من هم "مديرو المشاريع" في وكالات الترجمة؟

يبدو أنَّه يمكن لأي شخصٍ مؤهلٍ للعمل أن يكون مديراً في العصر الحديث، ومع ظهور وظائف جديدة وتطوُّر الأسواق القائمة بالفعل، أصبح مفهوم "المدير" أكثر اتساعاً، لدرجة أنَّه من غير الواضح دائماً في الوقت الحاضر ما هي الواجبات التي يجب إسنادها لكل فئة مختلفة من فئات المديرين: المديرون الماليون ومديرو المبيعات ومديرو المشتريات وما إلى ذلك.



إنَّ مدير المشروع هو مسمى وظيفي أكثر ضبابيةً؛ ذلك لأنَّ المشاريع كلها مختلفة، فما الذي يفعله هذا المدير في الحقيقة؟ هل يقوم بتلقِّي الطلبات وتحويلها إلى البائعين، أم يتخذ القرارات مثل رئيس العمل؟

دعونا نلقي نظرةً عن كثب على هذا الدور المعقد والحيوي في إطار وكالات الترجمة.

واجبات مدير المشروع:

تختلف مسؤوليات المديرين باختلاف وكالات الترجمة، وفي هذا الصدد، تنقسم الوكالات إلى نوعين:

في بعض الشركات، تنصُّ العمليات على أنَّ كل مهمة، مثل التواصل مع العميل، والحصول على المشاريع، وتوزيع المهام بين المترجمين والمحررين، والمحاسبة المالية، وما إلى ذلك، يجريها موظفٌ معيَّن، ويكون عموماًَ رئيس قسم أو متخصص بدرجة الإدارة، وعادةً ما يكون لهؤلاء الموظفين واجبات ومسؤوليات واضحة، فإذا نُظِّمَت العملية بهذه الطريقة، فعندها لا يوجد مديرو مشاريع في الوكالة؛ حيث لا توجد حاجة إلى الإدارة في مراحل معيَّنة، وفي الواقع، يتعامل رئيس الوكالة فقط مع الإدارة "الحقيقية" المسؤولة عن التنفيذ والتحكم بالأداء الناجح للهيكلية المتَّبَعة في الوكالة، وهذا هو نوع الإدارة الأول.

إذا كان رئيس وكالة الترجمة يريد منح تفويض للقيام ببعض الوظائف الإدارية، فهناك حاجةٌ إلى مديرٍ قادرٍ على العمل بشكلٍ مستقل واتخاذ القرارات في جميع المراحل، وعند وصول أمرٍ جديد أو مشروعٍ جديد، يتم إسناد جميع الواجبات المتعلقة حصرياً بتنفيذه إلى مدير مشاريع معيَّن، ثمَّ يتعيَّن عليه تحديد البائعين والمواعيد النهائية للتسليم والرسوم وطريقة العمل وكذلك مراقبة مقدار إنجازها، ومن ثمَّ يصبح المدير مستقلاً، ويتخذ القرارات بشكلٍ مستقل، وهذا هو النوع الثاني من الإدارة.

ويعتمد نجاح النوع الأول من وكالات الترجمة على وضوح كلٍّ من القواعد والتعليمات لجميع المواقف الممكنة، وكذلك على الهرمية المُتَّبَعة في الشركة، وفي هذه الحالة أنت في الواقع لا تحتاج إلى مديري مشاريع على الإطلاق، وعوضاً عن ذلك، من الهام تزويد الهيكل التنظيمي باختصاصيين مؤهلين ومراقبة تنفيذ التعليمات، ومن المرجح في هذه الحالة أن يكون التركيز على الصفات الشخصية للمديرين الفرديين: مثل القيادة، والسرعة، والاستقلالية، والمرونة، وغير ذلك.

كيف تجد مدير مشروع جيد؟

يمكنك أن تسأل مدير الموارد البشرية - وهو نوعٌ من المديرين أيضاً - أو يمكنك إلقاء نظرةٍ عن كثب على مجموعةٍ من المترجمين والمحررين من الموظفين الموجودين بالفعل.

يمكن أن يمثِّل منصب مدير المشروع إحدى المراحل في الحياة المهنية للموظفين الناجحين، والذين لديهم الاستعداد لتحسين أنفسهم ولديهم الصفات الشخصية المطلوبة، فإنَّ الخبرة المكتسبة في الترجمة لا يضاهيها شيء عند بناء الفريق، والمدير الجيد مُلِمٌّ بعملية الترجمة والتدقيق اللغوي والبرامج ومعايير الجودة وما إلى ذلك، ويمكنه في أي وقت المشاركة في المهمة بنفسه، وإعادة تخصيص الوظائف، والاتفاق على شيءٍ ما مع العميل، وما إلى ذلك.

ومن ناحيةٍ أخرى، لا يكون المترجم الجيد دائماً مديراً جيداً، وغالباً ما يكون من الواضح خلال مرحلة "إعادة التدريب" أنَّ المدير الذي رُقِّي حديثاً لا يكون مستعداً بَعْد لتحمُّل المسؤولية والاتصال بالعملاء والمحررين والمترجمين طوال الوقت، وحلِّ المشكلات الجادة، أو حتى التوقف عن عمله المفضل في الترجمة، وفي بعض الأحيان تفقد الوكالة مترجماً ممتازاً وتكتسب مدير مشاريع عادياً تماماً، ويمكنك تجنُّب هذا الحدث المأساوي من خلال تقييم الصفات الشخصية للمرشح بعناية، أو عن طريق اختيار مديري المشاريع من بين أولئك الذين يعملون في مناصب مماثلة لدى شركاتٍ أخرى.

للوهلة الأولى، تكون جميع المشاريع متشابهة، ويكون لدى المدير الجديد فكرةٌ عن الواجبات التي سيتم إسنادها إليه، وذلك بصرف النظر عن المنصب السابق الذي كان يشغله، ولكنَّ سوق الترجمة دقيقٌ للغاية؛ حيث ينبغي على مدير المشروع، بالإضافة إلى الوظائف الإدارية، إتقان العديد من البرامج بسرعة لدرجةٍ تكفي لشرح الفروق الدقيقة للعمل بواسطة هذه البرامج للآخرين، كما يجب عليه أيضاً ضمان الامتثال لمعايير معيَّنة، والاتصال بعملاء عدَّة، وما إلى ذلك.

على جانبٍ آخر ثمَّة مهام إدارية ضخمة يجب على مدير المشروع التعامل معها، ومن ثمَّ من أجل بناء فريقٍ ناجح، يجب أن يعمل مدير المشروع بشكلٍ جيد مع المترجمين والمحررين والمديرين الآخرين، ويجب أن يكون الوافد الجديد مرناً في التواصل وبناء العلاقات، ومن ثمَّ تحتاج وكالة الترجمة إلى تصميم برنامجٍ لتدريب المدير الجديد وتأهيله بعناية.

أثبتَت التجربة أنَّه ليس من الجيد الجمع بين المديرين الذين كانوا مترجمين والمديرين "من الخارج" داخل وكالة ترجمة واحدة، وعادةً ما تتبع الشركة استراتيجيةً واحدة عند تعيين موظفين جدد.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح فعالة لمديري المشاريع الجدد كي يتفوقوا في عملهم

المشكلات التي يعانيها المدير:

تختلف المتطلبات والتوقعات باختلاف العملاء، لذلك نادراً ما ينفِّذ مدير المشروع مشروعاً ما باستخدام نموذجٍ محدد، ويمكن أن تبدو المهمة بسيطةً في البداية: استلام الملفات من العميل، ونقلها إلى مترجمٍ ومحرر، وإيصال ترجمةٍ ممتازة إلى العميل في الوقت المحدد، وتسجيل المعلومات المالية، ثمَّ إنهاء المشروع، ولكن يمكن أن يتحول المشروع في بعض الأحيان إلى كارثة إذا واجه المديرون إحدى المشكلات الآتية:

1. تجاوز مواعيد التسليم:

قد لا يبدو التأخر في تسليم المشروع بضع ساعات حدثاً جللاً، ولكن تضمُّ عملية الترجمة في الوقت الحاضر الكثير من الأشخاص، وسرعان ما يتم نقل النص المترجم من قِبل وكالة الترجمة إلى متخصصي مراقبة الجودة والمحررين من جانب العميل، ومصممي التنسيق وغيرهم، لذلك يتوقع العميل استلام الترجمة في وقتٍ محددٍ بدقة، ويؤدي الفشل في أيَّة مرحلةٍ من هذه العملية إلى سلسلة كاملة من الإخفاقات في جميع المراحل اللاحقة، ويدرك المدير أنَّ أي تأخير هو خسارة، ولكنَّ التأخير يحدث من وقتٍ لآخر.

حتى المترجمين الموثوق بهم والمسؤولين يتجاوزون أحياناً المواعيد النهائية للتسليم بسبب ظروفٍ غير متوقعة، مثل تعطُّل المعدات، وانقطاع الكهرباء، وغيرها، ناهيك عن الوافدين الجدد، ويتحقق المدير المتمرس من موثوقية المترجمين المغمورين من خلال المشاريع التي تسمح بالتأخير ولا تتطلب مهاراتٍ خاصة.

إنَّ عدم قدرة المترجمين على تحديد نقاط قوَّتهم، والخوف من الإقرار بتفويت موعد التسليم النهائي، واختفاء الأشخاص دون إنجاز الترجمة - عادةً ما يميل المترجمون المستقلون إلى القيام بذلك - هي أكثر المشكلات المزعجة التي يجب على المدير التعامل معها، فالسمعة هامة للغاية لوكالات الترجمة، لذلك يفضِّل المديرون التعاون مع مترجمين موثوقٌ بهم.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتسليم مهامك في الموعد النهائي

2. مشكلة نقص المترجمين عند المهام العاجلة:

أنت لا تعرف أبداً متى سيأتي إليك طلبٌ من عميلٍ جديد، ففي بعض الأحيان وبعد شهرٍ من الروتين البطيء، تأتي مشاريع عدَّة كبيرة بشكلٍ فجائي في وقتٍ واحد، ويحتاج المدير لتنفيذها إلى فريق من المترجمين أكبر من المعتاد، ويمكن لمقاومة التوتر ورجاحة العقل أن تساعد المدير على التعامل مع هذا التوتر.

لا يمكن للمديرين قبول الخطر الناجم عن غياب البديل؛ لذا فإنَّ مسؤولياتهم تشمل إشراك الوافدين الجدد وتدريبهم، وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ زيادة عدد المترجمين المتاحين يسمح بتنفيذ المزيد من الطلبات، لذلك من الجيد عادةً أن يمتلك المدير رؤيةً جيدة كهذه، ودائماً ما يكون لدى وكالة الترجمة الجيدة مترجمون مستقلون متأهبون للعمل، ولكن ليس لدى كلٍّ منها الوقت الكافي لإجراء اختبار حاسم قبل أن يأتي مشروعٌ مُستعجَل كبير.

قد لا يحتاج المترجمون الجدد إلى تدريبٍ جاد وربما يكونون بالفعل قد استخدموا البرامج اللازمة، وفي هذه الحالة يكفي التحقق من جودة عملهم من خلال مهام عدَّة صغيرة بأقل قدرٍ ممكن من المخاطر، وإذا كانت النتيجة إيجابيةً، فأشرِكهم في مشاريع أخرى، وإذا كان المترجم وافداً جديداً ليس فقط على الفريق، وإنَّما على المهنة كاملةً أيضاً، فعندها يتعين على المدير بذل الوقت والجهد في شرح إجراءات العمل وآلياته.

3. ضمان جودة الترجمة:

ضمان جودة الترجمة أيضاً مسؤولية مدير المشروع، فبصرف النظر عن كيفية تطوُّر الأمر، عليك تقديم منتجٍ نهائيٍّ عالي الجودة للعميل.

يمكن أن تظهر شكاوى الجودة من طرف المدير إلى المترجم، ومن طرف العميل إلى المدير، ويجب على جميع الأطراف تجنب التضارب في التواصل، وإذا لم تكن جودة عمل المترجم عاليةً، فينبغي عليه شرح سبب حدوث ذلك شرحاً منطقياً، وإذا نشأَت الادعاءات من طرف العميل، فيجب على المدير أن يكتشف بدقة ماهيَّة هذه الادعاءات وأن يحدد ما إذا كانت موضوعيةً، وإذا كان الأمر كذلك، فينبغي أن يشرح بأدبٍ الأمر الذي تسبَّب في انخفاض الجودة وما هي الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتجنب ذلك في المستقبل.

إقرأ أيضاً: هل الترجمة الآلية جيدة أم سيئة؟

4. صعوبات فنية:

تُجرَى الترجمة التي تُنفَّذ داخل الوكالات عادةً على أجهزة الكمبيوتر والبرامج المتخصصة، ولكن يمكن أن يفشل كلاهما في بعض الأحيان، ويمكن لوجود عطلٍ غير متوقَّع أن يزيد الوقت المطلوب لإنهاء المشروع بشكلٍ كبير، ولذلك يجب أن يكون المدير جاهزاً لحل المشكلات الفنية بسرعة وفاعلية، بمفرده أو بمساعدة المتخصصين.

غالباً ما تكون طلبات العملاء مصحوبةً بتعليماتٍ محددة، ويتعين على المديرين التعامل معها على الفور، وبمستوى كافٍ لشرح إجراءات العمل لمرؤوسيهم، ومن ثمَّ يعتمد أداء المدير بشكل مباشر على معرفته التقنية وقدرته على التعلم بسرعة.

5. فهم متطلبات العميل:

لإنجاح التعاون، يجب على المديرين أن يفهموا بوضوح ما يتوقعه العميل منهم، وإنَّه لأمرٌ رائع أن يكون لديك تعليمات مفصلة مع الطلب الذي تتلقاه؛ مما يساعد على تنفيذه تنفيذاً صحيحاً، ومع ذلك، قد لا يُحسِّن الالتزام الصارم بالتعليمات الترجمة؛ بل قد يجعلها أسوأ، ويجب على المدير أن يشرح ذلك للعميل ويطلب منه مراجعة بعض تعليماته؛ حيث يصبح الأمر أكثر تعقيداً إذا لم تكن هناك متطلبات محددة بوضوح، وعليك استخدام حدسك ووضع التعليمات من نقطة الصفر.

6. التعامل مع القضايا المالية:

إنَّ مردودية المشروع هي أحد الجوانب الرئيسة لوظيفة المدير، فإذا كان هناك خطرٌ من أن يصبح المشروع غير مربح بسبب زيادة غير متوقعة في التكاليف، فيجب على المدير عندها إبلاغ كلٍّ من العميل والمترجم في الوقت المناسب، وهناك بعض المشاريع غير الرابحة من الأساس، على سبيل المثال: الترجمات الداخلية، والمهام التي تُجرى من أجل السمعة، والترجمات التجريبية التي تُقدَّم للعملاء المحتملين أو ذوي المتطلبات العالية، وغير ذلك.

7. التفاعل مع المديرين الآخرين:

خلال الفترات العصيبة، عادةً ما يندفع العديد من المديرين لاستدعاء المترجمين نفسهم في الوقت نفسه، وخاصةً أولئك الأكثر كفاءةً، وفي هذه الحالة، فإنَّ الشيء الأكثر أهميةً هو القدرة على حل النزاعات ورؤية الصورة الكاملة في الوكالة.

8. تفويض المهام:

بالإضافة إلى مسؤوليات إدارة المشاريع التي تمت مناقشتها آنفاً، إذا تولى المدير وظائف أخرى، على سبيل المثال: الترجمة والتحرير والتدقيق اللغوي وما إلى ذلك، وهذا ينطبق خاصةً على المديرين الذين كانوا مترجمين في الماضي، فسوف يُصاب هذا المدير بالإرهاق نتيجة كثرة العمل عاجلاً أم آجلاً، وفي حين أنَّه في مقدورك حل بعض المشكلات بسرعة بمفردك، إلا أنَّه غالباً ما يكون من الأفضل زيادة كفاءة الفريق وتفويض المسؤولية وقضاء المزيد من الوقت في الإدارة بدلاً من تحمُّل عبء العمل بالكامل بنفسك.

إقرأ أيضاً: كيف تفوِّض المهام بكفاءة!

في الختام:

الكثير من الناس ليسوا مستعدين لاتخاذ قراراتٍ خارجة عن المألوف وتحمُّل المسؤولية والتفكير بمرونة، ولكنَّ كل هذه الأشياء هي مكونات حتمية للتعاون الناجح، وتُعَدُّ وظيفة مدير المشروع في وكالات الترجمة ضرورية، وتتمثل مهمة هذا المدير في إدارة تفاعلٍ ناجح بين جميع المشاركين في عملية الترجمة، وإذا سار كلُّ شيءٍ على ما يرام، فسوف يكون الجميع راضين: المترجمين والعملاء والوكالة والمدير أيضاً.

المصدر




مقالات مرتبطة