قبل أن يصبح رئيساً، كان أيزنهاور جنرالاً بارزاً في جيش الولايات المتحدة، وعمل كقائدٍ أعلى لقوات الحلفاء في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وكان مسؤولاً عن تخطيط وتنفيذ المعارك في شمال إفريقيا وفرنسا وألمانيا.
في فتراتٍ أخرى من حياته، شغل منصب رئيس جامعة كولومبيا، وأصبح القائد الأعلى الأول لحلف الناتو، وبطريقةٍ ما وجد الوقت لممارسة الهوايات مثل: لعبة الجولف والرسم. كان لدى أيزنهاور قدرةٌ لا تصدَّق على الحفاظ على إنتاجيَّته ليس لأسابيع أو شهورٍ فحسب، بل لعقود. ولهذا السبب، ليس من المفاجئ أنَّ العديد من الأشخاص قد درسوا أساليبه لإدارة الوقت وإدارة المهام والإنتاجيَّة.
تُعرف استراتيجيته الإنتاجية الأكثر شهرةً باسم "مصفوفة أيزنهاور" أو "مربع أيزنهاور" (Eisenhower Box أو Eisenhower Matrix) وهي أداةٌ بسيطةٌ لصنع القرار ويمكنك استخدامها في أيِّ وقت.
في هذا المقال سنلهمك كيف تكون أكثر إنتاجيَّة، وسنخبرك بكيفية عمل استراتيجية أيزنهاور.
مصفوفة أيزنهاور: كيف تكون أكثر إنتاجيَّة؟
إنَّ استراتيجية أيزنهاور لاتخاذ الإجراءات وتنظيم المهام الخاصَّة بك بسيطة. باستخدام مصفوفة القرار أدناه، ستقوم بفصل أعمالك بناءً على أربعة احتمالات:
- عاجلٌ وهام: مهامٌ ستقوم بها على الفور.
- هامَّة، لكنَّها ليست عاجلة: المهام التي ستقوم بجدولتها لاحقاً.
- عاجلٌ ولكنَّه ليس هامَّاً: المهام التي ستفوِّضها إلى شخص آخر.
- ليست عاجلةً ولا هامَّة: المهام التي ستزيلها.
إنَّ الشيء العظيم في هذه المصفوفة أنَّه يمكن استخدامها لخططٍ إنتاجيَّةٍ واسعة ("كيف أقضي وقتي كل أسبوع؟")، ولخطط يوميةٍ أصغر ("ماذا عليَّ أن أفعل اليوم؟").
فيما يلي مثالٌ على شكل مصفوفة أيزنهاور.
ما الفارق بين العاجل والهام؟
"نادراً ما يكون الهامُّ عاجلاً، ونادراً ما يكون ما هو عاجلٌ هامَّاً" - دوايت أيزنهاور
المهام العاجلة هي الأشياء التي تشعر أنَّك بحاجةٍ إلى الردِّ عليها: رسائل البريد الإلكتروني، والمكالمات الهاتفية، والنصوص، والقصص الإخبارية. وفي الوقت نفسه، المهام الهامَّة هي الأشياء التي تساهم في مهمتنا وقيمنا وأهدافنا على المدى الطويل.
إنَّ فصل هذه المهام أمرٌ بسيط إذا قمت به مرةً واحدة، ولكن القيام بذلك باستمرار قد يكون صعباً. الشيء الرائع في مصفوفة أيزنهاور هو أنَّها توفِّر إطاراً واضحاً لاتخاذ القرارات مراراً وتكراراً، ومثل أيِّ شيءٍ في الحياة، فإنَّ الانتظام هو الجزء الصَّعب.
فيما يلي بعض الملاحظات الأخرى عن استخدام هذه الطريقة:
الاستبعاد قبل الاستخدام الأمثل:
إنَّ أسرع طريقةٍ لإنجاز شيءٍ ما -سواءً كان قراءة سطرٍ من التعليمات البرمجيَّة أو إنجاز مهمَّةٍ من قائمة المهام الخاصة بك- التَّخلُّص من هذه المهمَّة تماماً. لا توجد طريقةٌ لفعل شيءٍ ما أسرع من عدم القيام به على الإطلاق، وهذا ليس دعوةً إلى الكسل، بل اقتراحاً لإجبار نفسك على اتخاذ قراراتٍ صعبةٍ وحذف أيِّ مهمةٍ لا تقودك نحو مهمتك وقيمك وأهدافك.
في كثيرٍ من الأحيان، نستخدم الإنتاجية وإدارة الوقت والاستخدام الأمثل كذريعةٍ لتجنُّب السؤال الصَّعب حقاً: "هل أحتاج فعلاً إلى القيام بذلك؟"، من الأسهل أن تظلَّ مشغولاً، وأن تقنع نفسك أنَّك تحتاج إلى أن تكون أكثر كفاءةً أو أن تعمل في وقتٍ لاحقٍ الليلة على هذه المهمة بدلاً من تحمُّل ألم التَّخلُّص من مهمَّةٍ تشعر بالارتياح إذا أنجزتها؛ ولكنَّ هذا ليس أعلى وأفضل استخدام لوقتك.
كما يقول "تيم فيريس": "الانشغال شكلٌ من أشكال الكسل: التَّفكير الكسول والعمل العشوائي".
إنَّ مصفوفة أيزنهاور مفيدةٌ بشكلٍ خاصٍّ؛ لأنَّها تدفع إلى التساؤل عمَّا إذا كان الإجراء ضرورياً حقاً للقيام به، ممَّا يعني أنَّه من المرجَّح أن تنقل المهام إلى المرتبة الرابعة -الحذف- (التجاهل) بدلاً من تكرارها بلا فهم.
ولكي نكون صادقين، إذا قمت ببساطةٍ بالتَّخلص من كلِّ الأشياء التي تستهلك وقتك في اليوم، فربَّما لن تحتاج إلى أيِّ نصائح حول كيفيَّة كونك أكثر إنتاجيةً في الأشياء الهامَّة.
هل تساعدني مصفوفة أيزنهاور في تحقيق هدفي؟
ملاحظةٌ أخيرة: قد يكون من الصعب التخلُّص من الأنشطة المهدِرة للوقت إذا لم تكن متأكِّداً ممَّا تفعله حقاً. هناك سؤالان يمكن أن يساعدا في توضيح العمليَّة من أجل فهم مصفوفة أيزنهاور. هذان السؤالان هما:
- ما الذي أعمل من أجله؟
- ما هي القيم الأساسية التي تتحكَّم بحياتي؟
هذه أسئلةٌ يجب طرحها في مراجعةٍ سنوية. ستساعدك الإجابة عنها في ترتيب بعض المهام في حياتك؛ بحيث يصبح تحديد المهام التي يجب القيام بها والمهام التي يجب حذفها أسهل بكثيرٍ عندما تكون واضحاً بشأن ما هو هامٌّ بالنسبة إليك.
مصفوفة أيزنهاور ليست استراتيجيةً مثالية، لكن وُجِد أنَّها أداةٌ مفيدةٌ لصنع القرار لزيادة الإنتاجيَّة والقضاء على السلوكات التي تستهلك الطاقة العقليَّة، وتُضَيّع الوقت. نأمل أن تجدها مفيدةً أنت أيضاً.
أضف تعليقاً