ما هو التحول الرقمي؟
التحول الرقمي هو دمجُ التقنيات الرقمية في جميع جوانب الأعمال، وهذا يؤدِّي إلى تغييرات جوهرية في كيفية عمل الشركات وتقديم القيمة للعملاء، وتشمل هذه التقنيات، الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، إضافة إلى تعزيز تجارب العملاء وتبسيط العمليات وزيادة الكفاءة.
إنَّ عملية التحول الرقمي تتضمَّن تغيير الثقافة التنظيمية والعقلية في عالم الأعمال، وذلك من أجل التكيُّف مع المشهد الرقمي المتسارع يوماً بعد آخر، واحتضان فكر الإبداع والابتكار في عملية نمو الشركات واستدامة أعمالها في السوق المتغير.
أهمية التحول الرقمي في نمو الأعمال:
مع انتقالنا الحثيث نحو تبنِّي التكنولوجيا في معظم مجالات حياتنا، كان لزاماً على الشركات أن تتَّخذ خطوات جدِّية لمواكبة التطور التكنولوجي، وتبنِّي ثقافة تطوير وتحويل البنية المادية لها إلى بنية رقمية في مجمل أعمالها، تستطيع من خلالها التنافس بقوة في سوق الأعمال، وتلبية رغبات العملاء تلبيةً أكثر تماشياً مع روح العصر.
يساهم التحول الرقمي، في تحسين الاتصالات داخل الشركات وخارجها، فيمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية في تحسين عملية التواصل مع العملاء، إضافة إلى ذلك، يمكن للتحول الرقمي أن يساهم في فتح أسواق جديدة للشركات، ويمكن للشركات استخدام الإنترنت والتسويق الرقمي للوصول إلى عملاء جدد وتوسيع قاعدة عملائها.
جوانب يجب أن تشملها عملية التحول الرقمي:
في عملية التخطيط للولوج إلى عالم التحول الرقمي، يجب على الشركات أن تلتزم بثلاث جوانب لها الأهمية الكبيرة في نجاح عملية رقمنة الأعمال، وهي:
1. أتمتة العمليات:
هذا يعني تبنِّي إطار عمل تكنولوجي يدعم العمليات المتَّصلة بالتغيير في هيكلة الأعمال التي تقوم بها الشركات، مثل: التحكُّم في إدارة تدفُّق الأعمال، ومثالاً على ذلك، إدارة سلسلة التوريدات وتبسيط عمليات الإنتاج.
2. تحويل نمذجة الأعمال:
تعني عملية نمذجة الأعمال تصميم وتنظيم النشاطات والعمليات الرئيسة للشركة أو للمؤسسة، بهدف تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية، فيعدُّ نموذج الأعمال أداة استراتيجية هامة لتحقيق التنمية والنجاح في السوق، وهنا تبرز أهمية تبنِّي الشركات لفلسفة التحول الرقمي في تغيير نماذج الأعمال التقليدية إلى نماذج أكثر تطوراً تعتمد على التكنولوجيا في تنظيم وتصميم نشاطاتها وتدفقات العمل والعمليات المتعلقة، مثل الاعتماد على الحوسبة السحابية.
3. التحول التنظيمي والثقافي:
إنَّ أية عملية تحوُّلٍ لا تتزامن مع ثقافة وقِيَم الشركة، لا يعوَّل عليها وينبغي التدرُّج في تبنِّي التكنولوجيا الرقمية في الشركات، واعتماد خطة تحول قائمة على أسس صحيحة.
إنَّ أي تراجع أو تشاؤم من التقنيات الرقمية وقدرتها على المنافسة وتعزيز قيمة العلامة التجارية للشركة، سيؤدي إلى بطء في عملية التحول وربَّما فشل في حال فقدان الإيمان بقدرة توظيف الرقمنة في تنمية الأعمال.
مزايا عملية التحول الرقمي في نمو الأعمال:
كيف يمكن للتقنيات الرقمية أن تعمل على توسيع الأعمال التجارية؟ هنا سوف نتعمَّق في ست طرائق يمكن للتحول الرقمي من خلالها مساعدة الشركات على دفع عجلة النمو، وهي:
1. تبسيط العمليات وزيادة الكفاءة:
يمكن للتحول الرقمي من خلال أتمتة العمليات والمهام أن تقوم بدور ممتاز في تبسيط العمليات وزيادة الكفاءة، وإحدى أهم فوائد أتمتة العمليات إلغاء التدخُّل البشري، هذا بدروه يقلِّل الأخطاء ويوفر الوقت والجهد، وإنَّ عملية رقمنة البيانات ومركزيتها، تسمح باتخاذ قرارات أكثر ملاءمة، وإنَّ هذه العملية المعتمدة في أساسها على الأدوات والتقنيات الرقمية، يمكنها أن تحسِّن من سرعة الاستجابة لتغيُّرات السوق والتكيُّف معها.
على سبيل المثال، استخدام أتمتة العمليات الآلية (RPA) لأتمتة المهام المتكررة مثل إدخال البيانات، وسيسمح للموظفين بالتركيز على النشاطات ذات القيمة الأعلى، وتحرير أنفسهم من الملل من المهام المتكررة، واحتضان الإبداع، وهذا التحول جزء لا يتجزأ من نمو الأعمال.
2. تحسين تجربة العملاء:
لقد ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحصول على تحليلات البيانات التي تفيد في تحديد ما يفضِّله العملاء، وهذه العملية تساعد المدراء على الحصول على رؤى ثاقبة عن سلوك المستهلك، وهذا يساعد على رسم وتبنِّي خطط العروض والإنتاج بما يناسب العملاء، وأيضاً التقنيات والتطبيقات الرقمية لها دور كبير في تحسين عملية التواصل مع العملاء والاستجابة لطلباتهم استجابةً سلسةً بعيداً عن التعقيدات وبوقت أقل.
من أمثلة هذه التطبيقات، برامج الدردشة الآلية والبوتات المستخدمة للرد السريع، وجميع التطبيقات المماثلة، ولأنَّ التقنيات الرقمية تمكِّن الشركات من جمع التعليقات والمراجعات من العملاء جمعاً فورياً، فهي قادرة على تحسين منتجاتها وخدماتها تحسيناً مستمراً، وهذا يؤدي إلى نمو كبير في الأعمال التجارية.
شاهد بالفيديو: 5 مهارات مهمة في التسويق الرقمي
3. اتخاذ القرارات بفعالية:
الوصول السريع إلى المعلومات والقدرة على تحليل البيانات الواردة تحليلاً أكثر صحة وكفاءة، يمكن أن يعزِّز عمليات صنع القرار، وإنَّ استخدام التحليلات التنبؤية اعتماداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكِّننا من معرفة الفرص والتهديدات وتحديد المخاطر تحديداً أكثر دقة، وكل هذا، يمكِّن الشركات من التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية وإجراء تغييرات استباقية على استراتيجياتها، لتجنُّب الخروج من حلبة المنافسة في سوق الأعمال.
4. النمو والتوسع:
يسمح التحول الرقمي المبني على أسس سليمة، بمعرفة اتجاهات السوق معرفةً أكثر كفاءة من الطرائق التقليدية، فيمكنها باستخدام التقنيات الرقمية وتحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي اكتشاف أسواق جديدة، وأيضاً باستخدام المنصات والأدوات الرقمية يمكن استهداف العملاء على نطاق أوسع، ومن ثم اكتشاف الفرص وزيادة الحصة السوقية وتوسيع نطاق العمليات.
على سبيل المثال، قدَّمت منصات التجارة الإلكترونية خدمة كبيرة للشركات، فقد أتاحت لهم الدخول إلى أسواق عالمية، متجاوزة بذلك تحديات الحواجز والحدود بين الدول، هذا بدوره يعمل على زيادة نمو الأعمال.
5. الميزة التنافسية والابتكار:
يفيد التحول الرقمي بتعزيز القدرة على الابتكار والتكيف مع احتياجات السوق وتفضيلات العملاء المتغيرة باستمرار، وتثبت الدراسات أنَّ الشركات التي تتبنَّى فلسفة التحول الرقمي في مجمل أعمالها، تكون قادرة على الإبداع في الأعمال إبداعاً أسرع من منافسيها في السوق، وأتمتة تدفُّق الأعمال، ومركزية البيانات والسرعة في وصول الموظفين إليها والقدرة على تحليل سلوك العملاء واتجاهات نمو الأسواق، يساهم إسهاماً كبيراً في تحسين عملية إطلاق المنتجات وتوفير الوقت والجهد، وهذا يسمح للشركات بالبقاء في صدارة المنافسة والحفاظ على ميزة تنافسية في بيئة متطلبة ومتغيرة تغييراً لا يُصدَّق.
6. خفض التكاليف وتحسين العملية التشغيلية:
عقود من التعاملات اليدوية والورقية، أورثتنا بيئة عمل شديدة التباطؤ، وتأتي عملية التحول الرقمي لنسف هذه العقلية التقليدية التي أثبتت فشلها في عالم الأعمال المتغيِّر اليوم، وتطبيق التقنيات الرقمية مثل الأتمتة والحوسبة السحابية، يمكِّن الشركات من تبسيط عملياتها وتقليل الحاجة إلى العمل اليدوي، وهذا لا يوفر الوقت والموارد فحسب، بل يقلِّل أيضاً من مخاطر الأخطاء والتأخير التي تصاحب عادةً الإدخال اليدوي الذي يقوم به الموظفون.
إضافة إلى ذلك، يتيح التحول الرقمي تحليل البيانات في الوقت الفعلي واتخاذ القرار اتِّخاذاً أكثر كفاءة، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي استخدام التقنيات الرقمية وتحسين إدارة سلسلة التوريد، إلى توفير كبير في التكاليف وزيادة الكفاءة وفاعلية عمليات الإنتاج بأقل وقت.
أمثلة عن التحول الرقمي:
نسوِّق فيما يأتي بعض النماذج التي يمكن من خلالها فهم عملية التحول إلى التقنيات الرقمية:
1. شركة أمازون:
هنا مثال عن التحول الرقمي في عالم الأعمال، بدأت بوصفها شركة تجارة إلكترونية صغيرة، وتطوَّرت بسرعة إلى إحدى أكبر الشركات التكنولوجية في العالم، بفضل التكنولوجيا الحديثة والابتكارات التقنية التي تبنَّتها في تسويق أعمالها والدخول إلى أسواق العالم من أوسع أبواب الرقمنة والتطور التكنولوجي.
2. شركة أوبر:
حوَّلت صناعة النقل والتوصيل، من خلال تطبيقها الذكي الذي يجمع بين التكنولوجيا والخدمات اللوجستية، وبفضل عملية التحول الرقمي والنهضة الحقيقية في تغيير فلسفتها التقليدية، استطاعت توسيع نطاق عملها والوصول إلى عدد أكبر من العملاء حول العالم.
3. قطاع التصنيع:
شهد قطاع التصنيع، تحولاً رقمياً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، فأُدخِلَت تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف، وهذا التحول ساهم في رفع زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات، وهذا أدى إلى نمو الشركات وتوسيع نطاق أعمالها.
4. سلسلة التوريد:
يقود التحول الرقمي في سلاسل التوريد والتصنيع المستند إلى الشبكة السحابية باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلى توفير الوقت وتوخِّي الدقة والسرعة في إنجاز الطلبات، بدءاً من المواد الخام، وصولاً إلى المنتج النهائي وتلبية رغبات العملاء بمرونة عالية.
في الختام:
على الرغم من التحول الرقمي في عالم الأعمال يمكن أن يكون تحدٍّ للشركات القديمة التقليدية التفكير والاستراتيجيات، إلَّا أنَّه يمثِّل أيضاً فرصة كبيرة للابتكار وتطوير الأعمال، إذ يمكن للشركات الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتطوير منتجات جديدة وخدمات مبتكرة تلبِّي احتياجات السوق، وباختصارٍ، يُمثِّل التحول الرقمي عاملاً حاسماً في نمو الأعمال ورفع كفاءتها، ويجب على كل شركة أن تتبنَّى استراتيجية تحول رقمي تساعدها على البقاء أكثر تنافسية وتكيفاً مع تطلعات السوق المتغيرة.
أضف تعليقاً