وفقاً لتقارير منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإنَّ عدد اللاجئين في العالم يزداد باستمرار، وفي نهاية عام 2020، بلغ إجمالي عدد اللاجئين والنازحين داخلياً حوالي 82.4 مليون شخصاً، وهو رقم قياسي جديد، ويعني هذا أنَّ أكثر من 82 مليون فرداً فقدوا منازلهم وأُجبروا على مغادرتها بحثاً عن الأمان والحماية.
وفي هذا المقال، سوف نستكشف أعداد اللاجئين في العالم والتحديات التي يواجهونها، إضافة إلى استعراض الجهود الدولية والمحلية لمعالجة هذه القضية الملحة، وسنناقش أيضاً الأثر الاجتماعي والاقتصادي لأزمة اللاجئين ودور المجتمع الدولي في تقديم الدعم والحماية لهم.
عدد اللاجئين في العالم:
بحلول عام 2023 اضطر أكثر من 108.4 مليون شخص حول العالم للنزوح قسراً نتيجة الاضطهاد، والصراعات، والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان، والأحداث التي تخرق النظام العام بشكل خطير، وتشير الإحصاءات إلى أنَّ هذا الرقم يمثل زيادة سنوية تبلغ 19 مليون شخص، مقارنة بنهاية عام 2021، وتعد هذه الزيادة الأكبر في فترة سنتين متتاليتين، وتفوق عدد سكان الدول مثل الإكوادور، وهولندا، والصومال، وبناءً على هذه الإحصاءات، يمكن القول إنَّه تم اضطرار أكثر من شخص واحد من بين كل 74 شخص في العالم للنزوح قسراً.
لقد شهدَت أعداد اللاجئين حول العالم ارتفاعاً ملحوظاً، فارتفعت من 27.1 مليون في عام 2021 إلى 35.3 مليون شخص بحلول نهاية عام 2022، ويُعد هذا الارتفاع السنوي هو الأكبر في السجلات الموثقة، وفقاً لإحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتعزى هذه الزيادة أساساً إلى تدفق اللاجئين الأوكرانيين الذين فرُّوا من الصراع المسلح الدولي في بلدهم، ومع حلول شهر سبتمبر 2023 وصل عدد اللاجئين إلى ما يقارب 114 مليون لاجئ وحتى قبل الحرب على غزة.
1. عدد اللاجئين السوريين في العالم:
يظل عدد اللاجئين السوريين هو الأكبر عالمياً، كما كان الحال خلال العقد الماضي، فقد أُبلِغَ عن وجود أكثر من 6.5 مليون لاجئ سوري في منتصف العام الذي يليه، موزَّعين في 130 دولة، وهو عدد قليل قليلاً مقارنة بنهاية عام 2022، وتستضيف الدول المجاورة معظم هؤلاء اللاجئين، مثل تركيا ولبنان والأردن.
2. عدد اللاجئين الفلسطينيين في العالم:
أُسِّست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في عام 1949 لتنفيذ برامج المساعدات للاجئين الفلسطينيين، وتعرِّف الأونروا "اللاجئين الفلسطينيين" على أنَّهم "الأشخاص الذين كانت لديهم معيشتهم العادية في فلسطين في الفترة من 1 من شهر يونيو/ حزيران 1946 إلى 15 من شهر مايو/ أيار 1948، وفقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب الصراع في عام 1948".
يحق لأبناء وأحفاد الأشخاص الذين ينطبق عليهم هذا التعريف، مثل الأطفال المتبنين، التسجيل كلاجئين، وعند بدء عملها في عام 1950، استجابت الأونروا لاحتياجات حوالي 750,000 لاجئاً فلسطينياً، وفي الوقت الحالي، يوجد حوالي 5.9 مليون لاجئاً فلسطينياً مؤهَّلاً للحصول على خدمات الأونروا، ومن هؤلاء، يعيش أكثر من 1.5 مليون شخص في 58 مخيماً للاجئين معترف بها من قبل الأونروا، وتقع هذه المخيمات في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، ومن ذلك القدس الشرقية، ويوجد أيضاً عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين متوزعين في كلِّ أنحاء العالم.
3. عدد اللاجئين الأفغانيين في العالم:
تعد أفغانستان إحدى أكبر المجموعات اللاجئة في العالم، فيوجد حوالي 2.6 مليون لاجئاً أفغانياً مسجلاً حول العالم، ومن بينهم 2.2 مليون لاجئاً مسجلين في إيران وباكستان فقط، وإضافة إلى ذلك، يوجد حوالي 3.5 مليون شخصاً نازحاً داخلياً في أفغانستان، فرُّوا من منازلهم بحثاً عن مأوى آمن داخل البلاد، ونظراً للتدهور السريع للوضع الأمني في عام 2021؛ من المتوقع أن يستمر ارتفاع عدد الأشخاص الفارين، وبحلول منتصف عام 2023 وصل عدد اللاجئين الأفغان إلى 6.1 مليون لاجئ ليحتلوا المرتبة الثانية بعد عدد اللاجئين السوريين.
عانت أفغانستان لأكثر من 40 عاماً من الصراعات المستمرة والكوارث الطبيعية والفقر المستمر وانعدام الأمن الغذائي، وفي مواجهة هذه الأزمة الإنسانية المستمرة، تواجه اللاجئين والنازحين داخلياً والمجتمعات المضيفة تحديات هائلة، ويركز عمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أفغانستان على حماية الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدة الحيوية للأفغان النازحين حديثاً، مثل توفير المأوى والغذاء والماء والمساعدات الأساسية الأخرى، سعياً إلى تلبية احتياجاتهم الأساسية.
4. عدد اللاجئين الأوكرانيين في العالم:
أعلنت بولندا أنَّ أكثر من 11 مليون لاجئاً عبروا من أوكرانيا إلى أراضيها منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير من عام 2022، ووفقاً لتغريدة صادرة عن بعثة بولندا الدائمة لدى الاتحاد الأوروبي، تجاوز عدد الأشخاص الذين عبروا الحدود الأوكرانية البولندية 10 مليون شخصاً حتى اليوم، وأشارت البعثة إلى أنَّ نحو 87٪ من المهاجرين هم نساء وأطفال، وفي الوقت الحالي عدد اللاجئين الأوكرانيين يبلغ حوالي 5.9 مليون لاجئاً، يعيش أكثر من 1.5 مليون لاجئاً أوكرانياً فقط في بولندا، بينما استقر أكثر من 3.5 مليون آخرين في دول أوروبية أخرى وفقاً لإحصاءات المفوضية.
من المعروف أنَّه في 24 من شهر فبراير 2022، بدأت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، وتشترط لوقف العملية تخلِّي "كييف" عن خطط الانضمام إلى هيئات عسكرية، وهو ما تعده أوكرانيا تدخلاً في سيادتها.
ما هي الدولة التي فيها أكبر عدد من اللاجئين؟
فيما يأتي سنعرض ترتيب الدول المستضيفة لأكبر عدد من اللاجئين، من الأكثر للأقل، وهم:
- إيران وتركيا ويبلغ عدد اللاجئين في كل دولة منها 3.4 مليون لاجئاً.
- ألمانيا: 2.5 مليون لاجئاً.
- كولومبيا: 2.5 مليون لاجئاً.
- باكستان: 2.1 مليون لاجئاً.
- أوغندا: 1.5 مليون لاجئاً.
- روسيا: 1.2 مليون لاجئاً.
- بولندا: 989.9 مليون لاجئاً.
- بيرو: 987.2 مليون لاجئاً.
- بنغلاديش: 961.8 مليون لاجئاً.
الجدير بالذكر أنَّ الأرقام السابقة تمثِّل عدد اللاجئين حتى منتصف عام 2023.
توزع اللاجئين السوريين في العالم:
أصدر مركز "جسور للدراسات" تقريراً تحليلياً يتضمن خرائط توضِّح عدد سكان سوريا في عام 2023 وتوزيعهم داخل البلاد وخارجها، وبدأ المركز تقريره بإشارة إلى صعوبة الحصول على رقم دقيق لعدد السكان في سوريا؛ نظراً لتعطل الجهاز المركزي للإحصاء منذ عام 2012، وعدم إصدار بيانات تتعلق بالوضع السكاني والاجتماعي في البلاد.
وفقاً للمركز، تعوق عدة عوامل عملية تحديد عدد السكان، ومن ذلك توقف الجهاز المركزي للإحصاء عن العمل وتسارع حركة النزوح واللجوء وتنوعها، وعدم تجانس الوضع القانوني للاجئين السوريين في بلدان اللجوء، إضافة إلى ذلك، تشمل العوامل الأخرى وجود مواليد جدد من العائلات المجنسة، والصعوبة في تحديد وضعهم القانوني في الإحصاءات، إضافة إلى عمليات الاعتقال والاختفاء القسري والإخفاء، ومشكلات ولادة الأطفال في مناطق النزوح واللجوء وفقدان الوثائق الرسمية.
من ناحية أخرى، أشار المركز إلى وجود عوامل تسهل عملية تحديد عدد السكان، مثل انتشار منظمات المجتمع المدني ودخول المؤسسات الدولية إلى سوريا وإصدارها تقارير تقييم الحالة والاحتياجات ومراقبة حركة النزوح، ومن بين هذه العوامل توزُّع السوريين في دول الجوار وبقية دول العالم، والتي تكفلت الأجهزة والمؤسسات الإحصائية في تلك الدول بمهمة تحديد الأعداد، وانتشار مؤسسات توثيق الحالة السورية مثل سجلات المعتقلين والمفقودين والقتلى، وكذلك، تشمل العوامل الأخرى محاولات إنشاء سجل مدني في مناطق شمال سوريا ومستمرة محاولات الخبراء في تقدير عدد السكان.
يؤكد المركز وجود 6,996,200 لاجئاً سورياً موزعين في مختلف أنحاء العالم، ويشير إلى أنَّ هذا الرقم مستند إلى تداخل الأرقام الصادرة من ثلاثة مصادر رسمية، ووفقاً للمركز، يوجد في تركيا 2,956,000 لاجئاً سورياً، وهي الدولة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين، وفي ألمانيا، يوجد مليون لاجئاً سورياً، فيما يبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 920,000، وفي الأردن 610,000، وفي مصر 398,000، وفي العراق 320,000، وفي السويد 150,000، وفي السودان 112,000، وفي هولندا 60,000، وفي النمسا 60,000.
إضافة إلى ذلك، يوجد 60,000 لاجئاً سورياً في كندا، و50,000 في فرنسا، و35,000 في دول المغرب العربي، و15,000 في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن جانب آخر، يتمركز 150,200 لاجئ سوري في دول مختلفة حول العالم، ويوجد أيضاً 100,000 لاجئاً سورياً في باقي دول الاتحاد الأوروبي.
في الختام:
يُلاحَظ أنَّ قضية اللاجئين في العالم تبقى قضية إنسانية ملحة تحتاج إلى اهتمام وتعاون دولي شامل، فيعيش الملايين من الأشخاص في ظروف قاسية ومحفوفة بالمخاطر، ويسعون إلى الحصول على الأمان وفرصة لبناء حياة جديدة، وتتطلب التحديات الهائلة التي يواجهها اللاجئون تضافر الجهود الدولية لتوفير الدعم اللازم لهم، ومن ذلك الحماية القانونية والإغاثة الإنسانية وفرص العيش الكريم والاندماج في المجتمعات المضيفة.
إضافة إلى ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي العمل على معالجة الأسباب الجذرية لنزوح السكان والصراعات المستمرة التي تضطر الأشخاص إلى ترك ديارهم، وذلك من خلال تعزيز الاستقرار وحقوق الإنسان وتوفير فرص التنمية المستدامة.
علينا ألا ننسى أنَّ اللاجئين هم أفراد يحملون آمالاً وطموحات وإمكانات، وبوجود الإرادة السياسية والتعاون الدولي، يمكننا توفير بيئة أكثر إنسانية وعادلة لهؤلاء الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان والحياة الكريمة، فإنَّ حماية ودعم اللاجئين ليست مسؤولية دولة واحدة بل تتطلب تعاوناً دولياً فعَّالاً والالتزام بقيم العدالة والإنسانية، ومن خلال توفير الدعم والفرص للأشخاص الفارِّين من الحروب والاضطهاد، يمكننا أن نساهم في بناء عالم أفضل وأكثر تضامناً للجميع.
أضف تعليقاً