يتميَّز العمل عن بُعد بالمرونة التي تجعلك تحدد الوقت المناسب لك، فتنجز عملك في أكثر الأوقات تركيزاً، فتكون الإنتاجية أفضل، إضافة إلى أنَّ مستوى الراحة والسعادة أعلى، فلا نحتاج إلى الاستيقاظ المبكر وارتداء ملابس معينة والإنفاق على وسائل النقل للوصول إلى مكان العمل، وكلما كان أبعد عن المسكن، كانت التكاليف أعلى.
يساعدك العمل عن بُعد على توفير التكاليف، ويتيح لك العمل في كثير من شركات العالم في حال توفَّرت الشروط المناسبة، وفي السنوات القليلة الماضية في أثناء انتشار جائحة كورونا، كان العمل عن بُعد هو الحل لمنع توقُّف المكاتب والشركات عن العمل بسبب الإجراءات الاحترازية وضرورة التباعد الاجتماعي، فأتاحت الأدوات والتطبيقات المتطورة إمكانية إنجاز كثير من الأعمال، ولكن لكل شيء إيجابي ناحية مظلمة، وأكثر السلبيات شيوعاً للعمل عن بُعد هو الشعور بالإرهاق، فكيف يمكننا تجنبه؟
سيجيبك مقالنا عن ذلك فتابع القراءة.
الإرهاق في أثناء العمل عن بُعد وأسبابه
يشعر الأشخاص ممن يعملون عن بُعد بالإرهاق غالباً، وتختلف درجته بحسب نوع العمل وعدد الساعات التي تحتاجها كل مهمة موكلة للفرد، والأسباب كالآتي:
1. العزلة
يحتاج الإنسان للحياة الاجتماعية، وهذا الأمر لا يتوفر في العمل عن بُعد على خلاف المعتاد، ونتيجة الجلوس في المنزل لوقت طويل وقلة التفاعل مع الناس وعدم وجود زملاء تقضي معهم الوقت يومياً، ستشعر بالعزلة الاجتماعية، فيؤثر ذلك في سعادتك بشكل عام مهما كان الأجر المالي الذي تتقاضاه.
2. صعوبة فصل الحياة الشخصية عن العمل
يجد الموظف صعوبة كبيرة في فصل حياته الشخصية عن العمل، وخاصة إن كان الموظف هو ربة المنزل، فربما يختلط عملها بأعمال المنزل وطلبات الأطفال، وكذلك يصعب إنجاز أعمال المنزل بسهولة، فتخيل نفسك في منزلك تعمل وفي الوقت ذاته طفلك الصغير يبكي، لا بد أنَّك ستترك العمل وتتجه إليه مسرعاً.
3. غياب التوازن
وجود وقت محدد للعمل يومياً يجعل الحياة متوازنة، فوقت النوم والاستيقاظ معروف، فلا يؤثر العمل في حياة الموظف الخاصة على خلاف العمل عن بُعد.
4. المشكلات الصحية
يرتبط العمل عن بُعد بالجلوس لساعات طويلة على الكرسي، فتؤدي قلة الحركة إلى أوجاع في الرقبة أو الظهر أو الأرجل، وقد يؤدي الجلوس إلى تناول كميات كبيرة من الطعام في أثناء العمل، فيزداد الوزن.
5. التركيز والتشتت
يجعل العمل في المنزل الموظف عرضة لكثير من المشتتات، فقد تتلقى اتصالاً عبر الهاتف المنزلي، أو يرن جرس الباب ويأتي ضيف فجأة، أو تسمع أصوات أخوتك في الغرفة المجاورة أو صوت التلفاز أو غيرها من الأصوات التي لا تسمعها عندما تعمل في شركة ما، لذلك تكون الحاجة إلى الانضباط الذاتي أكبر بكثير عند العمل عن بُعد، وهذا الأمر يجعل الموظف بحالة توتر دائمة، والتوتر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى إرهاق النفس.
أعراض الإرهاق في أثناء العمل عن بُعد
يمكن تشخيص حالة الإرهاق المرافقة للعمل عن بُعد من خلال عدة أعراض جسدية ونفسية وسلوكية أيضاً، أبرزها الآتي:
- آلام في المعدة والشعور بعسر في الهضم.
- الشعور بتعب دائم بالرغم من عدم وجود إجهاد.
- أوجاع في الرأس متكررة.
- القلق المستمر والشعور بالحزن واليأس وغياب الطاقة الإيجابية وعدم الرضى عن الذات.
- الوحدة وعدم القدرة على البقاء لوقت طويل في الأماكن المزدحمة والنشاطات الاجتماعية، والرغبة في البقاء بمنعزل عن الناس بشكل تام.
- غياب الشغف والطموح وفقدان المتعة بممارسة الهوايات والنشاطات المحببة.
شاهد بالفيديو: كيف تعمل عن بعد في منزلك؟
طرائق تجنب الإرهاق في أثناء العمل عن بُعد
يمكنك تجنب حالة الإرهاق التي تحدث في أثناء العمل عن بُعد من خلال اتباع الطرائق الآتية:
1. إدارة الوقت
أكثر ما تحتاجه لتنظيم حياتك وتجنب الإرهاق ومختلف المشاعر السلبية الناتجة عن العمل عن بُعد هو إدارة الوقت بطريقة صحيحة، بحيث توازن بين العمل والحياة الشخصية، فلا تنتظر العمل خارج المنزل في ساعات محددة ليقوم بذلك، بل أنت خذ الآن ورقة وقلماً، وفكر جيداً ما الذي تريد فعله غداً؟ وما هو أكثر وقت تشعر أنَّ تركيزك عالياً خلاله؟ وكم ساعة يمكنك أن تعمل بشكل متواصل؟
من خلال ذلك تحدد ساعة الاستيقاظ والنوم وأوقات تناول الطعام وساعات العمل التي يكون فيها تركيزك عالياً ووقت محدد لكل عمل عليك القيام به، فإن كنت أكثر نشاطاً في الصباح اعمل صباحاً ونفذ باقي المهام في وقت لاحق من اليوم، ويمكن إعداد جدول الأعمال بشكل يومي أو أسبوعي بحسب ما تريد، ولكن الهام هو الالتزام به جيداً.
2. ممارسة الرياضة
تفرِّغ الرياضة الطاقة السلبية التي تخزنها نتيجة الإرهاق، وتساعد على الحفاظ على صحة الجسم وخاصة عند العمل لساعات طويلة، لذلك حدد موعداً يومياً للذهاب للنادي إن استطعت، أو مارس الرياضة في المنزل، أو امشِ لمدة نصف ساعة في الهواء الطلق، ويمكن أخذ استراحات قصيرة خلال العمل لمدة 10دقائق تمشي خلالها في المنزل.
3. مكافأة نفسك
في كل مرة تنجز فيها عملاً هاماً أو العديد من الأعمال في وقت قصير، كافئ نفسك بشراء نوع حلويات تحبه مثلاً أو إعداد طبق مميز وربما بفنجان من القهوة والاستماع لأغنية مفضلة على شرفة المنزل.
4. التواصل أكثر
لا تقاطع العالم لأنَّ عملك عن بُعد؛ بل قم بالنشاطات المنوعة مع العائلة والأصدقاء، وحدثهم عما يزعجك، واطلب الدعم المعنوي منهم إن احتجت، وأنشئ مجموعة تواصل مع زملاء العمل عبر الإنترنت للدردشة وتقديم الملاحظات فيما بينكم، ويمكنكم التعارف أكثر بتحديد مقابلة شهرياً أو أسبوعياً وكسر الحواجز بينكم.
5. تغيير مساحة عملك الخاصة
إن كنت تعمل في مكان محدد من المنزل، فقم بإعداد المكان بطريقة تحبها، وغيِّر الديكور كلما شعرت بالملل والضغط، كأن تنقل الطاولة وتضعها قرب النافذة أو باب الشرفة، أو تضع لوحات فنية في المكان أو أزهار، أو تغير لون الطاولة والكرسي، ولتجنب الملل يمكن أن تخرج للعمل في مقهى جديد أو حديقة، فلا تعتمد المكان ذاته طيلة الأسبوع.
6. الامتنان
ركز على النواحي الإيجابية لأي عمل أكثر من السلبيات التي تدفعك بقوة للإرهاق، ففي بداية اليوم أو نهايته فكر وحدد الأشياء التي تمتن لوجودها، ويفضل تسجيلها في دفتر والنظر إليها كلما شعرت بالملل، فمثلاً يساعدك العمل عن بُعد على البقاء إلى جانب طفلك الصغير أو والدك المريض، ويجنبك الازدحام المروري وفوضى المكاتب وما شابه.
7. فصل الحياة الشخصية عن العمل
يجب أن تحرص على عدم الخلط بين العمل وأي شيء آخر، فلا تتحقق من البريد الإلكتروني بينما تحضِّر الطعام، ولا تعمل في الوقت الذي تجلس فيه لتناول الطعام أو التحدث مع شريكك أو أطفالك، وابذل قصارى جهدك لإنهاء العمل قبل العطلة الأسبوعية.
8. التنزه وأخذ إجازة
لا تسمح للعمل بالسيطرة على حياتك مهما كان الضغط كبيراً، فاستغل عطلة نهاية الأسبوع وتنزه بالذهاب في كل مرة إلى مكان جديد يعيد شحن طاقتك الإيجابية، ولا تعتقد أنَّ يوماً أو يومين لا يكفي لذلك، فقضاء بضع ساعات في مكان مميز كفيل بتغيير مزاجك نحو الأفضل، وإن كانت العطل قليلة، فخذ إجازة لعدة أيام أفضل من الوصول لمرحلة الإرهاق.
9. ممارسة اليوجا يومياً
10 دقائق من اليوجا يومياً قادرة على تغيير الكثير في حياتك، ولست مضطراً للذهاب إلى مركز معين لتعلمها وممارستها، إنَّما يمكن الاكتفاء باستخدام اليوتيوب مثلاً والقيام باليوجا يومياً لتخفيف التوتر.
10. تجنُّب استخدام الأدوية
لا تعتقد أنَّك تعاني من أمراض معينة فتستخدم مسكنات لآلام الرأس أو غيرها، بل تأكد أولاً من أسباب الآلام، فربما الإرهاق فقط هو ما جعلك تشعر بتلك الآلام والعلاج نفسي بالطرائق سابقة الذكر.
11. عدم السماح لأحد باستغلالك
واجبات الشركة أو أرباب العمل توفير ظروف جيدة حتى في حالة العمل عن بُعد؛ وذلك من خلال جداول عمل مرنة، وتحديد ساعات التواصل مع الموظفين، وتنظيم اجتماعات هادفة وفي أوقات تناسب فريق العمل، والسماح لهم بأخذ فترات استراحة للمحافظة على الإنتاجية العالية، وكذلك تنظيم فعاليات للتواصل، وتبسيط الاتصالات بين فريق العمل لمنع الموظف من الشعور بالعزلة، ومن الضروري تقديم الأجور التي يستحقها الموظفون، لذلك إن لم تتوفر تلك الظروف في عملك لا ترهق نفسك وتدمِّر حياتك، فراحتك النفسية من الأولويات في الحياة.
في الختام
الإرهاق موجود في أي عمل إن لم تتمكن من تنظيم حياتك بطريقة جيدة، ولكن العمل عن بُعد يخلط الحياة الشخصية بالمهنية، ويزداد التشتت فيه لأنَّ الموظف غير موجود في بيئة مخصصة للعمل فقط، لذلك تحدَّثنا في مقالنا عن أهم الطرائق التي تجنِّبك الإرهاق في أثناء العمل عن بُعد، كتنظيم الوقت، وممارسة الرياضة باستمرار، وأخذ استراحات، والتنزه في أماكن جديدة، وفصل الحياة العملية عن الشخصية، وأيضاً ممارسة اليوجا باستمرار، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة وأخذ الدعم المعنوي منهم، والامتنان للميزات والنواحي الإيجابية في العمل، وعدم التركيز على السلبيات فحسب.
أضف تعليقاً