ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الرئيس التنفيذي، والمؤسس المشارك لشركة "كلير ريفيو" (Clear Review)، والذي يستكشف فيه ماهية عقلية النمو بالتحديد، ودورها عندما يتعلق الأمر بإدارة الأداء في الشركات الناشئة.
حققت دويك في هذا الأمر، وفيما إذا كان شيئاً يمكننا التحكم فيه، وقادها بحثُها في النهاية إلى صياغة مصطلح "عقلية النمو"، والذي يستخدم الآن في أغلب الدوائر الإدارية؛ ولكن ما هي "عقلية النمو" بالتحديد؟ وكيف تنطبق على إدارة الأداء؟ ولماذا تعدُّ ضرورية لتحسين أداء رواد الأعمال؟ وما هو المكون السري في نجاح أي شركة تقنية ناشئة؟
سنعرف الإجابة عن هذه الأسئلة في المقال أدناه، بالإضافة إلى معرفة طريقة أقلمة ثقافة التغذية الراجعة لدينا؛ لتغذية عقلية النمو على أفضل وجه:
ما هي عقلية النمو؟
نحن نستخدم مصطلح "عقلية النمو" لوصف معتقداتنا الأساسية، ومواقفنا تجاه التعلم، والذكاء؛ فإذا كنت تمتلك "عقلية ثابتة" فأنت تعتقد أنَّك تمتلك إمكانات محدودة، ونقاط قوة وقيوداً غير قادر على تجاوزها؛ في حين يعتقد الموظفون الذين يمتلكون عقلية النمو؛ أنَّهم يمكن أن يصبحوا أكثر ذكاءً وإنتاجية وموهبة، كما أنَّهم يدركون أنَّ الجهد والمثابرة من شأنهما أن يجعلاهم أكثر قوة، الأمر الذي يساعدهم على تحقيق المزيد.
لتوضيح عقلية النمو بشكل أفضل، يمكننا إلقاء نظرة على تجربة أجرتها دويك، إذ قررت التحقق من اللغة المستخدمة في الفصول الدراسية، بعد اكتشافها أنَّ المعلمين كانوا يميلون إلى مدح الطلاب على ذكائهم ومواهبهم، بدلاً من جهودهم؛ وتضمنت تجربة دويك مجموعة من الأطفال طُلِب منهم حل لغز، إذ أُثنِيَ على نصف الأطفال لكونهم أذكياء، بينما وُجِهَت كلمات دعم للنصف الآخر لمحاولتهم الجادة في حل اللغز، ثم أُعطِي الأطفال لغزاً أكثر تعقيداً لحله، فأظهرت النتائج أنَّ الأطفال الذين مُدِحوا لأنَّهم أذكياء في المرة الأولى استسلموا مبكراً، وسجلوا درجات أقل مع حل اللغز الثاني؛ في حين ثابر الأطفال الذين شُجِّعوا، ومُدِحوا على جهودهم، وحصلوا على درجات أعلى.
تناقش دويك أيضاً كيف يمكن أن يغرس المديح المرتبط بالعقل فكرة الخوف من الإخفاق.
لماذا تحتاج الشركات الناشئة إلى تنمية عقلية النمو؟
تشجع عقلية النمو التجريب والإبداع؛ وكما ذكرت شركة روكيت سبيس (Rocket Space)، بأنَّ التجريب هو أحد أهم مبادئ نمو الشركات الناشئة ونجاحها؛ فيما تؤكد العديد من المصادر هذا الرأي. ويُعدُّ كل من الإبداع والابتكار والتجريب أموراً ضروريةً لريادة الأعمال ونجاحها، كما أنَّها ضرورية -خصوصاً- للشركات التقنية الناشئة، إذ تحتاج مثل هذه الشركات عقلية النمو لتتحدى نفسها، ولتتقدم ولتتميز عن باقي الشركات، ويحتاج رواد الأعمال التقنيون إلى المثابرة والعزم، وأن يكونوا شجعاناً بما فيه الكفاية لتحمل المخاطر، بينما يستمرون في البحث عن المعرفة والتحسن؛ وفي الوقت نفسه، يجب أن يكونوا قادرين على تقبل العقبات، وذلك من خلال إدراك أنَّ الإخفاقات نقاط انطلاق أو دروس على طريق النجاح.
والسبب في حاجتنا إلى مراقبة توجهات إدارة الأداء الناشئة؛ أنَّه مع تقدم السنين يتقدم أيضاً فهمنا لعلم الأعصاب، ومسألة تحفيز الموظفين؛ وبسبب هذه التطورات، نعلم أنَّ الدماغ البشري يتأثر بسهولة أكبر بكثير مما نتصور، إذ يشرح مجالٌ يُعرَف باسم اللدونة عصبية أنَّ الاتصال بين الخلايا العصبية يمكن أن يتغير مع الخبرة والممارسة؛ إذ يمكن للشبكات العصبية تحسين اتصالات جديدة، وتقويتها، وإرسال نبضات بمعدل أسرع، وهذا المجال نفسه يخبرنا أنَّه يمكننا زيادة نمونا العصبي من خلال اتخاذ إجراءات معينة؛ إذ ينبغي علينا أن نطرح الأسئلة المناسبة، ونمارس الرياضة، وننام، ونأكل بشكل جيد، ونتحلى بالإصرار.
في نهاية الأمر، يمكن للمديرين تغيير بيئات وعمليات معينة للتأثير في العقليات، وتشجيع الرغبة الدائمة بالتعلم، فعندما نفعل ذلك؛ يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الأداء والتحفيز والإنجاز.
طرق تطبيق عقلية النمو لإدارة الأداء:
الآن أصبحنا على دراية بفوائد عقلية النمو؛ والسؤال التالي هو: كيف يمكننا رعاية مثل هذه العقلية في مؤسستنا باستخدام عمليات إدارة الأداء؟ لا توجد طرائق محددة لهذا الأمر، على الرغم من وجود بعض التقنيات التي يمكن أن تبدأ بتعزيز عقليات النمو ببطء وبشكل مؤكد، ومن هذه الطرائق:
1. إجراء محادثات التدريب المنتظمة:
توفر محادثات التدريب للمديرين الفرصة لمنح التقدير، والمكافآت، والمديح لموظفيهم، ويُعَدُّ إبداء التقدير هاماً، لكن ما يُضاهيه من جهة الأهمية هو نوع التقدير المُقدَّم، فعند تبادل التغذية الراجعة شجع جهود الموظفين و نجاحاتهم.
2. تكوين أهداف ذكية:
يشكل تشجيع عقلية النمو تحدياً للموظفين، فيجب أن تكون أهدافهم ذكية، وواسعة، وألَّا تكون غير منطقية، فما إن يحقق الموظفون أهدافاً خارج منطقة الراحة الخاصة بهم، حتى يرون إلى أين ممكن أن تقودهم المثابرة والعزيمة، وعندما يواجهون الإخفاقات والعقبات، يجب أن تعلم أنَّ الأشخاص الذين يمتلكون عقلية النمو؛ يعتبرون تلك الإخفاقات فرصاً للتعلم.
3. تشجيع الرغبة في التعلم:
زوِّد القوى العاملة بشعور الفضول، والرغبة الدائمة في التعلم، ودعهم يعرفون أنَّ شركتك تشجع التدريب، والتحسين المستمر؛ ويمكنك المضي قدماً والعمل مع موظفيك لتكوين أهداف تنمية شخصية تنظم أهدافهم.
4. مساعدة الموظفين على تغيير حوارهم الداخلي:
هذه الطريقة هي الأكثر صعوبة، ولكن يجب على المديرين محاولة مساعدة الموظفين؛ على رؤية أنفسهم من وجهة نظر مختلفة، فالطريقة التي يتحدثون بها مع أنفسهم هامة؛ لذا شجع النظرة الصحية الإيجابية، وشجعهم على التحدث مع أنفسهم بطريقة إيجابية وحيوية، وبدلاً من التفكير بطريقة سلبية كأن يقولوا: "لا نستطيع فعل ذلك"، شجعهم على السؤال عن طريقة تحقيق أهداف معينة، وبدلاً من الاستناد إلى انتقاد واحد سنوي متخلف عن أدائهم السابق، يمكن للمديرين الذين يعملون مع إدارة الأداء المستمر تحسين ثقافة التغذية الراجعة الصحية؛ وذلك من خلال إجراء محادثات التدريب المنتظمة.
تعني هذه المناقشات أنَّ موظفيك لديهم إرشادات منتظمة تجاه الأهداف المستقبلية، وأهداف التحسين، إذ تعدُّ إدارة الأداء المستمرة والسريعة؛ نهجاً يعطي الأولوية للتغذية الراجعة في الوقت الفعلي، والتواصل الشفاف، كما تعني أنَّه يمكن للموظفين التحسن أثناء مساعدة الشركة على تحقيق أهدافها التنظيمية.
أضف تعليقاً