انخفض معدَّل استقالة الأميركيين من وظائفهم بنسبة 5% مقارنة بالفترة السابقة، وأكثر من ضعف ذلك مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حسب "معهد أبحاث إيه دي بي" (ADP Research Institute).
تقول رئيسة المعهد "نيلا ريتشاردسون" (Nela Richardson) إنَّ موجة الاستقالة الكبرى تحولت إلى موجة البقاء في العمل، مشيرة إلى انخفاض فرص العمل بنسبة 20% عما كانت عليه عندما بلغت ذروتها قبل عام في شهر آذار/ مارس 2022.
أحد الأسباب التي تشير إليها "ريتشاردسون" هو أنَّ الذين يغيرون وظائفهم لا يحصلون على مكافأة بزيادات كبيرة في الرواتب كما كان الحال في الماضي، إضافة إلى ذلك، فإنَّ النقص في العمالة الذي كان يجعل سوق العمل سوقاً للباحثين عن عمل آخذٌ في التراجع.
على وجه التحديد، يعمل الأميركيون الأكبر سناً الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً والأميركيين الأصغر سناً تحت سن 25 عاماً أكثر من ذي قبل، وإن كان ما يزال أقل مما كان عليه قبل الجائحة، في حين ارتفعت مشاركة العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاماً في قوة العمل قليلاً عما كانت عليه قبل الجائحة.
البقاء في العمل: الاستقرار والثبات
لقد كانت سنوات قليلة متقلبة داخل وخارج الشركة (شخصياً أو افتراضياً)، فتقول إحدى المؤيدات للبقاء في العمل "إليس ماكس" (Elice Max)، وهي مديرة التسويق في شركة "إيميو كوبون" (EMUCoupon) ومقرها استراليا: "بالنظر إلى حالة سوق العمل، أفضِّل البقاء حيث أنا بدلاً من دخول سوق العمل، على الرغم من مرور أكثر من عام على انتهاء الإغلاق، فإنَّ الاقتصاد ما يزال يتعافى في العديد من البلدان.
في حال مثل هذه، ترك وظيفتك الآمنة للغوص في سوق العمل لا معنى له، إلا إذا كنت مستعداً للتضحية بدخلك، ويريد الجميع تحقيق دخل أعلى، لكنَّ سوق العمل يشكل رادعاً، فأردت العمل في شركة كبيرة وشعرت أنَّ لدي ما يكفي من الخبرة تؤهلني للحصول على منصب جيد إلى حدٍّ ما في شركة متعددة الجنسيات، ومع ذلك، بمجرد أن رأيت المنافسة الشديدة في سوق العمل، أدركت أنَّني لن أحصل على الراتب الذي أريده حتى لو التحقت بواحدة من أفضل الشركات الموجودة، وهذا هو السبب الرئيسي وراء قراري في البقاء".
شاهد بالفيديو: 7 استراتيجيات لابقاء موظيفك في حالة تحفيز دائم
قد لا يكون تغيير الوظيفة خياراً أفضل:
كما قالت "ماكس"، من المغري البحث عن وظيفة أفضل تتضمن رواتب أعلى، وبيئة عمل أفضل، ومجال عمل أروع، لكنَّ كوتش السيرة الذاتية والحياة المهنية "أريسان نيكول" (Arissan Nicole) تقول إنَّ هذا ليس هو الحال دائماً، وهي تحذِّر الموظفين من أنَّ تغيير الوظيفة قد لا يكون خياراً أفضل.
تقول: "لا يوجد أي خطأ على الإطلاق في البقاء في شركتك أو حتى في منصب محدد إذا كان القرار مناسباً لك، فإذا كانت وظيفتك الحالية لا تؤثر في حياتك خارج العمل، وتحب زملاءك وليس لديك مشكلات مع شركتك، فلماذا لا تبقى؟
لا يحتاج كثير من الناس إلى وظيفة أحلام بعيدة المنال ليكونوا سعداء، والعمل ليس أولوية بالنسبة إليهم؛ إنَّها ببساطة وسيلة لدفع الفواتير والقيام بالأشياء التي يحبونها خارج العمل، لكن إذا كنت تفضِّل البقاء في وظيفتك خشية عدم قدرتك على الحصول على وظيفة أخرى، فقد يكون الوقت قد حان للبحث عن استراتيجية للخروج.
البقاء في مكانك ليس عذراً للشعور بالارتياح، فالأوضاع قد تتغير، وبالنسبة إلى الأشخاص المستعدين للبقاء في وظائفهم، ما زلت أوصي بتحديث سيرتك الذاتية وتتبُّع الأشياء المختلفة التي تفعلها وإنجازاتك، فيجدر بك عدم الانخداع بشعور زائف بالأمان، فكما ترى مع عمليات التسريح الجماعي للموظفين، فإنَّ قرار البقاء ليس بيدك دائماً".
إعادة تعريف نفسك خارج حياتك المهنية:
بالنسبة إلى بعض الموظفين لم تعد فكرة اغتنام الفرصة التالية والارتقاء بالمستوى هي الهدف؛ فلا يبحث بعض الموظفين عن تحديات مهنية، بل يحتاجون فقط إلى الاستقرار ويسعدهم البقاء في وظائفهم.
قد يركز هؤلاء الموظفون على المشاريع التي يشغفون بها أو بناء شركات صغيرة خارج العمل، وآخرون لديهم هوايات مكلفة يحتاجون إلى راتب ثابت لممارستها، أي إنَّ هؤلاء الموظفين يشقون طريقهم بعيداً عن وظيفتهم.
الخطوات التي يجب على أرباب العمل اتِّخاذها لإقناع الموظفين بالبقاء مدة طويلة:
من الطبيعي أن يبقى بعض الموظفين في وظائفهم، سواء بسبب الخوف أم الراحة، ولكن قد يتخذ أرباب العمل بعض الخطوات للاحتفاظ بالموظفين.
إليك بعض الخطوات التي اتخذتها "سارة شميت" (Sarah Schmidt) نائبة الرئيس في شركة "إنترديبيندس بوبليك ريليشينز" (Interdependence Public Relations):
- لدينا ثقافة عن بُعد ناجحة ومرنة بين فرقنا، فيعمل أعضاء فريقنا معاً بشكل وثيق يومياً، وهذا أدى إلى تكوين صداقات عبر البلاد.
- نظراً لأنَّنا نقيِّم أعضاء الفريق بناء على أدائهم؛ فإنَّ شركتنا ليس لديها تسلسل هرمي تنافسي؛ فلا يتنافس أعضاء الفريق مع بعضهم بعضاً على الدرجة التالية في السلم الوظيفي؛ فالأداء هو العامل الحاسم.
- لقد أجبرنا التحول في الاقتصاد على التركيز على الوقت والكفاءة والعملاء، لقد سهلنا إجراءات العمل واخترنا الموظفين بدقة، وهذا يجعل العمل واضحاً ومتوازناً ومربحاً، وهو أمر يرحِّب به الموظفون أيضاً.
- لقد أنشأنا ثقافة الاجتماعات باستخدام تطبيقات التواصل عبر الفيديو، وقد ساهم ذلك في ارتباط أعضاء الفريق ببعضهم بعضاً وتعزيز العلاقات، وهذا بدوره أدى إلى توفير ثقافة عمل عن بُعد رائعة.
- نحن نمنح جميع موظفينا إمكانية التواصل مع كبار القادة، فإنَّ التحديثات المنتظمة من القادة والشفافية في برامجنا والمحادثات والبرامج المنتظمة للنمو الوظيفي تجعل الموظفين على تواصل مع جميع مستويات المنظمة، وتعد هذه العلاقة المتعمقة معنا والقدرة على رؤية المسار الوظيفي بوضوح حافزاً قوياً لبناء منصبك الوظيفي في شركتنا.
في الختام:
في بعض الأحيان، لإنشاء بيئة يرغب الموظفون في البقاء فيها عليك العودة إلى أساسيات القيادة الناجحة؛ لذا عامِل الموظفين معاملة حَسنة، وأصغِ إليهم وحافظ على وعودك لهم، وعامل موظفيك بصفتهم عائلة لا أرقام أو أصول في شركتك، وكن صادقاً وصريحاً معهم وقدِّر أداءهم الجيد، وذكِّرهم بأهميتهم بانتظام.
أضف تعليقاً