ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "ليم كارين" (Lim Kairen)، والذي يحدثنا فيه عن نظرية الذكاءات المتعددة.
لا يمكن تجاهل المفاهيم الخاطئة التي نكوِّنها عن الأشخاص المنخرطين في وظائف نظن أنَّها أقل صعوبة باعتبارهم غير أذكياء، فمِثل هؤلاء الأشخاص بوسعهم القيام بما لا يمكن للكثيرين فعله.
الفكرة هي أنَّ إدراكنا للذكاء مشوَّه تماماً؛ فنحن نعتقد أنَّ أداء كل مهمة نعجز عنها ضرباً من ضروب الذكاء، لكنَّ الأمر خلاف ذلك تماماً؛ فوفقاً لعالم النفس "هوارد جاردنر" (Howard Gardner)، يتحلَّى الجميع بأنواع مختلفة من الذكاء.
ما هي أنواع الذكاء التسعة؟
بإمكانك أن تلقي نظرة على الصورة الموجودة في الأسفل لفهم الموضوع فهماً أفضل.
يُظهِر هذا المُخطَّط خواص الذكاءات التسعة، ويؤكِّد أنَّ الذكاء يتضمَّن عدة أبعاد مختلفة تميز كل امرئ عن غيره.
كما اتضح، فالذكاءات التسع هي:
1. الذكاء اللغوي (linguistic):
هو القدرة على اختيار الكلمات المناسبة للتعبير عن أفكار الفرد ومشاعره. ويمتلك الأفراد الذين يتمتعون بالذكاء اللغوي عديداً من الصفات، مثل استمتاعهم بالقراءة والكتابة، واستعمالهم لطرائق غير تقليدية في التعلم والتعليم مثل إدخال الفكاهة واستعمال كثيرٍ من الأمثلة والدلالات وغيرها.
2. الذكاء الرياضي المنطقي (logical-mathematical):
يتعلق الذكاء المنطقي- الرياضي بالقدرة على حل المسائل الرياضية المنطقية، وفهم الأرقام واستخدامها بفاعلية؛ ومن الطبيعي أن يكون من يتمتعون بهذا النوع من الذكاء بارعين في حل مسائل الرياضيات، ومفكرين بارعين فيما يخص المفاهيم المجردة؛ لذا فإنَّ العلماء عموماً وعلماء الرياضيات خصوصاً خير أمثلة على هذا النوع من الذكاء.
3. ذكاء معرفة الذات (intrapersonal):
هو الذكاء المرتبط بوعي الإنسان لنفسه، ويتعلق بقدرة الشخص على التفكير العميق، والوعي التام بحالته النفسية والعاطفية في جميع الأوقات؛ ولعلَّ الفلاسفة والحالمين هم خير مثال على ذلك.
4. ذكاء معرفة الآخرين (interpersonal):
ليس من المستغرب أن يتعلق ذكاء معرفة الآخرين بمهارات التواصل مع الآخرين أو المهارات الاجتماعية؛ إذ يكون الشخص الذي يتمتع بمستوى عالٍ من هذا الذكاء متعاطفاً مع الآخرين، وقادراً على معرفة نواياهم وتفهُّم مشاعرهم.
يتفوق الأشخاص الذين يتمتعون بهذا الذكاء في العمل الجماعي، ويساهمون في تجنب الصراعات وإحلال الوفاق في المنظمات التي يعملون فيها؛ كما يبرعون في مهارات التواصل، ويستشعرون حاجات الآخرين، ويقدرون على تفهم وجهة نظرهم.
5. الذكاء الموسيقي والإيقاعي (musical-rhythmic):
إن كان باستطاعتك معرفة الإيقاع الموسيقي والتصفيق أو الغناء مع الموسيقى، فقد تكون صاحب ذكاء موسيقي عالٍ. يمكن للأشخاص ذوي الذكاء الموسيقي الجيد التعرف على النغمات وسماع الأنماط في الأغاني، فضلاً عن شغفهم بسماع الموسيقى وتأليفها.
6. الذكاء الفراغي أو البصري (spatial-visual):
يتعلق الذكاء البصري - المكاني بالوعي التام بالبيئة المكانية والقدرة على تصور الأشياء، حيث يبرع الأشخاص الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء في التعرف على الأنماط وتفسير المخططات والرسومات البيانية؛ لذا، إن كنت شخصاً يتذكر الطرق والأماكن والاتجاهات ويجيد قراءة الخرائط، فأنت تمتلك في الغالب قدراً كبيراً من الذكاء البصري- المكاني.
7. الذكاء البدني والعضلي (bodily-kinesthetic):
يتعلق الذكاء الجسدي- الحركي بقدرة الناس على الحركة في المكان؛ حيث يتحلى مَن يمتلكون هذا النوع من الذكاء بوعي مميز بأجسادهم، ويمكنهم التحكم بها بصورة ممتازة، ممَّا ينعكس على إدراكهم لوضعيات أجسادهم وجودة حركاتهم في جميع الأوقات والظروف؛ كما يبرع الأشخاص الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء في الرياضات والرقص، ويمتازون بالتنسيق الجيد بين العينين واليدين.
8. ذكاء علم الطبيعية (naturalist):
يُدعَى أيضاً "الذكاء الحيوي" أو "الذكاء البيئي"، ويُعرَّف الذكاء الطبيعي بأنّه قدرة الإنسان على فهم الطبيعة والاستمتاع بجمالها؛ ومن أبرز الأشخاص الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء: علماء البيئة، والفلاحون، وعلماء النبات والحيوان.
9. ذكاء الوجودية (existentialist):
مَن يُفكِّر كثيراً في معنى الحياة، ويحب القراءة عن تطور الإنسان، وكيفية وصوله إلى ما هو عليه اليوم، ويبقى مستيقظاً لوقت مُتأخِّر يُفكِّر فيما قد يوجد خارج الكون المعروف، فقد يمتلك هذا النوع من الذكاء، الذي يُشار إليه غالباً باسم "ذكاء الحياة".
ماذا عن الذكاء العاطفي؟
الذكاء العاطفي هو المسؤول عن إدارة وتنظيم المشاعر وتوجيهها، وإدارة الانفعالات التي يمر بها الفرد، كما يشمل الكفاءات والمهارات التي تدعم الفرد وتساعده على تحقيق النجاح المهني، والتوافق مع مهام وضغوطات الحياة؛ وبذلك يتميز الفرد الذي يمتلك ذكاءً عاطفياً عن غيره من الأفراد؛ فامتلاك الفرد مهارات الذكاء العاطفي يعني امتلاكه أدوات النجاح المهني والاجتماعي والأكاديمي، ويساعده على التكيف مع ذاته ومحيطه.
شاهد بالفيديو: 9 أنواع من الذكاء ينبغي عليك معرفتها
نظرية جاردنر للذكاءات المتعددة:
تُعدُّ نظرية أنواع الذكاء التسعة التي وضعها (غاردنر) في كتابه "نظرية الذكاءات المتعددة" (The Theory of Multiple Intelligences) بمثابة أداة رائعة للعثور على نقاط القوة والضعف لكل إنسان، والمفهوم العلمي لهذه النظرية بسيط للغاية.
تنصُّ وجهة نظر (غاردنر) على أنَّ هناك 9 قدرات تجعلنا ببساطة كائنات ذكية مثلما نحن عليه اليوم، وتتفاوت طبيعة هذه القدرات ما بين موسيقية إيقاعية، وبصرية مكانية، ولفظية لغوية، ومنطقية رياضية، وجسدية حركية، وشخصية، وتواصلية، وطبيعية، ووجودية.
أنواع مختلفة من الذكاء لتمكين المتعلمين:
نستطيع من خلال تعلم النظرية الكامنة وراء دراسات (غاردنر) التعرُّف إلى أنفسنا بصورة أفضل بعض الشيء؛ ومع ذلك، أكَّد (غاردنر) أنَّه لا يجب أن تدفعنا فهم نقاط قوتنا إلى تصنيف أنفسنا بذكاء محدَّد والتوقُّف عن التطوُّر، بل يجب أن نتعرَّف على نقاط ضعفنا ونحسِّنها.
افهم ذكاءَك الخاص:
ستتمكن من خلال إجراء اختبار يستند إلى أنواع الذكاءات التسعة من فهم الذكاء الذي تتمتع به، لكن احرص على أن تقدِّم إجابات صادقة حتى تحصل على نتائج دقيقة.
في الختام: كل شخص فريد بما يميِّزه
تؤكد نظرية (غاردنر) أنَّ مهنة الكتابة أفضل خيار بالنسبة إليَّ لكوني ذكياً لغوياً، كما تشير أيضاً إلى إجادتي للقراءة والكتابة ورواية القصص وحفظ الكلمات؛ ولكن بصرف النظر عن معرفة نقاط قوتي، نبَّهتني هذه النظرية إلى أهمية تعزيز مهاراتي في مجالات أخرى، كالمنطق ومهارات التواصل مع الآخرين وقدرتي البصرية على التصوُّر على نحو أفضل بعيني عقلي.
فلماذا لا تجرب مثل هذا النوع من الاختبارات التي قد تغيِّر الطريقة التي تدرك بها ذكاءك الفريد إلى الأبد؟
أضف تعليقاً