يتناول هذا المقال تفاصيل عملية اتخاذ قرار الانفصال المكونة من مرحلتين؛ الأولى معرفة متى يجب اتخاذ قرار الانفصال، والثانية كيفية الانفصال، وكيفية التفكير بحكمة والتحلي بالشجاعة لاتخاذ الخطوة الصعبة نحو حياة أكثر توازناً وسعادة.
متى يجب اتخاذ قرار الانفصال؟
إذا كانت لديك بعض علامات الانفصال الآتية في علاقتك، فقد حان الوقت للنظر فيما إذا كانت الأمور تستحق الإصلاح أم لا:
1. تنفصل مع شريكك وتعود مراراً وتكراراً:
هذا النوع من السلوك المتقلب قد يكون مسلياً في الطفولة وفترة المراهقة، ولكنَّه ليس صحياً عندما تصبح بالغاً، فمن الطبيعي ترك مساحة عند مواجهة تحدٍ كبير في العلاقة، لكن إذا كنتما تنفصلان وتعودان مراراً، فيجب عليكما التأمل في الأسباب الكامنة وراء هذا الأمر.
2. تتنازل عن كل شيء:
تتطلب كل علاقة تضحيات، وقد تكون وسيلة صحية لإظهار الحب والدعم المتبادل، وفي بعض الأحيان، قد يكون التنازل مجرد اختيار شريكك للمطعم الذي ستتناولان فيه الطعام أو البرنامج الذي ستشاهدانه على التلفاز، لكن في بعض الأحيان، قد يكون عبارة عن قرار أكبر، مثل الانتقال عبر البلاد لفرصة عمل جديدة.
إذا وجدت نفسك تتنازل باستمرار عن كل شيء من أجل شريكك دون أن تحصل على نفس اللفتة، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان توازن السلطة الذي يفتح الباب للتوتر والاستياء على الأمد الطويل.
3. لا يمكنك الثقة به:
التساؤل المستمر عما إذا كان شريكك يقول الحقيقة أم لا، أو الشعور بالحاجة إلى التأكد من هاتفه، هو تجربة مرهقة عاطفياً، فإذا كان لدى الشريك الآخر تاريخ من الكذب أو الغش، فإنَّ هذا يسبب تراكماً للاستياء قد يسمم علاقتك بسرعة.
4. البعد:
هل تشعر بفجوة بينكما لا يمكن تفسيرها؟ وهل أصبح من الصعب التواصل أو مشاركة اهتماماتكما المشتركة؟ غالباً ما يحتفظ بعض الأزواج بذكريات اللقاء الأول ويتجاهلون كيف تغيَّر كل منهما، فإذا كنتما تشعران بالبعد بشكل متكرر، فقد يعني ذلك أنَّكما لا ترغبان في الاستمرار في الحفاظ على الماضي.
5. قيمكما الشخصية غير متناغمة:
حتى إذا كنت تشعر بتواصل واهتمام عميق بالشخص الآخر، فقد لا تكونان على نفس السوية فيما يتعلق بالأمور الكبيرة، فإذا كان شريكك يرغب في الاستقرار وتكوين عائلة، ولكنَّك تفضِّل قضاء أيامك في السفر، فهذه علامة هامة على أنَّ الأمور غير مقدَّر لها البقاء.
6. توقفت عن الاهتمام أو بذل الجهد:
هل توقفت عن متابعة شريكك لمعرفة كيف يسير يومه؟ وهل كنت تبذل جهداً في إعادة التواصل لكن لا تستطيع العثور على الحافز بعد الآن؟ على الرغم من أنَّ لدينا جميعاً أيامنا السيئة بوصفنا شركاء، فإذا كنت بشكل متسق لا تستطيع استحضار الاهتمام الذي كان لديك في السابق، فإنَّها علامة على أنَّ العلاقة قد بردت.
7. العنف الجسدي أو العاطفي:
أي نوع من أنواع العنف يشكل إشارة حمراء واضحة على أنَّ العلاقة أصبحت سامة، فمن غير المقبول أبداً أن يهاجمك شريكك أو يخيفك أو يسيطر عليك أو يعزلك.
في حين أنَّه من السهل التعرف إلى علامات العنف الجسدي، قد يكون من الصعب تحديد علامات العنف العاطفي، وتذكَّر، أنت تستحق أن تُعامَل برعاية واحترام.
8. أنت لا تحب نفسك:
عدم إعجابك بنفسك عندما تكون بجوار شريكك قد يؤثر فيك مع مرور الوقت، فيجب أن تُظهِر العلاقة الصحية جانبك الأفضل، وإذا شعرت بأنَّ شريكك يُظهِر أسوأ مظهر فيك، فربما يكون ذلك علامة على أنَّ الأمور أصبحت غير صحية.
9. تتخاصمان بشكل متواصل:
بينما الخلافات لا مهرب منها بين الزوجين، لكن يجب ألا تشعر بأنَّك دائماً في انتظار الخلاف التالي، فالصراعات غير المحلولة التي تتحول إلى قلة احترام واستخفاف مع مرور الوقت قد تؤثر تأثيراً كبيراً في رفاهيتك العاطفية.
10. لا تحقق احتياجاتك:
يشمل جزء من كونك طرفاً في علاقة صحية العمل الفعال على التواصل الجيد، فعندما تنهار خطوط التواصل، قد تشعر بالحنين والقلق، وحتى الحقد، وإذا كنت تشتاق إلى المودة التي لا تُقدَّم أو تجد نفسك تتخيل علاقة أكثر ارتياحاً، فيوجد شيء خاطئ يجري.
11. تفكر في الانفصال طوال الوقت:
التفكير فيما إذا كان يجب البقاء في العلاقة أم لا بين الحين والآخر أمر طبيعي، لكن عندما لا تتوقف عن التفكير في الانفصال، يجب أن تقلق، فأن تكون مع شخص، يجب ألا تعيش معه صراعاً مستمراً آملاً تغييره أو تحسينه، وإذا لم تتخيل نفسك تشيخ برفقته كما هو الآن، فمن المحتمل أن يكون الوقت قد حان للتخلي، واسأل نفسك ما إذا كنت تبحث دائماً عن سبب جديد للتجادل يومياً، فإذا كانت الإجابة "نعم"، فقد حان وقت الابتعاد.
شاهد بالفيديو: 9 نصائح تساعدك على إنهاء علاقتك العاطفية
كيفية الانفصال عن شخص تحبه:
إذا قررت إنهاء علاقة طويلة الأمد، فقد تكون التجربة مُرهِقة، لكن توجد بعض النصائح التي يمكنك فعلها (وعدم فعلها) لضمان أن يكون الانفصال لطيفاً، وصادقاً، ومحترماً، ومنها:
1. ضع نفسك في مكانه:
قبل أن تنفصل عن شخص ما، ضع نفسك في مكانه وفي الحالة العقلية التي قد يكون فيها خلال هذه المحادثة الصعبة، فمن خلال التفكير في كيفية سياق الحديث مُسبقاً، يمكنك تجنُّب الألم الإضافي والتخطيط لأي مواقف محرجة، و"ما الذي ترغب فيه أو تتوقعه؟"، فإذا كانت الإجابة هي لقاء شخصي وشرح صريح، فافعل ذلك، وإذا كنتما بعيدين، فإنَّ مكالمة هاتفية قد تكون مناسبة.
لا شك أنَّ هذه المحادثات قد تكون صعبة، لكن قد يكون تجنُّب الانفصال ضاراً بنفس القدر، فقد يساعد التفكير في مشاعر الشخص الآخر وكيفية التعامل مع المواقف العاطفية على العثور على أفضل وسيلة للتحدث عن الموضوع دون جعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة إليه.
2. لا تلقِ اللوم:
على الرغم من أنَّ رغبتك في إنهاء العلاقة قد تكون مستندة إلى سلوك شريكك السيئ، إلا أنَّ الانفصال سيصبح أسوأ بسبب إلصاق اللوم، فلا حاجة للدخول في كل تفصيل لقرار الانفصال، لكن إذا سُئِلت، يمكنك اختيار سبب عام لشرح قرارك، وقد يجد بعض الناس أنَّه من المفيد معرفة سبب انفصال الشخص الآخر (للحصول على خاتمة أو ربما التعلم منه)، وقد لا يرغب آخرون في التفاصيل الدقيقة، فيمكنك تحميل الأمور بما يتناسب معهم.
سيساعد تغيير الطريقة التي تعبِّر بها عن مشكلات العلاقة أيضاً على تجنُّب إلصاق اللوم؛ لذا قدِّم الأمور الخاطئة من وجهة نظرك، واستخدم تصريحات تبدأ بـ "أنا"؛ "أنا شعرت بكذا"، و"لم أستطع التصالح مع كذا"، و"أحتاج إلى كذا"، فلا يمكن لأحد أن يجادل فيما تقوله عن نفسك، وسيمنع ذلك الشخص الآخر من الشعور بالهجومية.
3. اختر بعناية المكان الذي تخطط للمحادثة فيه:
اختيار مكان للانفصال قد يكون صعباً، لكن من المفيد أن تكون المحادثة في مكان يشعر فيه كل منكما بأنَّه على أرض سوية، وسترغب أيضاً في مراعاة ما إذا كان شريكك يشعر بالأمان للتعبير بصراحة، فقد لا يتيح له المكان العام مع وجود كثير من الغرباء التعبير عن مشاعره براحة.
4. توقَّع الحديث، هل سيكون عدوانياً؟ أم حزيناً؟ أم عاطفياً؟:
أينما قررت القيام بذلك، تأكد من وجود القليل من الخصوصية، فالخصوصية القليلة أفضل إن كنت ترغب في الحفاظ على رد فعله أو إذا كان الاتصال الجسدي قوياً لدرجة وجود خطر في أنَّك لن تستمر في المحادثة.
إنَّ الانفصال عن شخص في منزله قد يبدو فكرة جيدة، ولكنَّه قد يجعل المحادثة أكثر صعوبة، والعيب في ذلك هو أنَّه قد يستغرق وقتاً أطول، ويكون غير مريح، وقد يأخذ منعطفاً درامياً؛ إذ يصرُّ الشخص الآخر على الصراخ أو لا يريد منك المغادرة بعد ذلك.
يجب عليك عدم تجنُّب شريكك دون أن تخبره بأنَّ العلاقة انتهت، أو أن تقول إنَّك ترغب في استراحة عندما تريد فعلياً قطع العلاقات، إضافة إلى ذلك، تأكد من أنَّ المحادثة مفيدة لشريكك، فلن يكون قادراً على الاستفادة من هذه العلاقة إذا لم يعرف لماذا كنتما غير سعيدين معاً.
5. ضع حدوداً واضحة:
بمجرد أن تخبر شريكك الآخر برغبتك في إنهاء العلاقة، يجب وضع حدود، وبشكل أكثر تحديداً، ناقش ما إذا كنت ترغب في التواصل مع شريكك السابق في المستقبل، فقد تكون الأيام والأسابيع التالية للانفصال صعبة، لكن من الهام تجنُّب أي اتصال جسدي؛ وذلك لأنَّ أكبر خطأ قد ترتكبه خلال الانفصال هو وجودك قريباً من الشخص الآخر، ويجب أيضاً وضع حدود شخصية وتجنُّب متابعة بعضكما على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتهاء العلاقة.
6. تفهَّم شعورك بالألم والحزن:
المشاعر السلبية هي جزء لا يتجزأ من الانفصال، لذلك من الطبيعي أن تشعر بالحزن والأسى بمجرد إنهاء علاقة مع شخص تحبه، فإذا شعرت بأي مشاعر سلبية من الحزن أو الألم، فلا تكبتها.
هذا ليس صحياً وسيسبب لك مزيداً من الضيق في المستقبل؛ لذا تأمَّل بوعي كل مشاعرك واحتضنها واشعر بكل ما يجب أن تشعر به، دون السماح لها بغمرك، وقد يكون اللجوء إلى مساعدة الطبيب النفسي داعماً جداً خلال هذه العملية.
7. ضع خطة بعد الانفصال وتمسَّك بها:
بعد الانفصال - وعندما تكون جاهزاً - ضع خطة تساعدك على إعادة بناء حياتك وتوجيهك نحو الأشياء التي تجلب لك الفرح، وتواصل مع الأصدقاء والعائلة، وركِّز على عيش تجارب جديدة تعيد الحيوية والحماسة إلى حياتك، وكن فضولياً، وجرب أشياء جديدة، وابحث عن هوايات جديدة.
في النهاية، ستشعر بالتجدد والاستعداد للحب مرة أخرى، وعلى الرغم من أنَّ الأمر قد يكون صعباً في البداية، إلا أنَّ مواصلة الحياة هي وسيلة لمساعدة نفسك وشريكك على بداية جديدة.
في الختام:
إنَّ قرار الانفصال ليس خطوة سهلة؛ بل قراراً يتطلب تأملاً عميقاً وشجاعة كبيرة، وعلى الرغم من الألم الذي قد يصاحبه، إلا أنَّه قد يكون الخيار الصحيح لتحقيق السعادة والتناغم الشخصي، كما يتطلب هذا القرار تقبُّل الواقع، والتفكير في مستقبل أفضل للجميع، وقد يكون رحيلك عن الشخص الآخر خطوة نحو النمو الشخصي والتجديد، وفتح أفق جديد لفرص السعادة والارتياح.
أضف تعليقاً