وجميع الناس معرَّضون للخيانة من قِبل الشريك العاطفي، وتُعَدُّ الخيانة جريمة بحق الشريك العاطفي لما تتركه من آثار سلبية في النفس على الرغم من أنَّ الخيانة قبل الزواج قد تحمي من زواج فاشل ومن خسائر كبيرة لاحقاً، ويعتقد غالب الناس أنَّ سبب الخيانة هو عدم الرضى بالشريك أو نتيجة غياب الحب، لكن في الحقيقة يوجد العديد من الأسباب التي تدفع الشخص إلى خيانة شريكه العاطفي والتي سنقوم بذكرها في هذا المقال إضافة إلى طرائق العلاج.
أولاً: أنواع الخيانة في الحب
تختلف أحياناً أسباب الخيانة في العلاقات العاطفية باختلاف نوع الخيانة؛ لذلك يجب أن ننوه بالبداية إلى أبرز أنواع الخيانة في الحب:
1. الخيانة العاطفية:
عندما يكون الإنسان ضمن علاقة عاطفية وفجأة يبدأ بلقاء شخص آخر غير شريكه العاطفي أو يقرر العودة إلى الشريك السابق أو حتى يكون لديه شريكان عاطفيان ويشعر بالحيرة بينهما، فكل ما ذكرنا هو خيانة عاطفية؛ أي خيانة في المشاعر فقط.
2. الخيانة الجنسية:
قد يكون للشريك العاطفي دوافع جنسية أو حتى عاطفية تدفعه إلى إقامة علاقة جنسية غير شرعية، فيُعَدُّ ذلك خيانة أيضاً.
3. الكذب:
عند إقامة علاقة عاطفية يجب أن يكون كلا الطرفين على دراية بتفاصيل حياة الشريك العاطفي؛ لذلك إخفاء معلومات هامة يُعَدُّ خداعاً للشريك وخيانة لثقته مثل إخفاء علاقات سابقة أو زواج سابق أو عدم التصريح عن الوضع الصحي أو المادي حتى إن كان ذلك ناتجاً عن حسن نية؛ لأنَّ هذه المعلومات قد تؤدي إلى تغيير مسار العلاقة العاطفية بشكل كبير.
4. تقديم وعود مزيفة:
قد يقوم الشريك العاطفي بتقديم الوعود الوهمية التي لا يستطيع القيام بها؛ وذلك بهدف زيادة تعلُّق الشريك به وزيادة حبه، فنتيجة الأحلام التي يعيش بها يصطدم لاحقاً بالواقع المغاير لما توقعه فيَعُدُّ ذلك نوعاً من الخيانة.
5. المشاعر المزيفة:
من أنواع الخيانة أيضاً عدم التصريح عن المشاعر الحقيقة للشريك العاطفي سواءً في بداية العلاقة أم في نهايتها، فقد يتظاهر الشريك بمشاعر الحب بهدف عدم خسارة الشريك العاطفي لأسباب مختلفة تعود لطبيعة كل علاقة لكن مهما كانت هذه الأسباب هامة لا يوجد ما يبرر الخداع في المشاعر وجرح إنسان بجعله يعيش علاقة مزيفة.
6. الرحيل المفاجئ:
لا يجب إنهاء أيَّة علاقة عاطفية دون توضيح الأسباب وراء ذلك، فمن حق أي إنسان أن يعلم بذلك قبل الرحيل؛ لأنَّ ترك الإنسان في حيرة عند الرحيل المفاجئ من أصعب ما قد يشعر به، فقد يعتقد أنَّه تم تركه لعدم الرضى به لينتج عن ذلك ضعف بالثقة بالنفس أو مشكلات نفسية كثيرة لا يمكن التخلص منها بسهولة.
شاهد: 8 طرق لبناء الثقة في العلاقات
ثانياً: أسباب الخيانة في الحب
بعد معرفة أبرز أنواع الخيانة لا بد من معرفة الأسباب والدوافع وراء ذلك، وسنذكر أبرز الأسباب الكامنة وراء الخيانة في العلاقات العاطفية:
1. الإهمال:
عدم حصول الإنسان على الاهتمام الكافي من شريكه العاطفي يدفعه إلى التعلُّق بطرف آخر إن وجد عنده الاهتمام والحب الذي يفقده في علاقته العاطفية.
2. السعي إلى الانتقام:
فقد يكون خيانة الشريك العاطفي ناتجة عن تعرضه للخيانة مسبقاً في علاقاته العاطفية أو انتقاماً من المعاملة السيئة التي يتلقاها من شريكه الحالي؛ فمثلاً قيام سيدة بخيانة زوجها عندما تتيح الفرصة لها لأنَّه يقوم بتعنيفها دائماً، فتُعَدُّ الخيانة رداً على التعنيف، أو بسبب الفشل العاطفي المتكرر فيحاول الشخص أن يثبت أنَّه قادر على تكوين العديد من العلاقات العاطفية وأنَّه قادر على جذب العديد إليه.
3. انتهاء الحب:
قد ينتهي الحب في كثير من العلاقات العاطفية لكن يبقى الشريكان معاً لأسباب عدة مثل الاعتياد على وجود الشريك أو نتيجة الارتباط الرسمي والخوف من ردة فعل المحيطين أو من كلام الناس، عندها يقوم الشريك بالخيانة بحثاً عن السعادة في علاقة أخرى أو بهدف إعادة الشعور بمشاعر الحب التي يفتقدها.
4. غياب الحب من الأساس:
فقد تكون هذه العلاقة العاطفية نتيجة آراء المحيطين أو رؤيتهم بأنَّ هذا الشريك مناسب فتبدأ العلاقة بمشاعر مزيفة، ومن ثمَّ لن يستمر ذلك طويلاً وسيبدأ أحد الطرفين بالسعي إلى إيجاد الحب عند طرف آخر.
5. الشعور بعدم الالتزام:
فعادةً العلاقات الأسرية تُشعر الإنسان بالالتزام فيبتعد عن القيام بأي خطأ خوفاً من انهيار الأسرة وتشتت الأبناء حتى في حال عدم وجود مشاعر الحب القوية التي تربط بين الزوجين، ومن ثمَّ في العلاقات العاطفية التي لا يوجد فيها هكذا التزامات؛ أي يكون الالتزام شفوياً فقط ولا يترتب عليه نتائج تكون الخيانة أسهل بالنسبة إلى الطرف الخائن.
6. محاولة الانتهاء من العلاقة:
قد يشعر أحد الأطراف بأنَّه يريد إنهاء العلاقة العاطفية لكن ليس لديه سبب يبرر ذلك فيجد الخيانة هي الحل الأمثل الذي يضمن له عدم بقاء الشريك العاطفي معه؛ لأنَّ باقي الأسباب مثل التحجج بالوضع المادي أو المعيشي قد يكون غير مجدٍ لأنَّ الشريك العاطفي قد يتفهمه؛ بل ويعمل على مساعدته ليصبح بوضع أفضل على عكس الخيانة التي لا يقبل بها أحد غالباً، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الخيانة تضمن للطرف الخائن وجود شخص بديل لشريكه العاطفي بعد إنهاء العلاقة معه.
7. استكشاف الفرص:
تنتج الخيانة عن بحث أحد الأطراف عن علاقة عاطفية جديدة ومختلفة عما يملكه تلبي رغباته أو احتياجاته؛ أي إنَّه يسعى إلى امتلاك علاقة عاطفية أفضل مما يوجد لديه.
8. عدم إدراك أنَّ هذا التصرف خيانة:
فقد يقوم الشريك العاطفي بإخفاء معلومات هامة كما قلنا آنفاً بهدف إتمام علاقته العاطفية دون مشكلات دون الإدراك أنَّ ذلك تصرف غير مقبول ويُعَدُّ خيانة، أو قد يقوم بتصرفات مثل مغازلة أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو التعرف إليه، فيُعَدُّ ذلك تصرفاً عادياً أو خاطئاً لكن ليس من أشكال الخيانة.
9. الدافع الجنسي:
فنحن نعيش في مجتمع محافظ ومتدين لا يرى أنَّ العلاقة الجنسية مسموحة قبل الزواج أبداً، لكن بعض الناس لا يتفهم ذلك، وبدلاً من السعي إلى الزواج بشريكه العاطفي قد يسعى إلى إيجاد من يلبي رغباته الجنسية فتحدث الخيانة حينها.
10. التربية:
عند غياب التربية الصحيحة تغيب الكثير من القيم والأخلاق الحميدة؛ لأنَّ التربية السليمة والوازع الديني أيضاً لهم الدور في صيانة القلب والنفس والابتعاد عن الأفعال غير اللائقة كالخيانة مثلاً، وأيضاً في حال تربى الإنسان ضمن وسط حدث فيه خيانة زوجية مثلاً أو أي فعل غير أخلاقي يترك آثاراً سلبية في نفس الطفل قد تدفعه لفعلها لاحقاً وتكرار ما رآه في عائلته، حتى إنَّ بعض الدراسات في علم النفس أكدت أنَّ الوراثة لها دور في ذلك؛ إذ إنَّ احتمال خيانة الشخص تكون أكبر في حال كان أحد أفراد عائلته قام بذلك سابقاً مثل الأم أو الأب.
شاهد أيضاً: علامات شائعة تدل على خيانة الشريك
ثالثاً: علاج الخيانة في الحب
نقصد بالعلاج هنا هو علاج الشخص الذي تعرَّض للخيانة في علاقة عاطفية؛ وذلك لأنَّ الخيانة العاطفية تترك ألماً كبيراً يبدو بشكل صدمة وحزن ولوم للذات ومن ثم الرغبة في الانتقام وقد تترك الخيانة آثاراً طويلة الأمد مثل قلة الثقة بالنفس وعدم احترام الذات والخوف من الارتباط نتيجة عدم الوثوق بالجنس الآخر؛ لذلك لا بد من علاج الخيانة وتجاوز الصدمة، ويمكن ذلك من خلال ما يأتي:
1. عيش الحزن كاملاً:
قد يخجل بعض الناس من التظاهر بالحزن أو الصدمة بعد الفشل العاطفي ويفضِّل أن يظهر قوياً، لكن من الضروري منح النفس الوقت الكافي لاستيعاب الصدمة وعيش الحزن كي لا تتراكم الأحزان في قلب الإنسان ويصل إلى مرحلة صعبة العلاج، ويمكن الاستعانة بصديق مقرب والتحدث إليه كي لا تنجر وراك الأفكار السريعة والسلبية أو الاستعانة بالعائلة فليس عيباً أن تطلب المساعدة من أحد مقرب أو حتى تطلب المساعدة من مدرب حياة أو معالج نفسي.
2. سماع الطرف الخائن:
من حق الإنسان أن يعرف ما هي الأسباب التي دفعت شريكه العاطفي لخيانته كي لا يلقي اللوم على نفسه ويعتقد أنَّ الخيانة حدثت نتيجة تقصيره في ناحية معينة؛ لذلك عليك إجراء حوار مع الشريك الخائن والاستماع لوجهة نظره.
3. الابتعاد عن جلد الذات:
غالباً ما يقوم الإنسان بلوم نفسه عند تعرضه للخيانة ويعتقد أنَّه لو كان على قدر أكبر من الاهتمام لما حصلت الخيانة، لكن عند الخيانة يوجد مذنب وحيد وهو الطرف الخائن حتى إن كان هناك شكل من أشكال التقصير تجاهه فالأفضل هو إنهاء العلاقة حينها وليس الخيانة.
4. اتخاذ القرار المناسب:
فليس الجميع يفضِّل الانفصال بعد اكتشاف خيانة شريكه العاطفي؛ إذ يتفهم بعضهم الأسباب التي أدت إلى ذلك وهو يحاول حلها وفتح صفحة جديدة، لكن مهما كان القرار فهو أمر شخصي ويجب تحمُّل نتائجه؛ لذلك عليك التفكير ملياً قبل اتخاذ القرار.
5. الاهتمام بالنفس:
بعد المرور بتجربة صعبة كالخيانة العاطفية لا بد من الاهتمام بالنفس جيداً للتخلص من كافة المشاعر السلبية واستعادة الطاقة الإيجابية، ويمكن ذلك من خلال ممارسة الرياضة والذهاب في نزهات والقيام بنشاطات ترفيهية مع الأصدقاء وتعلُّم أشياء جديدة لأنَّ النفس تستحق كل ما هو جميل.
6. التأني قبل الدخول في علاقة جديدة:
يسعى بعضهم إلى التخلص من الآثار السلبية لعلاقة عاطفية سابقة بالدخول في علاقة جديدة على مبدأ "وداوِها بالتي هي الداء" ولكنَّ الآثار السلبية سوف تنتقل إلى العلاقة الجديدة وتتسبب بفشلها غالباً؛ لذلك من الأفضل البقاء لفترة دون ارتباط عاطفي كي تبني علاقة صحيحة أكثر في المستقبل.
في الختام:
ليس من الضروري أن يكون إهمال الشخص هو السبب في تعرضه للخيانة؛ إنَّما على الأغلب أسباب الخيانة تتعلق بالشخص الخائن وطريقة تفكيره أو ما تعرض له من خيبات أو علاقات فاشلة أو تربية فاسدة.
وعلى الرغم من النتائج السلبية التي تظهر بعد العلاقة العاطفية الفاشلة، إلا أنَّها تساعدنا على فهم ذاتنا وإدراك مشاعرنا وتعلُّم كيفية النهوض من الأزمات العاطفية كي نكون أكثر توازناً ونضجاً وحكمة في العلاقة العاطفية في المستقبل.
وكما لاحظنا سابقاً، فإنَّ العلاج يقتصر على الاهتمام الجيد في النفس ومنحها الوقت الكافي للتعافي بتأجيل أيَّة علاقة عاطفية جديدة، وطبعاً من الهام معرفة أسباب الخيانة كي لا تقع في حيرة الأسئلة المبهمة ولا ضرر من الاستعانة بصديق أو مختص كي يكون العلاج فعالاً أكثر.
أضف تعليقاً