وفقاً لتقرير أعدَّته صحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal)، يتزايد تطبيق هذه الاستراتيجية، فيستخدمها معظم أرباب العمل، لا سيما في مجال التكنولوجيا، لنقل الموظفين الذين يشعرون بالإحباط إلى مناصب أخرى نتيجة عمليات التسريح، واستشهد التقرير ببيانات أعدَّتها منصة الأبحاث المالية "ألفا سينس" (AlphaSense)، التي وجدت أنَّ ذكر "إعادة تعيين الموظفين" تضاعف في مكالمات الأرباح في الشركة.
يقول محامي التوظيف "بيتر رهبار" (Peter Rahbar): "لقد تعاملتُ مع بعض العملاء الذين تأثروا سلباً بإعادة تعيينهم"، فقد يصبح مستقبل الموظفين غامضاً بعد نقلهم إلى مناصب جديدة، إلا أنَّ الجانب الإيجابي من الأمر هو أنَّهم سيحتفظون بوظائفهم ورواتبهم، أما الجانب السلبي فهو أنَّهم سيكونون في مناصب لم يتقدموا للعمل فيها.
تقول مؤسِّسة برنامج "ريل يو ليدرشيب" (Real You Leadership) "نادية دي ألا" (Nadia De Ala) إنَّ الشركات تضع الموظفين أمام خيارين: إما قبول المنصب الجديد أو المغادرة، دون ذكر إمكانية الحصول على نوع من التعويض.
أسباب نقل أرباب العمل للموظفين إلى مناصب أخرى:
تقول مديرة التوظيف "بوني ديلبر" (Bonnie Dilber) إنَّ هذا النوع من إعادة التعيين يُطبَّق على الموظفين الذين لديهم مهارات يمكن استخدامها في مناصب أخرى، مثل موظفي التوظيف أو المبيعات أو الدعم.
تقول "ديلبر": "إن لم تَعُد الوظيفة متاحة، وقرر رب العمل إيجاد طريقة أخرى للاحتفاظ بالموظف، فهذه إشارة جيدة برأيي؛ لأنَّها تعني أنَّه يحاول تجنُّب تسريحه من العمل، وعلى الجانب الآخر، قد لا يكون من المنطقي أحياناً أن يستمر هذا الموظف في العمل على مشاريع تختلف عن مشاريع منصبه على الأمد الطويل، ولهذا السبب على الموظفين في هذه الحالة إعداد سيرهم الذاتية والبحث عن وظائف جديدة؛ فصحيح أنَّهم حصلوا على فرصة للبقاء في العمل؛ ولكنَّهم يجب أن يتوقعوا حدوث إشكال فيما بعد، ويبدؤوا البحث عن خيارات عمل أخرى في حال حدوث ذلك".
من ناحية أخرى، يقول "رهبار": في كثير من الحالات، قد لا يكون لإعادة التعيين أي فوائد، وربما تكون مجرد وسيلة لدفع الموظفين لتقديم استقالتهم، وأحد الأسباب الرئيسة لاستخدام هذا النهج هو تجنُّب الشركة دفع تعويضات نهاية الخدمة للموظفين.
لقد أجرَت معظم الشركات الكبرى في الولايات المتحدة عدة عمليات تسريح للموظفين، وكأنَّهم لم يكونوا راغبين في إنفاق مزيد من الأموال على إنهاء الخدمة، لا سيما مع الموظفين الذين عُيِّنوا حديثاً.
سبب آخر قد يؤدي إلى إعادة التعيين، هو مغادرة الموظفين الذين كانوا يشغلون هذه المناصب؛ إذ تقول المتخصصة في الموارد البشرية "إديانا روزين" (Eddiana Rosen): قد يُنقَل الموظفون إلى أقسام أخرى عند تسريح العمال في تلك الأقسام، لإكمال المهام الإضافية التي كان يعمل عليها أولئك الذين تم تسريحهم.
في هذه الحالات، يعتمد نجاحك بعد إعادة التعيين على ما إذا كان الهدف من ذلك هو دافعك للنجاح أم مجرد القيام بمزيد من العمل بموارد أقل.
تقول "روزين": "قد تكون إعادة التعيين حالة مؤقتة اعتماداً على علاقة الموظفين بالمدير، أو ربما كلما امتنع الموظفون عن طلب تعويض أو تغيير مناصبهم، ضغطت الشركة عليهم أكثر".
تروي "روزين" أنَّها وقعت في هذا الموقف مرة في حياتها المهنية؛ لكنَّها تحدثت عن الأمر، وكانت الشركة تدرك أنَّ بعد ما قدَّمته لها، لم يكن من مصلحتها تغيير منصبها؛ لذا فإنَّ الطريقةَ الوحيدة لحل المشكلة كانت الاستقالة.
هل إعادة تعيين الموظفين تلميح على رغبة الشركة باستبعادهم؟
في أفضل الحالات، تتيح لك إعادة التعيين الانتقال إلى منصب أفضل كنت ترغب في العمل فيه على أي حال؛ فتطوِّر فيه مهارات جديدة، وتستطيع حتى إضافة مسمى وظيفي جديد إلى سيرتك الذاتية إذا عملت في منصب آخر لفترة زمنية طويلة، أما إذا نُقِلتَ إلى منصب جديد دون الأخذ برأيك، فهذه ليست علامة جيدة، لا سيما إذا أصبحت وظيفتك أسوأ، ولم تجد أمامك خياراً سوى تقديم استقالتك لتحقيق التقدم في حياتك المهنية، فقد يكون ذلك تلميحاً على رغبة الشركة في تسريحك عن العمل.
تقول "ديلبر": "إذا نُقِلتَ رغماً عنك إلى قسم لا يساعدك على تحقيق النجاح، أو كان ذلك وسيلة لتقليل مسؤولياتك بشكل كبير، فقد يشير ذلك إلى وجود مشكلة وأنَّ الشركةَ تحاول دفعك إلى الاستقالة".
كما يقول "رهبار" مشيراً إلى أنَّ إعادة التعيين قد تكون علامة على أنَّ الشركة تستطيع الاستغناء عن هؤلاء الموظفين: "لا أرى أنَّه يعود بأي فوائد على الموظفين؛ فلو حدث ذلك لي، فإنَّ أول ما سأفعله هو البحث عن وظيفة تناسب مهاراتي أكثر".
هل يمكن أن تكون إعادة التعيين غير قانونية؟
يعمل معظم الموظفين لصالح أرباب عمل يستطيعون فصلهم في أي وقت وتغيير مناصبهم دون الأخذ برأيهم.
يقول محامي التوظيف "ريان ستايجار" (Ryan Stygar): "بشكل عام، يملك أرباب العمل حرية إعادة تعيين الموظفين ما داموا لا ينتهكون عقد العمل أو الاتفاق النقابي".
لكنَّ الموظفين لديهم حقوق بالطبع، لا سيما إذا كانت إعادة التعيين إجراء انتقامياً؛ إذ يقول "رهبار": "يستطيع أرباب العمل ببساطة نقل الموظفين إلى وظيفة أخرى بإشعار أو دونه، بسبب أو دونه؛ ولكنَّهم لا يستطيعون القيام بذلك بشكل غير قانوني أو بهدف التمييز العنصري".
في هذا السياق، يقول "ستايجار" إنَّه يجب الحذر من علامات بسيطة مثل: تغيير المسمى الوظيفي أو تغيير المهام أو تخفيض ساعات العمل أو الأجور أو المزايا أو حتى الامتيازات التي يحصل عليها الموظفون عادةً.
يقول "رهبار" إنَّ الموظف يستطيع أن يساعد المحامي إذا تمكَّن من معرفة موظفين آخرين أُعيد تعيينهم أيضاً، سواء أكانوا ضمن فريقه أم قسمه، وما إذا كان قد حدث ذلك لجنس معين دوناً عن غيره، والانتباه إلى توقيت إعادة التعيين لمعرفة ما إذا كان الهدف منها هو الانتقام.
يقول "ستايجار": "إذا كان الراتب أو مستوى المنصب الجديد أو ظروف العمل فيه أسوأ بكثير من سابقه، فيمكن عد عملية إعادة التعيين انتقامية إذا ما تمت بعد وقت قصير من ممارسة الموظف لنشاط مشمول بالحماية (وهو نشاط يمارسه الموظف دون الخوف من أي عواقب).
يحدث هذا غالباً عندما يعود الموظف إلى العمل بعد إجازة الأمومة أو إجازة مَرَضيَّةً، فقد يغضب رب العمل من اضطراره إلى تفهم وضع هؤلاء الموظفين، لذا يلغي واجبات ومسؤوليات هامة في الوظيفة بحيث تقل رواتبهم ومكانتهم في المنظمة، وذلك لمعاقبتهم وتنبيه باقي الموظفين؛ بمعنى آخر، إذا أُعيد تعيين الموظفين بعد الحصول على إجازة مشمولة بالحماية، أو لأنَّهم كانوا يشتكون من مضايقات أو عدم دفع أجورهم، فقد حان الوقت للتحدث مع محامي توظيف".
في الختام:
تعطي عملية إعادة التعيين السلطة لرب العمل؛ لكنَّها حياتك المهنية في النهاية؛ فصحيح أنَّ رب العمل يستطيع أن يحدد لك الوظيفة التي يعتقد أنَّها ستزيد أرباحه، ولكن من حقك التفكير في مصلحتك أيضاً.
تقول "نادية دي ألا": "إذا كنت تبحث عن فرصة للتفكير في إرادتك للبقاء في الشركة أو تقديم استقالتك، فإعادة التعيين هي فرصتك للتفكير"، وفي أثناء ذلك، اسأل عن الفرص المتاحة وكيف تستطيع تحسين أدائك في منصبك الجديد، واسأل المدير كيف توصَّل إلى هذا القرار، وكيف سيتعامل مع عملية نقلك ويدعمك لتحقيق النجاح.
في النهاية أنت مَن يقرر ما إذا كانت إعادة التعيين خطوة إيجابية في حياتك المهنية، بصرف النظر عن الطريقة التي يشجعك بها المدير على قبوله، فإذا كان المنصب في مجال لا تحبه أو لا تشعر فيه بالدعم أو القدرة على تحقيق النجاح، فقد يؤذيك الأمر بصرف النظر عن نوايا رب العمل.
أضف تعليقاً