لا يمكن لشخص يدخل قاعة الامتحان بكل هذا القلق أن يبلي بلاءً جيداً مهما اجتهد في المذاكرة؛ إذ يحتاج الذهن والجسد إلى وقت لاستعادة التوازن بعد كل هذه التخبطات، وللأسف فإنَّ وقت الامتحان يكون قد انتهى، وذهب تعبه هباءً منثوراً؛ لذا إن كنت من الأشخاص الذين يعانون القلق الامتحاني - ولا نقصد تحديداً امتحانات الدراسة؛ بل مقابلات العمل واللقاءات الهامة التي تعد امتحانات حياتية - نضع بين يديك هذا المقال الذي نشرح فيه تعريف القلق الامتحاني وأعراضه وأسبابه وطرائق علاجه والتخلص منه.
ما هو القلق الامتحاني؟
يمكن تعريف القلق الامتحاني على أنَّه حالة نفسية تسبب للفرد الشعور بالضيق، وهي تحدث بالتزامن مع الامتحانات الدراسية أو أي نوع من الامتحانات، وتتفاوت درجة هذه الحالة بين شخص وآخر، فالأشخاص الطبيعيون عموماً يشعرون بنوع من القلق أو التوتر قبيل الاختبارات أو في أثنائها، وهذا طبيعي ويسمى بطبيعة الحال رهبة الامتحان أو رهبة الاختبار، لكن في بعض الأحيان يزيد هذا القلق عن حده الطبيعي ويؤثر تأثيراً سلبياً في أداء الفرد في الاختبار أو قدرته على التعلم والأداء بشكل لا يمكن التغلب عليه.
يسبب القلق المفرط والمترافق بمشاعر الخوف أيضاً صعوبة في التركيز واستعصاءً في عمليات التذكر مهما حاول الشخص وبذل جهداً في استرجاع ما حفظه أو درسه، ويترافق القلق الامتحاني بأعراض جسدية عديدة تضاف إليها أعراض عاطفية وسلوكية ومعرفية.
أعراض القلق الامتحاني:
إنَّ أعراض القلق الامتحاني هي مجموعة التغيرات التي تطرأ على حالة الإنسان الجسدية والنفسية الطبيعية بسبب الدخول إلى الامتحان أو اقتراب موعده، ومن بين أعراض القلق الامتحاني نذكر:
1. أعراض القلق الامتحاني الجسدية:
من أشهر أعراض القلق الامتحاني الجسدية التي لا بد أن شعرنا بأحدها قبل خوض الامتحانات أو المقابلات المصيرية في حياتنا نذكر ارتفاع ضربات القلب، تسارع التنفس، الدوار، الغثيان، آلام البطن أو المعدة أو الجهاز الهضمي، جفاف الحلق، الشعور بالارتجاف، تعرق اليدين أو التعرق عموماً.
2. أعراض القلق الامتحاني النفسية:
أما عن أعراض القلق الامتحاني النفسية نذكر الأرق وفقدان القدرة على النوم، إضافة إلى كل من القلق والتوتر والشعور بالضيق وضعف التركيز والنسيان وصعوبة التذكر والخوف واصفرار الوجه وفقدان الثقة بالنفس وصعوبة استكمال الدراسة أو المذاكرة بكفاءة عالية، وهذه الأسباب كافية بحد ذاتها للتأثير في أداء الفرد بشكل جيد في الاختبار، وفي بعض الحالات يحدث إغماء عند دخول قاعة الامتحان أو عند الاطلاع عليه وكل ذلك من مضاعفات القلق الامتحاني.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح يحتاج إليها الطلاب استعداداً للامتحان
أسباب القلق الامتحاني:
إنَّ أسباب القلق الامتحاني هي مجموعة الأفكار والمشاعر التي تتبادر إلى الذهن لمجرد الخضوع لامتحان أو انتظار نتائجه، الأمر بالتأكيد مدعاة للخوف والقلق، لكن توجد بعض الأسباب تكون وراء الشعور الكبير بالذعر، ومن الجدير بالذكر أنَّ أمراً جديداً ما قد يكون سبب تعرض الشخص للقلق الامتحاني على الرغم من عدم معاناته منه في وقت سابق؛ لذا من الضروري الاطلاع على أسباب القلق الامتحاني لإدراك كيفية التعامل الجيد معه وإيجاد الطريقة المثلى لعلاجه، ونعود إلى أسباب القلق الامتحاني فنقول:
1. صدمة من تجربة سابقة:
ونعني بذلك ما سنوضحه في المثال الآتي، لنفترض أنَّك متمكن من اللغة الإنجليزية وذهبت إلى إجراء اختبار لمستواك من أجل التقدم نحو مفاضلة ما، فخرجت بكل ثقة بأنَّ نتيجتك ستكون عالية، ولكنَّك رسبت، بالتأكيد فإنَّ هذا الأمر سيشكل صدمة بالنسبة إليك تظهر على شكل قلق امتحاني عند إعادة الاختبار.
2. امتلاك شخصية قلقة بطبيعة الحال:
هو أيضاً سبب من أسباب القلق الامتحاني، فهذا النوع من الشخصيات حساس لمشاعر الخوف والقلق أكثر من غيره، وهذا يجعل الامتحانات محفزاً من محفزات حالة القلق الامتحاني عنده.
3. عدم التأهب الجيد للامتحان أو المذاكرة بشكل اعتباطي:
يعد من أسباب القلق الامتحاني، فالمثل الشهير القائل "في الامتحان يكرم المرء أو يهان" لم يكن عبثياً، ومشاعر التقصير بسبب رداءة التحضير تظهر على شكل قلق امتحاني.
4. سماع تجارب مهولة عن صعوبة امتحان من قِبل الآخرين:
هو سبب من أسباب القلق الامتحاني، فتخيل أن يقول لك صديقك وأنت تتجهز لامتحان القبول في منحة ما إنَّ الطالب الأول على الدفعة قد رُفض بسبب صعوبة الأسئلة، ألن تقلق أنت الذي تجتاز موادك فوق معدل النجاح بقليل؟
5. وضع أهداف مبالغ فيها تجعل من الامتحان نقطة تحول مصيرية:
فإذا لم يتحقق النجاح فيه بالشكل المطلوب والأكمل فسينهار كل ما تم التخطيط له، ومثال على ذلك أن تقرر قبل تقديم امتحانك الأخير أنَّك تريد معدلاً ممتازاً لهذا العام يؤهلك لمنحة ما، فتحسب المتوسط الحسابي لدرجاتك وتجد أنَّك لن تستطيع تحقيق المعدل الممتاز إلا إذا حصلت درجة 100% في الامتحان الأخير، وهنا سيكون القلق الامتحاني حليفك حتماً.
6. ضغط الأهل والبيئة المحيطة:
يعد أيضاً من أسباب القلق الامتحاني؛ وذلك لأنَّ تعليق الآمال على الأبناء يحمِّلهم عبئاً نفسياً كبيراً (كأن تقول لابنك الذي يقدم امتحان الثانوية أريدك طبيباً لا تخذلني، وستخيب أملي إذا لم تدخل كلية الطب)، وكذلك الأمر في حال تهديدهم (إذا ما رسبت فلن تعود إلى الجامعة ثانية وستعمل معي في الحراثة والزراعة).
7. وجود أشخاص في محيط الإنسان يعانون من القلق الامتحاني:
فيكتسب منهم هذا السلوك كونه يتأثر بهم، فإذا ما كان إخوة الإنسان يعانون قلقاً من الامتحانات، ينعكس هذا بدوره على جو الأسرة ويسبب قلقاً وتوجساً لجميع أفرادها، فبالتأكيد سيصاب بالقلق الامتحاني عندما يحين دور امتحاناته.
طرائق علاج القلق الامتحاني:
بعد الحديث عن أعراض القلق الامتحاني وأسبابه ننتقل الآن إلى الحديث عن طرائق علاجه أو طرائق التخلص منه، وكما رأينا في معرض الحديث فإنَّ القلق الامتحاني ليس له أي أسباب مادية؛ إنَّما أسبابه نفسية وعاطفية، وعليه فإنَّ علاج القلق الامتحان يكون كما يأتي:
1. الاستعداد الجيد للامتحان:
يعدُّ الاستعداد الجيد للامتحان عبر المذاكرة والتحضير من طرائق علاج القلق الامتحاني الناتج عن سوء الاستعداد، وهو يعزز الثقة بالنفس ومشاعر الرضى المتعلقة بأداء الدور المطلوب منك على أكمل وجه، ويبقى الإيمان والتسليم بتوفيق الله تعالى هو ما تحتاجه، فهو لا يضيع أجر العاملين، ومن يزرع فسيحصد بالتأكيد.
2. أخذ الكفاية من النوم:
من خلال تجارب الكثيرين تبيَّن أنَّ قضاء الليلة التي تسبق الامتحان في النوم أفضل من قضائها في إعادة مذاكرة المعلومات؛ وذلك لأنَّ اضطرابات النوم تؤثر سلباً في النواقل العصبية الموجودة في الدماغ؛ لذا نم نوماً جيداً لتتمكن من التركيز جيداً في أسئلة الامتحان أو لتتمكن من المذاكرة بشكل جيد.
3. تناوُل الطعام الصحي:
العقل السليم في الجسم السليم؛ لذا إن أردت علاج القلق الامتحاني فعليك اتباع نمط حياة غذائية صحي تتناول فيه الخضروات والفواكه وتبتعد فيه عن الدهون المشبعة التي تزيد من التعرض للقلق والاكتئاب، وخاصة إذا تناولتها في الوجبة التي تسبق الامتحان.
4. التحكم بالأفكار:
من طرائق علاج القلق الامتحاني التحكم بالأفكار والعبارات التي تدور في البال، فعليك الانتباه لأفكارك واستبدال السلبية منها بأخرى إيجابية حتى لو لم تتمكن من المذاكرة بشكل جيد، وحافظ على الأمل ولا تيأس، وسترى كيف تسير الأمور كما خططت لها.
5. التنفس بعمق:
عندما تدخل القاعة وتجلس منتظراً حل الأسئلة سيبدأ جسدك بالتخبط، وستتسارع دقات قلبك وتتشنج معدتك وستعم الفوضى عقلك، فتمهل قليلاً وخذ نفساً عميقاً وكرر الأمر مرات عديدة، وسترى بنفسك فاعلية التنفس العميق الذي يمد جسدك بكميات كبيرة من الأوكسجين في علاج القلق الامتحاني.
6. عدم مقارنة نفسك بالآخرين:
لكل إنسان قدرات معينة ومهارات خاصة به، فدعك من مقارنة قدرات رفاقك بقدراتك؛ لأنَّ ذلك سيجلب لك الإحباط واليأس وسيكون سبباً في توترك، وإذا ما أردت علاج القلق الامتحاني فارسم لنفسك مخططاً تسير عليه وقارن نفسك بالتزامك به ولا تنظر إلى رفاقك في القاعة وحافظ على تركيزك في أدائك.
7. عدم التأخر عن موعد الامتحان:
من أهم طرائق علاج القلق الامتحاني هي الخروج مبكراً إلى الامتحان؛ وذلك لأنَّ التأخير سيجعلك تعيش هاجس تفويت الامتحان، وهذا سيزيد قلقك ومستوى توترك.
8. التركيز:
قد يكون علاج القلق الامتحاني عن طريق التركيز في قراءة الأسئلة، فجميعنا قد جربنا قراءة مسألة في لحظات التوتر الامتحاني فغفلنا عن تفصيلة معينة أو قرأنا الأرقام بطريقة خاطئة؛ لذا اهدأ وركز واقرأ الأسئلة بهدوء وتأنٍّ واتبع الاستراتيجية التي تناسبك في الإجابة.
9. تقبُّل الكبوات:
جميع البشر يخطئون ويتعثرون؛ لذا لا تجلد ذاتك على رسوبك في امتحان ما أو نيلك درجات أقل ما كنت تستحق وتتوقع، فثمة درس من وراء ذلك وحكمة إلهية ستظهر لك ولو بعد حين.
10. التوجه لطلب مساعدة المتخصص:
إذا ما فشلت مساعيك في علاج القلق الامتحاني بشكل ذاتي فلا تتردد في طلب المساعدة من المعالج النفسي المتخصص فهو صاحب الخبرة في مجال العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعدك على تنظيم أفكارك وطرد مخاوفك والسيطرة على قلقك.
شاهد بالفيديو: نصائح للتغلب على القلق من الامتحانات
في الختام:
القلق الامتحاني هو حالة نفسية شائعة تصيب الأفراد قبل أو في أثناء الامتحانات والاختبارات المصيرية في حياتهم، وتنتج عنها أعراض جسدية ونفسية، وتستند إلى أسباب إدراكية، وهي حالة طبيعية ولكنَّها قد تتجاوز هذا الحد عند بعض الأشخاص فتؤثر في أدائهم، وهذا يجعلهم بحاجة إلى علاج سلوكي معرفي ذاتي أو بإشراف متخصص بغرض التخلص من القلق الامتحاني الذي يعانونه.
أضف تعليقاً