تاريخ دراسة الشخصية:
منذ القدم اهتمام علماء علم النفس بدراسة الشخصية وسيكولوجيتها، وكان اليونانيين القدماء وخاصةً أبقراط أول من تناول موضوع الشخصية، فقد كان يعتقد أنّ اختلاف الشخصيات بين بني البشر يرجع إلى اختلاف نسب ما وصفها بالسوائل الحيوية الأربعة وهي: الدم، والمادة الصفراء من مرارة الإنسان، والمادة السوداء من مرارة الإنسان، والبلغم، ثم حاول أرسطو تحليل اختلاف الشخصيات فقام بتفسيرها حسب قسمات الوجه، والبناء الجسمي للشخص، ثم قام داروين بتحليل الشخصية كعوامل غريزية اكتسبها المرء من غرائز البقاء الحيوانية، أما سيغموند فرويد فقد حلّل شخصية الأنسان بصراع بين الأنا السفلى والأنا العليا، وفي عصرنا الحديث يرى العلماء أنّ اختلاف تكوّن الشخصية يتأثر بالعوامل الوراثية والمجتمع المحيط بالفرد.
تعريف الشخصية:
- الشخصية هي عبارة عن جملة من الطراز والسمات التي يتّصف بها الفرد ويتميز بها عن غيره. جليفورد
- الشخصية هي الجانب الذاتي الذي يتميّز به الفرد في توافقه مع بيئته، ونتيجة لما سبق تظهر أخلاق الفرد ومزاجه وقواه البدنية والعقلية. إيزنك
- الشخصية هي مزيج من النشاطات الخارجية التي يقوم بها الفرد، والتي يمكن ملاحظتها بشكل واضح ومباشر أثناء تفاعله، لكن يجب أن تكون هذه الملاحظة طويلة المدة وكافية حتى نستطيع التعرّف على شخصية الفرد وفهمها بشكل كامل. واتسون
- الشخصية عبارة عن جملة من الأنماط والاستجابات السلوكية القابلة للملاحظة بشكل تطوّري، مع إمكانية التنبؤ بها وبمدى شدّتها، بالإضافة إلى قابلية ضبطها والتحكم بها من خلال استخدام العديد من المبادئ كالتعزيز. سكنر
- الشخصية هي مجموعة من المظاهر، والسمات الجسمية، والعقلية، والانفعالية، والاجتماعية التي يتميز بها الفرد بطريقة مغايرة لمن حوله. حامد زهران
- الشخصية هي السلوكيات التي يقوم به الفرد بشكل يميزه عن غيره. شيرمان
- الشخصية هي التنظيم المتكامل الذي يتضمّن جملة من الميول والاهتمامات والاستعدادات والمهارات الجسمية البدنية والعقلية، وتكون بشكل عام ثابتة نسبيًا، وعلى أساسها يتم تحديد الأسلوب الذاتي للفرد في تفاعله، وتكيُّفه مع بيئته المادية، والاجتماعية. بيرت
- الشخصية هي مجموعة من الصفات المتكاملة للفرد العقلية والاجتماعية والسيكولوجية، بمعنى آخر أنها مجموعة من القدرات الذهنية للفرد والمعتقدات والعادات والاستجابات الانفعالية له. رالف لنتون
- الشخصية هي حالة من التكامل والتلاؤم الوظيفي لجميع الأنماط السلوكية والاستجابية التي يكتسبها الفرد خلال ممارسته للأنشطة اليومية داخل الجماعات كالأسرة، والمدرسة، والعمل، بحيث تجعله يمتلك صفات شخصية مختلفة ومميزة عن غيره. كلوكهون
سمات الشخصية الخمس بحسب نظريات علم النفس:
يرى الباحثون في مجال علم النفس أنّه وعلى الرغم من اختلاف تعريفات الشخصيّة إلا أن هناك بعض السّمات التي غالبًا ما تكون مُشترَكة في جميع الشخصيات وهي:
- الانفتاح: (فضولي/خلّاق، بالمقابل، ثابت/متحفظ) يتم قياس درجة فضول الشخص ورغبته في الاكتشاف، واستعداده الدائم لسماع كل ما هو جديد وغريب (سواء من خلال خوض التجارب والأنشطة، أو الأفكار والمفاهيم)، ومدى تقديره للفن والإبداع.
- الضّمير (أو الوعي): يتعلّق بقدرة الفرد على التنظيم، والالتزام بالتّعليمات، والمسؤوليات، والواجبات، والفروض، والأهميّات والتعمّد، والقصد، ودرجة الحذر وضبط النفس.
- الاجتماع (أو التّخَالط): يقصد به مدى مخالطة الفرد لغيره، ودرجة اندماجه في أفراد المجتمع وما يحيطه، بمعنى آخر متعلق بدرجة الإصرار والثقة بالنّفس، وفعالية الشخص، ونشاطه، ومشاعره الإيجابيّة.
- التّوافق: يقصد هنا الثقة بالآخرين، ودرجة مساعدة الفرد لغيره من أفراد المجتمع، واللَطافَة، وحسن المعاملة.
- الاضطراب (أو القلق): تتعلق هذه السمة بسوء المزاج والاكتئاب، والشعور بالغَم والانقباض وهبوط النفسية، وسهولة تعرض الفرد للمشاعر السلبيّة، وعدم تقبل الآخرين.
العوامل المؤثرة على بناء شخصية الإنسان:
استنادًا للتعريفات السابقة تتكون شخصية الإنسان من مجموعة من الصفات الجسدية، والنفسية، والعادات، والتقاليد، والقيم، والعواطف لكن عندما تتعرض هذه الشخصية لعوامل معينة فإنها تكتسب صفات جديدة، أو تتغير بعض السمات والصفات التي تمتلكها، بمعنى إن تأثير العوامل إما أن يكون سلبي أو إيجابي، فيما يلي سنتعرّف على العوامل المؤثرة على بناء شخصية الإنسان.
- التعليم: التعليم هو تلقي الفرد مختلف أنواع المعارف والعلوم ما يساعده على تطوير قدراته، ومهاراته، واكتساب الكثير من العادات، والقيم، والاتجاهات، وكل هذا ما يسهم في بناء شخصيته.
- الأسرة: تلعب الأسرة دورًا كبيرًا في بناء شخصية الإنسان فهي المكان الأول الذي يحتك به الطفل مع عالمه الخارجي، ومن خلال التربية، والتنشئة الأسرية تتبلور شخصيته، وتظهر صفاته، وسماته الخاصة.
- الوراثة: أكّدت الدراسات العلمية أنّ الإنسان يحمل في مورّثاته الجينيّة الكثير من الخصائص النمائيّة، وبذلك تلعب الوراثة دورًا أساسيًا في تشكيل الصفات، والسمات، والأنماط السلوكية.
- البيئة: إنّ ظروف البيئة المحيطة بالفرد تسهم بشكل كبير في بناء شخصيته، فالعوامل المادية، والاجتماعية، والثقافية، والحضارية تساعد على اكتسابه بعض الصفات، والسمات التي تُميّزه.
- الصحة: يؤكّد العلماء أنّ الصحة الجيدة تعكس إيجابيًا على كل الوظائفَ الفسيولوجية لأعضاء جسم الانسان، حيث تؤثر آلية عمل هذه الوظائف بشكل كبير على بناء شخصية الفرد، وتفاعلاته مع محيطه الخارجي.
صفات الشخصيات الغير طبيعية:
في علم النفس البشري يطلق مصطلح الشخصية الغير طبيعية على الأشخاص الذين لا يمكنهم التأقلم والتعامل مع المتغيرات الحياتية، وعادة ما تظهر بوادر الشخصية الغير طبيعية خلال فترة المراهقة، فيما يلي سنقدم قائمة طويلة بالشخصيات الغير الطبيعية:
- الشخصية الوسواسية: ينتاب هذه الشخصية حالة من القلق حول الانتظام، الكمالية، والاهتمام المفرط بالتفاصيل، والإعداد القهري للقوائم، والجداول الزمنية، والتمسّك بالمعتقدات، وانعدام الانفتاح والمرونة في الأفكار.
- الشخصية المتحاشية: تظهر على هذه الشخصية أنماط من القلق الاجتماعي والكبح الاجتماعي، والشعور بانعدام الثقة والعجز والدونية، والنقد الذاتي، وتجنّب التفاعل مع البيئة الخارجية، والانعزال.
- الشخصية الهستيرية: تتعمد هذه الشخصية إظهار عواطفها بطريقة مبالغ بها بقصد لفت الانتباه، حيث يشبه العلماء تصرّفاتها بتصرّف الأطفال، كما ويصدر عنها تصرفات غير المقبولة في العرف الاجتماعي.
- الشخصية الانهزامية: هذه الشخصية ضعيفة العزيمة لا هدف لها في الحياة، لا تخطط وغالبًا ما تتحدث أكثر مما تفعل فهي قليلة الفعل كثيرة الكلام، كما أنّها كثيرة الشكوى وتستسلم أمام أبسط العواصف.
- الشخصية النرجسية: أكثر ما يميز هذه الشخص حب النفس والغرور والتعالي، والتكبر على الناس، والشعور بالأهمية، ومحاولة الكسب حتى ولو على حساب مصلحة الآخرين، كما أنها تحب أن تسيطر على الجميع.
- الشخصية العاجزة: شخصية سلبية بامتياز فهي تتصف بضعف النشاط الجسمي والعقلي، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، والاستمرار أو المثابرة على هدف معين، كما ينقص صاحب هذه الشخصية الطموح.
- الشخصية الأعتمادية: تعتمد هذه الشخصية على الآخرين بشكل كامل فهي عديمة المسؤولية وتستعين بالناس لإشباع احتياجاتها النفسية والجسدية، مع تحقيق درجة ضئيلة جدًا من الاستقلالية.
- الشخصية القهرية: يسيطر على تفكير هذه الشخصية أفكار معينة تلازمها دائمًا وتحتلّ جزء من وعيها وشعورها وذلك بشكلٍ قهري، فتعجز عن التخلّص أو الانفكاك منها رغم وعيها بغرابة الأفكار وعدم فائدته.
- الشخصية الانطوائية: هي شخصية غير اجتماعية لديها عدد قليل من الأصدقاء، كما أنّها تفضل الأنشطة الاجتماعية القليلة لكنها في نفس الوقت غير خجولة ولا انعزالية، فكل ما في الأمر أنها تحب الانطواء على نفسها.
- الشخصية الدورية: تمر هذه الشخصية بحالة اكتئاب، وهبوط بالمعنويات، وعدم الحماس وتستمر بهذه الحالة لفترة زمنية قصيرة، ثم تعود الشخصية إلى حالتها الطبيعية أو إلى حالة عكسية تمامًا من المرح والسرور والشعور المفرط بالسعادة.
- الشخصية الشكاكة: تعيش الشخصية الشكاكة في نظرية المؤامرة فهي تسيء الظن بكل من حولها، وتعتقد أنّ الجميع يكذب عليها، وهناك من يحاول أن يوقع بها، فهي لا تصدق أحد ونادرًا ما تثق بأحد.
- الشخصية الغير ناضجة انفعاليًا: هذه الشخصية غير متوازنة بأفكارها فليس لها رد فعل متوازن مع الموقف، ولا يمكن أن تتنبأ بسلوكها المستقبلي، كما أنها لا تندمج مع الآخرين بشكل يساوي قبولها لذاتها وتشعر بالإحراج من انفعالاتها.
- الشخصية السلبية العدوانية: تتبنى هذه الشخصية سلوكيات مؤذية كتعبير عن شعور عدواني لكن بأساليب غير مباشرة مثل إلقاء نكت عدائية، العناد، الاستياء، العبوس، اللا مبالاة، أو الفشل المتعمد في إنجاز المهام الموكلة بها.
- الشخصية البينية: تقوم هذه الشخصية بإظهار صفات حميدة لا تمتلكها في الحقيقة بغرض لفت النظر إليها، بمعنى آخر أنها تظهر ما تريد وتخفي ما تريد حتى تكسب محبة وود الناس من حولها.
- الشخصية شبه الفصامية: تمتلك هذه الشخصية أفكار غريبة وغير واقعية، حيث تسيطر عليها الظنون والأوهام، كما تعتقد أن لديها قدرات خاصة كالشفافية والتنبؤ بالأحداث قبل وقوعها، ورؤية ما لا يراه الناس.
- الشخصية السيكوباتية: هذه الشخصية في غاية التعقيد، ومن الصعب التعرّف على الشخصية الحقيقية لصاحبها لأنها تتصرف كأي إنسان عاقل وطبيعي، وتمتلك قدرة خارقة على التأثير بالآخرين والتلاعب بأفكارهم، كما أنّها تتلذّذ بإلحاق الأذى بالمحيطين بها.
- الشخصية الاضطهادية: أكثر ما يُميّز هذه الشخصية الشك المستمر، وانعدام الثقة بالآخرين، فطوال الوقت تبحث عن أدلة وحقائق لتبرهن على صحة شكوكها في الناس، كما أنها تعتبر كل تصرفات الآخرين عدائية وغير بريئة.
كيف تمتلك شخصية مثالية؟
العوامل الخارجية تؤثر على بناء شخصية الإنسان، لكن يمكن من خلال بعض الخطوات أن نحصل على شخصية مثالية ومحبوبة من قبل الجميع.
- احرص على السيطرة على نفسك، والتحكم بانفعالاتك ومشاعرك، فهذا الأمر سيُجنّبك ارتكاب الأخطاء، وسيجعلك تتصرّف على نحو صحيح.
- اعتمد في تفكيرك على الحقائق، والبراهين، والأدلة، والحجج المنطقية، وابتعد عن الأفكار الوهمية التي لا أساس لها، سيجعلك هذا أكثر حكمة.
- عبّر عن آرائك بكل شفافية وصدق، واحرص على الالتزام بالنقد البناء، وتجنّب نقد الآخرين، أو تصيّد أخطائهم، عندها ستحصل على شخصية مثالية كما تريد.
- وسّع مداركك من خلال قراءة الكتب من مختلف المجالات العلمية، ومشاهدة الأفلام التعليمية والوثاقية، فالثقافة ستجعلك قادر على التفكير على نحو سليم.
- احترم عادات وتقاليد الآخرين فالعرف أقوى من القانون أحيانًا، وأحسن معاملة الناس، أي تعامل معهم بلطف ودماثة ورقي.
- حافظ على مرونة أفكارك، وتقبّل التغيرات المحيطة بك، وانفتح على أفكار الأخرين، بذلك ستصبح صاحب شخصية مثالية.
- قف إلى جانب الحق دومًا، وتجنّب الكذب، والخداع، وانصر المظلوم، ولا تفرط في حقك ودافع عن معتقدات الصحيحة إلى النهاية.
إلى الآن لم ينتهي العلم من دراسة الشخصية فكل يوم تظهر نظرية، وبحث جديد يكشف عن زوايا وسمات غير معروفة في شخصية الإنسان، وأخيرًا إذا كان لديك عزيزي معلومات أخرى عن الشخصية شاركنا بها.
أضف تعليقاً