ما هو الدور الذي تؤديه في عملية تعزيز تفاعل الموظفين في مؤسستك كونك موظفاً فيها؟ مهما كان منصبك أو موقعك، وحتى لو كنت تشغل منصباً بمكتب زجاجي فخم، فما تزال فرداً - أولاً وآخراً - تعمل لمصلحة نطاق واسع من ذوي المصالح من زملائِك والمساهمين والعملاء وأفراد العائلة، على سبيل المثال لا الحصر.
ما هي مهمة المدير في تعزيز ذلك التفاعل؟
حتى لو كنتَ مديراً عاماً أو مديراً تنفيذياً ولديك القدرة على وضع وتشكيل سياسة المؤسسة، فسيكون أكبر تأثير لك في مستوى إثارة تفاعل الموظفين هو مقدار تفاعلك مع العمل تفاعلاً شخصياً، ومقدار عثورك على المعنى والاستقلالية والنمو والتأثير والعلاقات في مكان عملك والأشخاص الذين تعمل معهم؛ ولتحقيق ذلك، من الجدير التأكيد على نقطة هامة تتعلق بإثارة تفاعل الموظفين؛ وهي أنَّ التفاعل اختيار.
حتى لو كنتَ أنت مَن يضع سياسة المؤسسة، فلن تحدث إثارة تفاعل الموظفين من تلقاء نفسها، وتذكَّر أنَّ مهمة المؤسسة هي إيجاد الظروف الملائمة لموظفيها كي يتفاعلوا مع العمل ومع رسالة المؤسسة، وأيضاً مع بعضهم بعضاً، وبعد توفير البيئة الملائمة لذلك، ستصبح مهمة كل فرد أن يكرِّس نفسه للعمل ويغتنم الفرص التي تجعل مؤسسته تزدهر.
ومن الهام تذكُّر أنَّ إثارة تفاعل الموظف تتطلب قلباً وروحاً وعقلاً وعملاً؛ بمعنى أنَّك يجب أن تختار العمل بإحساس، فصحيح أنَّ بعض أساسيات إثارة التفاعل تأتي من الصفات اللاإرادية التي لا تخضع دائماً إلى سيطرتك، إلَّا أنَّ كيفية اختيارك للعمل على محفزات إثارة التفاعل هي خيار واعٍ بالكامل؛ ولهذا وفي أيَّة مؤسسة؛ تتموضع درجة تفاعل كل موظف في مكان ما ضمن ما يُسمى "منحنى إثارة التفاعل الوظيفي" (Engagement Resistance Curve).
منحنى إثارة التفاعل:
يتفاعل بعض الأفراد مع عملهم بسهولة وحماسة أكثر من الآخرين؛ وذلك نظراً لصفاتهم الشخصية "العفوية، والثقة العالية بالنفس"، والسلوك المُكتسَب "الثقة المكتسبة، وتجربة عمل سابقة إيجابية"، بينما يتفاعل آخرون معه بتردُّد، هذا إن شاركوا في المقام الأول؛ وذلك نظراً لعوامل عدَّة؛ بدءاً بقلة الثقة بالنفس والسوداوية وانتهاءً بمشكلات غير معالَجة مثل اضطرابات القلق.
وبسهولة اعتاد بعض الناس على التفاعل بينما يرفضه آخرون، ولكنَّ معظمنا يقف في مكان ما بين هذين الموقفين المتناقضين، ونختار أن نتفاعل أو لا نتفاعل بناءً على محيطنا؛ إذ نجد المعنى والنمو والتأثير والروابط الاجتماعية في ذلك المحيط؛ إنَّه أمر يتطلَّب مشاركة من الطرفين؛ إذ إنَّ الأمر أشبه بأن تبني المؤسسة ملعباً ونختار نحن أن نتفاعل وننضم إلى تلك اللعبة.
ويتَّخذ معظمنا درجات من القبول أو الرفض بخصوص التفاعل الوظيفي، فمنحنى إثارة التفاعل لا يقيِّم مقدار جودة تفاعل الموظفين؛ وإنَّما قابليتهم للتفاعل؛ وذلك على النحو الآتي:
شاهد بالفديو: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد
المستويات الخمسة لتفاعل الموظفين:
- التلقائي: "نسبته بين الموظفين 5%"؛ إذ يكون هذا الموظف مشتركاً تلقائياً، ليجد المعنى والهدف والروابط والرضا في كل عمل تقريباً، ويذعنُ مباشرة للجهود المؤسساتية لزيادة مستويات إثارة التفاعل، كما يميل إلى أن يكون متفائلاً وواثقاً ومدركاً للذات ومتحمساً؛ وباختصار، سيشارك هذا الموظف ضمن أي محيط تقريباً.
- المثالي: "نسبته بين الموظفين 20%"، ولا يشارك هذا الموظف مشاركة فورية كالموظف في المثال المذكور آنفاً، ولا يتطلب مقداراً كبيراً من التشجيع لفعل ذلك، وسيستجيب استجابةً إيجابيةً للفرص المؤسساتية ويتفاعل معها؛ وذلك نظراً لأنَّه صادق ويقرن القول بالفعل، وعادةً ما يكون متفائلاً وواثقاً ومدركاً للذات ومتحمساً، ولكن ليس بحماسة وتفاؤل الموظف التلقائي.
- المتحفز: "نسبته بين الموظفين 50%"، وتنطبق هذه الفئة على معظمنا؛ إذ يكون هذا الموظف مستعداً للمشاركة إن توفَّر ما يشجعه أو كان أجره عادلاً أو إن مُنِحَ مزايا مناسبة أو شعر بأمان عاطفي في دوره أو بتوفر إمكانية للتقدُّم وما إلى ذلك، ولا يتَّسم هذا الموظف بالتفاؤل أو التشاؤم الشديدين؛ بل على الأرجح يكون موظفاً مؤثِّراً يمكنه أن يشارك وينتج إنتاجاً ممتازاً في الظروف الملائمة.
- المتحفظ: "نسبته بين الموظفين 20%"، ويفضِّل هذا الموظف عدم التفاعل ويعارضه كذلك، ومن المرجح أن ينظر إلى عمله بوصفه أمراً يفعله ليُحصِّل قوت يومه لا أكثر، وربما يستهجن جهود التفاعل وينظر إلى علاقته بالمؤسسة على أنَّها علاقة مقايضة، وسيستجيب لجهود التفاعل فقط إن كانت ضرورية وتمسُّه شخصياً، كما سيفضِّل عدم التفاعل، وعادةً يكون مرهَقاً وتشاؤمياً بخصوص العمل.
- الرافض التلقائي: "نسبته بين الموظفين 5%"، ويُعَدُّ الرهان على تفاعل هذا الموظف خاسراً، ويكون هؤلاء أشخاصاً غير راغبين في التفاعل بصرف النظر عما تفعله المؤسسة، ويرى هذا الموظف العمل مجرد راتب لا أكثر، ومن المحتمل أن يكوِّن نظرة عدائية تجاه رب عمله، سواء كان لتلك النظرة ما يبررها أم لا، كما أنَّه سيكون سوداوياً في الغالب وشكاكاً تجاه نوايا رب عمله وغير مبالٍ ويجد صعوبة في إنهاء ما عليه من ساعات العمل.
إن كانت الظروف في بعض الأحيان لا تُلائِم المرء لكي يتفاعل مع عمله، فهذا يعني أيضاً أنَّ الوقت قد حان لأن يُفصِح عن ذلك ويخبر رب عمله عما يحتاج إليه لكي يتفاعل مع عمله.
إذاً، أي مستوى من هذه المستويات ينطبق عليك؟ تذكَّر أنَّك أنت المسؤول عن قدرتك أو عدم قدرتك على التفاعل، بصرف النظر عن موقعك في المؤسسة أو ما تبذله المؤسسة من جهود لإثارة تفاعل الموظفين.
يمكن للموظف الفرد أن يشجع التفاعل أيضاً:
ربما تكون إثارة تفاعل الموظفين عملاً مشتركاً بين رب العمل والموظفين، ولكنَّ الفرد لديه القدرة نفسها على تشجيع مبادرات إثارة تفاعل الموظفين التي يمتلكها صانعو القرار، لا تنتظر أن يأتي إليك رب عملك من تلقاء نفسه؛ لأنَّ ذلك يتطلب أن يكون رب عملك:
- يفهم تفاعل الموظفين.
- يدرك عدم تفاعلك أنت والآخرين.
- يُلمُّ بالعوامل التي ستجعلك تتفاعل بصفتك فرداً.
لن يتجرأ الموظف على طرق باب مديره بسهولة والشكوى من عدم شعوره بأنَّه متفاعل، ويطالب - تلميحاً أو مباشرةً - بأن يقوم مديره بأمرٍ ما حيال ذلك، ويبدأ الأمر بالموظف الفرد الذي هو أنت، وليس بربِّ العمل، إذاً ما هو مستوى تفاعلك مع عملك؟
أضف تعليقاً