قد لا يكون هذا الاختلاف مفيداً؛ لأنَّ الإحباط في النهاية شعورٌ سيِّئٌ سواء أكان كبيراً أم صغيراً، والأصعب أنَّك لا تدرك متى سينتهي، فينشأ الشعور بالإحباط من مسبِّباتٍ عديدة خارجية أو ذاتية كل يوم؛ لكنَّ المشكلة تكمن حين نستسلم لهذا الشعور، ونسمح له بالتراكم داخلياً مع مرور الوقت.
لذا سنذكر فيما يأتي 9 طرائق تساعدك على الشعور بالرضى والقناعة في معظم الأوقات:
1. تقبُّل الواقع:
إنَّ تقبُّل الأشياء كما هي على حقيقتها يساعد على تجنُّب الشعور بالإحباط الذي ينتج غالباً عن إدراكك الخاطئ لبعض الظروف ورفضها بدلاً من تقبُّلها؛ لكنَّ التقبُّل لا يعني أن تسمح للأشياء السلبية بالحدوث في حال كان بالإمكان تجنُّبها؛ وإنَّما التأقلم معها وتقبُّلها إن حدثت؛ مثلاً إتقانُ مهارةٍ ما يتطلَّبُ التدريبَ عليها لشهور؛ لكنَّك بعد مضي هذه الفترة تشعر بأنَّك لمَّا تحصل بعد على نتيجة مُرضية؛ ممَّا سيسبب لك شعوراً بالإحباط، في حين أنَّ الأفضل هو تقبُّل المستوى الذي وصلت إليه مع إكمال التدريب حتى تحقق النتيجة التي ترغب فيها؛ فهي تحتاج إلى فترة أطول من التدريب المكثَّف دون أن تسمح للإحباط أن يسيطر عليك.
2. مواصلة التطور والتعلُّم:
قد يكون الإحباط أكبر دافع للتعلم؛ لأنَّك ستدرك من خلاله الأشياء التي ترغب فيها، وستبدأ في البحث عن حلول فعَّالة للمشكلات التي تواجهها، والتي قد لا تكون فاعليتها واضحة في البداية؛ فمثلاً ستدرك كيف أنَّ المشتتات شكلت عائقاً كبيراً منعك من النجاح وكانت السبب الرئيس لشعورك بالإحباط، وهنا ستدرك أهمية الحد منها؛ أي عندما تغير نظرتك إلى الإحباط ستدرك أنَّه فرصة عظيمة لتشجيعك وصقل إبداعك ولفت انتباهك إلى أدق الثغرات؛ لذلك يجب أن تكون شغوفاً لتتعلم المزيد وتتحمل مسؤولية سعادتك لتشعر بالرضى عن نفسك.
شاهد بالفيديو: 8 أمور عليك فعلها لتشعر بالرضا التام عن نفسك
3. الامتنان الدائم:
يجب أن تشعر بالامتنان للقوة والحكمة التي شعرت بها عندما كنت مُحبطاً؛ إذ أثبت علماء النفس أنَّ الشعور المستمر بالامتنان يقوِّي الصبر عند الأشخاص؛ مما يسمح لهم بتحقيق النتائج المُرضية على الأمد البعيد عوضاً عن المكافآت الآنية المحدودة.
يساعدك الامتنان على الشعور بالسعادة الحقيقية دائماً حتى عندما تكون وحيداً أو تمر بوقت عصيب، وهذا الشعور سينتقل إلى أحبائك والأشخاص المحيطين بك عندما يرون حالة الرضى والسعادة التي تعيشها.
يمكنك الشعور بالامتنان حتى في الأوقات الصعبة؛ لأنَّ الحياة فيها الحلو والمر، وعليك ألَّا تنسى الأشياء الإيجابية في حياتك أو تتجاهلها وتركِّز على السلبية.
4. إيقاف التفكير السلبي:
في بعض الأحيان يمكنُ أن يكون الإحباط كبيراً لدرجة يصعب تحمُّلها، وهنا من الأفضل عدم الاستغراق بالأفكار السلبية، وغالباً ما تكون أفعالُك هي سببُ شعورِك بالإحباط؛ لكنَّ التفكير بالمواقف السلبية التي حدثت بالفعل لن يفيد؛ بل من الأفضل النظر إلى الجوانب الإيجابية من كل موقف.
من الهام أيضاً أن تُغيِّرَ نمط الحديث مع نفسك؛ فبدلاً من القول: "لا يمكنني فعل هذا"، يمكنك القول: "سأفعل كلَّ ما بوسعي"، أو بدلاً من: "سيبقى الحال كما هو" يمكنك القول: " سأحقق إنجازاتٍ صغيرةً بدايةً".
الرضى والقناعة هي البحث عن شيء إيجابي والتركيز عليه من بين كثير من الأشياء السلبية، أمَّا إلقاء اللوم على النفس أو الآخرين لن يفيد، وبالتأكيد سيكون هناك دائماً ما يستحق الامتنان.
5. بناء علاقات صحية مع أشخاص مناسبين:
اختر الأشخاص الذين ترغب بإقامة علاقات متينة معهم بعناية، واحرص على أن يكونوا إيجابيين في أغلب الأحيان؛ لأنَّ كلا الطرفين سيؤثر إيجاباً في الطرف الآخر، وستشكل هذه العلاقة ملاذاً مفيداً وداعماً في الأوقات العصيبة والمُحبطة.
يعني الإحباط ببساطة أنَّ عليك التفكير في الحلول البديلة في أثناء البحث عن أفضل الحلول لمشكلاتك، أمَّا الرضى الحقيقي فيعني أنَّك سعيد على الرغم من القيام بذلك، فابحث عن الأشخاص الذين يتطلعون إلى العيش بسعادة ورضى؛ فوجودك إلى جانبهم سيعود عليك بصورة أفضل من وجودك مع أي أشخاص آخرين.
6. المكافآت الذاتية:
الإحباطات هي مجرد محاولات لم تنجح حتى الآن؛ لذلك لا تؤجل مكافأة نفسك حتى تحقق النتيجة المثالية التي تريدها؛ فذلك سيزيد من شعورك بالإحباط الذي قد يصل إلى مراحل خطيرة ومدمرة.
ركز على الجهد التي تبذله، وكن فخوراً بذلك، ولا تدع سعادتك متوقفة على النتائج، وكن فخوراً بكل مرحلة تمر بها حتى ولو أصابك الإحباط في المراحل القادمة؛ فهي محطات تسهم في تطورك تدريجياً لتجد نفسك يوماً ما وصلت إلى النجاح الذي تريده وبسهولة؛ لأنَّك اخترت الاستمتاع بكل مرحلة من السعي له.
7. حب الذات وعدم القسوة:
لا تُحمِّل نفسك أعباءً كثيرة قد تسبب لك الإرهاق والإحباط، ولاحقاً سيؤدي ذلك إلى زيادة القلق وضعف الإنتاجية، بل كن ممتناً للنعم التي لديك والإنجازات التي حققتها والتقدم الذي تحققه الآن؛ فحبُّ الذات واحترامها يأتي في المقام الأول قبل أي إنجاز أو نجاح.
انظر إلى الواقع من وجهة نظر مختلفة؛ فالواقع الحالي يمكن أن يكون سيئاً بحيث لا تمتلك فيه خيارات أخرى؛ لكنَّك تمتلك القدرة على إيجاد حلول بديلة ومعاملة الشعور بالإحباط.
8. الشكوى النافعة:
الحالة الوحيدة التي تنفع فيها الشكوى هي عندما تؤدي إلى حل مشكلة ما أو من باب الفضفضة لشخص تثق فيه؛ كصديق يمكن أن يرشدك إلى طريقة تساعدك على حل مشكلتك، أو الطلب من الجيران خفض الصوت العالي المزعج ليلاً، أو التحدث بموضوع هام مع أحد أفراد عائلتك، أمَّا الشكوى بغير فائدة متوقعة فهي ليست إلَّا بثَّاً للطاقة السلبية.
قد تكون محاولة حصر الشكوى بهذه الطريقة وفي هذه الحالات المحددة أمراً صعباً؛ لكنَّك ستكون راضياً عن التعبير عن نفسك وآرائك خاصة عند الحاجة إليها.
9. الإيمان أنَّ دوام الحال من المُحال:
عليك أن تؤمن بأنَّ الأوقات الصعبة المليئة بالإحباط لن تدوم، وسيقل تأثيرها يوماً بعد يوم حتى تختفي من حياتك، لا سيَّما إذا حافظت على قوتك ولم تستسلم بسهولة، وقد يكون التطبيق صعباً؛ لكنَّه سهلٌ من حيث المبدأ.
فقط فكِّر في وضعك الحالي إذا طبقت الطرائق السابقة، هل سيتحسن أم سيبقى على ما هو عليه؟ لا شك في أنَّ كثيراً من المواقف التي سببت لك الإحباط ستصبح مجرد ذكرى، وبمجرد الإيمان بذلك ستصبح قادراً أن تشعر بالرضى بدءاً من الآن.
في الختام:
قد يبدو الإحباط والرضى نقيضين لا يمكن اجتماعهما؛ فالرضى حالةٌ من استقرار المشاعر والذهن حتى في فترات الإحباط، وهو قرارٌ شخصيٌّ يمكننا الوصول إليه، تماماً مثلما سمحنا للإحباط أن يسيطر علينا، أمَّا الإحباط فهو أمرٌ لا يمكن تجنُّبه، وهو نتيجة للفشل؛ لكنَّ الفشل ليس نهاية العالم؛ وإنَّما هو مرحلة تمر بها في طريقك نحو النجاح، ويمكن أن يكون حافزاً للتطور والنمو، وليس سبباً لليأس والاستسلام.
أضف تعليقاً