إليك 3 مبادئ ترتكز عليها ثقافة الكوتشينغ:
1. المسؤولية:
كلما كانت إدارتك للموظفين دقيقة ومُفصَّلة، قلَّ اعتمادهم على التفكير بمفردهم دون مساعدة؛ لذا وبعد تقديم خطة استراتيجية واضحة، والتدريب على المهارات اللازمة، وتوفير المعلومات الصحيحة؛ امنح موظفيك أكبر قدر ممكن من الحرية لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم، والتحكم في مجال عملهم.
وكما يقول السير ريتشارد برانسون (Richard Branson): "وظِّف الأشخاص الأكفاء، ودعهم يعملون بحرية!".
يتطلب الأمر توظيف شخصيات مختلفة لتشكيل فريق؛ فقد يتضمن المنفتحين والانطوائيين، والأشخاص الذين ينظرون إلى الصورة الكبيرة، والمهتمين بالتفاصيل والأعمال المكتبية، والمحامين، والمعالجين، والمهرجين، والحكماء على سبيل المثال لا الحصر. أما فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية، فيوجد نوعان آخران هما: الأشخاص الذين يُقدِّرون الاختلافات والمهارات المتنوعة، وأولئك الذين يعتبرونها تهديداً.
يبدو أنَّ الناس يرتقون إلى مستوى التحدي مهما كانت المسؤوليات المناطة بهم، شريطة أن يعملوا في بيئة آمنة وداعمة.
2. الإيمان بالذات:
يتطلب اقتراح أفكار جديدة في العمل الثقة والشجاعة لتنفيذها؛ فلبناء الثقة بالنفس، يحتاج الناس إلى آراء الآخرين وفرصٍ لبناء الثقة في قدراتهم من خلال التجربة والخطأ. سوف يسقط الطفل الذي يتعلم المشي عدة مرات، لكنَّه مع هذا لن يحتاج أحداً ليعلمه المشي، وإنَّما يساعده تلقِّي التشجيع والدعم عندما تتحسن جهوده.
يعرف معظم الآباء ذلك غريزياً ويمارسونه في حياتهم اليومية، ومع ذلك قد يختلف تصرفهم تماماً عند الإشراف على شخص يتعلم دوراً جديداً في العمل.
وكما يقول السير ريتشارد برانسون (Richard Branson): "عليك أن تثق بأنَّ الأشخاص من حولك سوف يتعلمون من أخطائهم؛ فلا جدوى من اللوم وتبادل الاتهامات".
3. عدم إلقاء اللوم على الآخرين:
يُعدُّ إيجاد بيئة يكون فيها التعامل مع الأخطاء جزءاً من عملية التعلم - وذلك بدلاً من عدِّها مسألة تستحق العقاب - أمراً ضرورياً إذا كانت المنظمة تريد أن تتَّبع ثقافة كوتشينغ.
إنَّه لمن النادر وجود منظمة تتحقق فيها الركائز الثلاث، وحتى إن وجِدت، فقد تفشل إحدى تلك الركائز من وقت لآخر؛ ومع ذلك، كلما زاد تقديرها، زاد مستوى الثقة في جميع أنحاء المنظمة.
كيفية إطلاق برنامج كوتشينغ:
عادةً ما تتعلق مسألة تحديد مكان بدء برنامج الكوتشينغ بالميزانية والدعم أكثر منها بالاختيار. المعضلة الأولى هي ما إن كان يجب الاستفادة من كوتشز خارجيين، أو تدريب المديرين داخلياً، ومن ضمن هذين الاحتمالين، تحديد الموظفين الذين يجب أن يتلقوا الكوتشينغ، وما إن كان ينبغي تدريب المديرين على مهارات الكوتشينغ، أو تدريبهم ليكونوا كوتشز داخليين معتمدين.
في بعض الأحيان، تأمل المنظمات من خلال توفير كوتشز خارجيين لمستوى واحد من الإدارة، أن ينتقل التدريب إلى جميع المستويات الدنيا، ولكن بالرغم من بعض التحسن الذي قد يحدثه هذا النهج في الثقافة العامة، إلا أنَّ هذا لا يمكن أن يكون حلاً مرضياً تماماً؛ ذلك لأنَّ وجود كوتش، وكونك كوتشاً، وتعليم مهارات الكوتشينغ هي ثلاثة مجالات مختلفة تماماً؛ فالأول لن يغطي جميع المهارات المطلوبة في المجالين الثاني والثالث.
إن كان سيُجرى بعض التدريب، فإنَّ السؤال التالي هو إلى أي مدى ينبغي تدريب المديرين؟ حيث أنَّك لتغدوَ مديراً يقدِّم الكوتشينغ بطلاقة وسلاسة، سوف تحتاج ممارسته إلى أن تتمكن منه وتتقنه، ومن غير الممكن تحقيق ذلك خلال يومين تقضيهم في دورة تدريبية؛ علماً أنَّه من خلال تدريب الأشخاص ليكونوا كوتشز داخليين، فإنَّهم يستوعبون أسلوب التدريب والمهارات إلى الحد الذي تكون فيه هذه المهارات حاضرة تلقائياً في أي موقف؛ إذ يوفر قضاء يومين في غرفة التدريب فكرة بسيطة عن ماهية المدير الذي يُقدِّم الكوتشينغ، ولكنَّه لن يكون كافياً لتحصل على ما تحتاجه من الأسلوب أو الممارسة لتغدو كوتشاً.
تذكَّر المثل الصيني الذي يقول: "إن أعطيت أحدهم سمكة، فأنت تطعمه ليوم واحد، ولكن إن علمته صيد السمك، فأنت تطعمه مدى الحياة". إن كانت الميزانيات محدودة، فمن المحتمل أن تكسب المنظمة - على الأمد الطويل - من تدريب مديريها على مهارات الكوتشينغ أكثر مما دفعته للكوتشز الخارجيين، أي أنَّ المديرين سيدربون بعضهم بعضاً دون حاجة إلى كوتشز خارجيين مرة أخرى.
خطة النقاط العشر لبناء ثقافة الكوتشينغ:
فيما يلي خطة قد تشكل أساساً لأي منظمة تريد اكتساب ثقافة الكوتشينغ:
1. الرؤية والهدف:
يبدأ نهج التدريب في أي موقف بالتطلع إلى النتيجة المرجوة؛ مما يجعل المسار أوضح، ويوحِّد الموظفين، ويوازن الهدف، ويُتيح قياس التقدم، ويؤكد ما إذا كان المشروع يسير في الاتجاه الصحيح. يمكن تحقيق ذلك بعدة طرائق، بدءاً من التحدث إلى الموظفين لمعرفة ما يريدونه، إلى إطلاق تحليل شامل لاحتياجات التدريب يتضمن استطلاعات الرأي ومجموعات التركيز والمقابلات.
حاول الحصول على صورة واضحة عن نوع البرنامج الذي يناسب أفضل احتياجات المنظمة، سواء أكان ذلك من خلال تعيين كوتشز خارجيين، أم تدريب كوتشز داخليين، أم تدريب المديرين على مهارات الكوتشينغ؛ أي ببساطة، تحدث إلى الموظفين واكتشف ما يريدونه.
2. تقييم حالة المنظمة:
بمجرد تحديد أهداف البرنامج، يجب استكشاف الوضع الحالي: أي ما هي الموارد الموجودة بالفعل؟ وما المطلوب؟ وما الذي يحتاج إلى تغيير؟ وما الذي أُنجِز حتى الآن؟ ومن هم الذين نحتاج إلى مشاركتهم؟ إن كان تحليلاً كبيراً لاحتياجات التدريب يجري الآن، فيجب تغطية هذه المرحلة في الوقت الذي تُحدَّد فيه الأهداف.
3. تحديد المساهمين:
المساهمون هم الأشخاص المتأثرون أو المهتمون ببرنامج الكوتشينغ.
يوجد أشخاص سيؤثِّرون في البرنامج، وأشخاص سنحتاج إلى مصادقتهم، وغيرهم ممن سيحضرون البرنامج، وأولئك الذين سيشكلونه ويخططون له. يُعَدُّ كسب المؤيدين أمراً ضرورياً؛ إذ من دونهم لن يوجد البرنامج أبداً، وكذلك الأشخاص الذين يساهمون في تحديد شكل البرنامج؛ إذ يُعَدُّون ضروريين أيضاً من ناحية تخطيط البرنامج وقيادة العملية؛ لكن ومع ذلك، وعند تصميم البرنامج، يكون من المفيد الاستماع لآراء كل من سيتأثر فيه وليس اللاعبين الرئيسين فحسب.
قد تختلف الأدوار الوظيفية الفعلية في كل قسم من منظمة إلى أخرى، وقد يتناسب بعضها مع عدة فئات؛ لذا حاول دائماً إشراك الأشخاص الذين يدعمون خططك، والذين لديهم تأثير في صانعي القرار. جميع المساهمين هامِّين وبعضهم ضروري لعمل البرنام، إذ:
- قد يكون المؤثِّرون أعضاء في مجلس الإدارة ورؤساء الموارد البشرية والتطوير المؤسسي ورؤساء الأقسام.
- قد يكون المؤيدون مديرين تنفيذيين ورؤساء ماليين ورؤساء أقسام.
- قد يكون المُستخدِمون مديرين وقادة فريق ومديري حسابات.
- قد يكون المساهمون في تحديد شكل البرنامج هم رؤساء التعلم والتطوير والموارد البشرية ورؤساء الأقسام.
علماً أنَّ الفئات تختلف من منظمة إلى أخرى.
4. الحصول على الموافقة:
بعد إجراء تقييم الوضع الحالي للمؤسسة ووضع رؤية دقيقة مع جميع المساهمين، يجب أن تكون الموافقة جاهزة الآن. سوف يكون لدى كل طرف شعور بالمسؤولية تجاه البرنامج وكيفية تلبيته احتياجاته، كما أنَّ الرؤية ستزيد الحماس والطاقة، مما يعني أنَّ البرنامج قد بدء بناء الزخم بالفعل.
5. مكان البدء:
لاحظ أنَّ هذا الأمر يأتي في أسفل القائمة؛ إذ يجب وضع الأسس حتى قبل تخطيط -ناهيك عن تنفيذ- البرنامج. يشبه الأمر تزيين المنزل: إن لم يُؤسَّس تأسيساً صحيحاً، فسوف تتأثر النتيجة النهائية.
حان الوقت الآن للبحث عن مُقدِّمي الخدمات المحتملين، وحصرهم في الأشخاص الذين يمكنهم مساعدة المنظمة على تحقيق الأهداف التي حدَّدها تحليل احتياجات التدريب. ابدأ بمحادثات بسيطة؛ إذ يمكن تعلم الكثير من خلال التحدث إلى الخبراء، حتى وإن كانوا يحاولون بيع منتجاتهم لك، وهذه طريقة فعَّالة ومجانية لمعرفة ما تحتاج إلى معرفته؛ فقد تؤدي هذه المحادثات إلى مزيد من البحث، ومن خلال كل هذا ستبدأ تكوين صورة عن أفضل برنامج عليك اختياره.
شاهد بالفديو: المبادئ 12 لتحقيق أهداف النجاح
بعد ذلك، يتعلق الأمر ببساطة بتقليص نطاق مُقدِّمي الخدمة المحتملين؛ إذ تعتمد 80٪ من قيمة أي شيء يتضمن أشخاصاً على جودة هؤلاء الأشخاص. بعد تحديد مجموعة من المورِّدين من ذوي الخبرة المناسبة، حدِّد من تريد العمل معهم وتحدث إليهم. يجب أن يشارك هؤلاء المورِّدون فحسب في عملية مناقصة مُفصَّلة، لتوفير وقتك ووقتهم.
6. ما يجب قياسه:
يبدأ القياس الفعَّال حتى قبل تصميم البرنامج. بمجرد أن نتحقق من أهداف البرنامج، يمكننا وضع مقاييس للقياس، ومن الأهمية بمكان التمييز بين الفوائد المستمَدة من البرنامج مقارنة بالبرامج أو المواقف الأخرى التي قد تحدث في المنظمة في الوقت ذاته، وذلك من خلال طرح هذه الأسئلة:
- ما هي الفوائد المستمَدة من برنامج الكوتشينغ، وما هي نسبتها المئوية التقديرية؟
- ما هي الفوائد الملموسة التي تعود على المنظمة بفضل برنامج الكوتشينغ؟ إن كانت الفوائد نوعية، فحاول ربطها بالفوائد الكمية ؛ إليك هذه المحادثة على سبيل المثال:
- مُراجع عائد الاستثمار: كيف أفاد برنامج الكوتشينغ المؤسسة؟
- مشارك: أصبح عملاؤنا يشعرون بالرضا.
- مُراجع عائد الاستثمار: وما تأثير ذلك في المؤسسة؟
- المشارك: أصبحنا نبيع مزيداً من المنتجات.
- مُراجع عائد الاستثمار: ما هي نسبة زيادة الأرباح؟
- المشارك: 10%.
7. تنفيذ مشاريع تجريبية:
يُنصح ببدء برنامج تجريبي واحد أو أكثر لضمان أنَّ كل شيء يسير على المسار الصحيح. من الناحية المثالية، يجب أن يشارك بعض المساهمين الرئيسين، حتى يتمكنوا من تقديم اقتراحات حول كيفية تعديل التدريب أو الكوتشينغ ليكون مفيداً قدر الإمكان من حيث تحقيق أهداف المشروع المتفق عليها.
8. التقييم والتخطيط المستقبلي:
بمجرد الانتهاء من تنفيذ البرامج التجريبية، يمكن إعادة تقييم البرنامج لتحديد التعديلات التي يتوجب إجراؤها لتناسب منظمة معيَّنة، كما يجب استطلاع آراء جميع المساهمين المعنيين؛ وبذلك لن تظهر المعلومات الثمينة فحسب، بل سيتأكد شعورهم بمسؤوليتهم تجاه البرنامج مرة أخرى.
9. طرح البرنامج:
بعد إجراء التعديلات، يمكنك طرح البرنامج بالكامل وأنت واثق من أنَّه سيُتقبل بحماس، وأنَّه سيحقق الأهداف المرجوة.
10. الحفاظ على الزخم:
تتمتع برامج الكوتشينغ بزخم خاص بها بسبب الحماس الذي تولِّده، ولأنَّ تأثيرها مباشر وملحوظ من قبل جميع القوى العاملة؛ إذ يرى الموظفون أنَّ المديرين الذين تلقَُوا التدريب أو الكوتشينغ حديثاً يتواصلون بفاعلية أكبر، ويحققون نتائجاً أفضل، وأصبح التعامل معهم أفضل؛ أمَّا إذا دُرِّب الموظفون ليكونوا كوتشز، فيمكن تسجيل ردود الفعل هذه والاستفادة منها من خلال إعداد نشاطات كوتشينغ؛ مثل مجموعات الكوتشينغ المشترك أو الإشراف، وتوفير تدريب يتعلق بالكوتشينغ "CPD" (التطوير المهني المستمر)، وأيام للمراجعة.
في الختام:
تشبه برامج التدريب "فيروس السعادة"؛ حيث تنتشر الآثار الإيجابية بكثرة لتصل إلى نقطة تحوِّل تتغير عندها المنظمة بأكملها؛ فيصبح الناس أكثر سعادة ولطفاً، وأكثر وعياً بأنفسهم وبالآخرين وبتأثير أحدهم على الآخر وعلى الكل.
ولعلَّ أفضل نتيجة على الإطلاق هي أنَّ الأداء يتحسن مع تحرر الموظفين من آثار الخوف والإجهاد المفرط في حياتهم العملية.
أضف تعليقاً