أهمية الأسرة
إن الأسرة لها اثر ذاتي في التكوين النفسي في تقويم سلوك الفردي وبعث الحياة والطمأنينة في نفس الطفل، فمنها يتعلم اللغة ويكتسب بعض القيم، والاتجاهات، وقد ساهمت الأسرة في طريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس ولها يرجع الفضل في تعليم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب والأخلاق، كما هي السبب في حفظ كثير من الحرف والصناعات التي توارثها الأبناء عن آبائهم....
واجبات الأسرة
إن الأسرة مسئولة عن نشأة أطفالها نشأة سليمة متسمة بالاتزان والبعد عن الانحراف، وعليها واجبات ملزمة برعايتها هي:
أولا: أن تشيع في البيت الاستقرار، والود والطمأنينة وان تبعد عن جميع ألوان العنف والكراهية، والبغض فأن اغلب الأطفال المنحرفين الذين تعودوا على الأجرام في كبرهم، كان ناشئاً ذلك- على الأكثر من عدم الاستقرار العائلي الذي فنيت به الأسرة, يقول بعض المربين: (( نحن لو عدنا إلى مجتمعنا الذي نعيش فيه فزرنا السجون والشوارع ومستشفيات الأمراض العقلية. ثم دخلنا المدارس وأحصينا الراسبين من الطلاب، والمشاكسين منهم والمتطرفين في السياسة، والذاهبين إلى ابعد الحدود، ثم درسنا من نعرفهم من هؤلاء لوجدنا إن غالبيتهم حرموا من الاستقرار العائلي، ولم يجدوا معظمهم بيتا هادئا فيه أب يقسو عليهم، وأم لم تدرك معنى الشفقة، فلا تفرط في الدلال ولا تفرط في القسوة وفساد البيت أوجد هذه الحالة من الفوضى الاجتماعية، أوجد هذا الجيل الحائر الذي لا يعرف هدفا، ولا يعرف له مستقراً)) .
إن إشاعة الود والعطف بين الأبناء له اثر بالغ في تكوينهم تكوينا سليما، فإذا لم يرع الآباء ذلك فان أبنائهم يصابون بعقد نفسية تسبب لهم كثيرا من المشاكل في حياتهم ولا تثمر وسائل النصح والإرشاد التي يسدونها لأبنائهم ما لم تكن هناك مودة صادقة بين أفراد الأسرة، وقد ثبت في علم النفس أن اشد العقد خطورة، وأكثرها تمهيداً للاضطرابات الشخصية هي التي تتكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بوالديه كما إن تفاهم الأسرة وشيوع المودة فيما بينهم يساعد على نموه الفكري وازدهار شخصيته.
ثانياً : أن تشرف الأسرة على تربية أولادها وقد نص علماء الاجتماع على ضرورة ذلك وأكدوا أن الأسرة مسئولة عن عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعلم الطفل من خلالها خبرات الثقافة، وقواعدها في صورة تؤهله فيما بعد لمزيد من الاكتساب، وتمكنه من المشاركة التفاعلية مع غيرة من أعضاء المجتمع كما أكد علماء التربية على أهمية تعاهد الآباء لأبنائهم، بالعطف والحنان والحب عليهم والرأفة بهم حفظاً وصيانة لهم من الكآبة والقلق، وقد ذكرت مؤسسة اليونسكو في هيئة الأمم المتحدة تقريرا مهما عن المؤثرات التي تحدث للطفل من حرمانه من عطف أبويه جاء فيه :
((إن حرمان الطفل من أبية وقتيا كان أم دائما - تثير فيه كآبة وقلقا مقرونين بشعور الإثم والضغينة، ومزاجا عاتيا ومتمرداً، وخورا في النفس، وفقداً لحس العطف العائلي، فالأطفال المنكوبون من حرمانهم من آبائهم ينزعون إلى البحث في عالم الخيال عن شيء يستعيضون به عما فقدوه في عالم الحقيقة، وكثيرا ما يكونون في مخيلتهم صورة الأب مغوارا أو ألام من الحور.... وقد لوحظ في معاهد الأطفال انه كانت صحة الطفل البدنية، ونموه العضلي وضبط دوافعه الإرادية تتفتح وتزدهر بصورة متناسقة في تلك المعاهد، فان انفصاله عن والدية قد يؤدي من جهة أخرى إلى ظهور بعض المعايب كصعوبة النطق وتمكن العادات السيئة منة وصعوبة نمو حسه العاطفي))
إن أفضل طريقة لحفظ الأبناء مصاحبتهم ومراقبتهم، ويرى المربون المحدثون(أن أفضل ميراث يتركه الآباء إلى أبنائهم هو بضع دقائق من وقته كل يوم ) ويرى بعض علماء الاجتماع والباحثون في إجرام الأحداث ( أن أفضل السبل للقضاء على انحراف الأحداث هو أن تلقط الآباء الأطفال من الشوارع ليلا) وإذا قام الأب بواجبة من مراقبة أبنائه، ومصاحبتهم فأنه من دون شك يجد ابنة صورة جديدة منة فيها كل خصائصه، ومميزاته وانطباعاته وعلى الآباء أن يتركوا مجالس اللهو ويعكفوا على مراقبة أبنائهم حتى لا يدب فيهم التسيب، والانحلال.
ثالثاً : يرى بعض المربين إن من واجبات الآباء والأمهات تجاه أطفالهم هو تطبيق ما يلي:
يجب أن يتفق الأم والأب على معايير السلوك وان يؤيد كل منها الآخر فيما يتخذاه من قرارات نحو أولادهما.
ينبغي أن يكون وجود الأطفال مع الأب بعد عودته من العمل جزءاً من نظام حياته اليومي، فالأطفال الصغار يكونون بحاجة إلى الشعور بالانتماء، وهم يكسبون هذا الشعور من مساهمتهم في حياة الأسرة.
ينبغي أن يعلم الأطفال أن الأب يحتاج إلى بعض الوقت ليخلو منه إلى نفسه كي يقرأ أو يستريح أو يمارس هوايته.
تحتاج البنت إلى أب يجعلها تشعر بأنوثتها، وأنها من الخير أن تكون امرأة تتمتع بالفضيلة والعفاف.
يحتاج الأبناء إلى أب ذي رجولة وقوة على أن يكون في نفس الوقت عطوفاً حسن الإدراك فالأب المسرف في الصلابة والتزمت يدفع ابنه الارتماء في حضن أمه طالباً الحماية والى التقليد بأساليبها النسائية .
وظائف الأسرة
وللأسرة وظائف حيوية مسئولة عن رعايتها، والقيام بها وهذه بعضها:
أنها تنتج الأطفال وتمدهم بالبيئة الصالحة لتحقيق حاجاتهم البيولوجية والاجتماعية، وليست وظيفة الأسرة مقتصرة على إنتاج الأطفال فان الاقتصار عليها يمحو الفوارق الطبيعية بين الإنسان والحيوان.
إنها تعدهم للمشاركة في حياة المجتمع، والتعرف على قيمة، وعاداتهم.
إنها تمدهم بالوسائل التي تهيئ لهم تكوين ذواتهم داخل المجتمع.
مسؤوليتها عن توفير الاستقرار والحماية والأمن والحنو على أطفالهم مدة طفولتهم فأنها اقدر الهيئات في المجتمع على القيام بذلك لأنها تلقي الطفل في حال صغره ولا تستطيع مؤسسة عامة أن تسد مسد الأسرة في هذه الشؤون.
على الأسرة أن تقطع جزء كبير من واجب التربية الخلقية والوجدانية والدينية في جميع مراحل الطفولة... ففي الأمم التي تحارب مدارسها الرسمية الدين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كذلك الأمم التي تسير معاهدها على نظام الحياد في شؤون الدين والأخلاق كفرنسا وغيرها فيقع العبء الديني على الأسرة ... فبفضل الحياة الأسرة تتكون لدى الفرد الروح الدينية وسائر العواطف الأسرية التي تؤهله للحياة في المجتمع والبيت.
إن فترة الطفولة تحتاج إلى مزيد من العناية والإمداد بجميع الوسائل التي تؤدي إلى نموه الجسمي والنفسي، وان اغلب الآراء تقول بان الوظيفة الوحيدة للأسرة إمدادها للأبناء بالمال اللازم لهم، فأن هذا القول قد تجاهل العوامل النفسية المختلفة التي لابد منها لتكوين الفرد الإنساني كالحنان والعطف، والأمن والطمأنينة فأنها لازمة لنمو الطفل نفسي ويجب أن تتوفر له قبل كل شيء.
لقد أكد علماء النفس والتربية للأسرة اكبر اثر في تشكيل شخصية الطفل، وتتضح أهميتها، أما مبدأ البيولوجي الذي ينص على ازدياد قابلية للتشكيل وازدياد المطاوعة كلما كان الكائن صغيرا. بل يمكن تعميم هذا المبدأ على القدرات السيكولوجية في المستويات المتطورة المختلفة.
إن ما يواجهه الطفل من مؤثرات في سنة المبكرة يستند إلى الأسرة فأنها العامل الرئيسي في حياته، والمصدر الأول لخبراته، كما أنها المظهر الأصيل لاستقراره، وعلى هذا فان استقراره شخصية الطفل وارتقائه يعتمد كل الاعتماد على ما يسود الأسرة من علاقات مختلفة كماً ونوعاً..... إن اكتشافات علم التحليل إن قيم الأولاد الدينية والخلقية إنما تنمو في محيط العائلة.
الأسرة في الإسلام
لقد أقام الإسلام نظام الأسرة على أسس سليمة تتفق مع ضرورة الحياة وتتفق مع حاجات الناس واعتبر الغريزة العائلية من الغرائز الذاتية التي منحها الله للإنسان وقال الله تعالى ((وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)) فهذه الظاهرة التي فطر عليها الإنسان منذ بدء تكوينه من آيات الله ومن نعمة الكبرى على عباده.
وعلى أي حال فان نظام الأسرة الذي سنة الإسلام يقوم على أساس من الوعي والعمق لما تسعد به الأسرة ويؤدي إلى تماسكها وترابطها من الناحية الفسيولوجية، والنفسية، والاجتماعية، بحيث ينعم كل فرد منها، ويجد من ظلالها الرأفة والحنان والدعة والاستقرار.
اضطراب الأسرة
إذا ما منيت الأسرة بعدم الانسجام والاضطراب فان أفرادها يصابون بآلام نفسية، واضطرابات عصبية خصوصا الأطفال فإنهم يمنون بفقدان السلوك والانحراف، وقد أظهرت الدراسات والبحوث التربوية الحديثة إن من أهم الأسباب التي تؤدي إلي الانحراف هو اضطراب الأسرة وعدم استقرارها فتنشأ منة الأزمات التي تؤدي إلى انحرافهم لذا من اللازم الحفاظ على استقرار الأسرة، وإبعادها عن العوامل القلق والاضطراب حفظاً على الطفل، وصيانة له من الشذوذ والانحراف.
الأسرة في العصور الحديثة
مشكلة الأسرة في العصور الحديثة - مشكلة خطيرة جداً, فقد فقدت نتيجة التغيرات الاجتماعية كثيرا من وظائفها التي كانت تقوم بها من ذي قبل، فأدى ذلك إلى عرى الأسرة، وانهيار الروابط التي كانت تربطها فيما قبلن يقول بعض المربين
"الواقع إن من مخاطر المجتمع الحديث الرئيسية إن الدور الطبيعي الذي كانت تقوم به الأسرة يتضاءل نتيجة الاستيلاء المؤسسات الأخرى على كثير من مسؤولياتها وتخشى نتيجة التضاؤل أن تفقد الأسر الأثر الفعال الذي هو من أهم قوى الاستقرار في المجتمع".
وبهذا يختفي الخجل الذي يساور قلب الفتاة من جزاء النتائج التي هي في زماننا أهم عامل اقتصادي خلقي يعوق الفتاة من خلال استسلامها بحرية إلى الشخص الذي تحبه.
موقع الأسرة السعيدة
أضف تعليقاً