أصبحت مزايا وعيوب العمل عن بُعد موضوع نقاش في السنوات الأخيرة، مع اعتماد معظم الشركات لهذه الممارسة؛ إذ يوفِّر العمل عن بُعد فوائد عديدة لكل من الموظفين وأصحاب العمل، لكن على الرَّغم من الفوائد، ثمَّة أيضاً عيوب في العمل عن بُعد يجب وضعها في الحسبان، فضلاً عن تأثير وباء (COVID-19) فيه، تعالوا معنا لنتعرف أكثر.
فوائد العمل عن بُعد:
إنَّ للعمل عن بُعد محاسن وفوائد مختلفة، منها:
1. زيادة المرونة:
تعدُّ زيادة المرونة إحدى الفوائد الرئيسة للعمل عن بُعد؛ إذ يتمتَّع العاملون عن بُعد بالقدرة على إنشاء جداولهم الخاصة، والتغلب على التزاماتهم الشخصية، هذا يعني أنَّهم يستطيعون تعديل ساعات عملهم لتتلاءم مع المواعيد أو الأحداث غير المتوقعة، مثل حالات الطوارئ العائلية، أو مواعيد الطبيب، ونتيجة لذلك، يمكن للعاملين عن بُعد تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، والتقليل من الشعور بالتوتر والإرهاق، كما قد تؤدي المرونة المتزايدة إلى زيادة الإنتاجية؛ إذ يكون العاملون قادرين على العمل خلال ساعات عملهم الأكثر إنتاجية، وتجنُّب المقاطعات من الزملاء، أو عوامل التشتيت الأخرى.
2. الرضى الوظيفي العالي:
رُبِطَ العمل عن بُعد بزيادة الرضى الوظيفي؛ وذلك لأنَّ العمال عن بُعد يتمتَّعون بقدر أكبر من الاستقلالية والتحكم في بيئة عملهم، ما يسمح لهم بالعمل بطريقة تناسب احتياجاتهم الفردية على أفضل وجه، ويتمتَّع العاملون عن بُعد أيضاً بالقدرة على تجنُّب التنقلات الطويلة والإجهاد المرتبط بها، ما قد يساهم في مستوى أعلى من الرضى الوظيفي، إضافة إلى ذلك، يوفِّر العمل عن بُعد الفرصة لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، كما يوفِّر لهم المرونة والحرية التي يقدِّرها عديد من العمال، ما يؤدي إلى زيادة الرضى الوظيفي.
3. زيادة الإنتاجية:
ثبت أنَّ العمل عن بُعد يزيد الإنتاجية؛ وذلك لأنَّ العاملين عن بُعد قادرون على تجنب عوامل التشتيت التي يمكن العثور عليها في بيئة المكتب التقليدية، مثل مقاطعة الزملاء، أو الضوضاء الصادرة عن المكتب، إضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون العاملون عن بُعد قادرين على إنشاء مساحة عمل مُصمَّمة وفقاً لاحتياجاتهم وتفضيلاتهم الفردية، ما يؤدي إلى زيادة الراحة والتركيز.
تعني المرونة التي يوفرها العمل عن بُعد أيضاً أنَّه يمكن للعمال اختيار العمل خلال ساعات عملهم الأكثر إنتاجية، بدلاً من أن يقتصروا على ساعات العمل التقليدية، وكل هذه العوامل ربما تسهم في زيادة إنتاجية العمال عن بُعد.
4. التوفير في وقت التنقل والتكاليف:
يوفِّر العمل عن بُعد توفيراً في وقت التنقل والتكاليف، فمن خلال الاستغناء عن الحاجة إلى التنقل من المكتب وإليه، يمكن للعاملين عن بُعد توفير الوقت والمال، قد يؤدي هذا أيضاً إلى تقليل التوتر؛ إذ يمكن أن تكون التنقلات اليومية مصدر قلق لكثير من العمال، إضافة إلى ذلك، يساعد العمل عن بُعد على تقليل الأثر البيئي للتنقل؛ إذ يقلِّل من عدد السيارات على الطريق والانبعاثات المرتبطة بها. يكون للتوفير في وقت التنقل والتكاليف أثرٌ كبيرٌ بالنسبة إلى العمال عن بُعد، وقد يساهم في تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية.
5. الوصول إلى مجموعات أوسع من الموهوبين:
يمكن أن يوفِّر العمل عن بُعد الوصول إلى مجموعة أوسع من الموهوبين لأصحاب العمل، فعندما لا تقتصر الشركات على التوظيف داخل منطقة جغرافية معينة، فيمكنها الاستفادة من مجموعة أكبر من المرشحين ذوي الخلفيات المتنوعة وأصحاب المهارات، قد يؤدي ذلك إلى قرارات توظيف أفضل، ونتائج أفضل للشركة.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد العمل عن بُعد على تعزيز التنوع والشمول؛ إذ لا تقتصر الشركات على التوظيف داخل منطقة أو ديموغرافية معينة، فمن خلال تبنِّي العمل عن بُعد، يمكن للشركات فتح فرص جديدة للمواهب، وإنشاء مكان عمل أكثر تنوعاً وشمولية.
شاهد بالفيديو: كيف تجعل العاملين عن بعد أكثر انخراطاً في العمل؟
6. تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية:
يوفر العمل عن بُعد فرصة لتحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية، من خلال السماح للعمال بالعمل من المنزل أو من مكان آخر بعيد؛ إذ يقلِّل العمل عن بُعد من الضغط والوقت المرتبطين بالتنقل من المكتب وإليه، ويوفِّر هذا وقتاً أكبر للعمال لقضائه مع أسرهم أو متابعة اهتماماتهم الشخصية، ما يؤدي إلى توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية.
إضافة إلى ذلك، يوفِّر العمل عن بُعد مرونة واضحة فيما يتعلَّق بوقت وكيفية إنجاز العمل، ما يسمح للعمال بإدارة مسؤولياتهم الشخصية والمهنية جيداً، ويعدُّ تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية من الفوائد الرئيسة للعمل عن بُعد الذي قد يؤدي إلى زيادة الرضى الوظيفي والإنتاجية.
عيوب العمل عن بُعد:
لكل عمل عيوب وصعوبات مهما كثرت فوائده، ولكن هل تعتقد أن العمل من المنزل خال من العيوب؟ تعرف هنا على بعض من أهم عيوبه:
1. صعوبة الفصل بين العمل والحياة الشخصية:
من عيوب العمل عن بُعد صعوبة الفصل بين العمل والحياة الشخصية، فعند العمل من المنزل أو من مكان آخر بعيد، قد يكون من الصعب إنشاء حدود واضحة بين وقت العمل والوقت الشخصي، فيمكن أن يؤدي هذا إلى دمج التوتر المرتبط بالعمل في الوقت الشخصي، وخلاف ذلك صحيح.
إضافة إلى ذلك، قد يؤدي العمل عن بُعد إلى الشعور بالعزلة أو الوحدة؛ إذ قد يشعر العمال بالانفصال عن الزملاء، أو يفقدون الجوانب الاجتماعية لبيئة المكتب، وللتغلب على هذا التحدي، يجب على العمال عن بُعد وضع إجراءات وحدود واضحة، مثل تحديد ساعات عمل محددة، وإنشاء مساحة عمل مخصصة، ويمكن لأصحاب العمل أيضاً المساعدة من خلال توفير فرص للعاملين عن بُعد للتواصل والتعاون مع الزملاء افتراضياً.
2. التفاعلات الاجتماعية المحدودة:
التفاعلات الاجتماعية المحدودة هي عيب محتمل للعمل عن بُعد، فعند العمل عن بُعد، غالباً ما تقلُّ فرص التفاعل الاجتماعي مع الزملاء والمهنيين الآخرين، ويمكن أن يؤدي هذا إلى الشعور بالعزلة أو الوحدة، وقد يؤثر حتى في الصحة العقلية، إضافة إلى ذلك، ربما تؤدي التفاعلات الاجتماعية المحدودة إلى نقص التعاون وبناء الفريق، ما قد يؤثر في النهاية في نجاح المشاريع والثقافة العامة للمؤسسة.
يمكن لأصحاب العمل لمعالجة هذه المشكلة، توفير فرص للعاملين عن بُعد للاتصال افتراضياً، مثل مؤتمرات الفيديو، أو منصات المراسلة الفورية، ويمكن للعاملين عن بُعد أيضاً اتخاذ خطوات للبقاء على اتصال مع الزملاء وغيرهم من المهنيين في مجالهم، مثل حضور المؤتمرات الافتراضية، أو الانضمام إلى المجتمعات المهنية عبر الإنترنت.
3. قلة الإشراف والتعاون:
قد يكون ثمَّة إشراف أقل من المديرين أو المشرفين، ما قد يؤدي إلى نقص المساءلة، أو التوجيه، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يجعل العمل عن بُعد التعاون أكثر صعوبة؛ إذ قد يكون من الصعب تنسيق الجداول الزمنية والتواصل عند العمل من مواقع مختلفة، وللتغلب على هذا التحدي، يجب على العاملين عن بُعد إنشاء قنوات اتصال واضحة مع مديريهم وزملائهم، وإنشاء عمليات تسجيل وصول وجلسات تغذية راجعة منتظمة، ويمكن لأصحاب العمل أيضاً توفير الأدوات والتقنيات التي تسهل التعاون، مثل برامج إدارة المشاريع، أو منصات اجتماعات الفيديو، ويتطلَّب العمل الناجح عن بُعد توازناً بين الاستقلالية والتعاون.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح
4. الصعوبة في بناء صداقة فريق:
يمكن أن يكون بناء الصداقة في الفريق أمراً صعباً عند العمل عن بُعد، فعند العمل من مواقع مختلفة، قد يكون من الصعب بناء اتصالات شخصية وإحساس بالهدف المشترك بين أعضاء الفريق، وقد يؤدي هذا إلى انعدام الثقة، والشعور بالعزلة، ونقص الحافز بين أعضاء الفريق، وللتغلب على هذا التحدي، يجب على أصحاب العمل ابتكار فرص لبناء فريق افتراضي، مثل الألعاب عبر الإنترنت، أو ساعات المرح الافتراضية.
إضافة إلى ذلك، يمكن لأصحاب العمل تشجيع التواصل والتعاون غير الرسمي بين أعضاء الفريق، مثل غرف الدردشة عبر الإنترنت، كما يمكن لأصحاب العمل بناء ثقافة الانفتاح والثقة؛ إذ يشعر أعضاء الفريق بالراحة في مشاركة أفكارهم ووجهات نظرهم.
5. المشكلات الفنية والمشتتات:
التحديات التقنية والمشتتات هي عيوب محتملة للعمل عن بُعد، فعند العمل عن بُعد، يمكن أن تؤدي المشكلات الفنية، مثل بطء الاتصال بالإنترنت، أو مشكلات الكمبيوتر إلى تعطيل الإنتاجية، وإحداث الإحباط، إضافة إلى ذلك، قد يكون العمل عن بُعد أكثر عرضة للإلهاءات، مثل الأعمال المنزلية أو المسؤوليات العائلية.
المواجهة هذه التحديات، يجب على العاملين عن بُعد أن تكون لديهم مساحة عمل مخصصة، والمعدات والبرامج اللازمة، لتنفيذ عملهم بفاعلية، ويمكن لأصحاب العمل أيضاً تقديم الدعم الفني والموارد لمساعدة العمال عن بُعد على التغلب على التحديات التقنية، كما يمكن للعاملين عن بُعد اتخاذ خطوات لتقليل عوامل التشتيت، مثل وضع جدول زمني، ووضع حدود واضحة مع أفراد الأسرة أو زملاء السكن.
6. إمكانية العزلة والاحتراق الذاتي:
تعدُّ العزلة والإرهاق والاحتراق الذاتي من المخاطر المحتملة المرتبطة بالعمل عن بُعد، فيمكن أن يكون العمل من المنزل أو في مكان بعيد آخر منعزلاً، ما قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة والانفصال، إضافة إلى ذلك، قد يؤدي عدم وجود حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية إلى الإرهاق والاحتراق الذاتي.
لمعالجة هذه المخاطر، يجب على العاملين عن بُعد وضع إجراءات روتينية وحدود واضحة، مثل تحديد ساعات عمل محددة، وأخذ فترات راحة منتظمة، ويمكن لأصحاب العمل أيضاً توفير الموارد والدعم لمساعدة العاملين عن بُعد في إدارة الإجهاد، وتجنُّب الإرهاق، مثل توفير موارد الصحة العقلية، وتشجيع الموظفين على أخذ إجازة حسب الحاجة.
كما يمكن للعاملين عن بُعد اتخاذ خطوات للبقاء على اتصال مع الزملاء، والحفاظ على الدعم الاجتماعي، مثل المشاركة في نشاطات بناء الفريق الافتراضية، أو الانضمام إلى المجتمعات المهنية عبر الإنترنت، فمن خلال معالجة مخاطر العزلة والإرهاق، يمكن للعاملين عن بُعد أن يظلوا أصحاء ومنتجين، ويحققوا النجاح في حياتهم المهنية.
العمل عن بُعد أثناء جائحة "كوفيد ١٩":
أدَّت جائحة (COVID-19) إلى تسريع التوجُّه نحو العمل عن بُعد بصورة كبيرة؛ نظراً لأنَّ الوباء أجبر شركات عديدة على إغلاق مكاتبها، وأصبح العمل عن بُعد هو القاعدة لعديد من الموظفين، ففي حين أنَّ الانتقال إلى العمل عن بُعد كان يمثل تحدياً لبعض المنظمات، فقد سلَّط الضوء أيضاً على مزايا وعيوب العمل عن بُعد.
من ناحية أخرى، وفَّر العمل عن بُعد وسيلة للشركات لمواصلة العمل مع الحفاظ على الموظفين في مأمن من الفيروس، كما أظهر مرونة العمل عن بُعد وقدرته على التكيُّف؛ إذ كان الموظفون قادرين على العمل من المنزل في أثناء إدارة المسؤوليات العائلية والتحديات الأخرى.
من ناحية أخرى، أبرز التحول المفاجئ للعمل عن بُعد تحدياته، مثل التحديات التقنية والمشتتات، وصعوبة بناء الصداقات والعلاقات الاجتماعية، وإمكانية العزلة والإرهاق، وعموماً سرَّعت جائحة (COVID-19) من اعتماد العمل عن بُعد، وسلَّطت الضوء على حاجة أصحاب العمل والموظفين للتكيف مع طريقة العمل الجديدة هذه.
في الختام:
أصبح العمل عن بُعد شائعاً بكثرة في السنوات الأخيرة، مع تبني منظمات عديدة طريقة العمل الجديدة هذه، ففي حين أنَّ العمل عن بُعد يوفِّر فوائد عديدة، مثل زيادة المرونة، وزيادة الرضى الوظيفي، وتحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية، والوصول إلى مجموعة أكبر من المواهب، فإنَّه يمثِّل أيضاً بعض التحديات، مثل صعوبة بناء الصداقة الجماعية، والمشكلات الفنية، والانحرافات، واحتمال الانعزال، والإرهاق، وصعوبة الفصل بين العمل والحياة الشخصية.
مع ذلك، من خلال اعتماد أفضل الممارسات للعمل عن بُعد، مثل إنشاء إجراءات وحدود واضحة، وإعطاء الأولوية للتواصل والتعاون، والبقاء منظَّمين ومركزين، يمكن للعاملين عن بُعد التغلب على هذه التحديات والنجاح في حياتهم المهنية.
التعليقات
م س.ش
قبل 10 شهرمقال رائع جداااا ومعلومات قيمة
الردود
لينا مدير تحرير في النجاح نت
قبل 10 شهرشكراً لمشاركتك
أضف تعليقاً