الغضب في العلاقات العاطفية:
يعتقد بعضهم أنَّ المشكلات في العلاقات العاطفية أمراً أساسياً، ولكنَّه في الحقيقة بخلاف ذلك، فينبغي على الأفراد أن يُدركوا أنَّ الغضب في العلاقات العاطفية يختلف عن أي نوع آخر من الغضب، ويمكن أن يؤدي إلى إحداث جروح عميقة قد لا تُنسى أبداً، لذلك يجب أن تتعامل مع هذه الناحية بحذر شديد مع شريكك.
عندما ينبعث الغضب بين الشريكين، يثير ذلك مشاعر الانزعاج والاستياء من بعضهما بعضاً، وتنتج عنه حساسية عاطفية، وهذا يؤدي إلى تفاقم المشكلات الموجودة، وإثارة خلافات جديدة تزيد من تدهور العلاقة وتؤدي إلى انعدام مشاعر الحبِّ تدريجياً، فتحتاج العلاقات الصحية إلى أسس قوية من الدعم والاحترام المتبادل.
التعبير عن الغضب بطرائق غير محترمة يمكن أن يثير مشاعر عدم الاحترام أو عدم المساواة، ويمكن أن يشعر بالإهانة والإحباط، وفي حالة عدم استعدادك للتعبير عن الغضب بطريقة لحلِّ المشكلة، فمن المحتمل أن تردَّ بالقوة نفسها أو ردَّاً أكثر عدوانية، وهذا يزيد من تفاقم الموقف، وإذا استمرت هذه الدورة السلبية، فستُدمَّر أسس العلاقة وقد تبدأ في رؤية شريكك بوصفه عدواً بدلاً من حليف.
أسباب الغضب في العلاقات العاطفية:
يتعامل الأزواج والشركاء مع تجاربهم اليومية بالحبِّ والدعم، ولكن في بعض الأوقات، يظهر الغضب بوصفه ظاهرةً طبيعية ومؤقَّتة، ويمكن أن ينشأ الغضب في العلاقات العاطفية من عدة أسباب متنوعة، فيصبح التعبير عن المشاعر والتعامل مع الغضب والتحديات في العلاقات العاطفية جزءاً لا يتجزأ من العلاقة بين كل شخصين، فدعونا نقدِّم بعض العوامل التي قد تثير الغضب وتؤثر في صحة العلاقة:
1. عدم احترام مشاعرك من قِبَل الشريك:
عندما يقوم الشريك بأفعال أو يقول أشياء قد تتسبَّب بالإهانة والإرهاق النفسي، فهذا يثير شعوراً بعدم الاحترام، وقد يؤدي ذلك إلى نوبات غضب تجاهه.
2. التأخير المستمر:
يعدُّ تأخُّر الشريك الدائم أمراً مستفزَّاً، وبالأخصِّ إذا كنت من الأشخاص المهتمين بالمواعيد الدقيقة، فهذا الأمر قد يسبِّب لك الإحباط ويثير غضبك.
3. عدم إعطاء الأولوية:
الشعور بعدم وضعك في المقدمة من قِبَل الشريك، أو إهمال احتياجاتك يمكن أن يثير الغضب والاستياء.
4. تفضيل العمل على حساب العلاقة:
عندما يفضِّل الشريك العمل دائماً على العلاقة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور بالإحباط والغضب وإضعاف مشاعر الحب.
5. عدم تقاسم المسؤوليات المنزلية:
قد يزيد عدم وجود توازن في تقسيم المهام المنزلية من الغضب والشعور بعدم المساواة.
6. عدم المشاركة المالية:
عدم مساهمة الشريك في المسؤوليات المالية يمكن أن يسبِّب الغضب والاستياء.
7. عدم توافق الأولويات:
عندما لا يتماشى توجُّهكما للمستقبل، يمكن أن يثير ذلك الغضب والإحباط.
8. التعامل بالضغينة:
عندما يحمل الشريك ضغينة على أخطائك السابقة، يمكن أن يتحول ذلك إلى غضب وكره شديدين.
9. التفاهة في المواقف الخطيرة:
قد يكون صعباً تقبُّل الدعابة في المواقف الجادة، وهذا يؤدي إلى الغضب وردود فعل غير منطقية.
هذه العوامل قد تسبِّب مشكلات أكثر من مجرد الغضب، وقد تثير أيضاً قلق الشريك تجاه العلاقة إذا كان يعتاد على نوبات غضبك، فعلى الشريك تعلُّم كيفية التعامل مع الغضب في العلاقات العاطفية.
شاهد بالفيديو: تقنيات تساعد على الهدوء والسيطرة على الغضب
آثار الغضب في العلاقات العاطفية:
يعدُّ الغضب عاطفة قوية يمكن أن تكون مدمِّرة إذا لم يعبَّر عنها تعبيراً صحيحاً، ويمكن أن يؤدي الغضب الشديد إلى تفتيت أسس العاطفة، فتتأسَّس العلاقات الصحية على عوامل مثل التواصل الفعال، ووضع الحدود، وتوافق الآراء، واحترام الشريك، وتقديم الدعم المتبادل.
عندما يُعبَّر عن الغضب بطرائق غير مرنة ومدروسة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إحداث تشققات في أسس العلاقة، ويمكن للشريك الآخر أن يشعر بعدم الأمان والتوتر، وهذا يؤثر في علاقتهما تأثيراً سلبياً، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي إلى فقدان الشخص للتوازن والقدرة على تقدير الوضع تقديراً صحيحاً، وهذا الارتباك العاطفي يمكن أن يؤدي إلى اتِّخاذ قرارات خاطئة ويجعل الشخص في وضع دفاعي مستمر، وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة والتواصل في العلاقة، ويمكن أن يؤدي الغضب غير المنضبط والتعبير عنه تعبيراً غير صحيح إلى فشل العلاقة فشلاً كاملاً، في حال لم يتمكَّن الشركاء من إدارة الغضب إدارةً بنَّاءةً وتقديم الدعم لبعضهما بعضاً.
نصائح للتعامل مع الغضب في العلاقات العاطفية:
عندما يظهر الغضب في العلاقات العاطفية، يمكن أن يكون التعامل معه تحدياً، ولكن بالطبع ليس مستحيلاً، وإذا تمكَّن الشركاء من فهم كيفية التعامل مع هذه العاطفة القوية تعامُلاً بنَّاءً، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز صحة العلاقة وتقويتها، وفي هذه الفقرة سنتحدث عن مجموعة من النصائح للتعامل مع الغضب في العلاقات العاطفية بطريقة بنَّاءة وفعَّالة:
1. فكِّرْ بالكلام قبل التحدُّث:
أحد أفضلِ الخطط للتعامل مع الغضب هو التوقف مؤقتاً لتفكير وإدراك الموضوع قبل الرد، فعند تعرُّضك لموقف مزعج، ستشعر بالرغبة في الصراخ على شريكك أو صديقك ولكن يجب التوقف للحظة، وأخذ نفس عميق، وإعادة الأمور في ذهنك، والعدُّ للعشرة قبل أن تتَّخذ أي إجراء، والمحاولة بقدر الإمكان تجنُّب الانتقادات أو القول أو القيام بأي شيء قد تندم عليه لاحقاً.
2. اهدَأْ وتذكَّرْ ما أزعجك:
بمجرَّد أن تهدأ، خُذْ لحظةً لتتذكَّر أسباب انزعاجك، وما الشعور الأصح للرَّد على ما حدث، وحاوِلْ تحديد الشعور الأعمق الذي يثيره الواقع، فربَّما تشعر بعدم الأهمية لأنَّ زوجك لم يساعدك في تنظيف المطبخ بعد إعداد العشاء، أو تشعر بالاستغلال لأنَّ ابنك استعار سيارتك وأعادها وهي محطَّمة، فخاطِبْ الظرف والشخص خطاباً واضحاً ومباشراً باستخدام عبارة (أنا)، فمثلاً قلْ: أنا منزعج لأنَّك تركتني دون سيارة للذهاب إلى العمل، أو أنا غاضب من أنِّي أعددتُ الوجبة وأنت لم تساعدني في التنظيف بعد ذلك.
3. امزَحْ واضحَكْ لتتخلَّص من التوتر:
يعدُّ استخدام الضحك والمزاح للتخلص من التوتر وتهدئة الأجواء، أمراً فعَّالاً في تحويل غضبك إلى شيء أكثر إيجابية، من خلال محاولة أن تضحك على نفسك بسبب توقعاتك غير الواقعية عن كيفية تطور الأمور ونتائج هذه الأفعال، فاستمتِعْ بالضحك وتخيَّل الوضع بطريقة أخرى، ولكن دون السخرية التي قد تؤذي الآخرين، وتذكَّر أنَّ الهدف من الضحك هو تخفيف التوتر وليس توجيه الانتقادات العدوانية، وهذه الطريقة تعدُّ فعَّالة للتعامل مع الغضب في العلاقات العاطفية.
4. خصِّصْ الوقت لنفسك:
يعدُّ تخصيص الوقت لنفسك أحد طرائق الرعاية الذاتية، ويُقصد بها الوعي بمستوى طاقتك في التركيز على احتياجاتك الشخصية والبقاء في حالة جيِّدة، فإنَّ منح نفسك بضع دقائق من الراحة خلال الأوقات التي تكون فيها مشغولاً قد تكون مفيدة جداً، وقد تمنحك فترات قصيرة من الهدوء الطاقة اللازمة لمواجهة التحديات المقبلة بأمان وهدوء، دون أية انفعالات سلبية.
5. مارِسْ التمرينات الرياضية:
تعدُّ ممارسة التمرينات الرياضية أمراً ضرورياً لتقليل التوتر الذي قد يُسبِّب الغضب، وغالباً ما يُنصح بممارسة التمرينات الرياضية لتحسين المزاج ولِطرح الطاقات السلبية من الجسد، فتعمل الإندورفينات الناتجة عن النشاط البدني بوصفها منشِّطاً طبيعياً ومهدِّئاً للتوتر، فإذا شعرت بارتفاع مستوى الغضب، جرِّب الخروج للمشي السريع أو الجري، أو قضاء بعض الوقت في ممارسة نشاطات بدنية ممتعة أخرى.
6. اتَّبِع نشاطات الاسترخاء:
يساعد استخدام أي من حواسك الست أو جميعها من خلال نشاطات معيَّنة على توفير مدخلات مريحة لتحسين الهدوء، فيمكنك ممارسة تمرينات التنفُّس العميق، وتناول مشروب دافئ، وشم بعض الروائح الطيبة، والخروج للخارج لتشعر بالهواء النقي، وتمديد عضلاتك، والنظر لمشهد مريح، والاستماع إلى الموسيقى الهادئة، أو تكرار كلمة أو قراءة رواية معيَّنة، إضافة إلى ذلك، اليوغا والتأمل الذين يمكن ممارستهما للمساعدة على الحفاظ على الهدوء، فعندما تأخذ الوقت للعناية بنفسك، سيصبح من الأسهل التعامل مع التحديات التي تواجهك في الحياة.
7. ابتعِدْ عن الحقد:
يعدُّ الغفران سلاحاً قويَّاً بيدِ كلِّ شخص، فعندما تتمسَّك بآثار الآخرين وتأمل بأن يعتذروا أو يعوضوك، فإنَّك تضرُّ نفسك أكثر من أي شخص آخر، وإذا سمحت للغضب والمشاعر السلبية بالسيطرة على مشاعرك، فقد تجد نفسك محاصراً في دوَّامةٍ من الحقد والإحباط، ومع ذلك، إذا استطعت أن تسامح شخصاً أساء لك، فسوف تشعر بالتحرر ولن تكون مقيَّداً بالتفكير في (الانتقام).
في الختام:
يبقى التعامل مع الغضب في العلاقات العاطفية تحدياً يتطلَّب الصبر والتفهُّم والعمل الجاد، فمن خلال تطبيق الاستراتيجيات المناسبة، يمكننا تحويل هذه العاطفة القوية إلى فرصة لتحسين الاتصال وتعزيز العلاقات.
أضف تعليقاً