يعاني الكثيرون من الأمهات والآباء من ذلك؛ إذ إنَّ مثل هذه الحالات شائعة جداً بين الأطفال عموماً، فالآباء يقضون الكثير من وقتهم في حل الخلافات التي تنشأ بين أطفالهم والتي تتحوَّل أحياناً إلى شجار بينهم قد يتطوَّر إلى الضرب، فما هو شجار الأطفال؟ وما هي أسباب تلك الشجارات؟ وكيف يمكن إيقافها؟
ما هو الشجار بين الأطفال؟
الخلافات بين الأطفال شائعة بشكل كبير، وتُعَدُّ جزءاً هاماً في طريقة تعليم الحياة الاجتماعية وما قد يلاقيه الطفل خلال حياته، لكن عند اشتداد الخلافات قد لا يستطيع الطفل تحمُّل ذلك مثل الفرد البالغ، فهو لم يتعلَّم كيف يضبط انفعالاته ويتحكَّم برغباته جيداً، فيتحول هذا الخلاف إلى شجار ينطوي على الرغبة في أذيَّة الطفل الآخر، وتبدأ مرحلة الصراخ واستخدام الشتائم وكذلك الضرب بشكل عدواني.
يبدأ الطفل بالشجار عادةً عندما يمر بموقف يراه وفقاً لتفكيره غير عادل بالنسبة إليه أو أنَّ هناك شيئاً ما يَعُدُّه من حقه أو أنَّه مُلك له ولا يحصل عليه، أو يمكن أن تحدث الشجارات عندما توجد المنافسة بينهم، وتجدر الإشارة إلى أهمية عنصر عمر الطفل الزمني هنا، فكلَّما كان الأطفال قريبين من سن بعضهم، زادت الخلافات والشجارات بينهم.
أسباب الشجار بين الأطفال:
- الغيرة: من أكثر المشكلات التربوية المنتشرة التي يواجهها الآباء هي مشكلة الغيرة بين الأبناء، فكل طفل يريد أن يكون مركز اهتمام والديه، ويَعُدُّ ذلك حقاً له ويحاول الدفاع عنه بكل ما يستطيع من سبل، ومع أنَّ الآباء يسعون غالباً إلى تحقيق العدالة في المعاملة بين أبنائهم، إلَّا أنَّ الطفل قد لا يستطيع إدراك ذلك، كما أنَّه لا يستطيع إدراك حقيقة أنَّ أخوه يملك نفس حقوقه في المنزل.
- العنف الذي قد يمارسه الآباء على أطفالهم فيصبح هذا السلوك مُكتسباً لدى الأطفال، ويعتقدون أنَّ هذا هو السلوك الصحيح والذي يجب عليهم اتِّباعه لحل خلافاتهم.
- محاولة الأطفال لفت انتباه الآباء وجذب انتباههم من خلال إحداث المشكلات واتِّباع السلوكات غير الجيدة لجذب المزيد من الاهتمام إليهم.
- ممارسة أحد الأخوة دور القائد على إخوته ورغبته في فرض آرائه ورغباته الشخصية عليهم، وعند ظهور رأي مخالف له يلجأ إلى الشجار في محاولة إثبات رأيه وجعل الباقين يخافون منه ويهابونه.
- الطبيعة البيولوجية والنفسية الخاصة بكل طفل تؤدي دوراً كبيراً في ميله إلى استخدام السلوك العدواني عند تعرُّضه إلى مشكلة ما.
- تقليد الطفل لأخيه والرغبة في أن يكون مثله؛ إذ يبدأ بممارسة نفس تصرفاته واستعارة أشيائه الخاصة وتبدأ مع ذلك المشكلات.
- استعراض قوة الطفل: قد يلجأ الطفل إلى الشجار كنوع من عرض القوة التي يتمتع بها بقصد نيل الإعجاب من الآخرين.
- الأنانيَّة لدى الطفل والتي تعني حب الذات والتمركز حولها، وهي صفة يكتسبها الطفل من المحيط الاجتماعي، وقد يعززها الوالدان بسلوكهما غير المدروس عبر التدليل الزائد وتعويد الطفل على حصوله الدائم على كافة رغباته أو طلبهم منه عدم مشاركة الآخرين لألعابه وطعامه، فيتشرَّب الطفل هذا السلوك ويمارسه حتى في المنزل مع إخوته.
شاهد بالفديو: 10 خطوات ليتعلم الأطفال من أخطائهم
أنواع الشجار بين الأطفال:
تختلف حدة الشجار باختلاف السبب ورغبات ودوافع كل طفل داخل هذا الخلاف، ويمكن تقسيم أنواع الشجار إلى الأنواع الآتية:
- تبادُل الشتائم والاتِّهامات: وهو سلوك يتعلَّمه الطفل من الكبار والمقربين منه تحديداً، فيعتقد أنَّه السلوك المناسب لإهانة الطفل الآخر والنيل منه.
- العراك: عن طريق استخدام أساليب الضرب المُختلفة ومحاولة تحقيق الانتصار وفرض الرأي بالقوة.
- إبعاد الآخرين عن أشيائه الخاصة كطريقة في التعبير عن رفضه للتعامل مع الآخر؛ إذ يرفض مشاركة ألعابه الخاصة معهم أو حتى مشاركتهم اللعب أو الطعام وغير ذلك من التصرفات التي تدل على الاحتقان والكراهية للآخر والرغبة في الابتعاد عنه ولو مؤقتاً.
- الحقد: الذي يتجلى في كبت المشاعر، والذي يتحوَّل إلى أكثر الأشكال عنفاً في المستقبل.
- الغيرة: والتي تتجلى في مطالبة حصول الطفل على كل ما يحصل عليه الآخر ومقارنة نفسه بالآخر طوال الوقت.
- المعارضة: معارضة الآخر في كل ما يريد وما يقول، ومحاولة إلقاء اللوم عليه دائماً، وتحميله الأخطاء التي تقع، وقذفه بالاتهامات المختلفة.
الآثار السلبية والإيجابية للشجار في الأطفال:
1. الآثار السلبية:
- تشكُّل العداوات بينهم وامتلاء القلوب بالحقد الذي قد يستمر مع الأيام.
- انعدام الثقة بالنفس مع استمرار هذه الخلافات ولا سيما إن حسمَ الآباء تلك الخلافات لمصلحة الطرف الآخر ووبَّخوا الطفل الأول؛ إذ تنشأ مشاعر الغيرة ويعتقد بأنَّه غير محبوب ومنبوذ اجتماعياً فتنعدم ثقته بنفسه، ويتراجع مستوى أدائه بشكل عام، ويهدر الطاقة التي يمتلكها في أشياء غير مفيدة له؛ بل قد تكون مضرة له ولغيره كذلك.
- عدم امتلاك الطريقة الصحيحة في حل الخلافات والاعتقاد بأنَّ الشِّجار هو الحل الوحيد لفض ذلك الخلاف بينه وبين الآخرين.
2. الآثار الإيجابية:
- إنشاء مساحة الطفل الخاصة ورسم حدود حياته: فمن خلال نشوء الخلافات مع الأطفال الآخرين وفض تلك الخلافات، يتعلَّم الطفل ما لَه وما عليه وأين يجب عليه التوقُّف.
- تعزيز قوة الشخصية وكيفية المطالبة بحقوقه وكيف يجب أن يتمسَّك بها.
- التعرُّف إلى القواعد العامة سواء في المنزل أم في المجتمع بشكل عام.
ماذا تفعل عندما يتشاجر الأبناء؟
يرغب الآباء في رؤية أطفالهم سعداء محبِّين لبعضهم بعضاً ويكرهون رؤيتهم على خلاف وشقاق أو أن يعتدي أحدهم بالضرب؛ إذ يثير نشوب هذه الخلافات القلق والحيرة لدى الآباء ويجعلهم يفكرون في الأشياء التي يمكن أن يقوموا بها لتجنُّب هذه الشجارات دون أن تنشأ الحساسيات بين الأطفال، لكن نؤكِّد أنَّ هذه الخلافات وحدوثها أمر طبيعي في عمر الأطفال، ويبقى السؤال كيف يمكن علاج الشجار بين الأطفال؟
يمكن اتِّباع القواعد العامة الآتية والتي تعمل على منع مثل هذه المشاجرات:
- علاج مشكلة الغيرة بين الأخوة: عند حدوث موقف يدل على غيرة الطفل من أخيه على الآباء أن يعرفوا أنَّه لا يجب عليهم توبيخ الطفل الغيور؛ بل يجب حدوث خلاف ذلك، وهو إيلائه اهتماماً أكبر، بالإضافة إلى جمع الإخوة ضمن نشاطات معيَّنة يقومون بها معاً؛ إذ إنَّ تعزيز السلوك التعاوني هو خير ما يمكن القيام به لإنهاء حالة الغيرة بين الأطفال، ويجب إخبارهم بكم تقدرون ذلك التعاون، ويمكن إعطاؤهم مكافأة عن تلك النشاطات التي يقومون بها معاً، ويوجد أمر هام يجب إدراكه والابتعاد عنه تماماً وهو إجراء المقارنات بين الأطفال مهما كان السبب، ودفعهم إلى أن يتصرفوا مثل بعضهم؛ بل يجب أن تكون المقارنة بين أداء الطفل نفسه بين فترة وفترة لاحقة ومكافأته على كل تقدُّم يُحرزه، بالإضافة إلى ذلك يجب الابتعاد عن استخدام الأسماء والرموز والألقاب السيئة أو التي تجعل الطفل يشعر بالخجل.
- يجب أن يُعلَّم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم دون اللجوء إلى ضرب بعضهم بعضاً.
- يجب على الآباء عدم التمييز بين أطفالهم، والعدل بينهم، وأن تكون قوانين المنزل واحدة بالنسبة إلى الجميع.
- على الآباء أن يتفهموا مسألة اختلاف أطفالهم عن بعضهم وأنَّ لكلِّ طفل حاجاته ورغباته المختلفة عن إخواته، لكن تبقى المساواة في الحب والعاطفة هي المطلوبة دائماً.
- لا يجب التدخُّل في كل أنواع المشاجرات؛ إذ يجب ترك الفرصة للأطفال لتعلُّم كيفية حل مشكلاتهم وإدارة انفعالاتهم بأنفسهم.
- يجب على الآباء أن يتحلوا بالصبر ويعطوا الكثير من الوقت لتعليم الأطفال طريقة حل المشكلات التي تنشأ بينهم، وإيجاد حل يرضي الجميع ويمنع وقوع ذات المشكلة مستقبلاً، كما يجب إبعادهم عن تبادل الاتِّهامات فيما بينهم أو تبادل الشتائم أو اللجوء إلى ضرب بعضهم بعضاً.
- تقديم الهدايا والمكافآت وقول الكلمات الجميلة للأطفال عندما ينجزون معاً عملاً ما؛ إذ يجب تشجيعهم على العمل التعاوني والجماعي في كل مناسبه وكل وقت.
- يجب تعليم الأطفال كيفية طلب شيء ما من أخيه، وأنَّهم يجب أن يكونوا سنداً لبعضهم بدلاً من المشاحنة المستمر فيما بينهم.
- إبعاد الأطفال عن سلوك الأنانية؛ وذلك من خلال العمل بجهد على تنمية سلوك المشاركة والتعاون لديهم وتعزيز أي سلوك لدى الطفل يدل على العطاء.
- مساعدة الأطفال على إيجاد قواسم مشتركة بينهم وتغذيتها وتشجيعهم على تقريب الأفكار ووجهات النظر بينهم.
- حل المشكلات التي تنشأ بين الكبار بعيداً عن أنظار الأطفال؛ وذلك تفادياً لمشكلة تقليد الأطفال لسلوكات الكبار وأساليبهم.
- تعريف الطفل بحقوقه التي يمتلكها والواجبات التي يتعيَّن عليه القيام بها، والأشياء التي يستطيع فعلها وكذلك الأشياء التي يجب عليه عدم القيام بها، وكذلك تعليمه العادات والتقاليد السائدة ضمن مجتمعه؛ أي وضع القواعد الخاصة بالطفل والتي يجب أن يلتزم بها.
- تعزيز الروح الرياضية لدى الأطفال وتقبُّل فكرة إمكانية تمييز الآخرين عنهم في بعض الأمور وتشجيعهم على التطوُّر ليكونوا هم أيضاً أفراداً مميزين.
الخلاصة:
مهما اتَّخذ الآباء من أفكار وخطوات لمنع الشجار بين الأطفال لا بدَّ أن تحدث، فالأطفال هم أفراد لم يكتمل نضجهم الانفعالي ومحكومون بالرغبات السريعة، لكن يجب إدراك الوالدين بأنَّ هذه الخلافات حالة طبيعية وتحتاج إلى الصبر، فكل ما يحتاج إليه الأطفال هو تعليمهم كيفية ضبط انفعالاتهم والتحكم بها خلال المواقف المختلفة.
أضف تعليقاً