الذكاء العاطفي لا يُولد معنا، بل هو مهارة تُبنى وتتطور من خلال الممارسة والتدريب المهني في بيئة العمل؛ حيث يسهم في تطوير الوعي الذاتي، والتحكم في العواطف، وتحسين التنظيم الذاتي، وتعزيز المهارات الاجتماعية، ويؤدي إلى اتخاذ قرارات أكثر حكمةً وفعاليةً.
سنوضّح، في مقالنا هذا، كيف يمكن للتدريب المهني أن يكون مفتاحاً لزيادة الذكاء العاطفي وتطوير القدرة على التعامل مع التحديات المهنية بصورة أكثر كفاءةً ومرونةً.
أهمية الذكاء العاطفي في بيئة العمل
يُعد الذكاء العاطفي أحد العوامل الحاسمة في نجاح الأفراد والمؤسسات في بيئة العمل الحديثة، إذ أظهرت الإحصاءات أنّ الأشخاص الذين يتمتعون بمستوىً عالٍ من الذكاء العاطفي، يؤدون تأديةً أفضل بنسبة 127% مقارنةً بزملائهم الأقل ذكاءً عاطفياً، ويكسبون 29,000 دولار سنوياً أكثر من غيرهم، كما أنّه يساهم في 58% من النجاح في أي وظيفة.
بالإضافة إلى ذلك، يُعد الذكاء العاطفي مؤشراً قوياً على فعالية القيادة؛ إذ يتنبأ بنسبة 67% من نجاح القادة. نتيجةً لذلك، يحرص ما يزيد على 42% من الشركات العالمية على تقديم تدريبات في هذا المجال لمديريها التنفيذيين.
بناءً على هذه الأرقام، يتّضح أنّ الذكاء العاطفي ليس مجرد مهارة إضافية، بل هو عنصر أساسي يعزز الأداء الفردي والجماعي، ويؤثر مباشرةً في رضا الموظفين، والقيادة الفعالة، والاستقرار الوظيفي داخل المؤسسات.
ما هو الذكاء العاطفي ولماذا هو هامّ؟
يُعرّف الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence - EQ) بأنّه القدرة على التعرُّف على العواطف، وفهمها، وإدارتها في نفسك وفي الآخرين. بالتالي، يمنحك القدرة على وضع مشاعرك في سياقها الصحيح والتعامل معها بوعي. يختلف الذكاء العاطفي عن الذكاء العقلي (IQ) من حيث التركيز؛ إذ يعتمد الذكاء العقلي على الحقائق والمنطق الصارم، بينما يهتم الذكاء العاطفي بكيفية تطبيق هذه الحقائق في الواقع العملي.
يظنّ بعض الناس أنّ الذكاء العاطفي أكثر أهميةً من الذكاء العقلي في بيئة العمل، لكنّ الحقيقة أنً الموازنة بينهما هي المفتاح. من دون المنطق والتفكير العقلاني، قد يصبح الذكاء العاطفي مجرد استجابة عاطفية غير منتجة. لكن عندما نستخدمه استخداماً صحيحاً، يصبح أداة قوية لتعزيز التعاون داخل الفرق وبناء علاقات ناجحة في العمل، يشمل الذكاء العاطفي خمس مهارات أساسية:
- الوعي الذاتي: إدراك وفهم مشاعرك الخاصة.
- إدارة الذات: التحكم في العواطف والتصرف بمرونة في المواقف المختلفة.
- التحفيز الذاتي: القدرة على البقاء متحمساً وموجهاً نحو الأهداف رغم التحديات.
- التعاطف: فهم مشاعر الآخرين والاستجابة لها بذكاء.
- المهارات الاجتماعية: بناء علاقات فعالة والتواصل بوضوح مع الآخرين.
في بيئة العمل الحديثة أصبح الذكاء العاطفي عاملاً جوهرياً في بناء فرق قوية، ومفتاحاً أساسياً لتحقيق النجاح والاستقرار في عالم الأعمال المتغير؛ فهو يعمل على:
- تحفيز الموظفين وإلهامهم لتحقيق أفضل الأداء.
- اكتشاف واغتنام الفرص التي قد يغفل عنها الآخرون واتخاذ قرارات إستراتيجية بناءً على فهم أعمق للسياق العاطفي.
- حل النزاعات والتعامل معها بطريقة عادلة ومتوازنة.
- رفع الروح المعنوية وزيادة الإنتاجية.
- تحسين عمليات التوظيف والتطوير المهني وضمان اختيار قادة وموظفين يتمتعون بمهارات تواصل وتفاعل قوية.
- تطوير القيادة التعاونية وتمكين الفرد من بناء علاقات قوية داخل فرقهم وتعزيز بيئة عمل قائمة على التعاون والثقة المتبادلة.
- التكيف مع تحديات الاقتصاد العالمي.
- تحسين إستراتيجيات التعامل مع المواقف المعقدة.
- التعامل مع أصحاب مصلحة متنوعين، واتخاذ قرارات مدروسة، والاستثمار في حلول تتناسب مع البيئات المتغيرة والمليئة بعدم اليقين.
العلاقة بين الذكاء العاطفي واتخاذ القرارات المهنية
الذكاء العاطفي هو مفتاح اتخاذ قرارات مهنية أكثر توازناً ووضوحاً؛ إذ يساعدك على التحكم في مشاعرك وفهم تأثيرها في خياراتك. عندما تكون مدركاً حالتك العاطفية، يمكنك تجنب القرارات الاندفاعية الناتجة عن الغضب أو القلق، كما أنّ القدرة على إدارة العواطف تمنحك مساحة للتفكير قبل التصرف وتقلل من الأخطاء الناتجة عن التوتر والردود العاطفية الفورية التي قد تكون ضارة.
الذكاء العاطفي أيضاً، يمكّنك من فهم مشاعر الآخرين، واتخاذ قرارات أكثر إنصافاً، ويقلل من الصراعات. أخيراً، إنّ التحفيز الذاتي هو ما يجعلك تتخذ قرارات تدعم تطورك المهني على الأمد الطويل، بدلاً من التراجع بسبب الخوف أو التردد.
على سبيل المثال، إذا كان مدير يواجه قراراً صعباً بشأن تأخير مشروع بسبب مشكلات في الفريق، قد يشعر بالغضب أو الإحباط. لكن من خلال الذكاء العاطفي، يمكنه التعرف على مشاعره، ثم التعامل معها بنضج، مما يتيح له اتخاذ القرار المناسب بناءً على الحقائق والظروف المحيطة، بدلاً من اتخاذ قرارات متسرعة استناداً إلى العواطف التي قد تؤثر سلباً في الفريق أو سير العمل.
شاهد بالفيديو: الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني
دور التدريب المهني في تنمية الذكاء العاطفي
أصبح دور التدريب المهني في تنمية الذكاء العاطفي أمراً حيوياً وضرورياً في بيئة العمل الحديثة؛ إذ أظهرت الدراسات أنّ 75% من شركات فورتشن 500 (قائمة سنوية تُصدرها مجلة "فورتشن" لأكبر 500 شركة في الولايات المتحدة الأمريكية) تقدم تدريباً على الذكاء العاطفي؛ لأنّه يسهم في تحسين الأداء الوظيفي وزيادة الإبداع والمشاركة، فالأشخاص ذوو الذكاء العاطفي العالي يشهدون زيادة بنسبة 76% في المشاركة و61% في الإبداع.
من خلال التدريب المهني المتخصص في هذا المجال، يمكن للمؤسسات تنمية المهارات المهنية والحيوية لدى موظفيها، مما يسهم في تحسين بيئة العمل وزيادة الإنتاجية.
كيف يعزز التدريب المهني الوعي الذاتي والتحكم في العواطف؟
1. ممارسة التمارين العملية التي تساعد على فهم العواطف وإدارتها
يساعد التدريب المهني الأفراد على تجنُّب التحيُّز العاطفي، وتحقيق الوعي الذاتي، والتحكم في العواطف وإدارتها، من خلال مجموعة من التمارين العملية، مثل:
1.1. تمارين الوعي الذاتي العاطفي
يتم تدريب الأفراد على تسجيل مشاعرهم من خلال تمارين مثل تمرين "يوميات العواطف" لتحديد الأنماط العاطفية المتكررة لديهم. كما يُطلب منهم التعرف على المحفزات العاطفية التي تؤثر فيهم في العمل، مثل التعرض للنقد، أو ضغط المواعيد النهائية، أو التعامل مع زملاء صعبي المراس.
لتعزيز هذا الوعي، يتم تشجيعهم على استخدام أسئلة التأمل الذاتي، مثل: ما الذي أشعر به الآن؟ ما السبب وراء هذه المشاعر؟ وكيف يمكنني التعبير عنها تعبيراً صحياً؟ تساعدهم هذه الأسئلة والتمارين على تطوير استجابات أكثر اتّزاناً وإيجابيةً في بيئة العمل.
2.1. محاكاة المواقف العملية
يتم وضع الأفراد في مواقف تحاكي بيئة العمل الحقيقية، مثل تلقي ملاحظات نقدية أو التعامل مع عميل غاضب. يهدف هذا التدريب إلى مساعدتهم على إدارة العواطف بدلاً من الاستجابة بانفعال لحظي، وتوجيههم إلى أساليب تواصل أكثر هدوءاً، كما يحصل المشاركون على ملاحظات حول ردود أفعالهم، ويتم تكرار التمرين حتى يتمكنوا من تطوير استجابة متزنة تساهم في تعزيز مهاراتهم العاطفية والمهنية.
3.1. تدريبات التعاطف وتحليل المشاعر
يتم تدريب الأفراد على فهم مشاعر الآخرينمن خلال تمارين مثل "الاستماع العميق"؛ إذ يُطلب منهم الإنصات دون مقاطعة ثم إعادة صياغة ما سمعوه.
2. تحسين مهارات التعامل مع الضغوط المهنية واتخاذ قرارات متزنة
1.2. تطوير إستراتيجيات إدارة الضغط النفسي
يتم تقديم جلسات تدريبية حول تقنيات تقليل التوتر، مثل تقنيات التنفس العميق، التي تساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين التركيز وتمارين اليقظة الذهنية (Mindfulness)، التي تساعد على البقاء في اللحظة الحاضرة والتفاعل بعقلانية مع الضغوط وتقنيات إعادة التقييم المعرفي، والتي تساعد على تغيير طريقة التفكير في المواقف العصيبة، مثل استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية.
2.2. تعزيز القدرة على اتخاذ قرارات متزنة تحت الضغط
يتعلم الأفراد كيفية التمييز بين ردود الفعل العاطفية والقرارات العقلانية وعدم التسرع في اتخاذ القرارات؛ إذ يجري تدريبهم على تقنيات "الإيقاف المؤقت"، مثل العد التنازلي من 10 إلى 1 أو تأجيل الرد لمدة دقيقة، حتى يتمكنوا من التفكير بعقلانية قبل اتخاذ القرار، كما يتم تدريبهم على استخدام نماذج تحليل القرار، مثل تحليل إيجابيات وسلبيات كل قرار؟
3.2. تمارين تحسين القدرة على التحمل العاطفي
تمارين مثل التكرار المنتظم للمواقف الصعبة في بيئة تدريبية آمنة تكسب الفرد مهارات إدارة العواطف والحفاظ على الهدوء واتخاذ قرارات مدروسة تحت الضغط.
تطوير مهارات التواصل والتعاطف من خلال التدريب المهني
يساعد التدريب على تطوير مهارات الاستماع الفعّال؛ إذ يتعلم الأفراد الإنصات لزملائهم أو عملائهم دون مقاطعة ويمكنهم من فهم مشاعر واحتياجات الآخرين فهماً أعمق. بعد ذلك، يُطلب منهم إعادة صياغة ما سمعوه لضمان استيعابهم الصحيح للموقف العاطفي.
كما يُدرَّب الأفراد على كيفية التعبير عن مشاعرهم بطريقة بنّاءة لا تؤثر سلباً في العلاقات المهنية وتؤكد الدراسات أنّ 75% من أفضل الموظفين يمتلكون مهارات عاطفية عالية، تشمل الاستماع والتواصل الفعال. إليك بعض التمارين المستخدمة في التدريب المهني لتطوير مهارات التواصل الفعال:
1. تمرين "الاستماع الفعّال"
يُطلب من المشاركين العمل في أزواج؛ إذ يتحدث أحدهم عن موضوع معين لمدة دقيقتين دون مقاطعة، بينما يُطلب من الطرف الآخر الاستماع جيداً وبعد انتهاء الحديث، يُعيد المستمع صياغة ما سمعه بأسلوبه الخاص، ثم يحصل على ملاحظات حول مدى دقة فهمه للموقف.
2. تمرين "الرسالة الواضحة"
يقوم المشاركون بكتابة رسالة قصيرة توضح فكرة أو طلب معين ثم يقرأها زميل آخر ويفسرها والهدف هو تحسين القدرة على نقل الأفكار بوضوح وتقليل احتمالات سوء الفهم.
3. تمرين "إدارة العواطف في التواصل"
يُوضع المشاركون في مواقف تواصلية صعبة، مثل تلقي ملاحظات نقدية أو التعامل مع زميل غاضب، ثم يُطلب منهم الاستجابة بطريقة متزنة تعكس التحكم في العواطف.
4. تمرين "لغة الجسد والتواصل غير اللفظي"
يُطلب من المشاركين التواصل بعضهم مع بعض دون كلمات، مستخدمين فقط تعابير الوجه ولغة الجسد.
5. تمرين التعاطف في الحوار
يقوم المشاركون بلعب أدوار في سيناريوهات تتطلب التعاطف، مثل الاستماع إلى زميل يعاني من ضغط العمل أو محاولة حل نزاع بطريقة ودّية.
6. تمرين "حل النزاعات بطريقة تواصل"
يُوضع المشاركون في مواقف تحاكي خلافات في العمل، ويُطلب منهم إيجاد حلول من خلال الحوار واستخدام تقنيات مثل "التفاوض التعاوني" و"طرح الأسئلة المفتوحة" بدلاً من المواجهة المباشرة.
تحسين القدرة على التأثير والإقناع
تُعد مهارات الإقناع والتأثير من العناصر الأساسية للذكاء العاطفي؛ إذ تساعد الأفراد على التواصل بفعالية وبناء علاقات قوية، فضلاً عن التأثير الإيجابي في الآخرين دون الحاجة إلى اللجوء إلى السلطة أو الإجبار.
من خلال التدريب المهني، تُطوَّر هذه المهارات عن طريق فهم العواطف وإدارتها، وتمكين الأفراد من التأثير بصورة مدروسة ومقنعة تتناسب مع احتياجات الآخرين وظروفهم. من التمارين لتحقيق ذلك:
1. تمرين "حديث المصعد"
يُطلب من المشاركين تقديم فكرة أو منتج أو اقتراح خلال 60 ثانية فقط، مما يدربهم على الإيجاز والإقناع بسرعة وفعالية.
2. تمرين "إعادة الصياغة والإقناع"
يُطلب من المشاركين اختيار موضوع معين ومحاولة إقناع الطرف الآخر به باستخدام زوايا مختلفة، مثل الفوائد العملية، أو التأثير العاطفي، أو القيمة المستقبلية.
3. تمرين "الإقناع من خلال القصة"
يُدرَّب المشاركون على استخدام القصص الشخصية أو المهنية لإقناع الآخرين.
4. تمرين "التحكم في نبرة الصوت ولغة الجسد"
يطلب من المشاركين إلقاء نفس الجملة بنبرات مختلفة (حماسية، ومحايدة، ومترددة، وواثقة)، ثم تحليل كيف يؤثر ذلك في المتلقي.
5. تمرين "الإجابة على الاعتراضات"
يُدرَّب المشاركون على التعامل مع الاعتراضات بطريقة عقلانية وإيجابية، مثل تحويل الاعتراض إلى فرصة لإعادة التفاوض بدلاً من الدخول في صدام.
التدريب المهني كأداة لتحسين القيادة واتخاذ القرار
يُعد امتلاك مهارات القيادة الذكية عاطفياً إحدى العناصر الهامّة في عملية اتخاذ القرار وتعزيز بيئة العمل الإيجابية. من خلال التدريب المهني، يمكن للقادة تطوير قدرتهم على فهم مشاعرهم والتحكم بها واتخاذ قرارات أكثر عقلانيةً؛ إذ يعمل التدريب المهني على تعزيز الذكاء العاطفي الذي بدوره يحسن من القيادة واتخاذ القرار. إليك بعض التمارين في هذا المجال:
1. محاكاة صنع القرار
يتم وضع القادة في مواقف مشابهة لتلك التي قد يواجهونها في العمل، مثل اتخاذ قرارات تحت الضغط أو التعامل مع فرق متنازع عليها.
2. تمرين "الإيقاف المؤقت"
يتعلم القادة كيفية التوقف مؤقتاً قبل اتخاذ القرار في المواقف العاطفية أو المليئة بالضغوط، مما يمنحهم الوقت للتفكير وتحليل الموقف بوضوح.
3. ورش عمل حول الذكاء العاطفي في القيادة
إذ يجري تدريب القادة على كيفية تعزيز الوعي الذاتي والتحكم في العواطف واتخاذ القرارات.
4. تدريبات تحليل المشكلات والتفكير النقدي العاطفي والعقلاني
التي تساعد على تحقيق التوازن بين المشاعر والمنطق عند اتخاذ القرارات الإستراتيجية.
شاهد بالفيديو: 10 مهارات ناعمة تساعدك على تحسين حياتك المهنية
أثر التدريب المهني في القدرة على اتخاذ القرارات
يُعد التدريب المهني أحد العوامل الأساسية التي تساهم في تحسين عملية اتخاذ القرارات، وخاصةً في البيئات الديناميكية التي تتطلب التفكير السريع والتكيف المستمر، تشير الأبحاث إلى أنّ الذكاء العاطفي مسؤول عن 58% من النجاح في جميع أنواع الوظائف.
كما يُعد الأفراد ذوي الذكاء العاطفي العالي أكثر نجاحاً في الأدوار القيادية بنسبة 50%، وهو ما يبرز أهمية تطوير هذه المهارة من خلال التدريب المهني.
كيفية تحسين القدرة على اتخاذ القرارات من خلال التدريب المهني
1. تحديد حدود الوقت
تحديد مواعيد نهائية واتخاذ قرارات في إطار زمني محدد يساعد في تجنب المماطلة والتأجيل.
2. جمع المعلومات
والبحث في المصادر الموثوقة، مما يعزز القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة.
3. موازنة الإيجابيات والسلبيات
يمكن للتدريب المهني تحسين القدرة على موازنة الخيارات المتاحة من خلال فهم الإيجابيات والسلبيات المرتبطة بكل قرار.
4. الاستماع الفعّال
تدريب الموظفين على مهارة الاستماع الفعّال يساعد في الحصول على آراء مختلفة وأخذها في الاعتبار عند اتخاذ القرارات.
دور التدريب في تقليل التحيُّزات العاطفية عند اتخاذ القرارات
تؤثر التحيُّزات العاطفية بعمق في قدرة الموظفين على اتخاذ قرارات موضوعية وفعالة في بيئة العمل. فغالباً ما تؤدي هذه التحيُّزات إلى قرارات غير متوازنة أو غير مدروسة. من أنواع التحيُّزات العاطفية الشائعة:
1. تحيُّز التأكيد
هو الميل إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد المعتقدات الحالية وتجاهل المعلومات المخالفة.
2. تحيُّز الألفة
هو تفضيل الخيارات المألوفة أو الأشخاص المعروفين بدلاً من تقييم جميع البدائل موضوعياً.
3. تحيُّز التفاؤل المفرط
هو الثقة الزائدة في القدرة على اتخاذ القرار دون التحقق الكافي من البيانات والمعلومات.
4. تحيُّز التوافر
هو الاعتماد على المعلومات المتاحة بسهولة بدلاً من البحث عن بيانات أكثر دقةً وشموليةً.
5. تحيُّز التكلفة الغارقة
هو الاستمرار في قرار خاطئ بسبب الاستثمار السابق فيه، حتى لو كانت الأدلة تشير إلى ضرورة تغييره.
6. تحيُّز التناسب
هو الميل إلى الاعتقاد بأنّ القرارات الكبيرة يجب أن يكون لها أسباب كبيرة، حتى لو كانت هناك عوامل بسيطة تؤثر فيها.
7. تحيُّز الهالة
هو تأثُّر الحُكم على شخص أو فكرة بجانب إيجابي أو سلبي واحد بدلاً من تقييمها تقييماً شاملاً.
8. تحيُّز المجموعة
هو الميل إلى موافقة رأي المجموعة لتجنب الصراع، حتى لو كان هناك رأي مخالف أكثر صحةً.
يساعد التدريب المهني الأفراد على تجنب التحيُّزات العاطفية من خلال تعزيز وعيهم بها وتطوير مهارات تحليل المشكلات والتفكير النقدي واتخاذ القرار بموضوعية. فهو يعرّفهم على التحيُّزات الشائعة ويمكنهم من إدراك تأثير العواطف في قراراتهم.
كما يزوّدهم بأدوات لتحليل المعلومات منطقياً، مثل موازنة الإيجابيات والسلبيات، والتحقق من المصادر المتنوعة. كما يتيح التدريب لهم فرصاً لممارسة اتخاذ القرار في سيناريوهات واقعية وتطوير القدرة على التصرف بوعي تحت الضغط. كما يعزز الذكاء العاطفي لديهم ويمكنهم من إدارة العواطف والتحكم في مشاعرهم واتخاذ قرارات متزنة بعيداً عن التأثيرات العاطفية.
أمثلة عملية لنجاح التدريب المهني في تحسين اتخاذ القرارات
1. دراسات حالة لأشخاص استفادوا من التدريب المهني لتعزيز مهاراتهم في صنع القرار
1.1. أحمد - مدير مشروعات في شركة تقنية
كان أحمد، وهو مدير مشروعات في شركة تقنية تضم ما يزيد على 200 موظف، يواجه صعوبة في اتخاذ قرارات مما أدى إلى تأخير تنفيذ بعض المشروعات بنسبة 30%عن الجدول الزمني المخطط له.
قرر أحمد الالتحاق ببرنامج تدريبي مدته 3 أشهر، ويركز على الذكاء العاطفي واتخاذ القرارات تحت الضغط. خلال التدريب، تعلّم أحمد كيفية تحليل المعلومات تحليلاً أسرع، وإدارة مشاعره عند مواجهة مواقف صعبة، والاستفادة من مهارات فريقه بفعالية.
بعد انتهاء البرنامج، لاحظ تحسناً كبيراً في سرعة اتخاذ القرارات وساعده في تقليل نسبة التأخير إلى 10% فقط، وزيادة إنتاجية فريقه بنسبة 20% خلال ستة أشهر.
2.1. سارة - قائدة فريق في قطاع المبيعات
سارة تعمل قائدة فريق مبيعات في شركة تجزئة كبرى، وتُشرف على 15 موظفاً. كانت تواجه تحديات في توزيع المهام واتخاذ القرارات المناسبة لتعزيز أداء فريقها. التحقت بدورة تدريبية مكثّفة مدتها 6 أسابيع حول الذكاء العاطفي والتواصل الفعّال في بيئة العمل.
خلال التدريب، تعلّمت إستراتيجيات لفهم دوافع فريقها وتحفيزهم بطرائق تُناسب شخصياتهم المختلفة وبعد تطبيق ما تعلمته، تحسن أداء فريقها، وارتفعت نسبة تحقيق الأهداف البيعية من75% إلى 95%خلال ربع السنة التالي، مما أدى إلى زيادة إيرادات القسم بنسبة 25%.
شاهد بالفيديو: ما العلاقة بين الذكاء العاطفي والقيادة؟
2. أمثلة من شركات كبرى تطبق برامج تدريبية لتعزيز قدرات الموظفين في اتخاذ القرارات الفعالة
1.2. تعزيز اتخاذ القرار في خدمة العملاء لدى "زين للاتصالات"
نفذت "زين" برنامجاً تدريبياً لموظفيها يركز على تحليل شكاوى العملاء واتخاذ قرارات مناسبة لحلها بسرعة. بعد تطبيق هذا التدريب، ارتفعت معدلات رضا العملاء بنسبة 25%نتيجة لتحسن استجابة الموظفين ودقتهم في التعامل مع المشكلات.
2.2. اتخاذ قرارات مالية أكثر ذكاءً في "جنرال إلكتريك"
بعد تقديم برنامج تدريبي حول التحليل المالي واتخاذ القرار، تمكن فريق المشتريات في "جنرال إلكتريك" من تقليل التكاليف التشغيلية بنسبة 15%من خلال اتخاذ قرارات أكثر دقةً بشأن الموردين والعقود.
3.2. تطوير القيادة واتخاذ القرارات الإستراتيجية في "مايو كلينك"
درّبت "مايو كلينك" مديريها على التفكير الإستراتيجي واتخاذ قرارات مبنية على البيانات، مما أدى إلى تحسين كفاءة توزيع الموارد الطبية وكنتيجة لذلك، تم تقليل أوقات الانتظار بنسبة 30%.
4.2. تحسين اتخاذ القرار في إدارة المشاريع لدى "مايكروسوفت"
ساعد التدريب على أدوات تحليل البيانات والتخطيط الإستراتيجي فريق إدارة المشاريع في "مايكروسوفت" على اتخاذ قرارات أفضل بشأن أولويات المهام. بعد التدريب، زادت نسبة المشاريع التي يتم تسليمها في الوقت المحدد بنسبة 20%.
دراسات وإحصائيات تدعم العلاقة بين التدريب المهني وتطوير الذكاء العاطفي واتخاذ القرارات
تؤكد الدراسات والتقارير الحديثة على العلاقة القوية بين التدريب المهني وتطوير الذكاء العاطفي واتخاذ القرارات. وفقاً لـ (Harvard Business Review (2023، فإنّ الموظفين الذين يمتلكون ذكاءً عاطفياً عالياً يتخذون القرارات بنسبة 30% أسرع من غيرهم.
كما أظهرت دراسة (McKinsey & Company (2022 أنّ 75% من المديرين التنفيذيين يرون أنّ تعزيز الذكاء العاطفي في بيئة العمل، يساهم في تحسين الإنتاجية واتخاذ قرارات أكثر حكمةً.
في السياق ذاته، يشير تقرير (Forbes (2023 إلى أنّ 80% من الشركات الرائدة، تستثمر في برامج تدريب مهني تركز على تطوير هذه المهارات لضمان أداء أكثر كفاءةً وفاعليةً.
في الختام
أصبح التدريب المهني أداةً قويةً ليس فقط لاكتساب المهارات التقنية، ولكن أيضا لتعزيز الذكاء العاطفي وتحسين القدرة على اتخاذ القرارات؛ إذ يتيح التطوير الوظيفي من خلال تدريب الأفراد فرصةً لفهم أنفسهم فهماً أعمق، والتفاعل بفعالية مع زملائهم، والتعامل مع التحديات المهنية بثقة وحكمة.
من خلال برامج تدريبية مهنية فعالة، يمكن للأفراد تعلم كيفية التحكم في عواطفهم، تحسين تواصلهم مع الآخرين، واتخاذ قرارات أكثر ذكاءً وفعاليةً في بيئة العمل. ابدأ اليوم في البحث عن برامج تدريبية مناسبة واستثمر في تطوير ذكائك العاطفي لتحقيق نجاح مهني أكبر!
أضف تعليقاً