ما هي ظاهرة "المماطلة في وقت النوم للانتقام"؟

اعتقدتُ أنَّني عندما أضع رأسي على الوسادة، سأغفو على الفور، فقد كان يومي متعِباً، ولكن حدث شيء غريب، فلم أستطع النوم، ولذلك قررتُ أن أقرأ كتاباً لأهدأ، وعندما شعرتُ بالنعاس، وضعتُ الكتاب جانباً لكنَّني واصلت التقلب في السرير، ثم أمسكت بهاتفي بإحباط، واستمعتُ لمدوَّنة صوتية حتى غفوت في النهاية، وكنت أدرك تماماً أنَّ الوقت قد تجاوز وقت نومي، وعلمت أيضاً أنَّني سأعاني في اليوم التالي، ولكنَّني لم أستطع النوم، وبالطبع، أنا لست حالة خاصة، ففي الواقع، هذه ظاهرة شائعة يُطلَق عليها اسم "المماطلة في وقت النوم للانتقام".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن أحد أفضل المسوقين في العالم "جون رامبتون" (John Rampton)، والذي يحدثنا فيه عن تجربته مع ظاهرة المماطلة في وقت النوم للانتقام.

ما هي ظاهرة "المماطلة في وقت النوم للانتقام"؟

قال الدكتور "راجكومار داسغوبتا" (Dr. Rajkumar Dasgupta)، الأستاذ المساعد في الطب السريري في كلية "كيك" للطب بجامعة "جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس": هذه الظاهرة هي التضحية بوقت النوم حتى تحصل على المزيد من وقت الفراغ.

فعلى سبيل المثال: إذا كنت مرهقاً وكانت الساعة العاشرة مساءً، فقد تقرر مشاهدة فيلم، والسبب هو أنَّك لم تشعر أنَّ لديك الكثير من فترات الراحة في أثناء النَّهار؛ لذا أنت تريد تعويض ذلك والاسترخاء والاستمتاع بفيلم.

والمشكلة، أنَّك تُغيِّر موعد نومك المعتاد وتبقى مستيقظاً حتى وقت متأخر، لذا يجب أن تكون على استعداد لقبول العواقب، ومنها أنَّك ستكون متعباً في اليوم التالي خلال العمل. يمكن أن يكون سبب ذلك ظرفاً غير متوقع، مما يبقيك مستيقظاً لوقت متأخر، أو أنَّك لا تستطيع النوم بشكل جيد أو تتعامل مع طفل أو حيوان أليف لا يهدأ.

لقد ظهر مصطلح المماطلة في وقت النوم للانتقام لأول مرة في دراسة أُجرِيَت عام 2014 في هولندا، ففي كتاب "الحدود في علم النفس" (Frontiers in Psychology)، في عام 2018، ذكر المؤلفون أنَّ أولئك الذين حاولوا "مقاومة الرغبات" خلال النهار كانوا أكثر عرضة للمماطلة في وقت النوم للانتقام.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح للنوم بشكل أفضل ليلاً

الرابط بين فيروس كورونا والنوم:

أصبحت الحدود الفاصلة بين العمل والحياة سبباً آخر لهذه الظاهرة؛ وذلك لأنَّها أصبحت متداخلة للغاية، فعلى سبيل المثال: أنت ترد على رسائل البريد الإلكتروني أو رسائل منصة "سلاك" (Slack) طوال الليل بدلاً من الاستمتاع بوقت فراغك؛ لذا لاستعادة بعض وقتك الذي تحتاج إليه بشدة، تبقى مستيقظاً لوقت متأخر.

وبالنسبة إلى الكثيرين، كان هذا هو الحال بعد جائحة كوفيد-19 (COVID-19)، فلم يعد لدى الكثير منا حدود واضحة بين العمل والحياة منذ أن أصبحَت منازلنا أماكن عملنا أيضاً، كما كنا أكثر توتراً، ولم نتمكن من منع أنفسنا من التنقل ضمن غرف المنزل، فكيف وصل الأمر إلى هذه المرحلة السيئة؟ منذ أن بدأَت الجائحة، أبلغ 40% من الناس عن مشكلات في النوم.

إقرأ أيضاً: عادات النوم الصحية في ظل تفشي فيروس كورونا

ما هي علاقة الانتقام بالأمر؟

ظهر ذلك في عام 2016 على الإنترنت في الصين، فمصطلح "المماطلة في وقت النوم للانتقام" هي الترجمة الحرفية لـ "السهر لوقت متأخر بطريقة وكأنَّك تنتقم من نفسك"، ومؤخراً، انتشرت العبارة باللغة الإنجليزية بعد تغريدة للصحفية المقيمة في ولاية "نيويورك" (New York) "دافني كي لي" (Daphne K. Lee)، وعرَّفته على أنَّه "ظاهرة يرفض فيها الأشخاص الذين ليس لديهم سيطرة كبيرة على حياتهم خلال النهار النوم مبكراً لاستعادة بعض الشعور بالحرية خلال ساعات الليل المتأخرة".

ما هي أهمية النوم؟

قد يكون من غير المؤذي البقاء مستيقظاً في بعض الأحيان بعد موعد نومك المعتاد، فبعد كل شيء، ستحصل على القليل من النوم، أليس كذلك؟ فمن حين لآخر، قد يكون هذا مقبولاً، ومع ذلك، من المستحيل أن تستطيع تعويض وقت النوم، وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي تأجيل وقت النوم إلى الحرمان منه، فلماذا هذا مثير للقلق؟ لأنَّ قلة النوم تجعلك متعباً للغاية لدرجة أنَّك تشرب أكواب عدَّة من القهوة، ويمكن أن يسبب أعراضاً مثل:

  • تكون أكثر عرضة للحوادث أو ارتكاب الأخطاء.
  • يُضعف من قدرتك على اتخاذ القرارات والتفكير والذاكرة.
  • يسبب صعوبة في التركيز.
  • يسبب اضطرابات الصحة النفسية، مثل القلق أو الاكتئاب.
  • يسبب حدة في الطباع، والتي يمكن أن تؤثر في علاقاتك.

ويمكن أن تسبب قلة النوم أيضاً حالات صحية جسدية مثل:

  • مرض القلب.
  • داء السكري.
  • البدانة.
  • مشكلات متعلقة بالهرمونات.
  • ضعف جهاز المناعة.
  • ألم مزمن.

ويمكن أن تقلل قلة النوم من التنظيم الذاتي والتحكم بالانفعالات، وتزيد من احتمالات الوفاة المبكرة، باختصار، يؤثر الحرمان من النوم سلباً في جميع جوانب حياتك، وعلى هذا النحو، يجب أن يكون النوم أولوية قصوى.

شاهد بالفيديو: 6 معلومات قد لاتعرفها عن النوم

كيف تتخلص من ظاهرة "المماطلة في وقت النوم للانتقام"؟

يجب أن نحصل جميعاً على 7 إلى 9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة، وبالنسبة إلى المراهقين، فيحتاجون إلى وقت أكثر، ولكن كيف يمكننا الانتصار في هذه المعركة ضد المماطلة في وقت النوم للانتقام؟ إليك 6 نصائح:

1. احترم نمط نومك:

كتبَت الكاتبة "آبي ميلر" (Abby Miller) في مقال: "وفقاً لخبير النوم الدكتور "مايكل بريوس" (Michael Breus)، هناك أربعة أنماط زمنية مختلفة أو شخصيات تتبع إيقاع الساعة البيولوجية"، ويقترح علينا تحديد عادات النوم والاستيقاظ التي تناسب شخصيتنا أكثر.

  • الدب: بالنسبة إلى معظمنا، تتبع أنماط النوم والاستيقاظ الشمس، وعلى هذا النحو، فأنت جاهز لأداء المهام الصعبة في منتصف الصباح"، لكنَّك تشعر بالنعاس في فترة ما بعد الظهر.
  • الأسد: ينهض الأسود باكراً، فهُم الرواد والقادة والنشيطون، لكنَّ الجانب السلبي فيهم أنَّهم عادة ما يضطرون إلى الذهاب إلى النوم في وقت مبكر.
  • الذئب: الذئاب كائنات وحيدة ليلية، وهذا يعني أنَّهم يستيقظون في وقت متأخر ولديهم فترتا ذروة، من بداية فترة الظهر حتى الساعة 2 ظهراً وأواخر فترة بعد الظهر أو في وقت مبكر من المساء.
  • الدولفين: نظراً لأنَّ الدلافين تنام بشكل خفيف، فمن المرجح أن يكون لديها روتين نوم غير منتظم، كما أنَّهم ينشدون الكمال، ويقومون بأفضل أعمالهم من منتصف الصباح وحتى وقت مبكر من بعد الظهر.

لمعرفة الشخصية التي تمثِّلك، تتبَّع وقتك، وخذ بالحسبان اختبار نمط النوم للدكتور "بريوس" (Dr. Breus)"، "وبعد ذلك، أعد تنظيم يومك بحيث يمكنك مواءمة نمط نومك وجدول عملك، فعلى سبيل المثال: إذا كنت أسداً، فعليك إنجاز أهم أعمالك في وقت مبكر".

2. استرخِ في المساء:

إنَّ روتينك الصباحي يمكن أن يقضي على يومك أو يفسده، لكنَّ روتينك المسائي هام بالقدر نفسه؛ لذا يجب أن ينتهي بوقت النوم، ويُفضَّل أن يتم ذلك قبل النوم بحوالي 30 إلى 60 دقيقة، ويجب أن يتضمن فقط النشاطات التي تجعلك تشعر بالاسترخاء؛ إليك بعض الاقتراحات:

3. قاوم الضوء الأزرق الصادر من أجهزتك الإلكترونية:

تُصدر الأجهزة الإلكترونية، مثل هاتفك أو جهازك اللوحي، ضوءاً أزرق، وفي حال لم تكن مدركاً، فهو يقلل من مستويات الميلاتونين، وهو المادة الكيميائية المسؤولة عن جدولة استيقاظك ونومك، وعندما تنخفض مستويات الميلاتونين، ستواجه صعوبة أكبر في النوم.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للضوء الأزرق أن يحفز دماغك، وهو ما يجعل النوم أكثر صعوبة، كما هو واضح، وإذا أبقيت هاتفك قريباً، فإنَّ الإشعارات التي تتلقاها ليلاً يمكن أن تقاطع نومك، والحل هو تجنُّب استخدام أجهزتك الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل، فيجب عليك أيضاً التوقف عن استخدام هاتفك كمنبه ووضعه بمكان بعيد عنك.

4. اجعل غرفة نومك مُريحة:

يجب أن يكون سريرك مخصصاً للنوم فقط ولا شيء آخر، كما يجب أن تكون غرفة نومك باردة ومظلمة وهادئة، ويُفضَّل أن تضبط منظِّم الحرارة بين 15 و19 درجة مئوية، واستثمر في شراء ستائر التعتيم وحتى سدادات الأذن، وأيضاً، لا تبخل في شراء الوسائد والمراتب.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تحرمك من النوم المريح خلال الليل

5. تخلَّص من التوتر قبل النوم:

إذا كنت تؤجل النوم لأنَّك قلق، فعليك معالجة هذه الأفكار قبل الاستلقاء، فعلى سبيل المثال: يمكنك تدوين مخاوفك بحيث تخرجها من ذهنك.

وتشمل الاقتراحات الأخرى:

6. استخدم التقويم الخاص بك على الإنترنت:

ما هي علاقة التقويم الخاص بك بعادات النوم؟ تقول المدوِّنة "أنجيلا روث"(Angela Ruth) في مقالها: إنَّه من خلال استخدام تقويم موثوق، يمكنك إنشاء نظام لمساعدتك على جعل ليلتك أكثر راحة، مثل:

  • اتباع روتين ثابت: كتبت "أنجيلا": "من السهل أن تنام عندما تتبع روتيناً، وإذا لم تخصص وقتاً في جدولك للراحة، فقد تصبح مشتَّتاً؛ لذا اضبط إيقاعك تدريجياً؛ حيث يمكن أن يجعلك النوم الزائد تشعر بالتعب وعدم الإنتاجية".
  • تحديد وقت القيلولة: كما تنصح: "عندما تغفو، استخدم التقويم الخاص بك على الإنترنت لتتحكم بمدة نومك، وتتأكد أنَّك لا تتأخر كثيراً في النوم".
  • تنظيم موعد الأكل والشرب: وتضيف: "مثلما لا يجب أن تأخذ قيلولة في وقت متأخر جداً من اليوم، هناك أشياء أخرى عليك فعلها في وقت باكر أيضاً"، ومن الأمثلة على ذلك تجنُّب استهلاك الكافيين في وقت متأخر من اليوم أو تناول الطعام في وقت متأخر جداً من الليل.
  • ممارسة التمرينات خلال يومك: خصص وقتاً منتظماً خلال اليوم لممارسة التمرينات الرياضية؛ لأنَّ ذلك يعزز النوم.
  • التخلص من العادات السيئة: كالتدخين وتناول الوجبات السريعة، ويمكنك استخدام التقويم الخاص بك لتحديد الأهداف وتتبُّع تقدُّمك.
  • المحافظة على أغراضك مرتبةً: خصِّص وقتاً معيناً تلتزم به لتنظيف غرفة نومك وترتيبها لتقليل التوتر، ولا تنسَ أن تغسل ملاءات السرير باستمرار.

إذا كنت قد فعلت كل ما سبق ولا تزال تعاني من مشكلات النوم، فحدد موعداً لزيارة طبيبك، فكلما أسرعت في تحديد السبب الجذري للمشكلة، زادت سرعتك في التخلص من عادات النوم السيئة.

المصدر




مقالات مرتبطة