ما هو التواصل غير اللفظي؟
التواصل غير اللفظي هو نوع من التواصل الذي لا يعتمد على الكلمات؛ بل يشمل الإيماءات، والتعبيرات الوجهية، ولغة الجسد، ويُعدُّ هذا النوع من التواصل أداة قوية تعكس المشاعر والنوايا، وغالباً ما يكون أكثر تأثيراً من الكلمات المنطوقة، ففي الواقع، أظهرت بعض الدراسات أنَّ ما يصل إلى 93٪ من التواصل الفعَّال يعتمد على عناصر غير لفظية، وتُظهر الأبحاث أنَّ 55% من الرسالة تأتي من تعابير الوجه ولغة الجسد، و38% من نبرة الصوت، و7% فقط من الكلمات المنطوقة.
أنواع التواصل غير اللفظي
1. الإيماءات والتعابير الوجهية
تشير الإيماءات إلى الحركات التي يقوم بها الأفراد للتعبير عن أفكارهم أو مشاعرهم، فالتعابير الوجهية، مثل الابتسامات أو العبوس، تؤدي دوراً كبيراً في نقل المشاعر، فمثلاً ابتسامة دافئة يمكن أن تُظهر الترحيب والثقة، بينما تعبير وجه محايد أو عبوس قد يُفسَّر على أنَّه عدم اهتمام أو غضب.
2. لغة الجسد
تشمل لغة الجسد وضعية الجسم، والحركة، والتوجه نحو الشخص الآخر، فيمكن أن تعكس الثقة أو التوتر، وهذا يؤثر في كيفية استقبالك من قبل المُحاوِر، فمثلاً الشخص الذي يجلس جلسة مفتوحة ويحافظ على تواصل بصري مباشر قد يُعدُّ أكثر ثقة وانفتاحاً من شخص يجلس جلسة مغلقة ويتجنَّب النظر في عيون المُحاوِر.
3. التواصل بالعين
يعدُّ التواصل بالعين عنصراً أساسياً في بناء الثقة، فالحفاظ على تواصل بصري مناسب يمكن أن يُظهر اهتمامك ويعزز من مصداقيتك، ومع ذلك يجب أن يكون التواصل بالعين متوازناً، فالنظر إلى عيون المُحاوِر لفترات طويلة جداً قد يُفسَّر على أنَّه تهديد، بينما تجنُّب النظر إليهم قد يُفسَّر على أنَّه عدم اهتمام أو خجل.
تأثير التواصل غير اللفظي في انطباع المقابِل
كيف يؤثر التواصل غير اللفظي في تقييم المقابل؟
يمكن أن يؤدي التواصل غير اللفظي إلى تشكيل انطباع أولي قوي، فمثلاً الشخص الذي يظهر لغة جسد مفتوحة وثقة قد يُعدُّ أكثر كفاءة من شخص يبدو متوتراً أو مغلقاً، فهذا الانطباع الأولي يمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً في تقييم المُحاوِر للمرشح وفرصه في الحصول على الوظيفة.
أمثلة عن تأثير التصرفات غير اللفظية
إذا كان المرشح يتجنَّب التواصل بالعين أو يظهر علامات القلق، مثل اللعب بالشعر أو التململ، فقد يُفهم ذلك على أنَّه نقص في الثقة أو عدم استعداد، فمن جهة أخرى، إذا كان المرشَّح يُظهر تعابير وجه إيجابية ولغة جسد مفتوحة، فقد يُفسَّر ذلك على أنَّه شخص ودود ومنفتح.
أهمية التواصل غير اللفظي في مقابلات التوظيف
كيف يمكن أن يعزِّز التواصل غير اللفظي فرص النجاح؟
يعزِّز التواصل غير اللفظي من فرص النجاح في المقابلات، فعندما يكون المرشح قادراً على التعبير عن نفسه تعبيراً غير لفظي بطريقة إيجابية، فإنَّه يترك انطباعاً جيداً لدى المُحاوِر، فهذا الانطباع الإيجابي يمكن أن يساعد على تمييز المرشح عن الآخرين وزيادة فرصه في الحصول على الوظيفة.
دور التواصل غير اللفظي في بناء الثقة
يعزِّز التواصل غير اللفظي من بناء الثقة بين المرشح والمقابل، فالإشارات الإيجابية، مثل الابتسامة وتواصل العين، تعكس الثقة وتساعد على توفير بيئة مريحة، فعندما يشعر المحاوِر بالراحة والثقة تجاه المرشح، فإنَّه يكون أكثر استعداداً للاستماع إليه والتفاعل معه تفاعُلاً إيجابياً.
شاهد بالفيديو: 9 طرق تجعلك متألقًا في مقابلات التوظيف
طرائق لتحسين مهارات التواصل غير اللفظي
كيفية قراءة إشارات التواصل غير اللفظي
من الهام أن تكون قادراً على قراءة إشارات الآخرين، فحاوِلْ أن تلاحظ تعابير وجه المحاور ولغة جسده، فيمكن أن تعطيك فكرة عن مشاعره تجاهك، فإذا لاحظت أية إشارات سلبية، مثل التململ أو تجنُّب التواصل بالعين، حاوِلْ تعديل سلوكك لتحسين التفاعل.
استراتيجيات لتحسين لغة الجسد
1. التدريب
تدرَّبْ أمام المرآة أو مع أصدقاء لتحسين تعابير وجهك ولغة جسدك، وركِّزْ على إظهار تعابير وجه إيجابية وحركات جسد مفتوحة.
2. الوعي الذاتي
كن واعياً لتصرفاتك وحركاتك في المقابلة، وحاوِلْ أن تكون طبيعياً ومريحاً، وتجنَّب العادات السيئة مثل اللعب بالشعر أو التململ.
3. التركيز على المُحاوِر
حافِظْ على تركيزك على المُحاوِر وتفاعلك معه، فهذا سيساعدك على الحفاظ على لغة جسد إيجابية وتجنُّب الإشارات السلبية.
دراسات حالة عن التواصل غير اللفظي في المقابلات
1. تجارب ناجحة
أظهرت بعض الدراسات أنَّ المرشحين الذين يتمتَّعون بمهارات تواصل غير لفظي جيِّدة يحصلون على تقييمات أعلى في المقابلات، فمثلاً دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا وجدت أنَّ المرشحين الذين أظهروا لغة جسد إيجابية وتواصلاً بصرياً جيِّداً، كانوا أكثر احتمالاً للحصول على عروض وظيفية بنسبة 67٪ مقارنة بالمرشحين الآخرين.
2. دروس مستفادة من الأخطاء
قد يفشل بعض المرشحين بسبب عدم الانتباه للتواصل غير اللفظي، فمثلاً شخص قد يكون مؤهلاً تأهيلاً كبيراً ولكنَّه يظهر علامات القلق، مثل تجنُّب التواصل بالعين أو الجلوس جلسة مغلقة، وهذا يؤثر سلباً في انطباع المحاوِر، فمن الهام أن يكون المرشح على دراية بلغة جسده وكيف يمكن أن تؤثر في تقييم المحاوِر له.
استراتيجيات إضافية للتواصل غير اللفظي
1. أهمية التحضير قبل المقابلة
قبل الذهاب إلى المقابلة، من الهام التحضير جيِّداً، والبحث عن الشركة والموقف الذي تتقدم له، وفكِّر في كيفية تقديم نفسك بطريقة تعكس الثقة والاحترافية، ويمكنك أيضاً ممارسة المقابلات مع أصدقاء أو أفراد من العائلة لتحسين مهاراتك في التواصل غير اللفظي.
2. الاستفادة من تقنيات التنفس
تساعدك تقنيات التنفس على تقليل التوتر وتحسين تواصلك غير اللفظي، وقبل المقابلة، جرِّب ممارسة بعض تمرينات التنفس العميق لتهدئة أعصابك وزيادة تركيزك، وهذا سيساعدك على الحفاظ على لغة جسد إيجابية وتجنُّب الإشارات السلبية.
3. أهمية المظهر الشخصي
يؤدي المظهر الشخصي دوراً كبيراً في التواصل غير اللفظي، فاختيار ملابس مناسبة للمقابلة يمكن أن يعكس احترافيتك وثقتك بنفسك، وتأكَّد من أنَّ ملابسك نظيفة ومناسبة للبيئة التي تتقدم إليها، فيمكن أن يؤثر ذلك في انطباع المُحاوِر.
أمثلة عن التواصل غير اللفظي الناجح
إليك بعض القصص الناجحة لمرشحين استخدموا مهارات التواصل غير اللفظي استخداماًَ فعَّالاً، فمثلاً مرشَّحة كانت تتقدم لوظيفة في مجال التسويق، استخدمت لغة جسد مفتوحة وتواصلاً بصرياً قوياً، وهذا جعل المحاوِر يشعر بالراحة والثقة في قدراتها، وفي النهاية، حصلت على الوظيفة بفضل انطباعها الإيجابي.
على الجانب الآخر، ثمة أيضاً قصص عن مرشحين لم ينجحوا بسبب عدم الانتباه للتواصل غير اللفظي، ومرشَّح آخر كان لديه خبرة واسعة ولكنَّه كان يتجنَّب التواصل بالعين ويظهر علامات القلق، وهذا أدى إلى عدم حصوله على الوظيفة.
تُبرز هذه القصص أهمية التواصل غير اللفظي في تشكيل الانطباعات، ففي عالم العمل المعاصر، تُعدُّ مهارات التواصل غير اللفظي من العناصر الأساسية التي تحدد نجاح الأفراد في مقابلات التوظيف، فإنَّ فهم كيفية التعبير عن الثقة والاحترافية والانفتاح من خلال لغة الجسد والتعابير الوجهية، يمكن أن يكون له تأثير كبير في انطباعات المحاورين.
لا يقتصر التواصل غير اللفظي فقط على ما نقوله؛ بل يمتد ليشمل كيف نقوله، وهذا يجعل الإلمام به ضرورة ملحَّة لكل مرشح يسعى لتحقيق أهدافه المهنية، فعندما نُدرك أنَّ 93٪ من التواصل الفعَّال يعتمد على العناصر غير اللفظية، يصبح من الواضح أنَّ الاستثمار في تحسين هذه المهارات هو استثمار في مستقبلنا المهني.
إنَّ القدرة على قراءة إشارات الآخرين وفهمها، إضافة إلى القدرة على التعبير عن أنفسنا بطريقة تعكس الثقة والاحترافية، يمكن أن تميِّزنا عن المنافسين وتفتح لنا أبواب الفرص، وإنَّ التحضير الجيِّد للمقابلات لا يتضمَّن فقط مراجعة السيرة الذاتية أو التحضير للأسئلة الشائعة؛ بل يجب أن يشمل أيضاً التدريب على التواصل غير اللفظي.
من خلال ممارسة تقنيات مثل التواصل بالعين، والابتسامة، واستخدام الإيماءات المناسبة، يمكننا تعزيز انطباعنا الأوَّلي وبناء علاقة إيجابية مع المُحاوِر، وإضافة إلى ذلك، يجب أن نكون واعين للفروق الثقافية في التواصل غير اللفظي، فكل ثقافة لديها عاداتها وتقاليدها الخاصة، وفهم هذه الفروق يمكن أن يساعدنا على تجنُّب سوء الفهم ويعزز من فرص نجاحنا في بيئات عمل متنوعة.
في الختام
إنَّ التواصل غير اللفظي هو أداة قوية يمكن أن تؤثر في مسيرتنا المهنية تأثيراً كبيراً، فمن خلال تطوير مهاراتنا في هذا المجال، سنكون أكثر استعداداً لمواجهة تحديات سوق العمل، وبناء علاقات مهنية ناجحة، وتحقيق أهدافنا، لذا دعونا نستثمر الوقت والجهد في تحسين هذه المهارات، لأنَّ النجاح في عالم العمل يتطلب أكثر من مجرد مؤهلات أكاديمية، إنَّه يتطلب القدرة على التواصل بفاعلية وثقة.
تذكَّر دائماً أنَّ كل مقابلة هي فرصة جديدة للتعلم والنمو، وأنَّ تحسين مهارات التواصل غير اللفظي يمكن أن يكون له تأثير عميق في مسيرتك المهنية، فاستعد جيِّداً، وكن واثقاً، واسمح لرسالتك غير اللفظية بالتحدث بصوت عالٍ.
أضف تعليقاً