لماذا النوم مهم؟
النوم هو حالة سلوكية عصبية معقدة تنطوي على تغيرات واسعة النطاق في الدماغ وعلم وظائف الأعضاء الجهازي. يتم تنظيم عمق النوم ومدته واستمراريته وتوقيته من خلال تفاعل عملية التماثل الاستتبابي (انعكاس اليقظة المتراكمة)، والنظام اليومي (إيقاع داخلي ومستدام ذاتيّاً على مدار 24 ساعة يؤثر تقريباً على جميع الأنسجة والأعضاء والأنظمة الفسيولوجية، بما في ذلك تلك التي تحكم وظائف القلب، والمناعة، والعصبية، والغدد الصماء، والعقلية).ال
لقد بحثت عقود من الأبحاث في سبب نومنا. اليوم، نحن نعلم أن النوم أمر بالغ الأهمية للعديد من الوظائف البيولوجية التي تعمل على تحسين التكيف والأداء في جميع أنحاء الجسم، من الجينات إلى السلوك. علاوة على ذلك، تؤثر العوامل البيئية والاجتماعية على النوم، ويمكن أن تؤثر، جنباً إلى جنب مع العوامل البيولوجية، على أبعاد متعددة للنوم.
دور النوم في تعزيز الصحة العامة
لا يتقبل رتم الحياة العصرية في العديد من البلدان ضرورة الحصول على قسط كافٍ من النوم. ومع ذلك، من المهم أن يبذل الناس جهداً للحصول على قسط كافٍ من النوم بانتظام. فيما يلي بعض الفوائد العديدة التي يربطها المتخصصون في مجال الصحة بالحصول على قسط جيد من الراحة ليلاً.
1. تعزيز كفاءة الذاكرة
بحسب دراسة أجريت عام 2017 في العواقب الصحية قصيرة وطويلة الأمد لاضطراب النوم، لاحظ الباحثون أن النوم يرتبط بالعديد من وظائف المخ، بما في ذلك: الذاكرة، فقد يؤثر اضطراب النوم على معالجة الذاكرة وتكوينها.
2. أداء وظائف أجهزة الجسم
يتأثر أداء الأشخاص في العمل والمدرسة وغيرها من الأماكن باضطراب النوم، ويشمل ذلك التركيز والتفاعل العاطفي واتخاذ القرار وإطلاق الأحكام والمحاكمة العقلية الصحيحة.
3. انخفاض خطر زيادة الوزن
إنّ الارتباط بين زيادة الوزن والسمنة وأنماط النوم القصيرة غير واضح حتى اليوم، فالعديد من الدراسات على مرِّ السنين ربطت بين السمنة وأنماط النوم السيئة.
في دراسة أجريت عام 2018 أشارت، إلى أن الأشخاص الذين ينامون بانتظام أقل من سبع ساعات في الليلة هم أكثر عرضة للإصابة بمؤشر كتلة الجسم (BMI) المرتفع والإصابة بالسمنة من أولئك الذين ينامون عدد ساعات أكثر.
اقترح الباحثون أن الحرمان من النوم مرتبط بمستويات أعلى من هرمون الجوع (هرمون الجوع) واحتباس الملح والعلامات الالتهابية. كما لاحظوا أن قلة النوم تؤدي إلى زيادة التعب، مما قد يؤثر على رغبة الشخص أو قدرته على ممارسة الرياضة والحفاظ على نمط حياة صحي لتخفيف الوزن.
من جهة أخرى، وجدت تجربة سريرية أجريت عام 2022 أن البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن والذين زادوا من مدة نومهم تناولوا سعرات حرارية أقل مقارنة بمن ينام أقل ففي الوقت الذي زاد البالغون من نومهم بمقدار 1.2 ساعة في المتوسط، تناولوا حوالي 270 سعرة حرارية أقل ممن لا يحصلون على نفس عدد ساعات النوم. هنا يتضح أن التحسين والحفاظ على مدة نوم صحية يمكن أن يساعد في إنقاص الوزن والوقاية من السمنة.
4. أداء رياضي أفضل
يعد أخذ قسط كافي من النوم مهم جدّاً للرياضيين والأشخاص الذين يشاركون في الرياضة لأن معظم مشاكل الجسم الناجمة عن الإجهادات اليومي تشفى خلال مراحل النوم.
من المتعارف عليه، أن البالغين يحتاجون من 7 إلى 9 ساعات من النوم ليلاً لأداء وظائفهم الحيوية بكفاءة، لكن الدراسات الحديثة أشارت إلى أن الرياضيين قد يحتاجون إلى المزيد من ساعات النوم. في حين، تشمل فوائد النوم الأخرى للرياضيين:
- قدرة تحمل أفضل.
- المزيد من الطاقة.
- دقة ووقت رد فعل أفضل.
- سرعة أسرع.
- أداء عقلي أفضل.
شاهد بالفيديو: 12 حقيقة عن قلة النوم.. هكذا يقودك السهر إلى الهلاك!
5. انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب
يعتبر أحد عوامل الخطر لأمراض القلب هو ارتفاع ضغط الدم. لذا، فإن الحصول على قسط كافٍ من الراحة كل ليلة يسمح لضغط الدم في الجسم بتنظيم نفسه.
أيضاً من تأثيرات جودة النوم أنه يقلل من فرص الإصابة بحالات مرتبطة بالنوم مثل انقطاع النفس ويعزز صحة القلب بشكل عام.
6. تقوية الذكاء العاطفي والاجتماعي
من المرجح أن يواجه الشخص الذي لا يحصل على قسط كافٍ من النوم مشاكل في التعامل بحكمة مع مشاعر الآخرين والتواصل الجيد معهم وإدارة العلاقات الاجتماعية.
على سبيل المثال، بحثت دراسة أجريت عام 2022 في العلاقة بين جودة النوم ومدته والذكاء العاطفي، حيث طُلب من 477 مشاركاً إكمال استبيانات حول عادات النوم والذكاء العاطفي.
أثبتت الدراسة أن الأشخاص الذين يختبرون بشكل روتيني نوماً عالي الجودة إلى إدراك أنفسهم على أنهم يتمتعون بذكاء عاطفي أفضل، مثل الأداء الجيد في التفاعلات الاجتماعية والحفاظ على العلاقات والشعور بالإيجابية والتحكم في الدوافع والأفعال.
7. محاربة هجمات الاكتئاب
توصلت دراسة تحليلية أجريت عام 2016 إلى أن الأرق يرتبط بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، وتشير الدراسة إلى أن قلة النوم قد تؤدي إلى تغييرات معرفية تؤدي إلى خطر الإصابة بالاكتئاب.
وقد يؤدي اضطراب النوم أيضاً إلى إضعاف التنظيم العاطفي والاستقرار، فضلاً عن تغيير العمليات العصبية، والتي قد تؤدي جميعها إلى ظهور أعراض الاكتئاب.
8. الجهاز المناعي والالتهابات والسرطان
يساعد النوم الجسم على الإصلاح والتجديد والتعافي وهذا هو بالضبط الغاية من النوم "استعادة الحيوية والنشاط"، تشير الأبحاث إلى أن النوم العميق ضروري للجسم لإصلاح نفسه وتعزيز جهاز المناعة.
من جهة أخرى، ولم لجهاز المناعة من دور مهم في مكافحة السرطان، يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى ضعف الاستجابة المناعية التي قد تؤدي إلى زيادة تطور السرطان أو الوفيات.
في دراسة أخرى أجريت عام 2019 جاءت النتائج إيجابية فيما يخص الارتباط بين عدم انتظام ساعات النوم وبين ارتفاع احتمال الإصابة بالالتهابات الحادة خصوصا لدى النساء.
ما هو عدد ساعات النوم الكافية لأجسامنا؟
نحتاج جميعاً إلى التأكد من حصولنا على القدر المناسب من النوم الجيد الكافي. لكن، لا يوجد قدر محدد من النوم مناسب للجميع؛ فقد يحتاج بعض الناس إلى نوم أكثر من غيرهم. يتم التحكم في قدرتنا على النوم من خلال مدى شعورنا بالنعاس ونمط نومنا.
يرتبط نمط النوم بانتظام وتوقيت عادات النوم لدينا؛ إذا اتبعنا نمطاً معيناً من النوم في أوقات محددة، فسنكون قادرين على إنشاء روتين أفضل، إليك عدد ساعات النوم الكافية لجميع المراحل العمرية وفقا لـ CDC Trusted Source:
- الأطفال حديثو الولادة (0-3 أشهر): 14-17 ساعة.
- الرضع (4-12 شهرًا): 12-16 ساعة.
- الأطفال الصغار (1-2 سنة): 11-14 ساعة.
- ما قبل المدرسة (3-5 سنوات): 10-13 ساعة.
- سن المدرسة (6-12 سنة): 9-12 ساعة.
- المراهقون (13-18 سنة): 8-10 ساعات.
- البالغون (18-60 سنة): 7 ساعات أو أكثر.
- البالغون (61-64 سنة): 7-9 ساعات.
- البالغون (65 سنة أو أكثر): 7-8 ساعات.
نصائح لتحسين جودة النوم
يتطلب النوم الصحي مدة نوم كافية، وتوقيت مناسب، وانتظام، وغياب اضطرابات النوم، ونوعية جيدة، وفي حين تختلف احتياجات النوم الفردية، توصي الأكاديمية الأمريكية لطب النوم (AASM) وجمعية أبحاث النوم (SRS) بأن ينام الشخص البالغ العادي 7 ساعات أو أكثر في الليلة بشكل منتظم لتعزيز الصحة المثلى.
إذا كنت تعاني من الأرق واضطرابات النوم، هنا نقدم عدة نصائح لتحسين جودة النوم والتمتع بصحة جسدية وعقلية جيدة:
1. انتظام مواعيد النوم
غالبًا ما تشجع التوصيات على تنظيم أوقات النوم و/أو الاستيقاظ والتي تهدف إلى تحقيق أقصى قدر من التزامن بين محرك النوم الفيزيولوجي وإيقاعات الساعة البيولوجية وحلقة النوم الليلي. حيث يعمل محرك النوم المتوازن والنظام اليومي معاً لتعزيز أنماط النوم واليقظة المستقرة. لذا، من المهمم أن تحاول أن تكون أكثر قدرة على الالتزام بروتين نوم مستقر.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح مضمونة للحصول على نوم أفضل ليلاً
2. تجنب القيلولة
يعتاد الأشخاص على أخذ غفوة عابرة في خارج أوقات النوم، وعلى الرغم من أن كثير من الدراسات توصي بهذه القيلولة، فمن الثابت أن لها تأثير سلبي على القدرة بالالتزام بروتين معين للنوم، مما سيشكل صعوبة في تنظيم أوقاته.
3. تقليل مستويات التوتر
يشير مصطلح التوتر إلى حدث أو أحداث تؤدي إلى استجابات فسيولوجية حادة أو مزمنة (زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم) واستجابات نفسية (القلق واليقظة). يمكن للإجهاد أن يعجل بالإثارة المعرفية (أي القلق) والإثارة الفسيولوجية، وكلاهما يتعارض مع مشاكل بدء النوم والحفاظ عليه.
في الواقع، لاحظت العديد من الدراسات وجود علاقة بين الضغط النفسي والاجتماعي والنوم. يزيد الضغط النفسي من الإثارة النفسية الفسيولوجية التي يُعتقد أنها الآلية الأساسية التي من خلالها يعطل التوتر النوم، خاصة عندما تكون الإثارة موجودة في وقت النوم.
يرتبط الضغط النفسي والاجتماعي بزيادة فترات الاستيقاظ قبل النوم وضعف جودة النوم، تُبيِّن الدراسات أن استراتيجيات إدارة التوتر والإجهاد المختلفة مثل الاسترخاء والتأمل، تقلل من الاستيقاظ قبل النوم وتحسن من نوعيته.
4. تقليل الضوضاء في غرفة النوم
تعد الضوضاء مصدراً واضحاً نسبيَّا لاضطرابات النوم، وكثيراً ما تنصح التوصيات الأفراد بتقليل الضوضاء في بيئة نومهم. ومع ذلك، فإن الضوضاء الليلية في البيئة الطبيعية المحيطة بالفرد (على سبيل المثال، حركة المرور المحلية، والموسيقى العالية) لديها القدرة على التأثير على جودة النوم، حتى لو لم يتم ملاحظتها بشكل واعي.
5. انتظام ممارسة الرياضة
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام هي توصية شائعة بشأن جودة النوم، مع التحذير من ضرورة تجنب ممارسة الرياضة بالقرب من وقت النوم على الرغم من أن آلياتها غير معروفة إلى حد كبير، إلا أن التمارين الرياضية قد تحسن النوم من خلال تأثيراتها على درجة حرارة الجسم، والسيطرة على مستويات الإثارة الفيسيولوجية والتوتر.
6. تجنب الكافيين والكحول والنيكوتين
الكافيين هو المادة ذات التأثير النفساني الأكثر استخداماً في العالم، وخصائصها المنشطة تجعله هدفاً منطقيّاً لجهود تعزيز النوم لدى عامة السكان. على المستوى الجزيئي، فإن تأثيرات الكافيين المنبّهة واضطرابات النوم تكون مدفوعة بحصار مستقبلات الأدينوزين في الدماغ الأمامي القاعدي ومنطقة ما تحت المهاد.
مثل الكافيين، يعزز النيكوتين الإثارة واليقظة، في المقام الأول من خلال تحفيز الخلايا العصبية الكولينية في الدماغ الأمامي القاعدي. لذا، من المهم تجنب استخدام النيكوتين لتعزيز النوم بشكل أفضل.
يعد تعاطي الكحول سلوكاً آخر له علاقة بضعف جودة النوم، بمجرد استقلاب الكحول خلال الساعات القليلة الأولى من النوم، يصبح النوم اللاحق أخف مع زيادات في المرحلة الأولى ونوم حركة العين السريعة والمزيد من الاستيقاظ المتقطع، حيث تنتج هذه التأثيرات من تأثير الكحول على العديد من الأنظمة الكيميائية العصبية (مثل GABA والأدينوزين).
في الختام
النوم هو عملية أكثر تعقيداً مما يدركه الكثير من الناس، ولا يزال الكثير منها لغزاً للعلماء. أثناء النوم، يمر الجسم بمجموعة متنوعة من العمليات ومراحل النوم، ومن المرجح أن يكون النوم الجيد نتيجة قضاء وقت كافٍ في جميع المراحل، بما في ذلك النوم العميق الكافي الذي يساعدنا على الشعور بالانتعاش.
تؤدي قلة النوم لفترة طويلة إلى عدد من المشاكل. مثل، التعب والنعاس وضعف التركيز وهفوات في الذاكرة ومشاكل في الحالة المزاجية وأداء وظائفنا الاعتيادية. وهنا يبرز دور النوم الكافي في تعزيز الصحة العامة للجسم، لذا من المهم الأخذ بنصائح تحسين جودة النوم لحياة أكثر جمالا.
أضف تعليقاً