يعد الذكاء العاطفي ضرورة متزايدة في مكان العمل. فقد أفاد أحد الاستطلاعات التي أجرتها CareerBuilder أن 71% من أصحاب العمل يقدرون الذكاء العاطفي لدى الموظف على معدل الذكاء، في حين أن 75% من المرجح أن يقوموا بترقية الموظف ذي الذكاء العاطفي الأعلى على حساب شخص يتمتع بمعدل ذكاء أعلى.
ما يخبرنا به هذا هو أن هناك أهمية متزايدة يتم وضعها على مهارات التعامل مع الآخرين. في هذا المقال سوف نتناول دور الذكاء العاطفي في مقابلات العمل وكيفية توظيفه للحصول على وظيفة الأحلام.
ما هو الذكاء العاطفي؟
يمكن تعريف الذكاء العاطفي في جزأين رئيسيين:
- الأول، هو القدرة على التعرف على عواطفك وفهمها وإدارتها.
- الثاني، هو القدرة على التعرف على مشاعر الآخرين وفهمها والتأثير عليها.
ويتضمن الذكاء العاطفي مجموعة من المهارات بما في ذلك التحفيز الذاتي، والتعاطف، والكفاءة الاجتماعية في العلاقات بين الأشخاص، والسيطرة على دوافع الفرد.
بشكل عام، الذكاء العاطفي يدور حول فهم نفسك والأشخاص من حولك، وهو ليس بشيء يتم تدريسه رسميًّا، بل أحد المهارات التي يجب على الفرد تنميتها واكتسابها اعتماداً على تطوير نفسه وقدرته عل التعامل مع مختلف المواقف التي يتعرض لها.
ما هي العناصر الأساسية للذكاء العاطفي؟
فيما يلي نستعرض العناصر الأربعة الأساسية للذكاء الاصطناعي:
1. الوعي الذاتي
التعرف على مشاعرك وفهمها. ما مدى معرفتك لنفسك؟ هل أنت على دراية بمحفزاتك وأنماطك العاطفية؟
2. التنظيم الذاتي
إدارة عواطفك والتحكم فيها بشكل فعال. هل يمكنك البقاء هادئًا تحت الضغط؟ كيف تتعامل مع التوتر أو الإحباط؟
3. التعاطف
فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معها. هل أنت متفهم لمشاعر المرشحين؟ هل يمكنك أن تضع نفسك مكانهم؟
4. المهارات الاجتماعية
بناء العلاقات الإيجابية والتواصل الفعال. ما مدى تواصلك مع الآخرين؟ هل يمكنك تكييف أسلوب الاتصال الخاص بك؟
ما أهمية الذكاء العاطفي في حياتك المهنية؟
تعد مهارات التعامل مع الآخرين ضرورية للنجاح في مكان العمل، ويتم تحديدها من خلال الذكاء العاطفي الخاص بك، والأهم من ذلك أنها تؤثر على طريقة عملك مع من حولك. على سبيل المثال، تعمل سمات مثل التعاطف والوعي الذاتي على تحسين قدرتك على التعاون وحل النزاعات والتعامل مع الضغط بشكل مباشر.
يعتبر الذكاء العاطفي أساسياً في الحياة المهنية لعدة أسباب، منها:
1. التواصل الفعال
القدرة على فهم وتواصل مع الآخرين بشكل فعال تعزز العلاقات العملية وتزيد من إنتاجية العمل والتعاون بين الفرق.
2. اتخاذ القرارات الصائبة
القدرة على فهم مشاعر الآخرين وتحليل الوضع بشكل شامل يسهل اتخاذ القرارات الصائبة التي تخدم مصلحة العمل.
3. إدارة الضغوط
القدرة على التحكم بالمشاعر والتفاعل مع الضغوط والتوترات في بيئة العمل بشكل صحيح يسهم في تعزيز الأداء الوظيفي.
4. التفاعل مع الزملاء
الذكاء العاطفي يمكن أن يساعد على التفاعل بشكل إيجابي مع الزملاء وبناء علاقات مهنية مستدامة.
5. القيادة الناجحة
القادة الناجحون هم الذين يمتلكون مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي، حيث يتمتعون بالقدرة على إلهام وتحفيز الآخرين وتوجيههم نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
كيفية إظهار الذكاء العاطفي في مقابلة العمل
في الحقيقة، لا يوجد اختبار موضوعي يمكنك اجتيازه لتظهر لمدير التوظيف أثناء عملية التوظيف أن لديك الذكاء العاطفي اللازم لتكون إضافة فعالة لفريقه. لذلك، عليك إثبات ذلك طوال مقابلتك من خلال ردودك وتفاعلاتك. تظهر الدراسات بشكل قاطع أن المهارات التقنية ليست هي المحور الوحيد للمقابلة.
بل يعد الذكاء العاطفي، أي القدرة على فهم وإدارة عواطفك وعواطف الأشخاص من حولك، أحد أهم السمات التي يبحث عنها أصحاب العمل الجيدون. قد تتساءل: كيف يمكنني نقل هذه الصفات المجردة خلال المقابلة؟ فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها القيام بذلك:
1. الاستماع بتركيز
في مقابلة العمل، انتبه إلى الإشارات اللفظية وغير اللفظية أثناء المقابلات. في مقابلة العمل، عليك أن تبدأ بالاستماع النشط. وهذا يعني القيام بما هو أكثر من مجرد الانتظار حتى ينتهي القائم بالمقابلة من التحدث قبل أن تتعمق في إجابتك المخططة مسبقاً لسؤال "ما هي أعظم نقاط قوتك؟"
في الواقع، الكثير من المتقدمين إلى المقابلة سوف يقفزون بتفكيرهم حول استنتاجات ما يريدون سماعه منك. بدلاً من ذلك، عندما يتحدث الشخص الذي يجري معك المقابلة أو يطرح عليك سؤالاً، خذ وقتاً واستمع حقّاً إلى ما يقوله وقم بالرد عليه فقط. ضع في اعتبارك أن كل كلمة يقولونها لك لا تقل أهمية عن ما ستقوله لهم.
2. عبر عن مشاعرك بصدق وذكاء
عليك إظهار التفاهم والتعاطف مع من يجرون المقابلة معك. كن مهتمّاً بما يقوله المقابلون لك وحاول التفاعل بشكل إيجابي ومباشر، وأظهر شغفك المهني وأهمية حصولك على الوظيفة وما تحلم بتحقيقه فيها.
3. تحدث عن أخطائك وما تعلمته منها بشفافية
قد تبدو فكرة إثارة إعجاب لجنة الموارد البشرية التي تجري المقابلة معك فكرة جيدة للكثيرين، فهذا هو الوقت المثالي للتباهي بالإنجازات. لكن، هل تعلم أن القدرة على الاعتراف بالأخطاء والتعلم منها يعد مؤشراً قويّاً على ارتفاع معدل الذكاء العاطفي عندك.
لذلك، لا تخجل من الإجابة على أسئلة من قبيل: "ما هي أكبر نقاط ضعفك؟ أخبرني عن الوقت الذي واجهت فيه الفشل." تحدث بصراحة عن أوجه القصور في ماضيك المهني ثم أضف الجانب الإيجابي: ما تعلمته وكيف قمت بتطبيق الدرس منذ ذلك الحين.
4. التعامل مع النقد بإيجابية
يظهر المرشحون الذين يتلقون النقد بشكل إيجابي النضج العاطفي والالتزام بالتنمية الشخصية والمهنية. غالباً ما يتم اختبار ذلك من خلال نسخة من السؤال: "أخبرني عن المرة التي تلقيت فيها تعليقات قاسية من رئيسك في العمل". ترى ماذا سيكون ردًّك؟ بالطبع، عليك أن تصف خيبة أملك، ولكن بالمقابل أظهر استعدادك لتقبل النقد بشكل بناء والعمل على تحسين نفسك وكيفية تطوير مهاراتك العاطفية والنفسية.
5. اتبع التواصل غير اللفظي
حافظ على تواصل غير لفظي مع المقابلين من خلال التعبير عن مشاعرك وانطباعاتك بشكل غير لفظي، مثل التبسم وتبادل الابتسامات.
6. التحكم في العواطف والتواصل بفعالية
كونك ذكيّاً عاطفيّاً يعني أن تكون قادراً على التحكم في عواطفك وتعبيرها بشكل مناسب خلال المقابلة. أيضاً، عليك أن تكون واضحاً ومباشراً في تواصلك مع المقابلين وحاول التعبير عن أفكارك ومشاعرك بشكل جيد ومفهوم.
شاهد بالفيديو: 12 نصيحة من أجل مقابلات العمل
عينة من أسئلة مقابلة الذكاء العاطفي
- ما الذي يحفزك في العمل؟ ابحث عن الشغف الحقيقي والمواءمة مع مهمة المنظمة. يميل المرشحون الذين يجدون الدافع الأساسي إلى التفوق.
- صف وقتًا كان عليك فيه إدارة عضو صعب في الفريق. كيف تعاملت مع الأمر؟ تقييم قدرتهم على التغلب على التحديات الشخصية.
- كيف تتعامل مع حالات التوتر أو الضغط المرتفع؟ ابحث عن التنظيم الذاتي واستراتيجيات المواجهة.
- أخبرني عن الوقت الذي نجحت فيه في حل النزاع بين الزملاء. تقييم تعاطفهم ومهارات حل المشكلات.
- قم بوصف الموقف الذي كان عليك فيه إدارة عبء العمل الثقيل والمواعيد النهائية المستعجلة. كيف بقيت منظّماً وحافظت على سلوك إيجابي؟ في هذا السؤال يمكنك التحدث عن مهارة إدارة الوقت لديك.
- أخبرني عن الوقت الذي كان عليك فيه التعامل مع عميل متطلب وصعب الطلبات. كيف تعاملت مع الموقف وكيف كانت النتيجة؟ يقيم هذا السؤال قدرتك على إدارة العواطف في الأدوار التي تواجه العملاء.
- شارك بمثال محدد لمشروع أو موقف كان عليك فيه التكيف مع التغيرات والحوادث الطارئة. كيف كان فعلك وكيف أثر على نتيجة الحدث؟ يقيم هذا السؤال قدرتك على التكيف والمرونة في مواجهة التحديات وسرعة البديهة في التعامل مع المواقف غير المتوقعة.
هيكل نموذجي لكيفية الإجابة على أسئلة مقابلات العمل
العينة السابقة وغيرها الكثير من الأسئلة التي تقيس ذكائك العاطفي سوف تواجهها في مقابلات العمل القادمة والمحتملة الحدوث لاحقاً، ترى هل قمت بالاستعداد لها؟ يمكنك تجربة المقترحات التالية لتحسين قدرتك على الإجابة بما يعكس جو إيجابي بينك وبين HR الذي يجري معك المقابلة:
- قم بضبط الإجابة من خلال شرح الموقف والنتيجة بشكل مختصر وواضح.
- اشرح التحدي، وعملية تفكيرك في التعامل معه، والنتيجة النهائية التي خلصت إليها.
- اشرح تأثير التحديات على العمل وكيفية مواجهتها بفعالية.
- تحدث عما تعلمته من التجربة والدرس الذي تحمله منها، هذا الأمر سوف يعكس قدرتك على التأمل الذاتي والرغبة القوية والمستمرة في تحسين نفسك.
في الختام
يعتبر الذكاء العاطفي عنصراً أساسياً في نجاح المقابلات الشخصية وفي بناء علاقات إيجابية مع الآخرين، إذا كنت ترغب في إظهار ذكاءك العاطفي في المقابلة، فعليك أن تكون قادراً على فهم مشاعرك ومشاعر الآخرين، وأن تتحلى بالتواصل الفعال والتعاطف، كما يجب عليك أيضاً الاهتمام بتنمية قدراتك في إدارة الضغوط وفي حل المشاكل بطريقة هادئة ومنطقية.
بالتأكيد، إذا استطعت التوازن بين العقل والقلب خلال المقابلة، ستكون قادراً على إظهار جوانبك الإنسانية والذكية بشكل متوازن ومميز. لذا، في المرة القادمة حين تهتم بمراجعة أدواتك التقنية وشهاداتك التي تثبت خبرتك في العمل، لا تنسى أن تمارس الذكاء العاطفي وتطبقه في كل موقف تجد نفسك فيه، وستجد نجاحاً وإنجازاً في حياتك المهنية والشخصية.
أضف تعليقاً