يعتبر الكثيرون هذه الأفكار مصدر قلق واضطراب، ولكن ما هي تلك الأفكار بالضبط؟ وهل تشير إلى شيء أكبر؟ سنلقي نظرة على طبيعة الأفكار التطفلية وكيف يمكن أن تكون مرتبطة بظواهر مثل الوسواس القهري واضطرابات القلق.
لذا يهدف هذا المقال إلى فتح الباب أمام فهم أعمق لهذه الأفكار وكيف يمكن التعامل معها، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الأمراض النفسية المحتملة المرتبطة بها.
تابع القراءة لتعرف المزيد حول سبب حدوث الأفكار التطفلية وكيف يمكنك التعامل معها.
ما هي الأفكار التطفلية؟
تبدو الأفكار التطفلية كما لو أنها تظهر فجأة من اللامكان، وغالباً ما تكون هذه الأفكار والصور غير المرغوب فيها غير سارة، وقد يكون محتواها في بعض الأحيان عدوانياً أو جنسياً، أو قد تفكر فجأة في خطأ أو شيء مقلق.
وعلى الرغم من أنك قد تشعر بالضيق عند حدوث هذا، إلا أن وجود فكرة تطفلية من حين لآخر هو جزء طبيعي من الحياة.
وفي معظم الحالات، لا تحمل الأفكار التطفلية أي معنى خاص، وطالما أنك تدرك أن هذه مجرد أفكار ولا تشعر برغبة في التصرف بناءً عليها، فإن الأفكار التطفلية ليست ضارة.
ومع ذلك، إذا حدثت بشكل متكرر، وتسببت في قلق كبير، أو تداخلت مع أنشطتك اليومية، عندها يجب التحدث مع طبيب.
أنواع الأفكار التطفلية
هناك العديد من أنواع الأفكار التطفلية المختلفة، وقد يكون لدى بعض الأشخاص أفكاراً تطفلية حول:
- الجراثيم، العدوى، أو أنواع أخرى من التلوث.
- الأفعال العنيفة، العدوانية، أو تسبب الضرر للآخرين.
- الشكوك حول الدين، الكفر، أو كون شخص غير أخلاقي.
- الأفعال أو المواقف الجنسية.
- التشكيك في فعل شيء بشكل غير صحيح أو عدم إنهاء مهمة ما.
- التصرف بشكل خاطئ أو قول شيء خاطئ في الأماكن العامة.
كما يمكن أن تكون هناك أنواع أخرى من الأفكار التطفلية لا تندرج ضمن هذه الفئات.
في بعض الأحيان، يصبح الأشخاص الذين يعانون من الأفكار التطفلية قلقين حول معنى تلك الأفكار، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى محاولة الشخص السيطرة على الأفكار أو إيقافها، كما قد يشعر الأشخاص أيضاً بالخجل ويرغبون في الحفاظ على سريتها وإخفاءها عن الآخرين.
ولكن يجب أن تتذكر أن الصورة أو الفكرة قد تكون مزعجة، ولكنها عادة ما لا تحمل معنى خاصاً، وإذا لم يكن لديك رغبة أو نية للتصرف بناءً على تلك الأفكار، ويمكنك الاستمرار في يومك بسهولة، فربما لا يوجد ما يدعو للقلق.
هل الأفكار التطفلية أمر طبيعي؟
من الشائع أن تراودك فكرة تطفلية من حين لآخر. في الواقع، يحدث ذلك للجميع تقريباً، حيث أظهرت دراسة قامت عام 2014 أن حوالي 94 في المائة من المشاركين قد اعترضتهم على الأقل فكرة تطفلية واحدة في الثلاثة أشهر السابقة للدراسة.
وفي الدراسة التي أُجريت في عام 2014، كانت الأفكار التطفلية المتعلقة بـ "الشك" أو القلق بشأن أداء المهام بشكل صحيح هي الأكثر شيوعاً، وكانت الأفكار التطفلية ذات الطابع الجنسي أو الديني هي الأقل احتمالاً للإبلاغ عنها.
وعلى الرغم من أن الأفكار التطفلية عادةً لا تشكل سبباً للقلق، إلا أنه في بعض الأحيان قد تبدأ في التداخل مع حياتك اليومية.
فمثلاً، قد يكون لديك شخص يشعر بالخوف أو الذنب بشأن أفكاره التطفلية، أو يشعر بأنه يحتاج إلى اتخاذ إجراء للتحكم في تلك الأفكار، وربما قد يواجه شيئاً أكثر جدية، حينها من المفضل التحدث لطبيب.
شاهد بالفيديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية
ما الذي يسبب الأفكار التطفلية؟
قد لا يكون للأفكار التطفلية سبب معين، فقد تحدث عشوائياً، وتتجول في عقلك، ثم تذهب بنفس السرعة، دون ترك أي انطباع دائم.
وبشكل أقل شيوعاً، قد تكون الأفكار التطفلية مرتبطة بحالة صحية عقلية أساسية، مثل اضطراب الوسواس القهري (OCD) أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ويمكن أن تكون هذه الأفكار أيضاً عارضاً لمشكلة صحية أخرى، مثل:
- إصابة في الدماغ.
- الخرف.
- مرض باركنسون.
إليك بعض العلامات التي تشير إلى وجود سبب أساسي للأفكار التطفلية:
- تستمر لفترة أطول من لحظة قصيرة.
- تظل تراود عقلك.
- تسبب الضيق على مر الوقت.
- تجعلك تشعر بأنك بحاجة إلى السيطرة على أفكارك.
كما أن التغييرات في الصحة العقلية ليست شيئاً يجب التهاون به. يمكن أن تكون أعراض بعض الحالات في وقت مبكر تشمل:
- تغير في أنماط الفكر.
- أفكار ملحوظة.
- أفكار عن صور مزعجة.
وهذه الأفكار ليست شيئاً لتخجل منه، ولكنها سبب لطلب تشخيص وعلاج حتى تتمكن من الشعور بتحسن.
ما هي العلاقة بين الأفكار التطفلية والأمراض النفسية؟
هناك العديد من الحالات الصحية النفسية تكون الأفكار التطفلية كأحد أعراضها. وتشمل:
الوسواس القهري (OCD)
في الوسواس القهري، تسبب الأفكار التطفلية ضيقاً كبيراً، ويبذل الشخص المصاب بالوسواس القهري جهوداً كبيرة لمحاولة كبت أو إيقاف أفكاره غير المرغوب فيها (الهوس)، ويشمل ذلك عادة تكرار سلوكيات أو عادات معينة مراراً وتكراراً.
ومن الجدير بالذكر، أن السلوكيات والعادات، المعروفة باسم التكرار، قد تعوق جودة حياة الشخص، ولكن من الممكن أن يتحسن الوسواس القهري بشكل كبير من خلال العلاج.
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
الأشخاص الذين يتعايشون مع اضطراب ما بعد الصدمة قد يواجهون أفكاراً تطفلية تتعلق بحدث مؤلم تعرضوا له، ويمكن أن تستحضر هذه الأفكار أو الذكريات أعراضاً أخرى لاضطراب ما بعد الصدمة، مثل الأرق أو حالة غير صحية من اليقظة الزائدة.
ويمكن لاضطراب ما بعد الصدمة أن يتداخل مع وظائف الشخص اليومية. ومع ذلك، العلاج الذي يركز على التخلص من الصدمة، يمكنه تخفيف الأعراض.
اضطرابات الأكل
قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من اضطراب في الأكل من أفكار تطفلية حول جسمهم، فقدان الوزن، أو عما يأكلون، ويمكن أن يشمل ذلك الشعور بالذنب، أو العار، أو الخوف المتعلق بالطعام أو صورة الجسم، ويمكن أن تسبب هذه التداخلات إجهاداً خطيراً، كما يمكن أن تسبب اضطرابات الأكل أيضاً تغييرات كبيرة في السلوكيات المتعلقة بالطعام وتناوله.
لذا من المهم التحدث مع الطبيب إذا كنت تعاني من أعراض اضطراب في الأكل. فمن خلال العلاج، يمكن تجنب التعرض لمضاعفات خطيرة.
علاج الأفكار التطفلية
لا يجب على الشخص أن يعيش مع الأفكار التطفلية، وهناك خيارات عديدة للعلاج يمكن أن تساعد من يُعاني من هذه الحالة.
حيث يمكن أن يقترح محترفو الرعاية الصحية العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة الشخص في تغيير كيفية تفكيره ورد فعله تجاه هذه الأفكار.
وهناك خيار آخر، وهو الدواء، حيث يمكن أن تتضمن الأدوية لاضطراب الوسواس القهري (OCD) مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أو مضادات الاكتئاب الأخرى، مثل الكلوميبرامين.
وعلى الرغم من أن الناس يستخدمون عادة SSRIs لعلاج الاكتئاب، يمكن أن تساعد هذه الأدوية أيضاً في تخفيف أعراض OCD، وقد يستغرق الأمر 8-12 أسبوعاً لبدء عملها.
وفي هذا الصدد تقدم الجمعية الأمريكية للاضطرابات النفسية (ADAA) بعض النصائح للتعامل مع الأفكار التطفلية، أهمها:
- تحديد الأفكار كتطفلية.
- توضيح أنها غير إرادية ولا صلة لها بالحياة اليومية.
- قبول وجودها بدلاً من دفعها بعيداً.
- الاستمرار في السلوك العادي.
- فهم أن الأفكار قد تعود.
- ممارسة التأمل أو اليقظة.
هذا ويجب على الشخص تجنب:
- دفع الأفكار بعيداً.
- محاولة فهم معنى الأفكار.
- التفاعل مع الأفكار.
تشخيص الأفكار التطفلية
يقوم الطبيب بطرح أسئلة على الفرد حول طبيعة الأفكار وتكرارها، كما سيسأل ما إذا كان لديه تاريخ عائلي من حالات الصحة النفسية.
وقد يحيل الطبيب الشخص إلى متخصص في الصحة النفسية والذي بدوره سيتحقق من وجود أعراض اضطراب نفسي. على سبيل المثال، قد يستفسر عن السلوكيات القهرية التي تشير إلى وجود OCD.
متى يجب البحث عن المساعدة في حال كنت تعاني من أفكار تطفلية؟
يختبر العديد من الأشخاص أفكاراً غير مرغوب فيها وفجائية في بعض الأحيان، والأفكار التطفلية المتكررة لا تعني بالضرورة أن الشخص يحتاج إلى علاج.
ومع ذلك، يجب على أي شخص يعاني من أفكار تطفلية منتظمة تسبب الضيق الاتصال بالطبيب أو الأخصائي النفسي، حيث يمكن للمحترف الصحي مساعدة الشخص في فهم سبب تلك الأفكار وكيفية علاجها.
الخرافات المتعلقة بالأفكار التطفلية
هناك بعض الخرافات حول الأفكار التطفلية، وتشمل:
الخرافة 1: يرغب الشخص في التصرف وفقاً لهذه الأفكار
الحقيقة: الأشخاص لا يرغبون في التصرف وفقاً لأفكارهم التطفلية.
حيث أنه وفقاً لجمعية الاضطرابات النفسية الأمريكية (ADAA)، فالعكس صحيح، والخرافة الأخطر المحيطة بالأفكار التطفلية هي أنها قد تؤدي إلى التصرف بشكل غير صحيح.
فالأشخاص الذين يعانون من هذه الأفكار يبذلون جهداً كبيراً لمحاربتها، مما يؤدي إلى تصاعدها، وغالباً ما تتعارض هذه الأفكار مع رغبات أو معتقدات الشخص الذي يفكر بها.
الخرافة 2: جميع الأفكار تستحق الفحص
الحقيقة: الأفكار لا تحمل دائماً معنى هام.
لا يجب على الناس رؤية كل فكرة كعلامة أو تحذير حول شيء خاطئ، فعلى الرغم من كيفية إيجاد الشخص لهذه الأفكار، إلا أنها لا تحمل معنى أو رغبة.
في الختام
الأفكار التطفلية هي أفكار غير مرغوب فيها وغير إرادية وغالباً ما تكون مزعجة في طبيعتها، والأشخاص الذين يتعرضون لهذه الأفكار لا يتصرفون بناءً عليها وغالباً ما يجدونها محيرة.
وقد تكون الأفكار التطفلية في بعض الأحيان نتيجة لحالة صحية نفسية أساسية. وفي حالات أخرى، يكون سببها غير واضح. هذا وقد يساعد العلاج للحالة الأساسية في تقليل الأفكار التطفلية.
أضف تعليقاً