هل تشعر بالوحدة؟ إليك 12 طريقة للتخلص منها

تنتابنا بين الفينة والأخرى الرغبة في الانعزال عن الآخرين، والركون إلى أنفسنا قليلاً للابتعاد عن صخب الحياة والعمل ومشكلاتهما تارةً أو الابتعاد عن أشخاص قد سببوا لنا الأذى، في محاولة لمراجعة حساباتنا وتقييم خياراتنا في الاستمرار في هذه العلاقة أو في هذا العمل والعودة من جديد بخطة أخرى أو بطريقة أخرى للتعامل والتعاطي مع هؤلاء الأشخاص



الوحدة أو الانعزال يكونان شيئاً إيجابياً يمكن الاعتماد عليه بوصفه حلاً مؤقتاً للتفكير في حلول للمشكلات والعقبات التي نواجهها، لكن متى يمكن للوحدة أو العزلة أن تتحول إلى شيءٍ سلبيٍ يترك عواقبَ وخيمة على الشخص من الناحية النفسية والعقلية والجسدية؟ وكيف نفهم معنى الوحدة ونفرق بينها وبين العزلة؟ سنشرح أسباب الوحدة والعوامل المؤثرة في حصولها، وتأثيرها في حياتنا اليومية، ونستعرض 12 طريقة للتخلص من الشعور بالوحدة، فلنتابع ونقرأ معاً.

التمييز ما بين الوحدة والعزلة:

قد تكون الوحدة والعزلة مصطلحين متشابهين، ولكنَّهما يحملان معاني مختلفة بشكل كبير؛ إذ يشير مصطلح العزلة إلى حالة الانفصال والانطواء على الذات، فيشعر الشخص المعزول بالبعد عن الآخرين وعن العالم من حوله، وقد يفضل الشخص المعزول البقاء في مكانٍ معينٍ بعيداً عن التفاعل مع الناس، وقد يفضل القيام بالنشاطات وحده.

من ناحية أخرى، تشير الوحدة إلى حالة شعورية قد يشعر بها الشخص حتى وإن كان محاطاً بالآخرين، فالوحدة هي حالة داخلية تنشأ من شعور الشخص بعدم الانتماء أو الارتباط العاطفي بالآخرين على الرغم من وجودهم بجانبه، وقد يشعر الفرد بالوحدة بسبب العزلة الاجتماعية أو العاطفية، وتتسبب في ذلك عوامل مثل عدم الفهم أو عدم القبول من قِبل الآخرين.

الأسباب المحتملة للشعور بالوحدة:

يرتبط الشعور بالوحدة بأسباب عدة ومتنوعة، وهي:

1. غياب الثقة بالنفس:

يعاني الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة من غياب الثقة بالنفس، ومن عدم قدرتهم على مواجهة التحديات التي تعترضهم والفشل في مواجهتها، إضافة إلى النقد السلبي الذي قد يتلقاه هؤلاء الأشخاص من أقرانهم في الحياة الشخصية مثل أصدقائهم وأقربائهم، أو في حياتهم العملية من قِبل زملاء العمل أو المدير المشرف عليهم، وهذا يدفعهم للتشكيك في قدراتهم وكفاءتهم على وضع الحلول لمواجهة المصاعب والعقبات، والانكفاء على ذواتهم والانعزال عن محيطهم.

2. ضعف مهارات التواصل مع الآخرين:

يواجه الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة ضعفاً واضحاً في مهارات التواصل مع الآخرين؛ وذلك بسبب شعورهم أنَّهم غير مفهومين من قِبل الآخرين بسبب طبيعتهم الخجولة والمنكفئة على الذات، أو بسبب ضعف قدرتهم على التعبير عن أنفسهم وعن مشاعرهم بشكل واضح ومفهوم للآخرين، وهذا يدفعهم للانطواء على أنفسهم والعيش ضمن عالمهم الخاص.

3. إدمان مواقع التواصل الاجتماعي:

تسببت مواقع التواصل الاجتماعي في دخول الناس في حالة وهمية من النشوة الناتجة عن متعة التواصل مع الآخرين من خلف شاشات أجهزتهم الذكية واللوحية، واقتصارهم على هذا النوع من التواصل، وهذا دفعهم للغرق في الوحدة وشكَّل عائقاً أمام قدرتهم على بناء علاقات صحيحة وصحية قائمة على التواصل والتفاعل المباشر مع الآخرين والاحتكاك بهم، وإنشاء حالة من الاغتراب وحالة من عدم الانتماء إلى المحيط الذي يعيشون فيه.

إضافة إلى ظهور مشكلة المقارنة الاجتماعية بين واقع الشخص والأشخاص الذين يتابعهم أو أصدقائه على مواقع التواصل الاجتماعي، وما يظهرونه على حساباتهم من مظاهر النجاح والسعادة والمال الذي يتمتعون به، وهذا ينشئ لدى المتابع لهم إحساساً بالدونية والشك بالذات والشعور بالتفاوت بين واقعه الذي يعيشه وما يراه ويشاهده بأم عينه على مواقع التواصل الاجتماعي، متناسياً أنَّ ما يراه قد يكون مزيفاً ويخفي خلفه كثيراً من المعاناة والشعور بالتعاسة.

شاهد بالفديو: كيف تتغلَّب على الخوف من الوحدة؟

كيف تؤثر الوحدة فينا؟

تترك الوحدة آثاراً سلبية كبيرة من الناحية النفسية والجسدية والعقلية، وهذه الآثار قد تكون مدمرةً لحياة الشخص في بعض الأحيان، فقد تجعل الأشخاص يشعرون بالفراغ والوحدة وعدم الرغبة في الاتصال البشري، كون حالتهم العقلية تجعل تكوين علاقات مع الآخرين صعباً عليهم.

في دراسة أُجرِيَت من قِبل جامعة "لوس أنجلوس"، أظهرت أنَّ الأشخاص الوحيدين تظهر لديهم مستويات عالية من هرمون الإجهاد "الكورتيزول" في الدم بالمقارنة مع الأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية ممتازة مع المحيطين بهم.

أما عن تأثير الوحدة في الصحة النفسية والعقلية، فقد تم ربط الشعور بالوحدة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب وزيادة مشاعر القلق والتوتر، إضافة إلى انخفاض الثقة بالنفس لدى هؤلاء الأشخاص، وصولاً إلى مشكلات النوم وغيرها من مشكلات الصحة العقلية والنفسية.

إضافة إلى ذلك، قد يزيد النقص في التواصل الاجتماعي مع الآخرين من خطر تعاطي الكحول والمخدرات وأمراض القلب والسكتة الدماغية وانخفاض الذاكرة والتعلم والانتحار.

بعد أن استعرضنا كيفية تأثير الوحدة فينا، لنتحدث ونجيب عن سؤال "كيف يمكننا التخلص من الشعور بالوحدة ومواجهته؟"، وهو ما سنقدِّمه في الفقرة الآتية:

12 طريقة للتخلص من الوحدة:

الوحدة كما عرفنا هي شعور طبيعي يشعر به أغلب الناس في مرحلة من حياتهم، ومع ذلك، إذا كان الشعور بالوحدة يؤثر سلباً في حياتك اليومية، فقد يكون من الضروري التخلص منه، وإليك 12 طريقة للتخلص منها:

1. التركيز على النشاطات والهوايات:

قد تكون الوحدة نتيجة لعدم وجود نشاطات ممتعة لتشغل وقت فراغك بها، لذلك جرب القيام بنشاط تحبه واستثمر وقت فراغك في تعلُّمه وممارسته، فقد تتيح لك هذه الفرصة التعرف إلى أشخاص آخرين يتشاركون معك في الهواية نفسها، ومن ثمَّ توسيع دائرتك الاجتماعية.

إقرأ أيضاً: لماذا نحتاج إلى الهوايات؟

2. الانخراط في النشاطات الاجتماعية:

يُعَدُّ الانخراط في النشاطات الاجتماعية بمنزلة وسيلة فعالة لتحسين حالتك النفسية المتصلة بالوحدة، فجرب الانضمام إلى نادٍ أو منظمة تطوعية لتلبية الحاجات المجتمعية أو المشاركة في النشاطات المجتمعية المختلفة المتوفرة في منطقتك، وربما تتاح لك الفرصة للتعرف إلى أشخاص جدد والتوسع في دائرة معارفك والتغلب على الوحدة والعزلة.

3. العمل على تطوير الذات:

قد تكون الوحدة علامة على أنَّك بحاجة إلى تطوير الذات، وهذا يشمل تعلُّم مهارات جديدة أو حتى العودة إلى مقاعد الدراسة في الجامعة أو الخضوع للدورات التي تُقدَّم عن بُعد للحصول على شهادة جديدة، فقد يساعد التعليم على زيادة ثقتك بنفسك وزيادة فرصك في العثور على عملٍ جديدٍ والانفتاح على العالم بشكل أفضل.

4. تجنُّب التأثير السلبي لوسائل الترفيه ومواقع التواصل الاجتماعية:

قد تؤدي وسائل الترفيه، مثل مشاهدة الأفلام والتلفزيون لساعاتٍ طويلةٍ الذي يبث مقاطع فيديو وصوراً خيالية، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي والتفكير في الأمور السلبية في الحياة إلى ترك أثرٍ سلبيٍ كبيرٍ جداً في الحياة الشخصية، لذلك من الهام تجنب هذه النشاطات، وبدلاً من ذلك تنشيط نفسك بممارسة النشاطات الخارجية.

5. البقاء نشطاً ومتحركاً:

يساعد البقاء نشطاً وتحريك جسمك على تخفيف الشعور بالوحدة، فقد تحجز مكاناً لك لممارسة الرياضة والاعتناء بلياقتك البدنية في منطقتك أو المشاركة في النشاطات الرياضية مثل سباقات الجري أو المشي، ومن الهام أن تدرك أنَّ شعورك بالراحة في جسدك سينعكس أيضاً على شعورك بالسعادة من الداخل.

6. البحث عن التحديات الجديدة وتحقيق الإنجاز:

قد ينبع الشعور بالوحدة من كون روتين الحياة اليومية للشخص بات مألوفاً أكثر ومعتاداً عليه، لذلك لا بد من البدء بالبحث عن التحديات الجديدة التي تساعد على تحفيز الدماغ، وإطلاق العنان للشعور بالإنجاز والرضى عن النفس، وطالب نفسك أن تتعلم شيئاً جديداً لأخذ المتعة في تحدِّي نفسك بطريقة جديدة، والحصول على جرعة من التحفيز عند إنجاز هذا التحدي وتجاوزه.

7. العناية بالصحة العقلية والجسدية:

يساعد التركيز على الصحة العقلية والجسدية على الحفاظ على رفاهية الجسم والعقل، فجرب الاسترخاء والتأمل بانتظام، واحرص على الحصول على النوم الكافي والتغذية الجيدة، كما يمكنك ممارسة تقنيات اليقظة الذهنية والرعاية الذاتية.

8. محاولة خوض وتنفيذ التجارب الجديدة:

يمكن للتجارب الجديدة أن تعمل على تغيير نظرتك السلبية تجاه نفسك وكسر قيود الوحدة، فحاول أن تعيش التجارب المختلفة، مثل حضور الأحداث والمناسبات العامة والمشاركة في النشاطات المشتركة الأخرى الجديدة والتعرف إلى أشخاص جدد.

9. البحث عن الصداقات والعلاقات الجديدة:

قد تبدو محاولة العثور على الأصدقاء الجدد صعبةً في البداية، لكن إذا كنت جاهزاً لفعل ذلك، فربما توجد فرصة جيدة للعثور على شخص يمتلك اهتماماتٍ مشتركة وعلاماتٍ تدل على أنَّه قد يكون صديقك الجديد، فجرب حضور المناسبات العامة التي تهمك، وحضور الحفلات أو الندوات والتواصل مع الناس، إضافة إلى إجراء النشاطات المختلفة التي تساعد على إثارة الاهتمام لديك.

شاهد بالفديو: صفات الصديق الحقيقي

10. تغيير طريقة التفكير:

لا بد من تغيير طريقة تفكيرك السلبية عن نفسك، وبأنَّك غير مرحَّب بك من قِبل الآخرين وتغيير نظرتك لذاتك وللآخرين، واستبدالها بنظرة أكثر تفاؤلاً وحباً وإيجابيةً لنفسك، والاقتناع والإيمان التام بنفسك وبميزاتك الفريدة، وبأنَّ الآخرين ينظرون إليك بعين الحب والتقدير.

11. البحث عن الدعم النفسي:

قد يكون من المفيد البحث عن الدعم النفسي، سواء كان ذلك من خلال المشاركة في مجموعات دعم يتشارك فيها الأشخاص تجاربهم وخبراتهم في تجاوز الشعور بالوحدة أم الخضوع لجلسات المعالجة النفسية، وقد تتاح لك فرصةٌ للتحدث مع شخص مؤهلٍ وذي خبرة يستطيع أن يساعدك على التغلب على الشعور بالوحدة وتوجيهك للخروج من هذه الحالة وتحسين حالتك النفسية.

12. التطوع في الأعمال الخيرية:

قد يشكل التطوع في الأعمال الخيرية فرصةً للاستفادة من وقت فراغك بشكل إيجابي، وإضافة قيمةٍ إلى المجتمع المحلي، إضافة إلى ذلك، فقد تتاح لك فرصة للتعرف إلى أشخاص جدد وتوسيع دائرتك الاجتماعية، وهذا قد يؤدي إلى تحسين حالتك المزاجية والانخراط في نشاطاتٍ اجتماعيةٍ مفيدة.

إقرأ أيضاً: أعطِ لتأخذ: أثر التطوع على الصحة العقلية

في الختام:

إنَّ الشعور بالوحدة شعورٌ مؤلمٌ قد يمر به أي شخصٍ على الرغم من وجود كثير من الناس حوله، وهذا الشعور قد يتنامى ويتزايد تبعاً لطريقة وكيفية تعاطي الشخص مع الأحداث والمجريات الحياتية.

لذلك يجب ألا يركن الشخص إلى هذا الشعور السلبي ويغرق في العزلة الداخلية التي قد تفرضها الظروف النفسية والخارجية في بعض الأحيان، وذلك تجنباً لآثارها السلبية الكثيرة في الصحة النفسية والجسدية والعقلية، وذلك من خلال اتباع طرائق محددة للابتعاد عن وحش الوحدة والخروج من هذه القوقعة إلى العالم الرحب، والاستمتاع بالحياة قدر المستطاع مع الإيمان المطلق بالنفس والثقة بها.




مقالات مرتبطة