لقد سلطت مراجعة حديثة للمستثمرين في الأشخاص (Investors in People) الضوء على الحاجة إلى تطوير اﻹمكانيات الإدارية إن كان لدى الشركة رغبة في أن تواصل نموها وتطورها الدائم.
قد يتردد المديرون في قبول الملكية والمساءلة بتعلم أمر جديد كالكوتشينغ كونهم يميلون إلى الإدارة التفصيلية، وقد يعود ذلك إلى طول مدة خدمتهم في المؤسسة وترقيهم في إطار منصبهم الوظيفي استناداً إلى مهاراتهم التقنية، وإلى أنَّهم بالكاد تطوروا إدارياً.
ما الذي يحدث؟
تعدُّ هذه مشكلة كلاسيكية تتكرر باستمرار، وقد تؤدي إلى سلوك غير مفيد؛ حيث يحاول المديرون البحث في أفضل السبل للإدارة والحصول على نتائج مثلى من خلال مختلف الأشخاص، كما يبحثون عن الإرشادات والتوجيهات من خلال تجاربهم الخاصة وتاريخهم الشخصي كنماذج يُحتذَى بها، جاعلين جلَّ اهتمامهم ينصب على المديرين ورؤساء العمل الذين عملوا معهم من قبل، للحصول على بعض التعليمات حول أسلوب الإدارة المناسب لمكان عملهم الحالي.
سيرغب هؤلاء في التأكد من تناسب الطريقة التي يتصرفون من خلالها كمديرين مع الثقافة الحالية للشركة، ولكن لن يحدث أيٌّ من هذا التفكير بشكل واعٍ إذا لم تشكل تلك النماذج أمثلة جيدة؛ وإن كانوا غير بارعين في إدارة الأشخاص، سيعزز ذلك الأداء السيئ ليتوسع نطاقه ليشمل عموم الشركة.
عندما يعمل المديرون لفترات طويلة وبتعيينات داخلية فقط، لن يتبعوا طرائق إدارية جيدة للتحسين والتطوير؛ وبالتالي، لن يتحسن الوضع من تلقاء نفسه، بل من المرجح أن يزداد سوءاً.
ربَّما تخسر الشركة عقوداً وفرصاً مذهلة، وتتكشف حينها بعض التصدعات في بينيتها التنظيمية، ويبدأ بعض الناس بلوم الآخرين، وتتزعزع الثقة شيئاً فشيئاً، وقد ينتج عن ذلك بعض طلبات الاستقالة.
يجعل هذا كله معالجة المشكلة ضرورة حتمية، فقد يؤدي هذا الاضطراب إلى تفاقم موضوع مشاركة الموظفين وانخراطهم في العمل، بدلاً من تعزيز القوة الحقيقية في ثقافة الشركة وسلوكات موظفيها، والتي يمكن توجيهها على نحو أفضل من خلال القليل من إعادة التنظيم.
شاهد بالفيديو: أهداف التدريب
ما الذي يمكننا فعله حيال ذلك؟
تكمن النصيحة الأفضل في هذه الحالات في أن يخوض المديرون برنامجاً تدريبياً حول مهارات الكوتشينغ؛ لكن لماذا على المديرين أن يبدؤوا الكوتشينغ إن لم يكن هناك أي تطور إداري يستحق العناء؟
يوجد ثلاثة أسباب لذلك، وسنوجزها فيما يأتي:
1. توسيع نطاق الفوائد:
لا يؤثر التدرب على مهارات الكوتشينغ في المشاركين -الذين يكونون غالباً من المديرين- في البرنامج التدريبي فحسب، فالمستفيدون الحقيقيون هم الموظفون الذين يعملون مع هذا المتدرب (المدير)؛ إذ من المرجح أن يكون لتدريب مدير واحد تأثير إيجابي في عدد من الأشخاص الذين يديرهم أو يؤثر فيهم.
يشبه التدريب هنا تأثير أحجار الدومينو؛ فبمجرد دفع الحجر الأول، ستبدأ سلسلة من الأفعال التلقائية التي تنعكس على جميع الأحجار المتبقية؛ والتدريب على الكوتشينغ بمثابة دفعة ينعكس تأثيرها في جميع أنحاء المنظمة.
2. الاقتصاد في الميزانيات:
يمكن استخدام ميزانيات التعلم والتطوير المحدودة بشكل أفضل على هذا النحو؛ فبدلاً من تحمل نفقات تدريب جميع أعضاء الفريق على تقنيات إدارة الوقت إذا كان لديهم مشكلة في هذا الأمر، يمكن تقليص الميزانية لتدريب مديرهم على الكوتشينغ، بحيث يُدرَّب أعضاء الفريق بنفسه على إدارة الوقت خلال فترة أطول، وذلك من خلال مشكلاتهم اليومية الفريدة التي تواجههم؛ ممَّا قد يتيح لهم فرص تعلم أكبر.
3. توسيع نطاق الأثر:
يشكل وجود مديرين قادرين على إجراء محادثات كوتشينغ مثمرة تحدياً لفكرة مفادها أنَّ التعلم والتطوير يعني "الالتحاق بدورة تدريبية" فقط، حيث يمكن أن يساعد الكوتشينغ على تعزيز فكرة أنَّ العمل في منصب وظيفي معين والتعلم عنه ليسا بأمرين منفصلين أو متناقضين، بل هما وجهان لعملة واحدة.
يعدُّ ذلك فكرة مذهلة عندما يتعين تقديم العديد من الدورات التدريبية بشكل مفاجئ، حيث سيكون هناك طلب متزايد على هذه الدورات التي قد لا تتمكن أبداً من تلبيتها، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من خيبة الأمل.
يستند كل هذا إلى افتراض مفاده أنَّ هؤلاء المديرون سيعودون من تدريبهم راغبين وقادرين على عقد جلسات كوتشينغ رائعة مع فرقهم؛ ومن يدري؟ قد يكون ذلك أمراً واعداً ويساهم في نمو الشركة بمجملها.
أضف تعليقاً