الهندسة الوراثية:
هي عملية تعديل ومُعالجة لجينات الكائن الحي؛ وذلك من خلال نقل الحمض النووي من كائنات حية، إلى كائنات حية أخرى بهدف التعديل على حمضها النووي، وإدخال الجينات والصفات المطلوبة إلى الشيفرة الوراثية لها، للحصول على كائنات تحوي الخصائص المرغوب بها.
وكانت بداية انتشار الأغذية المُعدَّلة وراثياً في أمريكا عام 1994، حيث كانت الطماطم (البندورة) التي عُرِفَت باسم (Flavr Savr)، هي أولى تجارب الهندسة الوراثية.
الأغذية المُعدَّلة وراثياً:
هي الأغذية التي يقوم العلماء بتعديل مادتها الوراثية (DNA)؛ وذلك إما من خلال حذف جزء منها، أو إضافة جزء أو جين إضافي إليها.
ومن أشهر الأغذية التي عُدِّلَت وراثياً: فول الصويا، والأرز، والذرة، ودوار الشمس، والترمس، والبطاطس، والبندورة، والقرع، وقصب السكر، والشمندر، وكذلك من الأشجار: التفاح، والجوز، والحمضيات.
ويهدف التعديل الوراثي للخضار والفواكه إلى:
- تحسين شكل وطعم الخضار والفاكهة.
- إنتاج محاصيل أكثر مقاومةً للحشرات، والظروف المناخية.
- الحصول على سلالات ذات صفات مرغوبة؛ كإنتاج بطاطا تمتص مقداراً أقل من الزيت عند قليها.
أمثلة على خضار وفاكهة عُدِّلَت وراثياً:
خضعَت العديد من الخضار والفواكه للتعديلات الوراثية، التي غيَّرَت في شكلها ومواصفاتها، ومن أشهرها:
- البطيخ: كان يحتوي البطيخ على ستة أقسام، كما ولم تكن ثمرة البطيخ في الماضي بجمال وجاذبية ثمرة البطيخ اليوم.
- الموز: كان يحتوي الموز في السابق على بذور كبيرة ومتصلبة، وكان مذاقه مختلفاً، أما اليوم فقد عمل عليه علماء الوراثة الكثير من التعديلات، حتى أصبح بشكله الحالي الذي لا يحتوي على أي بذور.
- الباذنجان: خضع الباذنجان للكثير من عمليات التكاثر الانتقائي، والتي أجراها علماء الوراثة عليه، حتى أصبح بالشكل الذي نراه عليه اليوم
- الدراق أو الخوخ البري: كان الدراق قبل التعديل الوراثي صغير الحجم، وكان مذاقه يُشبه مذاق العدس، لكنَّ حجمه تضاعف مع مرور الوقت، ليُصبح أكبر ب 64 مرة من حجم الدراق الأصلي.
- الجزر: كانت جذور الجزر في الماضي رفيعةً وذات لون أرجواني أو أبيض، ولكنَّه أصبح اليوم بلون برتقالي أخَّاذ وبحجم مناسب.
- نبات الذرة: كان نبات الذرة قبل التعديل الوراثي صعب الأكل؛ حيث كان يُشبه البطاطا تماماً؛ إذ يفوق حجمه أضعاف حجم ثمرة الذرة التي نراها اليوم.
فوائد الأغذية المُعدَّلة وراثياً:
هناك فوائد عدَّة للأغذية المُعدَّلة وراثياً، مثل:
- حل مشكلة نقص الغذاء: يُعاني كوكب الأرض من ازدياد في عدد السكان مقترناً بنقصٍ في الموارد؛ لذا يستخدم اليوم أكثر من 16 مليون مُزارعٍ حول العالم تقنيات التعديل الوراثي لزيادة الإنتاج الزراعي وتطوير أنواع جديدة منه، مما يُساعد في حل مشكلة نقص الغذاء.
- المنافع الطبية: يُمكِن من خلال التعديل الوراثي إنتاج نباتات قادرة على إنتاج البروتين، واللقاحات، ومنتجات طبية أخرى.
- إنتاج محاصيل مُقاوِمة للحشرات: يُمكِن باستخدام التعديل الوراثي إنتاج محاصيل أكثر مُقاومةً للحشرات، وأكثر تكيُّفاً مع الحرارة ومع المبيدات الحشرية والظروف المناخية القاسية.
- محاصيل ذات قيمة غذائية: يُوفر التعديل الوراثي إمكانية إضافة العناصر الغذائية المهمة إلى المحاصيل؛ كإضافة البروتين أو الكالسيوم أو حمض الفوليك.
مضار الأغذية المُعدَّلة وراثياً:
على الرغم من الفوائد التي يُمكِن أن تُقدِّمها الأغذية المُعدَّلة وراثياً، إلا أنَّها تنطوي على مخاطر لا يُمكِن تجاوُزها، مثل:
- الحساسية: ينطوي تعديل الأطعمة وراثياً على تغيير المكونات الطبيعية لها، مما قد يزيد من نسبة الحساسية لدى البشر عند تناوُل هذه الأطعمة.
- مقاومة المضادات الحيوية: يُمكِن للجينات الموجودة في الأغذية المُعدَّلة وراثياً أن تنتقل إلى البكتيريا الموجودة في الأمعاء، وتُقلل من فاعلية العلاج المُضاد للميكروبات؛ إذ إنَّها تزيد من مقاومة المضادات الحيوية.
- السرطان: أشارت بعض الدراسات إلى إمكانية وجود رابط بين تناوُل الأطعمة المُعدَّلة وراثياً وبين الإصابة بمرض السرطان.
- الإصابة بالتسمم: قد ينتج عن إدخال بعض الجينات إلى الأطعمة المُعدَّلة وراثياً تحويل العناصر غير السامة في السابق إلى عناصر سامة.
- ضعف التغذية: يؤدي تعديل الأطعمة وراثياً إلى زيادة نسبة مستويات المُركَّبات المضادة للمغذيات فيها وانخفاض مستويات العناصر الغذائية المُفيدة، مما ينتج عنه الإصابة بضعف التغذية.
- أضرار بيئية: تَحدث للبيئة اليوم أضراراً كبيرة نتيجة آلاف النباتات المُحوَّرة جينياً، وكذلك للحيوانات والطيور الموجودة في البيئة، والتي تتغذى على هذه النباتات.
استراتيجيات التقليل من الاعتماد على الأطعمة المُعدَّلة وراثياً:
هذه بعض الاستراتيجيات للتقليل من الاعتماد على الأغذية المُعدَّلة وراثياً:
- تناوُل المأكولات العضوية: لا تتضمن الأغذية العضوية أي تعديلات وراثية ولا أيَّة مبيدات حشرية؛ لذا فهي تُعدُّ من الوسائل المُفيدة في تفادي الأغذية المُعدَّلة وراثياً.
- الفواكه والخضار الطازجة: أن نحرص على شراء الفواكه والخضار الطازجة؛ لأنَّ غالبية المواد الطازجة غير مُعدَّلة وراثياً، والابتعاد عن الخضار والفواكه المستوردة.
- التركيز على الألياف: من المُفيد أن نُركز على الألياف؛ إذ إنَّ غالبية الحبوب، والبذور، والمكسرات، والفاصولياء لا تتضمن مواد مُعدَّلة وراثياً.
- قراءة الملصقات: يجب قراءة الملصقات على المنتجات قبل شرائها؛ وذلك للتأكد من عدم تضمُّنها تعديلات وراثية.
- الزراعة المنزلية: من أفضل الوسائل في تجنُّب المنتجات المُعدَّلة وراثياً، هي الاعتماد على الزراعة المنزلية للخضار والفواكه في حال كان هناك إمكانية لذلك.
في الختام، لم يُحسَم الجدل بَعْد:
لم يُحسَم الجدل حول موضوع الأغذية المُعدَّلة وراثياً بعد؛ إذ لا يزال بين قسم مؤيد، وقسم مُعادٍ ومُنتقِد، وقسم مُتحفِّظ؛ فمنهم مَن يرى أنَّها الحل لتلافي جوع البشر، ومنهم مَن يرى أنَّها أول مسمار في نعش البشرية وظهور أجيال لا تتمتع بصحة جيدة، وعلى الرغم من التوصيات الحالية بأنَّ الأغذية المُعدَّلة وراثياً هي أغذية آمنة في عمومها، إلا أنَّه لا توجد الاختبارات والفحوص الكافية التي تجزم ذلك، ولا تزال الدراسات والأبحاث مستمرةً في هذا المجال لتبيان أثرها في صحة الإنسان والبيئة على المدى البعيد.
أضف تعليقاً