قدرات الموظف ومهاراته، فعندما تتزايد المسؤوليات وتتجاوز ما يمكن للفرد تحمُّله، تصبح القدرة على التعامل مع هذه الضغوطات محدودة، وهذا يؤدي في النهاية إلى شعور بالإرهاق والإحباط، فهذا الوضع قد يساهم في ظاهرة الاحتراق الوظيفي، فيشعر الموظف بفقدان الدافع والقدرة على الأداء، ومن الضروري فهم هذه الديناميات للعمل على تطوير استراتيجيات فعَّالة للتعامل مع ضغط العمل وتحسين بيئة العمل عموماً.

علامات ضغط العمل

1. قد يشعر الفرد بتوتر مفرِط، وهذا يؤدي إلى تقلُّبات مزاجية وانزعاج مستمر.
2. يمكن أن يتطور شعور اللامبالاة تجاه المهام اليومية، وهذا يؤثر في الأداء والإنتاجية.
3. يعاني الكثيرون من شعور دائم بالإرهاق، حتى مع الراحة الكافية.
4. يواجه بعضهم صعوبة في النوم أو الاستيقاظ المتكرر، وهذا يؤثر في طاقتهم خلال النهار.
5. يعاني الكثيرون من الصداع وغيره من الأعراض الجسدية نتيجة الضغط النفسي المستمر.
6. يميل الشخص المتوتر إلى الابتعاد عن زملائه وأصدقائه، وهذا يزيد من مشاعر الوحدة.

أسباب ضغوطات العمل

تتعدَّد الأسباب الرئيسة لضغوطات العمل، وتؤدي دوراً حاسماً في كيفية تعامل الأفراد معها، ومن هذه الأسباب:

1. تعدُّ البيئة الخارجية من المسبِّبات الرئيسة، فتختلف استجابة الأفراد لها بناءً على شخصياتهم وطباعهم، فبعض الأشخاص قد يتكيَّفون بسهولة مع المنبِّهات الخارجية، بينما يشعر آخرون بالضغط الشديد.
2. تعدُّ شخصية الفرد وسماته عاملاً أساسياً في تحمُّل ضغوطات العمل، فالصفات مثل الكفاءة، والقدرة على تحمُّل المسؤولية، والطموح، وقوة الحافز تؤثر تأثيراً كبيراً في كيفية تعامل الإنسان مع الضغط، فالشخص الطَّموح غالباً ما يتجاوز الضغوطات، بينما قد يشعر الشخص الذي يفتقر إلى الثقة في نفسه بالقلق والإرهاق.
3. توجد عوامل داخلية في بيئة العمل، مثل ساعات العمل الطويلة وتراكم المهام، تؤدي إلى ضعف قدرة الموظف على التعامل مع الضغط، كما تؤدي الحياة الشخصية دوراً هاماً، ويمكن أن تؤثر المشكلات الشخصية في القدرة على التركيز وتحمُّل الضغوطات.
4. يعدُّ عدم تقسيم المهام تقسيماً عادلاً بين الموظفين من العوامل التي تزيد الضغط النفسي، فيشعر بعضهم بعدم الإنصاف، وهذا يعزِّز من مشاعر الإحباط والتوتر.

مفهوم مهارات العمل تحت الضغط

تُعدُّ مهارات العمل تحت الضغط ضرورية لكل فرد يسعى إلى إنجاز المهام بفاعلية في ظل الضغوطات النفسية أو الجسدية، خاصةً في عالم العمل المتغيِّر، فهذه المهارات ليست مجرد أدوات؛ بل هي قدرة حيوية تتيح للفرد التعامل مع التحديات اليومية تعامُلاً مثمراً وصحياً، وعندما يواجه الشخص ضغطاً في العمل، قد يشعر بإلحاح يدفعه لإنجاز مزيد من المهام في وقت أقل، وهذا يعزِّز من دافعيته وإنتاجيته، ولكنَّ الأهم من ذلك، أنَّ هذه المهارات تساعد الأفراد على تخطِّي العقبات والمواقف الصعبة، وهذا يؤدي إلى تطوير قدراتهم الشخصية والمهنية، فمن خلال تعلُّم وإتقان كيفية التعامل مع الضغوطات، يمكن للفرد أن يحقِّق نمواً مستداماً في حياته، وهذا يعزِّز من فرصه في النجاح والتفوق في سوق العمل.

كيف تحسِّن مهاراتك في العمل تحت الضغط؟

1. الحرص على وضع خططٍ واضحة لإنجاز المهام، والاستعداد لتغييرها إذا لزم الأمر، فالقدرة على التكيُّف وإيجاد بدائل في الوقت المناسب تعدُّ من المهارات الأساسية لمواجهة التحديات غير المتوقَّعة.
2. ضبطُ النفس في مواقف الضغط هو سمة تميِّز المحترفين، ويساعد الحفاظ على الهدوء على التأثير الإيجابي في فريق العمل، ويمكنك ممارسة بعض التقنيات مثل التنفُّس العميق، أو أخذ لحظة للتفكير قبل الرد، أو حتى مشاهدة شيء مضحك لتحسين مزاجك.
3. لا تتردَّد في طلب الدعم من زملائك عند مواجهة مهام صعبة، فالتعاون يمكن أن يوفِّر الوقت والجهد، ويساعد على إنجاز العمل إنجازاً أكثر فاعلية.
4. محاولة الابتعاد عن النقاشات التي قد تؤدي إلى النزاعات، فالتركيز على إنجاز المهام بدلاً من الانغماس في الدراما يساعدك على الحفاظ على طاقتك ووقتك.
5. رغم أنَّ القهوة تبدو بوصفها وسيلة لتعزيز اليقظة، إلا أنَّ تناولها بكثرة يمكن أن يزيد من القلق ويؤثر سلباً في تركيزك، فحاوِلْ تقليل استهلاك الكافيين للحفاظ على هدوء أعصابك.
6. تخصيص بضع دقائق لأخذ استراحة عند الشعور بالضغط، فيمكنك التجول في المكتب أو الخروج للتمشي، أو تناول وجبة خفيفة، أو التحدث مع صديق، هذه اللحظات تساعدك على تجديد نشاطك والعودة للعمل بحماسة أكبر.

شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع ضغوطات العمل؟

فوائد اكتساب مهارات العمل تحت الضغط

1. تسهم هذه المهارات في تحسين علاقات الموظفين، وهذا يجعل بيئة العمل متناغمة.
2. يساعد العمل الجماعي على إنهاء المهام إنهاءً أسرع وأكثر فاعلية، وهذا يوفِّر الوقت.
3. ترفع هذه المهارات روح الفريق، وهذا يزيد من حماسة الأفراد.
4. يؤدي التعاون الفعَّال إلى تحقيق أداء أعلى من قبل الفريق ككل.
5. تسهم هذه المهارات في تحسين تركيز الأفراد على المهام الموكلة إليهم.
6. تنظِّم توزيع الأعباء تنظيماً أفضل، وهذا يسهِّل إنجاز الأعمال.
7. تعزِّز القدرة على إدارة الوقت، وهذا يسهم في تحقيق الأهداف بانتظام.
8. تُكسِب الموظَّف إحساساً دائماً بالإنجاز والرضى عن العمل.
9. تقلِّل من مستويات التوتر، وهذا يساهم في تحسين الصحة النفسية.

استراتيجيات تساعدك على تخفيف ضغط العمل

إليك بعض الاستراتيجيات الفعَّالة لتقليل الضغط وتحسين صحتك النفسية:

1. يعدُّ الحوار مع الأصدقاء وسيلة رائعة للحصول على الدعم والتعاطف في الأوقات الصعبة.
2. تكوين علاقات جديدة في مختلف مراحل حياتك يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تخفيف الضغوطات المستقبلية.
3. يساعد النشاط البدني على التخلص من التوتر، ويعزِّز الصحة الجسدية والنفسية، كما أنَّ تناول الأغذية الصحية يعزِّز من مرونة الجسم والعقل في مواجهة ضغوطات العمل.
4. الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً يزيد من قدرتك على إنجاز المهام بنشاط خلال النهار، وهذا يساعد على التعامل مع ضغط العمل تعامُلاً أفضل.
5. تنظيم وقتك تنظيماً جيِّداً يُقلِّل التوتر وضغوطات العمل، وهذا يمنحك شعوراً بالتحكم.
6. تقسيم المشاريع إلى مراحل وتفويض المهام يُخفِّف الضغط، وهذا يجعل العمل أكثر سهولة ويسراً.

كيف توفر بيئة عمل خالية من الضغط للموظفين؟

يمكن لكل قائد أو مدير أو رائد أعمال أن يوفر بيئة عمل محفِّزة وملهِمة لموظفيه من خلال التركيز على خمس نقاط رئيسة ألا وهي:

1. العمل على رفع المعنويات

عندما تقدِّم الدعم المعنوي والتشجيع لموظفيك وزملائك، فإنَّك تعزِّز ولاءهم لمكان العمل وتُحسِّن علاقتك معهم، فهذا النوع من الدعم لا يقتصر على تحسين الروح المعنوية فحسب؛ بل يسهم أيضاً في تعزيز العمل الجماعي، الذي يُعدُّ أحد الركائز الأساسية لنجاح أية شركة، فمن خلال بناء بيئة إيجابية تُشجِّع على التعاون والتفاعل، يمكنك تحقيق نتائج أفضل وتحفيز الجميع على تقديم أفضل ما لديهم.

2. الدعم الإيجابي والتحفيز

يساهم الدعم الإيجابي الذي يقدِّمه المدير أو الزملاء في تعزيز شعور الموظفين بقيمتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم، فهذا النوع من الدعم يشجِّعهم على تطوير مهاراتهم أو تعلُّم مهارات جديدة، وهذا يمكن أن يعود بفائدة كبيرة على الشركة، فعندما يشعر الموظفون بالتقدير والتشجيع، يصبحون أكثر حماسة واستعداداً للمساهمة في نجاح المؤسسة وتحقيق أهدافها.

3. التواصل مع الموظفين

يساعد التواصل الفعَّال بين الموظفين والإدارة على توفير بيئة عمل صحية، فيتيح للجميع طرح الأسئلة والحصول على إجابات بسهولة، فعندما يشعر الموظفون بأنَّهم جزء من عملية اتخاذ القرار ويُسمح لهم بالمشاركة، يزداد شعورهم بالتقدير والاحترام، وهذه الديناميكية لا تعزِّز فقط من خبراتهم؛ بل تشجِّعهم أيضاً على تقديم أفضل ما لديهم، وبفضل هذا التواصل المفتوح، تتحسَّن العلاقات بين الزملاء وتزدهر روح التعاون والإبداع، وهذا يسهم في نجاح الشركة عموماً.

4. الموازنة بين العمل والحياة الشخصية

من خلال مساعدتك للموظف في تحقيق التوازن بين حياته المهنية والاجتماعية، يمكنك أن تُحدث فرقاً كبيراً في رضاه الوظيفي، فاستخدام وسائل فعَّالة مثل إتاحة الفرصة للعمل عن بُعد أو منح يوم إجازة بوصفها نوعاً من المكافأة، يُظهر تقديرك لجهوده، وهذه الممارسات لا تساهم فقط في تخفيف الإجهاد؛ بل تعزِّز أيضاً شعور الموظف بالاعتراف والاحترام، وهذا يزيد من حماسته وإخلاصه في العمل.

5. تشجيع التطور المهني

تُعدُّ البرامج التدريبية أداة فعَّالة لرفع مستوى كفاءة الموظفين، فهي تساهم في تلبية متطلبات الشركة وتعزيز أداء الفريق، وعندما يحصل الموظف على التدريب المناسب، يصبح أكثر تميُّزاً في مسيرته المهنية، وهذا يمكِّنه من تحقيق أهدافه الشخصية والمهنية، وهذا الاستثمار في تطوير المهارات لا يعزِّز فقط من جودة العمل؛ بل يُظهر أيضاً التزام الشركة بتنمية موظفيها، وهذا يوفر بيئة تشجع على النمو والابتكار.

في الختام

إنَّ النجاح في بيئات العمل عالية الضغط يتطلَّب مزيجاً من المهارات والتقنيات الفعَّالة، وتذكَّر أنَّ الحفاظ على صحتك النفسية والجسدية هو أساس النجاح المهني، فبتطبيق الاستراتيجيات التي تحدَّثنا عنها، يمكنك ليس فقط التعامل مع الضغوطات؛ بل أيضاً الازدهار في بيئة العمل.