أسباب الشُّعور بالملل في العمل؟
يجب أن ندرك - قبل كل شي - أنَّ الشُّعور بالملل أصبح صفةً ملازمةً للحياة التي نعيشها، وهو ما نشاهده ونسمعه من كثيرٍ من الناس من شكواهم المستمرَّة من الإحساس بالملل في حياتهم اليوميَّة؛ وذلك بسبب غياب الهدف والمحفِّز الذي يدفع الإنسان لحبِّ ما يؤديه، ويدفعه للإصرار على مواجهة العقبات التي تعترضه، ولو أسقطنا ما سبق على مجال العمل لن نجد اختلافاً أبداً.
فيما يأتي نستعرض الأسباب الكامنة التي تدفع للشُّعور بالملل في العمل، وهي:
1. طبيعة العمل الذي تقوم به لا يوافقُ اهتماماتك:
قد تضطرُّك الظُّروف في بعض الأوقات للقبول بأداء عمل لا ينسجم مع مؤهِّلاتك الشخصيَّة والمهنيَّة؛ وذلك بسبب العائد الماديِّ، أو لغياب فرصٍ أفضل عند تقدُّمك لهذا العمل.
2. تحوُّل بيئة العمل إلى بيئة روتينيَّة تخلو من التجديد:
إنَّ الوجود في بيئة عمل يسودها الروتين يقتلُ الحافز للعمل، فهذه البيئة قاتلةٌ للإبداع والحافز، وتصيبك بالخمول وعدم النَّشاط؛ بسبب غياب التحدِّيات.
3. عدم توفير المجال للتطوُّر في العمل:
قد يسبب عدم منحك الفرصة للتطوُّر في العمل الإحباط لكَ، فأداؤك لنفس المهام والأعمال المكتبيَّة مراراً وتكراراً سيغرقك - بالتأكيد - في الملل، وسيستنزفُ طاقتك وجهدك.
4. الشُّعور بأنَّك تُهدِر وقتك:
قد تشعرُ بأنَّك تضيع وقتك عند تأديتك لنفس المهام، فتلجأ إلى التَّفكير في كلِّ ما هو خارج العمل بدلاً من التَّركيز عليه، إضافةً إلى شعورك بأنَّ أمَلكَ بتحقيق أهدافك الشخصيَّة والمهنيَّة في التطوُّر في عملك يتلاشى أمام ناظريك؛ بسبب أدائك لهذا العمل، وهذا سيُشعرُك بخيبة الأمل والإحباط.
5. غياب التَّقدير:
يمكنُ لغياب التَّقدير والاعتراف بالإنجازات الفرديَّة أن يُسبِّبُ إحباطاً كبيراً للموظَّف، ويشعره بالملل، وأنَّ إنجازاته ستذهب أدراج الرياح.
6. الشَّركة ليس لديها رؤية:
قد يؤثِّرُ وجودك في شركٍة لا تمتلك رؤيةً وأهدافاً واضحةً في مشاعرك، فهكذا شركات هي أشبه بالسَّفينة التي تتلاطمها الأمواج يمنةً ويسرةً، فمن دون رؤية موحَّدة وواضحة تجمع الموظَّفين، وقيادة ثابتة تقود الشركة في بحر التحدِّيات المتلاطم، لن تتحمس للعمل، وسيتسلل الملل إليك رويداً رويداً، وستصبح نسبة حافزك للعمل صفراً بالمحصِّلة.
ما تأثير الملل في العمل في الصحَّة العقليَّة والنفسيَّة؟
قد يؤثِّر الملل في العمل في الصحَّة العقليَّة والنفسيَّة للأفراد، ويمكن أن يؤدِّي إلى مشاعر سلبيَّة في العديد من الجوانب النفسيَّة والعقليَّة.
إليك بعض التأثيرات المُحتمَلة للملل في العمل:
1. زيادة مستويات الإجهاد:
يمكن أن يكون العمل المملُّ والخالي من التحدِّيات مصدراً للإجهاد؛ لأنَّه يُشعِرُ الأفراد بالضَّجر وعدم الرِّضى، وهذا يؤثِّرُ سلباً فيهم، ويرفعُ مستويات الإجهاد لديهم.
2. تراجع الأداء والإنتاجيِّة:
قد يؤثِّرُ العمل المكرر وغير المحفز سلباً في أداء وإنتاجيِّة الفرد، فيؤدِّي إلى تراجعهما، وقد يجد الأفراد الذين يعانون من الملل صعوبةً في الالتزام بمهامهم بفاعليَّة.
3. تأثير الملل في الرَّغبة في العمل:
يمكنُ أن يؤدِّيَ الملل إلى فقدان الرَّغبة في العمل، والشُّعور بعدم الارتباط بالمهام، وهذا يجعل الموظَّف أقلَّ انخراطاً في العمل، ويقلِّل حماسته ويضعف فاعليَّته.
4. تأثيرات في الصحَّة العقليَّة:
يؤدِّي الملل في العمل إلى الضَّغط النفسيِّ، ويزيد من خطر الشُّعور بالقلق والاكتئاب.
5. تأثيرات في العلاقات الاجتماعية:
يؤثِّر الملل في العمل في العلاقات الاجتماعيَّة في بيئة العمل، وقد يضرُّ بتفاعل الفرد مع زملائه؛ بسبب قلَّة الحماسة والاهتمام.
6. نقصٌ في تطوير المهارات:
يمكن أن يؤدِّيَ غياب التَّحديات أو إمكانيَّة تعلُّم شيء جديد إلى تقليل فرص التّطوير المهنيِّ والشخصيِّ في العمل.
7. قلَّة التَّوازن بين الحياة الشخصيَّة والعمليَّة:
قد يحول الشُّعور بالملل انتباهَ الفرد إلى النشاطات ذات الأهميَّة القليلة، والانشغال بأيِّ شيءٍ آخر؛ بحثاً عن ملء الوقت الذي يشغله في العمل، وهذا يؤثِّر سلباً في التَّوازن بين الحياة الشخصيَّة والعمليَّة.
شاهد بالفيديو: 12 طريقة لكسر الروتين في العمل
كيف تواجِه الملل في العمل؟
قد يشلُّ الملل في العمل قدراتك ومهاراتك ويجعلها بلا فائدة، وهذا من شأنه أن يُضعِفك ويحوِّلك إلى العيش في حالة من الغيبوبة السريريَّة الوظيفيَّة؛ ولذلك لا بدَّ من الانتباه إلى مؤشِّرات وجود الملل في العمل والمسارعة إلى حلِّها.
فيما يلي إليك مجموعة من النصائح والحلول لمواجهة الملل في العمل:
1. ضَع هدفاً لعملك:
لا شيء يمكنُ أن يربطَ الشخص بعمله ويجعله ذا معنى مثل وجود هدف، فضَع أمام عينيك هدفاً مهنيَّاً تُريد تحقيقه في العمل، وأطلِع رئيسك في العمل على هدفك، واطلُب منه مساعدتك على تحقيقه، إمَّا بتغيير الإجراءات المُتَّبعة في العمل، أو بطلب تكليفك بمهامٍ جديدة من شأنها إثارة التحدِّي بداخلك.
2. ابدَأ يومك بالعمل على مهامك المُفضَّلة:
نظِّم قائمة بالمهام التي تجلب لك المتعة عندما تشعر بقلَّة الإلهام في العمل، وابدأ بالعمل عليها أولاً، فيمكن أن يسهمَ العمل على نشاطات ذات ضغطٍ أقل - دون التأثير في المواعيد النهائية - في استعادة حماستك، ومدّك بالطَّاقة الإيجابيَّة.
3. طبِّق اهتماماتك في العمل:
حاوِل إيجاد الفرص لتطبيق اهتماماتك داخل مكان العمل، على سبيل المثال، جرِّب تنظيم رحلة لقسمك خارج العمل إذا كنتَ تُحبُّ التَّخطيط للرِّحلات، ويمكن لتوظيف اهتماماتك أن يجعل العمل أكثر تشاركيَّة ورضى لكلِّ من هم حولك.
4. تحمَّل مزيداً من المسؤولية:
ابحَث عن مسؤولياتٍ تتناسب مع أهداف قسمك أو الشركة بأكملها، أو قدِّم المساعدة لزميل لديه كثير من المهام والمسؤوليَّات؛ لتُخرِجَ نفسك من منطقة راحتك، فقد يُتيحُ لك تجاوز الحدِّ الأدنى المطلوب، وتنفيذ مهام خارج نطاق عملك المعتاد فرصاً للتَّطوير المهني، وقد تحظى بتقدير الإدارة.
5. استمِع إلى البودكاست والكتب الصوتية:
يمكنك استثمار وقتك بالاستماع إلى ملفَّات البودكاست أو الكتب الصوتيَّة المتعلِّقة بمجال عملك، فقد تشكِّل تلك المصادر مصدر إلهامٍ لك، وتفتح أمامك أفاقاً جديدة لتحسين أدائك.
6. استثمِر في تعلُّم مهارة جديدة:
استثمِر في تعلُّم مهارة جديدة تُعزِّز حياتك المهنيَّة، كتحسين مهاراتك في استخدام الكمبيوتر، أو تعلُّم بعض الحيل التي تساعدك على زيادة إنتاجيَّتك، أو اكتساب مهارات جديدة تساعدك في مجال عملك، فإنَّ تطوير مهاراتك يُعزِّزُ إنتاجيَّتك وقيمتك في العمل.
7. قَدِّم عرضاً تقديميَّاً لزملائك في العمل:
قدِّم بحثاً وعرضاً تقديميَّاً لفريقك عن تقنيَّات جديدة أو استراتيجيَّات مبتكَرة في مجال العمل، فسيزيدُ هذا من فرصك في إظهار نفسك بصفتك قائداً جديراً بالثِّقة، وسيفتحُ الطَّريق أمامك لتقديم قيادتك وخبراتك.
8. قدِّم نفسك بصفتك منتوراً للموظَّفين الجُّدد:
يمكنُك الانضمام إلى برنامج إرشاديٍّ في المؤسَّسة التي تعمل فيها؛ لتقديم دعمك وتجربتك للموظَّفين الجُّدد عبر شرح وتوضيح المهام التي يُكلَّفون بها في الشَّركة.
9. طالِب بتغيير الإجراءات القديمة في الشَّركة:
طالِب بتحديث الإجراءات أو العمليَّات التي قد تكون قديمة، وقدِّم طرائق واقتراحات جديدة لتحسينها، فقد تُحسِّنُ أفكارك الجَّديدة فاعليَّةَ العمل، وتحقِّق تطوُّراً إيجابيَّاً.
10. نظِّف مساحة العمل:
استفِد من وقت فراغك لتنظيف وترتيب مكتبك ومنطقة العمل الخاصَّة بك، كما يمكنك تغيير ترتيب الأثاث ضمن مكان العمل، فقد يساعد هذا على تحسين ترتيب أفكارك وزيادة إنتاجيَّتك.
11. تواصَل مع زملاء العمل:
خُذ استراحةً قصيرة للدَّردشة مع زملائك في العمل، فيمكنكم التحدُّث عن اهتماماتكم المشتركة وما يمكن أن يحفِّزَكم، فيُعدُّ التَّواصل الاجتماعيُّ مع الزُّملاء في العمل طريقةً فعَّالةً لتحفيز مزاجك، وتعزيز الرُّوح المعنويَّة.
12. نظِّم فترات الرَّاحة بعناية:
نظِّم فترات راحة قصيرة ومتوازنة، وخطِّط لها بعناية؛ فالرَّاحة ضروريَّة للحفاظ على أداءٍ عالٍ، ويمكنك تنظيم فترات راحة قصيرة لا تزيد عن 5 أو 10 دقائق خلال يومك، إضافةً إلى فترة الغداء، كما يمكنك الاستعانة بتقنية "بومودورو"؛ لتنظيم أوقات العمل والاستراحة الخاصَّة بك.
13. تواصَل مع مديرك في العمل:
يمكنك التحدُّث مع مديرك في العمل إذا كان ممن يفتحون المجال أمام الموظفين للتعبير عن آرائهم والإفصاح عن مشكلاتهم.
حدِّد وقتاً للحديث معه عن التحدِّيات التي تواجهك، وابحَث عن حلولٍ لها بالتَّعاون معه، واطرح أفكارك بإيجابيَّة، واطلب المساعدة على تغيير الأوضاع العمليَّة، أو تحديد أهداف وتوقُّعات جديدة لدورك في العمل.
14. قيِّم ما إذا كنت في الوظيفة المناسبة:
يجبُ عليك النَّظر في احتماليَّة البحث عن وظيفة جديدة، وإجراء تغيير كامل في مسارك المهني، وذلك إذا كنت تشعر أنَّ الملل ما زال موجوداً، وأنَّك لا تُحقِّق أيَّ تقدُّم أو تغيير يُذكر.
فكِّر بعناية قبل الوصول إلى هذه الخطوة، وابحث عن أفضل الحلول المتوفِّرة، ويمكنك إجراء بحثٍ عن أفضل بيئات العمل التي تُناسِب اهتماماتك، وتلبِّي تطلُّعاتك الشخصيَّة والمهنيَّة، ومن شأنها تعزيز نقاط قوَّتك، وتجاوز نقاط ضعفك.
في الختام:
يجبُ أن ندركَ أهميَّة فهم ومواجهة الشُّعور بالملل في مكان العمل، فالحياة المهنيَّة - كما الحياة الشخصية - قد تطرأُ عليها التحدِّيات والمشكلات التي تجعلها أكثر صعوبةً، ومن بين هذه التحدِّيات الشُّعور بالملل الذي قد يؤثِّرُ في إنتاجيَّتنا، ورغبتنا في الارتقاء بالمستوى المهني، ولحسن الحظ، توجد خطوات يمكن اتِّخاذها لتفادي هذا الشُّعور وتجاوزه:
أوَّلاً: تذكَّر أهميَّة التنويع في النشاطات اليوميَّة في مكان العمل، فقد يكون تغيير الروتين، واستكشاف تحدِّيات جديدة، وفرص التطوير المهني المتوافرة في العمل أحد الحلول الرئيسة، كما يمكنُ استثمار أوقات فراغك في تعلُّم مهارات جديدة، أو المشاركة في فعاليات ترفيهيَّة وفريدة.
ثانياً: يجبُ عليك التَّفاعل مع زملائك في العمل، وبناء علاقات إيجابيَّة معهم، فالتَّواصل الجيِّد والتَّفاعل مع الفريق يمكن أن يساهم في تخفيف الضَّغط والملل، وقد يكون تنظيم فعاليات اجتماعيَّة داخل الفريق، أو إقامة جلسات تحفيزيَّة مفيداً لتعزيز روح الفريق وزيادة الحماسة.
ثالثاً: يجب عليك أن تعتني بنفسك، وتمنح جسمك وذهنك الاستراحة اللازمة، فقد يكون الشُّعور بالملل نتيجةً وتعبيراً عن الإرهاق أو الضُّغوطات النفسيَّة؛ لذا يجب عليك تخصيص وقت للاستراحة، وممارسة النشاطات التي تجلب السَّعادة والرَّاحة.
باختصار، يجب أن نتَّخذ إجراءاتٍ فعَّالة ومُستدامة؛ لتحفيز أنفسنا وتحسين بيئة العمل عندما نشعر بالملل، فالارتقاء بمستوى الحياة المهنيَّة يبدأ بالتصدِّي للتحدِّيات والمشاعر السلبيَّة بروح إيجابيَّة وإصرار على تحقيق التغيير.
أضف تعليقاً