ما هو الرضى الوظيفي لدى الموظفين؟
الرضى الوظيفي مصطلحٌ يُستخدم للدلالة على سعادة وراحة الموظفين في عملهم وقدرتهم على فهم عناصره الأساسية التي تتمحور حول طبيعة مهامِّهم وتجاربهم الشخصية في الشركة التي يعملون بها، ويُعدُّ الرضى الوظيفي لدى الموظفين مؤشِّراً يساهم في صحة ونجاح أية مؤسسة مهنية، ولذلك فمن الضروري أن تُجري الشركات استبيانات دورية لقياس مستوى رضى الموظَّفين وتتبُّع تطورها مع مرور الوقت، ففي حال كان مستوى الرضى مرتفعاً، سيظهر ذلك من خلال نتائج أعمالهم.
يُستخدم عادةً مصطلح (رضى الموظفين) بوصفه بديلاً عن مفهوم المشاركة العامة للموظفين على الرغم من الفارق الكبير بينهما، فالرضى على الرَّغم من أهميته في الحفاظ على استقرار وحضور الموظفين، إلَّا أنَّه لا يعكس مستوى أداء الموظفين، بينما المشاركة التي تشير بدورها إلى الاندماج والحماسة والمبادرة في العمل، من العوامل الأخرى لارتباطهاً ارتباطاً مباشراً بالنتائج والإنجازات ومستوى أداء الموظفين.
يعدُّ الرضى مزيجاً متنوعاً يشمل العوامل المادية مثل الرواتب والمزايا، إضافة إلى عوامل غير ملموسة مثل التقدير والمشاركة والقيادة الفعَّالة، وفي حالة فشل أي من جانبَي هذه المعادلة، قد تجد أية شركة نفسها أمام فريق يتألَّف من موظفين يشعرون بالرضى المادي ويقتصر عملهم على أداء الحدِّ الأدنى للواجبات المُطالَبين بها، بينما يكون الفريق الآخر مكوَّناً من موظَّفين متحمِّسين ومشاركين يسعون جاهدين لتحقيق النجاح والتميُّز، وعادةً ما يكون هؤلاء الموظفون المشاركون على استعداد للبحث عن فرصٍ جديدة في سوق العمل، إذا فشلت الشركة في تلبية احتياجاتهم وتطلُّعاتهم المهنية والمادية.
كيفية تحسين رضى الموظَّفين:
يُحسَّن الرضى الوظيفي لدى الموظفين بالأداء الفردي والجماعي داخل الشركة، الذي يؤدي في النهاية إلى زيادة الأرباح وجذب المواهب والاحتفاظ بها للأمد الطويل، ويتم ذلك من خلال تلبية الاحتياجات المالية والمعنوية الأساسية للموظفين، وتقديم فرص للتواصل والنمو الشخصي في بيئة العمل، وإنَّ إبقاء الموظفين سعداء وتوفير تجربة جيِّدة في العمل، يتطلَّب من الشركات الاهتمام بالعوامل النفسية والاجتماعية والمهنية التي تؤثِّر في جودة حياتهم في العمل، ومن بعض طرائق تعزيز الشعور بالرضى الوظيفي لدى الموظفين هي:
1. تقدير أعمال الموظفين:
يُعزِّز تقدير أعمال الموظفين مشاعرَ الإنجاز والتواصل داخل المنظمة، ويمكن أن يؤدي إلى تحسين الأداء العامِّ والقيادة، كما يُشجِّع التقدير الشخصي على تقديم أداء أفضل، إضافة إلى ذلك يُعدُّ الموظَّف الذي يشعر بالتقدير والاحترام تجاه عمله أكثر عرضة للبقاء والتمسك بعمله، فإنَّ نسبةً مُعيَّنة من الموظفين لن يبحثوا عن فرص عمل أخرى عندما يُعترَف بهم وتُقدَّر أعمالهم وإسهاماتهم، ويمكن أن يأتي التقدير بأشكال مختلفة، بدءاً من الاعتراف العلني بالإنجازات أمام الزملاء من خلال الحوافز والفعاليات الجماعية للفريق.
2. الاستماع والاحترام:
يعدُّ الاستماع للموظفين من القواعد الأساسية لتحقيق الرضى الوظيفي، فمن خلال الاستماع للأفراد والمشاركة في تبادل الأفكار، سيظهر الإبداع ويتم إيجاد حلول للمشكلات وتحقيق نتائج أفضل في العمل، كما سيجعل الموظفين أكثر سعادة.
يحقق العمَّال الذين يُشجَّعون وتُقدَّر مساهماته إنتاجيَّةً بنسبةٍ تصل إلى أربع أضعاف أكثر، وإنَّ سماع آراء الموظفين وجعلهم يشعرون بالتقدير يسهم إسهاماً كبيراً في زيادة مشاعرهم بالسعادة تجاه عملهم، فإنَّ الموظفين الذين يشعرون بالاحترام من قِبل الرؤساء، يُبدون رضى لوظائفهم، ومن جهة أُخرى، فإنَّ الموظفين الذين يشعرون بعدم الاحترام أو عدم التقدير قد يبحثون في الواقع عن فرصٍ جديدة للعمل.
3. التواصل الواضح:
تؤدِّي أية شركة تضم عدداً من الموظفين دوراً حيوياً في ربط جميع أقسامها معاً، وتُساهم في إبقاء خطوط التواصل مفتوحة بين الفرَق والإدارة، فعندما تكون الاتصالات فعَّالة، تتحفَّز نسبة كبيرة من الموظفين على المشاركة أكثر في العمل، ويعود هذا إلى أنَّ التواصل الواضح يُمكِّن من اتِّخاذ القرارات بسرعة وتقليل مشاعر الفشل والعجز الوظيفي، وهذا سيساعد الموظفين على التركيز على المهام المُلقاة أمامهم، كما بات توفُّر أدوات الإنترنت نظاماً مركزياً واحداً لتبسيط سير العمل وتيسير عملية تقديم الملاحظات، فكلُّ شركة تُدخِلُ هذه الطريقة في نظام عملها، ستعزز الشعور بالرضى الوظيفي لدى الموظفين.
4. إنشاء علاقات اجتماعية:
يعدُّ إنشاء العلاقات الاجتماعية أمراً هاماً جداً في بيئة العمل، فتعدُّ العلاقات الشخصية أمراً ضرورياً بالنسبة إلى معظم الموظفين، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بتعزيز الشعور بالرضى الوظيفي وتحقيق النجاح المشترك، وفي هذا العصر الجديد من العمل المُختلط، تكمن أهمية بناء وتعزيز هذه العلاقات في تعزيز التواصل الفعَّال والتعاون بين أفراد الفريق وبين الأقسام المختلفة، وهذا بدوره سيساهم في تحقيق أهداف المؤسسة تحقيقاً أكثر فاعلية.
5. تعزيز الثقة بين صاحب العمل والموظَّف:
يعدُّ غياب الثقة أكثر الأسباب التي قد تُفسد العلاقة بين صاحب العمل والموظف، وبمعنى آخر فإنَّ الثقة هي العنصر الأساسي في أية علاقة مهنية، وفي الواقع تؤدِّي الشفافية الإدارية دوراً حاسماً في تحديد سعادة الموظفين، فيتطلَّع الموظفون إلى البقاء مطَّلعين على الأمور وأن يكونوا على يقين من أنَّهم يستطيعون الاعتماد على المدير لإبلاغه بالحقيقة، ومعظم الموظفين يتَّفقون على أنَّ الثقة بينهم وبين الإدارة تُعدُّ عاملاً رئيساً في إنشاء مُناخ عمل صحي ومريح.
شاهد بالفيديو: 5 خطوات لتعزيز ولاء الموظفين
6. توفير فرص التطوير الشخصي:
قد يتمثَّل جزء هامٌّ من إرضاء الموظفين في توفير مسارات للتنمية والتطوير الشخصي، فيعدُّ عدد من الأشخاص على استعدادٍ لترك وظائفهم في حال واجهوا نقصاً في فُرص التقدُّم الوظيفي، وعلى الرَّغم من كونهم جزءاً من الشركة، فإنَّ الأفراد يرغبون في الشعور بوجود فرص لرعاية تطلُّعاتهم الشخصية أيضاً، كما يشعر معظم الموظفين بالرضى تجاه الفرص المتاحة للتقدُّم الوظيفي، فينبغي أن يُخصَّص الوقت الكافي لفهم المهارات الفردية والجماعية، وتحفيز الموظفين لتحقيق الاهتمامات ذات الصلة، حتى إذا كانت خارج نطاق وصف وظيفتهم الحالي.
لماذا يعدُّ رضى الموظفين هامَّاً؟
يعدُّ تعزيز الشعور بالرضى الوظيفي لدى الموظفين عنصراً أساسياً في نجاح أي عمل، ويؤدِّي دوراً هامَّاً في تحقيق الأهداف وتعزيز الأداء العام، فعندما يكون الموظفون راضين حقاً عن العمل، سينتشر هذا الشعور في جميع أنحاء المنظمة فمن الضروري فهم لماذا عُدَّ رضى الموظفين هامَّاً، وجُعل هذا الارتباط عاملاً رئيساً في أية منظمة ناجحة؟
يمكن تلخيص أهمية ذلك في النقاط الآتية:
1. زيادة الأرباح:
عندما يرتفع مستوى الرضى الوظيفي، سيصاحب ذلك زيادةً في الروح المعنوية، والتي بدورها تؤدِّي إلى زيادةٍ في الإنتاجية، ومن ثم تحقيق أرباح أكبر للشركة على الأمد البعيد، فإنَّ الموظفين السعداء ليسوا فقط أكثر سرعة في الأداء، بل يحقِّقون أيضاً مبيعات تزيد عن غير السعداء، وعلى الرَّغم من أنَّ بناء ثقافة عمل مُحفِّزة ومُرضية يتطلَّب وقتاً وجهداً، إلَّا أنَّ العوائد على الأمد الطويل تَستحقُّ الجهد، فإنَّ الثقافة الجيِّدة للشركة يمكن أن تزيد الإيرادات بأكثر من أربعة أضعاف، وذلك ومن خلال الاستثمار في موظفيها وإنشاء بيئةِ عملٍ مُلهمة.
2. البقاء في الوظيفة:
يُمثِّل الاحتفاظ بأفضل المواهب تحدِّياً كبيراً لمعظم المُنظَّمات المهنية، فيتطلَّع معظم الموظفين إلى البحث عن فرص جديدة حتَّى إن لم يكونوا نشِطِين في سوق العمل، والعوامل المُحفِّزة للرحيل لا تقتصر على الجوانب المادية فقط، بل يسعى الموظفون إلى البقاء في بيئة عمل توفر لهم الرضى الوظيفي والعلاقات الصحية مع زملائهم ومديريهم، وعلى الرَّغم من أنَّ الجوانب المادية تؤدِّي دوراً هامَّاً، إلَّا أنَّ الرضى الوظيفي والعلاقات الإيجابية داخل الفريق ومع الإدارة، هما عاملان أساسيَّان للموظفين، فالمال وحده لا يكفي لضمان البقاء في الوظيفة، بل يحتاج الموظفون إلى بيئة عمل تُقدِّم لهم الرضى والتقدير والفرصة للتطوير الشخصي والمهني.
3. التفاعل الإيجابي مع العملاء:
ينعكس التفاعل الإيجابي للموظَّفين مع العملاء على أدائهم، فعندما يكون الموظفون ملتزمين وسعداء في مهامِّهم، ينقلون هذه الحالة الإيجابية إلى عملائهم، ومن أقوى العوامل التي تؤثر تأثيراً كبيراً في رضى العملاء، هي رضى الموظفين وتحقيقهم التوازن بين العمل والحياة،
إضافة إلى ذلك، فإنَّ الشركات التي تولي اهتماماً بموظَّفيها، تشهد مزيداً من الولاء من العملاء، فالمنظَّمات التي تعتمد استراتيجيات متقدِّمة لمشاركة الموظفين تكسب ولاء ومحبة العملاء بنسبةٍ تصل إلى الضعف، وينتج عن هذا تحقيق مستويات أعلى من الاحتفاظ بالعملاء وزيادة الأرباح المحتملة.
في الختام:
مما تقدَّم نُدرك أهمية تعزيز الشعور بالرضى الوظيفي لدى الموظفين وتحفيزهم في بيئة العمل، إذ تشير الدراسات إلى أنَّ الرضى الوظيفي له تأثيرٌ كبيرٌ في الأداء العامِّ للمؤسسة والعلاقات مع العملاء والولاء للشركة.
أضف تعليقاً