تأثير الذكاء العاطفي في العلاقات؟
يعد الذكاء العاطفي (EQ) سرَّ دوام العلاقات الزوجية، لأنَّه يجعلنا ندرك التغيُّرات الكبيرة والصغيرة التي تطرأ على الآخرين وعلينا باستمرار، إذ ينمِّي الذكاء العاطفي الحساسية التي يبحث عنها كل شخص في شريك حياته، والتي تجعله يشعر تلقائياً من خلال الوعي والتعاطف بالتغيرات البسيطة التي تطرأ على العلاقة، ليتمكَّن من التعامل معها.
بناء علاقات زوجية قوية:
لسنا مضطرين لاختيار شركاء لا يناسبوننا، أو الوقوع في زيجات فاشلة، ولا أن تختفي الرومانسية والحميمية من علاقاتنا الطويلة، أو ننحرم ممَّن نحبُّ بسبب اختلافات احتياجاتنا ورغباتنا، أو ندع الملل أو الخلافات في حياتنا العاطفية تتمكَّن منَّا، فجميعنا قادرون على إيجاد الحب الذي نحلم به، ذلك الحبُّ القائم على عمق المودة واللطف المتبادل والالتزام الحقيقي والاهتمام الصادق؛ وذلك من خلال التعاطف وقدرتنا الفطرية على مشاركة التجارب العاطفية.
لكنَّ نجاح العلاقة يتطلَّب التمتُّع بجميع مهارات الذكاء العاطفي مثل، الوعي العاطفي لتجنُّب الخلط بين الإعجاب أو الشهوة والحب الحقيقي، وتقبُّل العواطف التي قد تضر بالعلاقة إذا تركتها تتفاقم، والوعي بالأمور التي تسهم في نجاح العلاقة أو فشلها، فلا يُشترط تميُّز الفرد بمستويات عليا من الذكاء العاطفي للبحث عن الحب، وإنَّما غالباً ما يكون الحب نفسه دافعاً لتعميق الفهم العاطفي، فيُعدُّ الذكاء العاطفي المتبادل بين الشريكين عاملاً محورياً في إثراء العلاقة الرومانسية والحفاظ على استمرارية تألقها، كما يسهم في تعزيز النمو الشخصي والمشترك.
أهمية البحث عن التغيير في العلاقة:
عندما تتغلَّب على خوفك من التغيير، تكتشف أنَّه لا يفضي بالضرورة إلى السيناريو الأسوأ؛ بل غالباً ما تتحسَّن الأمور إلى الأفضل، فالعلاقات متغيِّرة بطبيعتها، وإذا لم تنمِّها كما يجب، سيأخذ هذا التغيير منحنى آخر قد لا يعجبك.
تُعدُّ القدرة على استيعاب التغيُّرات والتكيُّف معها مصدراً للشجاعة والأمل اللازمَين لتعزيز الروابط العاطفية، ويتطلَّب هذا النوع من التطور العلاقي التساؤل البنَّاء عن الاحتياجات الجديدة للشريك، وضرورة تخصيص الوقت للتأمل المشترك في جوهر العلاقة، وتقييم الأدوار والمسؤوليات في ضوء الظروف المتغيرة، والتحقق من استمرارية السعادة المتبادلة، فقد يؤدِّي غياب الذكاء العاطفي إلى تجاهل الإشارات الدالة على الحاجة إلى التغيير، وهذا قد يُفوِّت فرص التحسين والنمو في العلاقة.
النظر إلى الصعوبات التي يواجهها الشريكان على أنَّها فرص وليست مشكلات:
يرى الأشخاص الأذكياء عاطفياً في المشكلات فرصاً للنمو، وعندما يتخلَّى الشريكان عن إلقاء اللوم المتبادل، يُصبحان أقل عرضة لتأثير الذكريات السلبية، وهذا يُساعدهما على تجنُّب تكرار الأخطاء السابقة والمضي قدماً نحو مستقبل أكثر إيجابية.
حينما يتمتَّع الزوجان بمستوى عالٍ من الذكاء العاطفي، لا يستسلمان للملل والرتابة التي تهدد استمرارية علاقتهما، بل يشرعان إلى حلِّ مشكلاتهما بأساليب فعَّالة، ويواجهان خلافاتهما والأزمات التي لا مفرَّ منها بطريقة تقرِّبهما من بعضهما، وتجعلهما أقوى من ذي قبل.
شاهد بالفيديو: أسس الذكاء العاطفي بين الزوجين
احترام المشاعر التي يكنُّها الشريكان لبعضهما:
لا تعجبنا دائماً الأمور التي نكتشفها في شريكنا، ولكن يقتضي الحبِّ تقبُّلها جميعاً، فلا يعني الوقوع في الحبِّ عدم الشعور بالغضب أو خيبة الأمل أو الألم العاطفي أو الغيرة؛ بل لك حرية التعبير عن مشاعرك كما تريد، ولكن ما يهمُّ هو أن تشعر بها بكل عمقها، ولقد دمَّر اللوم عدة علاقات، وفقدَ ملايين الأزواج الألفة العاطفية بينهما بسبب الخجل، فكلا الشريكين لم يعبر عن بقايا مشاعر الغضب والخوف والقلق لديه، أمَّا تنمية الذكاء العاطفي، فتساعد على مواجهة هذه العواطف، ثمَّ المضي قدماً في الحياة معاً.
الحفاظ على الضحك والفرح في الحياة العاطفية:
القبول أمر محوري لتجنُّب تعقيد مسألة العواطف، وللضحك دور محوري في تنمية هذا القبول، فالزوجان اللذان لا يضحكان على أنفسهما معاً ربَّما لا يتقبَّلان علاقتهما كثيراً، ولا يستطيعان تحمُّل العيوب والعوائق الحتمية التي تواجههما، فينحرمان من لذة العلاقة، وعلى الجانب الآخر، يساعد التمتع بنسبة عالية من الذكاء العاطفي على تحسين العلاقة باستمرار دون الوقوع في شرك التوقُّعات المثالية المتعلقة بالشريك.
الانتباه لما تشعر به حينما يغيب شريكك:
ثمَّة طريقة لا تخيب لاكتشاف مسار العلاقة بالضبط، والتي تستخدم المقاييس الثلاثة للسلامة النفسية وهي، الشعور بالنشاط وصفاء الذهن والود، وإليك الأسئلة الآتية للمساعدة، هل تشعر بالقلق أو الانزعاج عموماً؟ أو هل يلازمك الإرهاق والتعب النفسي في العمل أو الدراسة بعد قضاء ليلة ممتعة مع الشريك؟ أو هل تشعر بالاستياء من وجود العائلة والأصدقاء على الرغم من أنَّكما تقضيان جُلَّ وقتكما معاً؟
لا يكفي الحب وحده أحياناً، فإذا كنت لا تشعر بالنشاط والحيوية والود طوال الوقت، فلا يهمُّ مدى انسجامكما حين تكونان معاً، وإذا كان يسعدك لقاء شريكك عندما تعود إلى المنزل مساءً، ولكنَّك لا تقوى على النهوض صباحاً، فهذا يُنذر بوجود مشكلة حتى لو كان كل شيء يبدو على ما يرام بينكما، فعند الوقوع في مثل هذه الحالة، تُسهم المعلومات التي جمعتها عن نفسك وشريكك وعلاقتك نتيجة عواطفك وأفكارك، إلى الوصول للحل المناسب.
10 طرائق للحبِّ بذكاء:
1. استخدام المقاييس الثلاثة للسلامة النفسية لاكتشاف مدى صحة اختياراتنا العاطفية:
إذا كنت تشعر بالنشاط والصفاء الذهني والود عموماً، فعلاقتك إيجابية وواعدة.
2. إخبار الشريك بما تشعر به:
عبِّر عمَّا تشعر به لشريكك، لأنَّ ذلك يحدِّد شخصيتك، ولن تشعر أنَّك محبوب أبداً إذا حاولت تغييرها.
3. الإصغاء إلى الشريك:
انسجِمْ مع مشاعر شريكك وأنت تصغي إلى كلماته.
4. تقديم الدعم والحبِّ الذي يحتاجه الشريك:
قد يرى بعضهم الاقتراحات أو المساعدة التي تقدِّمها لهم مفيدة، بينما يُعدُّها بعضهم الآخر نوعاً من التطفُّل، كما لا يحبُّ الجميع أن تلمسهم بالطريقة نفسها، أو أن يعبِّروا عن حبِّهم وحنانهم للشريك في الأماكن العامة، ولا يستجيبون بالطريقة ذاتها عند تلقِّي الهدايا، فليكن التعاطف إذاً دليلك لاكتشاف ميول ورغبات شريكك.
5. سؤال الشريك عن مشاعره:
لا يضمن الحب معرفة كل شيء عن الشريك، لذا يجب سؤاله عن شعوره تجاه أي أمر كان.
6. بذل الجهد لنجاح العلاقة:
يعتقد بعضهم أنَّ العثور على الحبِّ الحقيقي، يعني التوقف عن محاولة تحسين العلاقة، بيد أنَّ العلاقات تنمو وتزدهر بالاهتمام، وتفنى وتموت نتيجة الإهمال.
7. التعلم من الشريك:
يمنعك الوعي من الاعتماد على أية افتراضات سابقة عن الشريك.
8. الحذر من الذكريات العاطفية:
إنَّ الآثار العاطفية لآلام الماضي هي أكثر ما يعرض علاقاتنا الحالية للخطر.
9. الاعتراف بالأخطاء:
لا بدَّ من الوقوع في الأخطاء في العلاقات نظراً لطبيعتها المعقَّدة، ولكن تتحول هذه الأخطاء إلى فرص للنمو إذا واجهها الشريكان دون إلقاء اللوم على بعضهما.
10. الاستفادة من التغيير لتنمية العلاقة:
صحيح أنَّ التغييرات مرهقة وتسبب التوتر، إلَّا أنَّها فرص لتجديد العلاقة أيضاً.
العثور على الشريك المناسب:
كيف تعرف أنَّك اخترت الشخص المناسب حين تقع في الحب لأول مرة؟ وكيف تعرف أنَّك مغرم بهذا الشخص حقاً، أم أنَّ فكرة الحبِّ تعجبك فقط؟ وكيف لك أن تتجنَّب تكرار أخطاء الماضي إذ سبق أن مررت بتجربة تركت جرحاً غائراً في نفسك من قبل؟ إليك الخطوات الآتية لمساعدتك:
1. الاعتماد على الإشارات الجسدية وليس التفكير العقلي عند اختيار الشريك:
يرى بعضهم أنَّ اختيار شريك الحياة هو مشروع عقلاني وليس له علاقة بالجانب العاطفي، ولكن غالباً ما تكون لتلك العلاقات نهايات مُرَّة بسبب طغيان عقل الفرد على عاطفته، إذ يعتقد الناس أنَّهم يقعون في الحبِّ لأسباب متعددة، منها الشهوة أو الافتتان أو الرغبة في الشعور بالأمان أو الحصول على المكانة أو نيل القبول الاجتماعي، فيظنون أنَّهم وجدوا الحب الحقيقي؛ لأنَّ الشريك المحتمل يلبِّي توقعات معيَّنة، ولكنَّهم يقعون في الاختيار الخاطئ ما لم يدركوا مشاعرهم.
في كل مرة تحاول فيها تبرير اختيارك للشريك أو يشغل أمره بالك، خذ نفَسَاً عميقاً، واخرج من دوامة أفكارك وركِّزْ على ما تشعر به في جسدك، فإذا ظلَّ شعور عدم الراحة يعتريك أو ازداد هذا الشعور، فمن المحتمل أنَّك اخترت شريكاً لا يناسبك، أمَّا إذا اعتمدت على التفكير العقلاني فقط، فلن تعرف ما تريده أبداً.
2. التركيز على الإشارات الجسدية:
يصعب على معظم الناس التركيز على الإشارات الجسدية عند الوقوع في الحبِّ بسبب قوة الانجذاب العاطفي نحو الشريك، ولهذا من الهام الانتباه إلى المشاعر الخفية الأخرى في الجسد مثل، توتر العضلات أو الصداع النصفي أو آلام المعدة أو انخفاض الطاقة، والتي تدلُّ جميعها على أنَّ الشخص الذي ترغب به لا يناسبك، أمَّا إذا كان الحبُّ يمنحك الطاقة والحيوية، يعني هذا أنَّ الحب حقيقي وأنَّك اخترت الشريك المناسب، حينما تتجاوز مشاعرك الافتنان بالشخص، ستنعكس الإيجابية على جميع جوانب حياتك وعلاقاتك، فاطرح على نفسك الأسئلة الآتية القائمة على الذكاء العاطفي:
- هل تعزز هذه العلاقة حياتي عموماً؟ أي هل تحسِّن عملي؟ وهل تجعلني أعتني بنفسي اعتناءً أفضل؟
- هل ذهني صافٍ، وهل ازداد تركيزي وإبداعي وشعوري بالمسؤولية؟
- هل تتجاوز مشاعر الحب التي أكنُّها لشريكي الرغبة بالاهتمام به، وهل أشعر بمزيد من الكرم والعطاء والتعاطف مع الأصدقاء أم زملاء العمل أم الغرباء؟
إذا كانت إجاباتك عن هذه الأسئلة لا تسرُّك، فحاوِلْ التغلُّب على الخوف من الفقدان الذي نواجهه جميعاً، فإذا عرفتَ الآن أنَّك لم تجد الحبَّ الحقيقي، ستوفر على نفسك ألم الذكريات السلبية إذا ما انفصلتما لاحقاً، والتي تدفعك إلى تكرار الأخطاء نفسها، أو تجعلك ترفض فكرة الحبِّ تماماً.
3. التعرُّف جيِّداً إلى الشريك:
كثيراً ما نتحفَّظ في تعاملنا مع الأشخاص الجدد، وهذا يؤدي إلى إقامة حواجز نفسية تعوق عملية التعارف والتقارب بيننا، إذ قد يكون الانفتاح وإظهار الضعف أمام الشريك أمراً مخيفاً في هذه المرحلة، لكنَّها الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان الحب الحقيقي ممكناً بينكما، وما إذا وقعت في حبِّ شخص صادق أو مزيَّف، ويُفضَّل أن تبادر في التواصل معه، فتكشف له عن سر خاص أو تضحك على نفسك أو تُظهر له المودة في أوقات غير متوقَّعة، فإذا جعلك رد فعله تشعر بالحيوية والأمان، فلربَّما وجدت توأم روحك، أمَّا إذا لم ترتح لاستجاباته، فربَّما لهذا الشخص مستوى منخفض من الذكاء العاطفي، وعليك أن تقرر كيفية التعامل معه.
الاختلاف بين الحاجات والرغبات في الحب:
للعثور على الشريك المناسب، عليك أن تعرف الفرق بين حاجاتك الأساسية ورغباتك، وإليك التمرين الآتي لمساعدتك على تحديد ذلك:
- تحديد خمس سمات أو خصائص تهمُّك في الشريك مثل: الأناقة أو خفة الدم أو حس المغامرة أو الاهتمام أو الانفتاح العاطفي أو الاهتمام بالرياضة أو الجاذبية أو الإبداع أو الذكاء أو الحنية أو النجاح المالي أو الشهرة أو الاحترام أو الشعبية الكبيرة أو حس الأبوة أو الأمومة أو الروحانية أو التحفيز والتشجيع.
- سؤال النفس عند ذكر كل سمة ما إذا كانت تشعرك بالنشاط وتهدِّئ أعصابك وتثير عواطفك، وما إذا كانت التجربة ممتعة أم غير سارة أم عادية؟
- عادة ما تكون الرغبات عابرة أو سطحية إلى حدٍّ ما، بينما تثير الحاجات مستوى أعمق من المشاعر.
- إعادة التمرين عدة مرات لتفهم الاختلافات بين رغباتك واحتياجاتك في الحب.
- تحديد ما إذا كان الشخص الذي تعتقد أنَّك تحبُّه يلبِّي هذه الاحتياجات.
التعامل مع شريك يتمتَّع بذكاء عاطفي منخفض:
لا نتمتَّع جميعاً بالمعدَّل ذاته من الذكاء العاطفي، فإذا كان ذكاؤك العاطفي أعلى من الذكاء العاطفي لدى شريكك، فإليك بعض الطرائق الفعَّالة للتعامل مع سلوكه وقلة الإصغاء:
- التفكير في المشاعر والكلمات التي تريد أن تخبر شريكك بها، فإذا لم تحدد ما تحتاجه وسبب حاجتك إليه، فلن تكون رسالتك له واضحة.
- تحديد وقت لا تكونان فيه أنت وشريكك مشغولان لمناقشة احتياجاتك، فيمكنكما التنزُّه معاً أو تناول الغداء أو العشاء.
- إعلام شريكك بمشكلتك معه من خلال إخباره بما تحتاجه، كأن تقول له: "أودُّ الاهتمام بمظهري أكثر كما تريد، ولكنَّ الاهتمام بالأطفال وحدي يأخذ جُلَّ وقتي، وهذا يصيبني بالإرهاق، فهلَّا قضيت بعض الوقت معهم كي يتسنَّى لي الاعتناء بنفسي قليلاً؟
- في حالة تلقِّي رد فعل دفاعي من شريك حياتك بشأن رغباتك أو متطلباتك التي أخبرته بها، من الهام إعادة صياغة المخاوف التي أثارها بطريقة تُظهر الفهم والتقدير، فيمكنك أن تقول مثلاً: "أدرك أنَّك تخشى أن تؤدي مسؤولياتي الوظيفية الجديدة إلى إهمال احتياجاتك واحتياجات أطفالنا".
- إخباره بما تحتاجه مجدَّداً، ثمَّ الإصغاء إليه مرة أخرى، والاستمرار في ذلك حتى تشعر بأنَّه سمعك تماماً.
أضف تعليقاً