وأظهرَت جائحة كوفيد-19 الأخيرة كيف استخدمَ الناس هذه الوسائل للحصول على المعلومات، والإرشادات، وكل ما هو جديد حول الجائحة، وكيف تجلَّى دورها في نشر ثقافة الصحة، وتوعية الناس، وزيادة معرفتهم بكيفية الاعتناء بأنفسهم.
أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الثقافة الصحية
برزت منصات وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها أداةً لا غنى عنها في قطاع الرعاية الصحية، وأدت دوراً حاسماً في نشر المعلومات المتعلِّقة بالصحة، والأبحاث الطبية، والتعليم، والتواصل مع المرضى، والتطوير المهني. تستخدم نسبة كبيرة من المرضى وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن المعلومات الصحيِّة ومشاركتها، فاكتسبَت هذه المنصات مكانة بارزة في موضوعات صحية مختلفة، مثل اللقاحات والأدوية، والتدخين، والأمراض غير المعدية، والأوبئة، واضطرابات الأكل، والعلاجات الطبية .
كما تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دوراً هاماً في توعية الناس ونشر المعلومات الصحية، فهي توفر وسيلة سهلة وفعالة لنشر المعلومات والتوجيهات الصحية بسرعة مباشرة إلى عدد كبير من الأشخاص، كما أنَّها تحدِّث المعلومات باستمرار وتنشر الابتكارات الطبية والعلمية في مجال الصحة.
والجدير بالذكر أنه يمكن الوصول إلى مصادر موثوقة للمعلومات الصحية والنصائح الطبية على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال متابعة حسابات الخبراء والجهات الرسمية، كما يمكن مشاركة تجارب الأفراد وأسئلتهم حول الصحة مع الآخرين والاستفادة من تجاربهم.
إضافة إلى ذلك، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تحفِّز الناس على اتِّباع أسلوب حياة صحي، وممارسة الرياضة، وتناول الغذاء الصحي، من خلال نشر النصائح الغذائية والتمرينات الرياضية والحملات التوعوية المختلفة.
فوائد وسائل التواصل الاجتماعي في مجال الصحة
تعدُّ وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وتويتر، وإنستجرام، ويوتيوب، وغيرها من المنصات مواقع هامة لنقل المعلومات الطبية والنصائح الصحية بطريقة سهلة ومبسَّطة. يمكن للمستخدمين متابعة حسابات خبراء الصحة والمؤسسات الصحية والأطبَّاء للحصول على معلومات موثوقة ومحتوى قيِّم يساعدهم على تبنِّي عادات صحية أفضل. بالعموم يمكن القول، إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي قدَّمت لمجال الصحة ثلاث فوائد رئيسة هي:
1. التطبيقات الطبِّية
استفادت البحوث الطبية من التطبيقات المتعددة المتعلقة بالصحة التي تقدِّمها وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك التدخُّلات الصحية، والحملات الصحية، ومراقبة تفشِّي الأمراض.
2. التعليم الطبِّي
توسَّعَ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم الطبي بين المتخصِّصين في الرعاية الصحية ومؤسساتها. ويشير استخدام أجهزة الوسائط بين السكان الأصغر سناً إلى أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تؤدي دوراً حاسماً في تقديم التعليم الطبِّي لمتخصِّصي الرعاية الصحية في المستقبل. كما تتيح للمستخدمين إنشاء المحتوى ومشاركته، والانخراط في الشبكات الاجتماعية، والمشاركة في التعلم النشط، وتعزيز التأمل الذاتي.
3. التواصل والتعاون المهني
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً لا غنى عنه للتعليم الطبي، فهي توفِّر فرصاً فريدة للتطوير المهني، والتواصل، وتبادل المعرفة. برزَتْ في الآونة الأخيرة أيضاً إمكاناتها في تعليم التمريض، مع التأكيد على أهمية حماية خصوصية الطلاب وتوفير الإرشادات المناسبة لاستخدامها لضمان السلامة في بيئة التعلم.
شاهد بالفيديو: إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي
استراتيجيات لزيادة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير سلوك الناس تجاه الصحة
تتزايد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي يوماً بعد يوم، فأصبحت وسائل فعالة لنشر المعلومات والتأثير في الأفراد وتوجيههم نحو تغيير سلوكهم في مجالات مختلفة، بما في ذلك تحسين الصحة والعافية. ومع انتشار استخدامها بين الناس، بات بالإمكان الوصول إلى جمهور واسع وتوجيه رسائل تثقيفية حول أهمية تغيير السلوك تجاه الصحة.
أثبتَتْ الدراسات العلمية أنَّ الناس يميلون إلى التأثر بما يرونه ويقرأونه على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثمَّ فإنَّ استراتيجيات توجيههم تجاه السلوك الصحي، يمكن أن تكون فعالة ومؤثِّرة. فيما يأتي بعض الاستراتيجيات التي يمكن اتِّباعها لزيادة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير سلوك الناس تجاه الصحة:
1. إنشاء محتوى متنوع وجذاب
يجب أن يكون المحتوى الذي يُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي متنوِّعاً وجذَّاباً، وذلك باستخدام الصور، والفيديوهات، والقصص الشخصية لجذب انتباه الجمهور وتحفيزه على تغيير سلوكه تجاه الصحة.
2. تشجيع المشاركة والتفاعل
يمكن استخدام مسابقات، وتحديات، واستطلاعات رأي لزيادة مشاركة الجمهور وتفاعله مع المحتوى، ممَّا يعزِّز انتشار الرسالة وتأثيرها.
3. تقديم معلومات دقيقة وموثوقة
يجب أن تكون المعلومات التي تُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي دقيقة وموثوقة، لأن المعلومات غير الصحيحة تنشر الأفكار الخاطئة وتعكِّر صورة فعاليات تغيير السلوك تجاه الصحة. يمكن نشر مقالات، فيديوهات، ورسائل قصيرة تتضمَّن معلومات صحيَّة من مصادر موثوقة لزيادة الوعي الصحي لدى جمهور المتابعين.
4. التواصل المستمر
يجب أن يكون التواصل مع الجمهور مستمراً ومنتظماً، فيمكن أن يبني التفاعل المستمر علاقات قوية مع الجمهور وسلوكاً صحياً.
5. تعزيز الروابط مع المؤسسات الصحية
يمكن إبرام شراكات مع المؤسسات الصحية لنشر محتوى صحي متخصِّص وتقديم استشارات ونصائح صحيَّة للجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي. باختصار، يمكن استخدامها كوسيلة فعالة لتغيير سلوك الناس تجاه الصحة، شرط التزام الموثوقية والصدق في التعامل ونشر المعلومة.
التحديات التي قد تواجه التواصل الاجتماعي في نقل المعلومات الصحية
هناك الكثير من العوائق والتحديات التي تواجه وسائل التواصل الاجتماعي في نقل المعلومات الصحية ومن اهمها:
1. نشر المعلومات الخاطئة
قد تُنشَر معلومات غير دقيقة أو مضلِّلة على وسائل التواصل الاجتماعي، ممَّا قد يؤدي إلى انتشار الأخبار الكاذبة وزيادة الارتباك بين الناس.
2. تداول المعلومات بسرعة كبيرة
قد تنتشر المعلومات بسرعة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي دون التحقق من صحتها، ممَّا يزيد من انتشار الشائعات بكثرة.
3. عدم القدرة على التحقُّق من مصدر المعلومات
يصعب على الناس أحياناً التحقُّق من مصدر المعلومات التي يتلقَّونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ممَّا قد يؤدي إلى نقل معلومات غير دقيقة.
4. تأثير الرأي الشخصي
قد يؤثر الرأي الشخصي والمعتقدات الشخصية للأفراد في نقل المعلومات الصحية نقلاً غير دقيق، ممَّا يزيد من انتشار المعلومات الخاطئة.
5. تقليل الثقة في المعلومات الصحية
قد يُزيد تداول المعلومات غير الدقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي من عدم الثقة العامة في المعلومات الصحية، ممَّا يؤثر في قدرة الأفراد على اتخاذ القرارات الصحيحة.
أمثلة على حملات ناجحة في مجال نشر الثقافة الصحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
نظراً لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الثقافة الصحية بين المجتمع، استفادَت بعض الشركات من تلك الميِّزة وأعدَّت حملات ناجحة في ذلك، ومن أمثلتها:
1. حملة "تجاه لياقة أفضل"
أطلقتها "جنرال إلكتريك" للرعاية الصحية على منصة تويتر، والتي استهدفَتْ فيها مرضى السرطان من أجل التوعية للوقاية منه، واتِّباع نمط حياة صحي. لاقَت هذه الحملة رواجاً كبيراً في دول الشرق الأوسط.
كما نشرَت الحملة بوصفها نوعاً من المنافسة بين دول العالم التغريدة، وهذا ما فعله مستخدمو تويتر، فشملَت كل تغريدة وسم الحملة الخاص بكل البلد. تلقَّت الدولة الفائزة في نشر التغريدات الصحية مبلغ 20 ألف دولار سُلِّمت لجمعية الصليب أو الهلال الأحمر الذي يعمل في هذه الدولة.
2. حملة "لا للتدخين"
تطلقها منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي للتدخين. تهدف هذه الحملات إلى توعية الناس عن مخاطر التدخين على الصحة عبر توزيع معلومات وإحصائيات عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر.
في الختام
يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الحملات الإعلامية الصحية وتوعية الجمهور بأهمية الكشف المبكِّر عن الأمراض والتوجيهات الطبية السليمة. ويمكن للمؤسسات الصحية والجهات المعنيَّة بالصحة الاستفادة من هذه الوسائل في التواصل مع الجمهور ونشر المعلومات الهامة بسرعة وفاعلية.
كما تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الطريقة دوراً حيوياً في نشر الثقافة الصحية وتوعية الناس بأهمية الحفاظ على صحتهم واتباع نمط حياة صحي.
من الهام أن يستغل الأفراد هذه الوسائل بإيجابية ومسؤولية من خلال متابعة المصادر الموثوقة والتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها أو تبنِّيها. يتشكل الوعي الصحي من خلال التثقيف والتوعية المستمرة، وهنا تكمن قوة وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الثقافة والتوعية الصحية.
أضف تعليقاً