يفقد الموظفون في ظل التسارع والمهام المتعددة داخل الشركات والمؤسسات عامل الوقت والقدرة على تحسين أدائهم وتقدمهم المهني، حيث تجد نفسك وموظفيك في حالة انشغال دائم؛ وذلك نظراً إلى ضرورة تنفيذ العديد من المهام في مدة زمنية قصيرة.
حتى عندما ترغب في التقدم المهني، قد لا تتمكن من التفكير والتخطيط بذهن صافٍ لاتخاذ خطوات أخرى؛ وهنا، قد توفر الاستعانة بكوتش أو منتور الوقت والمساحة التي تحتاج إليهما للتركيز على أولوياتك، وقد تتغير حياتك كلياً بعد بضع خطوات.
لقد أقر معهد القيادة والإدارة (The Institute of Leadership & Management) -وهو أحد أكبر المعاهد الرائدة في منح المؤهلات وتنمية المهارات القيادية والإدارية في المملكة المتحدة- بأنَّ الكوتشينغ قد يؤدي إلى تحقيق نجاح باهر؛ فهو يساعد على تعزيز مشاركة الموظفين وانخراطهم في الحياة المهنية وتطويرها، ويدعمك أنت وموظفيك، ويدفعك إلى الانتقال إلى حيث تريد أن تكون بفاعلية أكثر ممَّا لو كنت تعمل بمفردك دون توجيه.
التعلم المخصص:
يختلف كلٌّ منَّا عن الآخر في مختلف السمات وتكوينات الشخصية وطرائق التفكير، ولكلِّ شخص منَّا احتياجات وطرائق مختلفة للتعلُّم، وما يميز الكوتشينغ في هذا الصدد أنَّه نهج مخصص للغاية؛ فهو يضعك أنت وموظفيك في رحلة تعلم مخصصة وفعالة؛ ذلك لأنَّه تفاعل ودي ومريح بينك وبين المنتور، ومن المفترض أن تكون نتائجه فعالة للغاية.
لقد أصبح الكوتشينغ أداة هامة تستخدمها المنظمات ذات الأداء المهني المرموق؛ فوفقاً لبحث أجراه معهد القيادة والإدارة عام 2011، تبين ما يأتي:
- تستخدم 80% من الشركات التي شملها الاستطلاع الكوتشينغ كأداة للتطور.
- أقرَّ 95٪ من المشاركين بفوائد الكوتشينغ وتأثيره في الأداء الشخصي.
- أقرَّ 96٪ من المشاركين بفوائد الكوتشينج على الأداء التنظيمي.
تساعد تقنيات الكوتشينغ على إعداد قادة مرنين ومتعاونين وملهمين، كما تساعد أيضاً على تطوير موظفين متمكنين ويركزون على الحلول.
الدليل على فاعلية الكوتشينغ:
قد تتساءل الآن عن كيفية معرفة ما إذا كان الكوتشينغ الذي قد تتلقاه أنت أو موظفوك يؤتي ثماره بحق، والدراسات خير دليل على ذلك؛ فقد أُجرِيت بعض التجارب العشوائية والمضبوطة على الكوتشينغ ومدى فاعليته، وكانت نتائج دراسة قوية في عام 2016 أُعِدَّت لقياس فاعلية الكوتشينغ -تحديداً لمعالجة التسويف- مثيرة للاهتمام فعلاً، حيث أظهرت النتائج أنَّ الكوتشينغ الشخصي -الذي يحدث بين المنتور والفرد بشكل شخصي- أكثر فاعلية في تحسين الأداء ومساعدة الأشخاص على تحقيق أهدافهم من التوجيه الجماعي أو التدريب الذاتي.
كما أظهرت دراسة حول نتائج الكوتشينغ العالمي التي أجراها الاتحاد الدولي للكوتشينغ عام 2016، والتي شملت أكثر من 15000 شخصاً في 137 دولة؛ أنَّ معظم العملاء أفادوا بتحسُّن أداء العمل، وإدارة أفضل للأعمال، وإدارة أكثر كفاءة للوقت، وزيادة تقدُّم الفريق، ومزيدٍ من التطور والفرص من خلال الكوتشينغ؛ كما وقد قال أحد المديرين في هذا الشأن: "لم أعد أتجنب تلك المحادثات المحرجة، بل أواجهها مباشرة وأنا على علم أنَّ بإمكاني القيام بأفضل ممَّا أتصور، ويعود الفضل في ذلك إلى الكوتشينج".
كما قد أظهرت الدراسة نفسها أنَّ الأشخاص الذين تلقوا مساعدة من منتور أو كوتش، شعروا بمزيد من الثقة بأنفسهم، وتعززت علاقاتهم، واكتسبوا مهارات تواصل أكثر فاعلية، وحققوا مزيداً من التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ ممَّا انعكس إيجاباً على صحتهم وعافيتهم؛ وتقول الغالبية العظمى من الشركات -تُقدَّر بـ 86٪- أنَّها استردت مبالغها الاستثمارية كحد أدنى، وحققت نحو خمس الشركات (19٪) عائد استثمار يبلغ 50 ضعفاً لاستثماراتهم، بينما حققت 28٪ من الشركات عائد استثمار يبلغ من 10 إلى 49 ضعفاً للاستثمار.
وبالتالي، لا يمكن لأحد إنكار التأثير الفعَّال الذي يخلفه الكوتشينغ على العمل، فهو أداة فعالة للارتقاء بالأفراد والمنظمات على حد سواء.
يتطلَّب الكوتشينغ التزاماً بالوقت والجهد، ولكنَّ النتائج الإيجابية التي رأيتها على صعيد الأفراد أو المنظمات تستحق بذل أكثر من ذلك.
كيف تجني ثمار الكوتشينغ في مؤسستك أو شركتك؟
فيما يأتي أهم خمس نصائح يمكن أن تساعدك على تحديد الأشخاص الذين ستقدم لهم الكوتشينغ، وكذلك على العثور على الكوتش المناسب:
- تحدث إلى موظفيك حول أكثر ما يواجههم من تحديات أو يصعب عليهم القيام به، ولا تركز على كبار القادة فحسب؛ ذلك لأنَّ مديري الإدارة الوسطى (middle managers) هم الأكثر استفادة من توافر متسع من الوقت للتفكير.
- استعن بما تسمعه وتلاحظه أو تعرفه لتحديد الأشخاص الذين ستقدم لهم الكوتشينغ.
- ابحث عن كوتش تتوافق قيمه مع رؤية مؤسستك ورسالتها ونهجها.
- اعمل مع الكوتش لتحديد كيفية قياس مدى جودة الكوتشينغ الذي ستقدمه.
- تحلَّ بالانفتاح والشفافية مع جميع الموظفين، وقدِّم هذا الكوتشينغ لبعض الأشخاص لاختبار مدى فاعليته أولاً؛ وإذا نجح، يمكنك تعميمه على نطاق أوسع.
ماذا بعد؟
إذا كنت تريد أنت وزملاؤك العثور على العقلية الصحيحة للتفكير والتخطيط، فإنَّ الكوتشينغ هو الخطوة الصحيحة؛ لذا خصص بعض الوقت للتفكير في النتائج المرجوة لهذا الكوتشينغ، وكيف تريدها أن تكون منظمة، وكيف تريدها أن تحدد النتائج الفردية بطريقة تعود بالنفع على الأشخاص؛ وفكر أيضاً في كيفية قياس نتائج الكوتشينغ، بحيث تتوفر قاعدة أدلة تثبت أنَّه يعزز الأداء التنظيمي والفردي.
وأخيراً، فكر في كيفية استخدام الكوتشينغ بصورة طبيعية كوسيلة لتعزيز جدوى السياسات والمبادرات الأخرى لتطوير الموظفين، مثل التقييمات السنوية ومراجعات الأداء.
أضف تعليقاً