ما هي أهمية الصحة العاطفية؟

تلقَّينا أخباراً عن جائحة كورونا يومياً على مدار السنة والنصف الفائتة، ويعاني الاقتصاد من مشكلات جمَّة، فهناك العديد من الناس بلا عمل، وليس غريباً أن تضطرب عواطفنا هذه الأيام، وربما لا ترغب في الاعتراف أو لا تدرك ذلك في خضم الزخم كله، بأنَّ الصحة العاطفية ضرورية للحياة اليومية، تماماً مثل ضرورة غسل اليدين وتغطية الفم عند السعال.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّنة "دايانا ريتشي" (Deanna Ritchie)، والتي تُحدِّثنا فيه عن السلامة العاطفية.

يُعرِّف علماء النفس الصحة العاطفية على أنَّها: "وعي المرء بعواطفه وفهمها وتقبُّلها، وقدرته على إدارة شؤونه في الظروف الصعبة وأوقات التغيير"، باختصار، تُزوِّدك الصحة العاطفية بالمهارات اللازمة لاستيعاب التحديات المُتقلِّبة؛ إذ إنَّ مواجهة التحديات واحداً تلو الآخر يومياً هو جزء أساسي من الحياة والإنتاجية؛ لذا ما الذي تفعله لحماية صحتك العاطفية؟ إليك بعض النصائح لذلك:

1. اهتم بصحتك الجسدية:

 يعتقد رواد الأعمال أكثر من غيرهم أنَّه في إمكانهم العمل بجهدهم كاملاً على مدار اليوم، والعمل لساعات لا يتمناها المرء لألدِّ أعدائه، ومن ثم يُفاجَؤون إن تأذوا نفسياً أو جسدياً؛ إذ يرتبط الجسد والدماغ ارتباطاً وثيقاً، ربما أكثر بكثير مما تتصور، وفي النتيجة فالاعتناء بالجسد يُقلِّل من مخاطر العديد من الحالات النفسية والعاطفية، ومن بينها التوتر والقلق وأمراض أخرى. 

كن جيداً، وخذ قسطاً كافياً من النوم، وتمرَّن كل يوم، فهذه الأشياء الثلاثة تُحدِث فارقاً هائلاً في الصحة العاطفية، إلا أنَّها يمكن أن تكون صعبةً في خضمِّ الجائحة، والمشكلات العائلية، وضغط العمل، وما إلى ذلك؛ لذلك يمرُّ الجميع بلحظات من التوتر؛ مما يجعل من الروتين الصحي ضرورة لا بُدَّ منها.

2. استفِد من قوة العادة:

يمكن أن يضر التردُّد بالصحة العاطفية بجعلك تشعر بالضعف وعدم السيطرة على تداعيات الأمور، لكن لايزال هناك العديد من الأمور التي تَقدر على التحكم بها، وسيساعدك نظام العادات اليومية لديك على رؤية مكامن قوَّتك، فلا يُعَدُّ البرنامج اليومي ضرورياً لمن يعملون فحسب؛ بل حتى إن كنت تعاني من الاكتئاب، وبلا عمل، أو تقوم بمهامك الأبوية في المنزل، فإعداد البرنامج اليومي والالتزام به يمكن أن يجدد طاقتك ودوافعك.

تُعَدُّ العادات مفتاحاً للإنتاجية والبقاء على ما يرام، فمهما كان وضع حياتك، ابدأ بالأمور البسيطة وزد عليها عندما يكون بمقدورك، وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن يعتمدها المرء ويبدأ بها من أجل تحقيق سلامته النفسية والجسدية:

مارِس عادات تستمتع بها أيضاً، كموعد مع رفاقك، ولا تسمح لوضعك أيَّاً كان، سواءً كان شخصياً أم مهنياً، بأن يمنعك من أن تكون سعيداً، فالأشخاص السعداء والأصحاء أكثر عُرضةً للاستقرار العاطفي والجسدي، بمعنى أنَّ العناية الذاتية أمر ضروري؛ لذا أضِف بعضاً من عادات العناية الذاتية إلى برنامجك اليومي.

شاهد بالفديو: 10 طرق لتمارس العادات الجيّدة يوميّاً

3. حوِّل القلق إلى حافز:

من الطبيعي أن تشعر بالقلق حيال الأزمات في منزلك أو الأزمات في بلدك عموماً، وخاصةً وقد أصبحَت المشكلات عالمية في الآونة الأخيرة، فمَن منا يملك المقدرة على تحمُّل الحرائق والأعاصير مرة أخرى، أو إصابة أحد أصدقائه بفيروس كورونا، فلدينا مشكلات، ومن الصعب منعها بشكل نهائي، ولكن يمكنك تحويل ذلك القلق إلى إنتاجية عندما يبدأ بإرهاق حواسك.

يُسبِّب القلق في إفراز الأدرينالين؛ مما يُولِّد الطاقة، فعلى سبيل المثال: يمكنك تنظيف مكان عملك وتنظيمه، أو قد تغتنمه كفرصة لممارسة بعض التمرينات أو التعامل مع مشروع يجب أن تنهيه، فذات ليلة أصابني القلق، فنهضتُ وركضت حول المبنى، وبعد ذلك، عدتُ إلى المنزل، ووضعتُ علامة "صح" كبيرة على قائمة المهام الخاصة بي تُوضِّح أنَّني قد مارستُ تمريني استعداداً لليوم التالي، ثم نمتُ كطفل رضيع.

بمجرد أن تُفرِّغ هذه الطاقة المقلقة، يمكنك التفكير بشكل أكثر وضوحاً في السبب الجذري لقلقك - مواعيد العمل النهائية مثلاً - وإعادة تنظيم أفكارك والتفكير يساعدانك على التعامل مع مشاعرك، وستكون قادراً على العودة إلى ذروة الإنتاجية، بدلاً من أداء عمل متواضع كنتيجة لاضطراب عاطفي أُهمِلَ من قبل.

إقرأ أيضاً: 8 علاجات طبيعية للتخلص من الشعور بالقلق

4. احتفِظ بمفكرة يومية:

لا تستهن بالفوائد الجسدية والعاطفية لكتابة المذكرات؛ حيث تساعدك كتابة اليوميات على فهم الظروف التي تمرُّ بها، سواءً كان الأمر يتعلق بظروف المكتب، أم الجائحة، أم وجود رئيس في العمل لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، أم زميلاً ثرثار في العمل، أم طفلك المريض، يمكن أن تمنحك كل قضية جديدة طريقة مثيرة للاهتمام لبلورة مواقفك في يومياتك.

يمكن أن تكون مفكرتك اليومية بسيطة مثل قائمة نقطية، ويمكنك الكتابة عما تأمل إنجازه في اليوم، أو بأسلوبٍ أكثر تعقيداً مثل سيل الوعي لما يضايقك أو يقلقك، فمن خلال تدوين هذه الأمور، قد تجد أنَّه من السهل إعادة سرد مشاعرك في مفكرتك والتعامل معها بصدق في راحة وأمان.

بالنسبة إليَّ، أكتب كثيراً لدرجة تجعل الناس يشعرون بالفضول حيال ما أكتب عنه، ويتساءلون عما إذا كنت أكتب شيئاً عنهم؛ لذلك خذ ورقة وقلماً وابدأ كتابة مذكراتك، فلا ينبغي أن يكون أي شخص آخر على دراية بهذه المعلومات إلَّا إن كنت ترغب في ذلك، فهذه الكتابة مخصصة لك فقط.

5. ضع حدوداً لنفسك:

قد يكون من السهل الشعور بأنَّك لا تنجز كما يجب عندما تشعر بالتوتر، ولكن لسوء الحظ، فإنَّ هذا الشعور لن يفيد في زيادة الإنتاجية، ويمكن أن يؤدي إلى الإرهاق.

عندما تُفرِط في التعويض عن التقصير في جدولك وتُحمِّله بالأعمال غير الضرورية، فأنت بهذا تخلق مشكلة في مجال آخر من حياتك، وستؤدي المهام الزائدة في جدولك إلى تقليل صحتك العاطفية.

ليس هناك سوى 24 ساعة في اليوم؛ لذا عليك تحديد أولويات جدول عملك أو جدول حياتك - فالأمران مختلفان - بناءً على قيمك وأهدافك، واختر عناصر واقعية لوضعها في قائمة مهامك والتزم بها، وتأكَّد أيضاً من تحديد وقت استراحة لاستعادة التركيز والنشاط.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك

6. خصِّص وقتاً للتواصل مع الآخرين:

لا يمكنك إهمال علاقاتك مع الآخرين، فإنَّ التواصل مع الآخرين خارج العمل ضروري لصحتك العاطفية، وهناك طرائق عديدة للتواصل مع الآخرين، زُر أحد جيرانك من أجل الاطمئنان عليه، واتَّصل ببعض الأصدقاء الذين لم ترهم منذ مدة، واكتب رسالة إلى أحد أفراد الأسرة يعيش في مكان بعيد من البلد، ربما تعدُّها أموراً بسيطة لكنَّها هامة.

إياك والظن بأنَّ وسائل التواصل الاجتماعي كافية؛ حيث أظهرت الدراسات أنَّ "الإعجابات" والأسهم توفر نسبةً عالية من الإندروفين، لكنَّها لا توفِّر ذلك الرابط العميق الذي تحتاج إليه، كما يزودك التواصل بالوقود العاطفي الذي تحتاج إليه للاستمرار، فيمكنك فقط الحفاظ على حوالي خمسٍ من تلك العلاقات الوثيقة بشكل دائم، حتى علاقاتك يجب أن تكون متوازنة، فابحث عن العلاقات التي تجعل حياتك ممتعة، وتساعدك على البقاء بصحة جيدة وطوِّرها كي تساعدك على تحقيق أهدافك، مثل تعزيز حياتك المهنية.

في الختام:

البقاء بصحة جيدة جسدياً وعاطفياً يُعَدُّ أمراً ضرورياً؛ لذا عليك أن تضع الأولويات بدقة لتُحقِّق النجاح، فإن لم تدخل في سباق جسدي دون تدريب أو تحضير، فلماذا تعتقد أنَّه يمكنك القيام بسباق الحياة هذا دون مساعدة، ولا يمكنك ذلك؛ لذا ابدأ التركيز على عاداتك أولاً، ثم امضِ قدماً.

المصدر




مقالات مرتبطة