ما هي أهم خطوة في تحديد أولويات الأهداف؟

إذا حصلت على فرصة لحضور إحدى ندوات الكاتب توني روبنز (Tony Robbins)، فمن المحتمل أنَّك ستسمعه يقول: "الأشخاص الناجحون يطرحون أسئلة جيدة، وبسبب ذلك يحصلون على إجابات جيدة". بصفتي مستشار إنتاجية، فإنَّ إحدى أهم الأسئلة التي أطرحها على عملائي هي: "ما أهم خطوة في تحديد أولويات الأهداف؟".



يعرف كل مدير تنفيذي، ومسؤول، ومدير، ورائد أعمال، أهمية تحديد الأهداف، ولكن لا يفهم الجميع طريقة وضعها بصورة صحيحة. في الواقع، يرتكب معظم الناس خطأ الخلط بين الأهداف والأحلام.

ليس عيباً أن نحلم، ولكن كما قال الكاتب نابليون هيل (Napoleon Hill): "الهدف هو عبارة عن حلم له موعد نهائي".

يوجد فن لتحديد الأهداف، فالفكرة الغامضة في رأسك ليست هدفاً، ولا حتى قائمة الأمور التي تريد تحقيقها؛ وإنَّما يوجد نظام لتحديد الأهداف التي من شأنها أن تساعد على زيادة فرصك في النجاح مرات عدة. إنَّ عدم استخدام نظام لأهدافك، يذكِّرني بأمر اعتاد المتحدث التحفيزي بريان تريسي (Brian Tracy) قوله: "فشل التخطيط هو تخطيط للفشل".

لأيِّ شخص مهتم بالنجاح، إنَّ إتقان فن تحديد الأهداف ليس أمراً مهماً فحسب؛ بل هو ضروري أيضاً، ولحسن الحظ، الأمر ليس معقداً، وفي الواقع الأمر عكس ذلك تماماً، فهو بسيط جداً.

لذلك، دعونا نلقي نظرة على 6 طرائق لتعامل بعض الأشخاص مع تحديد الأهداف، وبعد ذلك سنتمكن من الإجابة عن سؤال: ما أهم خطوة في تحديد أولويات الأهداف؟

1. طريقة إيفي لي (Ivy Lee):

إنَّ اسم "إيفي لي" هو اسم يجب أن يكون الرؤساء التنفيذيون ورواد الأعمال والمديرون على علم به. في عام 1918، دخل "لي" إلى مكتب تشارلز إم شواب (Charles M. Schwab)، رئيس شركة بيت لحم للفولاذ (Bethlehem Steel Corporation)، وشاركه تقنية قال شواب فيما بعد إنَّها كانت النصيحة الأكثر ربحية التي تلقَّاها على الإطلاق.

لقد طلب من شواب منحه 15 دقيقةً مع كلٍّ من مديريه التنفيذيين، وهذا ما علَّمهم إياه:

  • في نهاية كل يوم عمل، اكتب أهم ستة أمور تحتاج إلى إنجازها في اليوم التالي.
  • أعد كتابتها بالترتيب حسب الأهمية.
  • في اليوم التالي، بمجرد وصولك إلى العمل، اعمل على المهمة الأولى فقط، ولا تتوقف عن العمل عليها حتى تنتهي منها.
  • كرِّر هذه العملية يومياً.

الحل هنا يتكون من جزأين، عندما تقيِّد نفسك بستة أهداف وتتجاهل جميع الأهداف غير الأساسية، ثم تعمل عليها واحداً تلو الآخر حسب الأهمية، فهذا يعني أنَّك ستنجح في إنهاء أهم أهدافك أولاً.

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات لتحقيق أقصى إمكاناتك كل يوم

2. طريقة جيم رون (Jim Rohn):

كان جيم رون بارعاً في تبسيط الأمور، وأسلوبه في تحديد الأهداف هو خير مثال على ذلك، وتتكون هذه الطريقة من أربع خطوات:

  1. تحديد ما تريده.
  2. كتابة ذلك على قطعة من الورق، وإعداد قائمة بذلك.
  3. إضافة تاريخ بجوار كل هدف يحدد لك متى تتوقع إنجازه.
  4. الذهاب إلى العمل، والبدء بتحقيق الأمور الموجودة في قائمتك.

إنَّها البساطة بحد ذاتها، فالعنصر الأساسي هنا هو تحديد ما تريده بالضبط.

3. تقنية ووب (WOOP):

يشير الاختصار WOOP إلى الرغبة (Wish) والنتيجة (Outcome) والعقبة (Obstacle) والخطة (Plan)، وتعني كل واحدة منها:

  • الرغبة: تعني امتلاك أهداف مشوقة ومليئة بالتحديات وواقعية.
  • النتيجة: وتعني تخيُّل نفسك تحقق الهدف وشعورك تجاه ذلك.
  • العقبة: وتعني تحديد أي عقبات محتملة قد تمنعك من تحقيق أهدافك.
  • الخطة: وتعني وضع خطة عمل دقيقة للتعامل مع كل عقبة.

لا شيء أبداً يسير وفقاً للخطة، في حين أنَّ الخطأ الذي يرتكبه معظم الناس هو افتراض أنَّ الأمور ستنجح من دون حدوث عوائق. ستسوء الأمور حتماً، وتحدث الكثير من الفوضى، وهذا هو السبب في كون المرحلة الرابعة من التقنية مهمة جداً؛ حيث سيوفر عليك وجود خطة جاهزة للتعامل مع أيِّ عقبة قد تواجهها، ساعات لا تحصى من الشعور بالتوتر والصداع.

4. تقنية تحديد الأهداف الذكية (SMART):

كانت هذه أول تقنية لتحديد الأهداف تعرَّفتُ عليها كرائد أعمال شاب. لقد نشأت هذه التقنية من ورقة إدارية كتبها جورج دوران (George Doran)، المدير السابق للتخطيط المؤسسي لشركة واشنطن ووتر باور كومباني (Washington Water Power Company)، في عام 1981.

إنَّها تقنية رائعة للمبتدئين حيث يسهل تذكُّرها، وكلمة (SMART) تعني محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة ومرتبطة بالوقت.

  • محددة: أي أنَّك تعرف بالضبط ما هدفك.
  • قابلة للقياس: يمكنك قياس هدفك وتتبُّعه.
  • قابل للتحقيق: يعني هدفك واقعي ويمكن تحقيقه.
  • ذات صلة: هدفك يلهمك.
  • مرتبطة بالوقت: لديك موعد نهائي واضح لتحقيق هدفك.

إنَّ مفتاح هذه التقنية هو تحديد أهداف قريبة المنال، ومحددة، ويمكن قياسها؛ على سبيل المثال، إن كان عليك توزيع مجموعة من المنشورات، فيجب ألَّا يكون هدفك هو توزيع 1000 منشور في ساعتين؛ والسبب هو أنَّه لا يمكنك التحكم بما إذا كان الأشخاص سيأخذون المنشورات. ومن ثمَّ إذا فشلت في الوصول إلى هدفك، فسوف تشعر بخيبة أمل.

سيكون بيان الهدف الأكثر ملاءمة هو: "سأوزع المنشورات مدة ساعتين، وأُلقي التحية على الناس مع ابتسامة". يمكن تحقيق ذلك؛ لأنَّ موقفك ومقدار الوقت الذي تقضيه في المهمة تحت سيطرتك تماماً.

شاهد بالفيديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

5. تقنية هارد (HARD):

تعني كلمة هارد (HARD) أهداف صادقة (Heartfelt) ومفعمة بالحيوية (Animated) ومطلوبة (Required) وصعبة (Difficult). على العكس من تقنية الأهداف الذكية، التي تركز على أهداف واقعية، فإنَّ هذه التقنية تعمل على تحدِّيك، فهي تهدف إلى إخراجك من منطقة الراحة الخاصة بك، ودفعك إلى أقصى حدودك.

ومن ثمَّ قد لا تكون أفضل تقنية للمبتدئين في تحديد الأهداف. ولكن بمجرد أن تحقق بعض النتائج باستخدام طرائق أخرى، وتكون مستعداً لنقل الأمور إلى مستوى أعلى، فقد تكون هذه التقنية هي السبيل إلى تحقيق ذلك.

  • صادقة: يجب أن يكون لكل هدف ارتباط عاطفي.
  • مفعمة بالحيوية: يجب أن تنظر إلى نفسك على أنَّك حققت النجاح، وتتخيل صوراً واقعية لتحقيق كل هدف.
  • مطلوبة: بناء شعور بالحاجة الملحة إلى أهدافك.
  • صعبة: تتحداك وتدفعك إلى بذل المزيد من الجهد.

6. طريقة بريان تريسي (Brian Tracy):

يقسم تريسي تحديد الهدف إلى ست خطوات:

  1. خذ ورقة فارغة واكتب كلمة "الأهداف" في الجزء العلوي من الصفحة بتاريخ اليوم.
  2. اكتب ما لا يقل عن عشرة أهداف ترغب في تحقيقها في العام المقبل.
  3. يجب أن يبدأ كل هدف بكلمة "أنا" يليها الإجراء المطلوب اتخاذه.
  4. صِف جميع الأهداف في الحاضر كما لو أنَّها قد تحققت بالفعل؛ على سبيل المثال: "لقد ربحت 100000 دولار في نهاية هذا العام".
  5. يجب أن تكون مكتوبة بطريقة إيجابية؛ لا تكتب: "سأتوقف عن تناول الشوكولا"، بدلاً من ذلك، اكتب: "أنا أتناول وجبات خفيفة صحية".
  6. اكتب قوائم أهداف لعملك وحياتك الشخصية وأموالك وصحتك.

النتيجة:

لا يجب أن يكون مفاجئاً أنَّه توجد الكثير من التداخلات بين التقنيات. والآن، دعنا نجيب عن سؤال: "ما أهم خطوة في تحديد أولويات الأهداف؟".

سيكون أفضل شخص يجيب عن هذا السؤال، هو المؤلف والمتحدث صاحب الكتب الأكثر مبيعاً، سيمون سينك (Simon Sinek)، الذي أوضح في خطابه الشهير على موقع تيد (TED) أنَّ كل أمر يبدأ بمعرفة الغاية، كما ذكر مثالاً عن مارتن لوثر كينج الابن (Martin Luther King, Jr) حينما ألقى خطاباً قال فيه: "لديَّ حلم"، وليس "لديَّ خطة". لقد كان لدى مارتن لوثر كينج الابن رؤية للمستقبل، وقد ألهمته في اتخاذ الإجراءات التي غيَّرت أُمَّة. لقد كانت غايته واضحة تماماً، ليس بالنسبة إليه فحسب، ولكن بالنسبة إلى الجميع.

بصرف النظر عن الأسلوب الذي تختاره لتحديد الأهداف، يجب أن تفهم سبب قيامك بذلك. وكما قال فريدريك نيتشه (Friedrich Nietzsche): "من لديه غاية قوية، يمكنه تحمُّل أيِّ أمر تقريباً"؛ لذا يتطلب تحقيق الأهداف الكبيرة جهداً كبيراً، وهذا هو السبب في أنَّ نسبة صغيرة من الأشخاص يحققون أهدافهم، وليس لديهم غاية قوية لتحفيزهم على القيام بالعمل الضروري والمواظبة على العمل بجد لتحقيق أهدافهم.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب "ابدأ بالأهم ولو كان صعباً" لبرايان تريسي (التهم هذا الضفدع)

في الختام:

يدرك كلٌّ من المديرين ورواد الأعمال والمديرين التنفيذيين أهمية تحديد الأهداف، ولكن لا يخصِّص أيٌّ منهم الوقت الكافي لتدوينها على الورق.

ستبقى الأفكار في رؤوسنا مجرد أفكار، إلى أن تصبح أهدافاً حقيقية على أرض الواقع؛ لذا بمجرد كتابتها، تصبح حقيقية بالنسبة إلينا، ومن ثم يمكننا تحديد الأهداف التي يجب تحديد أولوياتها، والأهم من ذلك الغاية منها.

المصدر




مقالات مرتبطة