لماذا تتفوق بيانات تجربة الموظفين (EX) على بيانات الموظفين التشغيلية

على مدى السنوات القليلة الماضية، بدأت الشركات الناجحة بإيلاء قدرٍ كبيرٍ من الاهتمام لتطوير "تجارب العملاء"؛ وذلك لأنَّها تدرك أنَّ احتمال أن يشتري الناس من شركةٍ توفر لهم تجربةً رائعة أكبر من تلك التي لا توفر ذلك.



إذا كانت التجربة الرائعة تحافظ على تفاعل العملاء وعودتهم من جديد، ألن يكون الأمر كذلك بالنسبة إلى الموظفين؟

إذا كان للموظف صِلاتٌ جيدةٌ مع الأشخاص الذين يعمل معهم كل يوم، ويشعر بأنَّه يُعامَل معاملةً جيدة من قِبل الشركة، ويقوم بعملٍ يبرع فيه ويحبه، فلا بُدَّ أن يتمتع بتجربة رائعة في وظيفته. ولكن كيف يعرف قادة الموارد البشرية ما إذا كان موظفوهم يخوضون تجربةً رائعةً في عملهم أم لا؟

منذ عقود، حُدِّد ذلك من خلال الاستطلاعات عن تفاعل الموظفين ورضاهم، غير أنَّ مشكلة هذه الأساليب أنَّها غير متواترة، وتركز على الشركة أكثر من تركيزها على التعرف إلى تجربة الموظف.

يحتاج قادة الموارد البشرية إلى تحويل عقليتهم نحو التفكير في الموظفين بالطريقة نفسها التي يفكرون بها في العملاء. وهناك حاجةٌ إلى نوعٍ جديدٍ من بيانات الموظفين؛ بيانات تجربة الموظف (EX).

شاهد: 5 مواضيع لا تقلق من الحديث عنها مع مديرك

ما هي بيانات تجربة الموظفين (EX)؟

إنَّ معظم المنظمات غارقةٌ فيما يُعرَف بالبيانات التشغيلية (Operational Data) عن موظفيهم، ومن السهولة بمكان الحصول عليها (المدة، والمنصب، وعدد التعيينات الجديدة، وغير ذلك).

لكن ما تفتقر إليه المنظمات في كثيرٍ من الحالات هو بيانات تجربة موظفين (EX) حقيقية؛ فعلى عكس بيانات استطلاع تفاعل الموظفين، التي يتم إجراؤها عادةً مرةً واحدةً أو مرتين فقط في السنة، فإنَّ بيانات تجربة الموظفين (EX) تتطور وتتغير باستمرار مع تغيُّر الأشخاص والمواقف.

تسمح بيانات تجربة الموظفين (EX) للمؤسسة بفهم الهياكل الديناميكية الأكثر تعقيداً بشكلٍ أفضل، مثل تماسك الفريق وجودة القيادة وجودة عملية التوظيف؛ إذ إنَّ عناصر التفاعلات اليومية بين الموظفين وجميع العناصر التي تشكل بيئتهم، هي المحور الذي تدور حوله بيانات تجربة الموظفين (EX).

سيكون التعامل مع كل هذه المعلومات تحدياً، لكنَّه لن يمثل عائقاً. وهناك العديد من الوسائل للحصول على هذا النوع الجديد من البيانات وتخزينه ثم تحليله، بينما العائق الحقيقي هو التفكير في البيانات بطريقةٍ جديدةٍ كلياً.

جمع بيانات تجربة الموظفين (EX) ليس مجرد استطلاع:

قد تعمل الطرائق التقليدية في جمع التغذية الراجعة إلى حدٍّ ما. ومع ذلك، في عالم اليوم المتطور باستمرار، ومع توفر العديد من الطرائق المتاحة لأيِّ شخصٍ لتقديم تغذية راجعة حول أيِّ شيء (وسائل التواصل الاجتماعي، والمدونات، وتطبيقات التغذية الراجعة مثل "ييلب" (Yelp) و"غلاسدور" (Glassdoor))، بات من الهام البدء بالتفكير في وسائل متعددةٍ لجمع تغذية راجعة حول تجربة الموظف.

تخيَّل مدى قوة إنشاء "محادثاتٍ" افتراضيةٍ مع الموظفين من خلال البدء بسؤالٍ ذكيٍّ واحد، واستخدام الردود لصياغة تواصلٍ إضافيٍّ يتناول الاستجابة الأصلية، ثم طرح أسئلةٍ جديدةٍ للبحث بشكلٍ أعمق. إنَّ الأمر ممكن إذا كنت تفكر فيما هو أبعد من أساليب الاستطلاع التقليدية.

توجد تقنيةٌ يمكن نشرها من خلال الأجهزة المحمولة وعبر الإنترنت، التي من شأنها أن تسمح للموظفين بتقديم تغذية راجعة أينما كانوا ومتى أرادوا ذلك. ويحتاج قادة الموارد البشرية إلى اتباع نهج القناة المتعددة المتكاملة (omni-channel) مع الموظفين، والوصول إليهم أينما كانوا والسماح لهم بالرد بشروطهم الخاصة. ما تزال الاستطلاعات جيدة، لكنَّها ليست الوسيلة الوحيدة لتحصيل رؤى الموظفين.

لإدارة جميع بيانات تجربة الموظفين (EX) التي يتم جمعها، يحتاج قادة الموارد البشرية إلى توظيف عددٍ قليلٍ من علماء البيانات الذكية وعلماء علم النفس الصناعي التنظيمي "I/O"، وتخصصات الأعمال، ثم جعلهم يعملون معاً في الفريق نفسه، وجعل مهمتهم تتمحور حول التفكير العميق من منظور الموظف.

ستجد سريعاً أنَّ الجمع بين علوم البيانات والعلوم الإنسانية والانضباط التنظيمي سيؤدي إلى فوائد ستؤثر بدورها في مؤسستك. يتم اتباع نُهجٍ مماثلةٍ في عالم تجارب العملاء للتعلم أكثر حول العملاء بنجاحٍ أكبر. حان الوقت للتفكير في فعل الشيء نفسه مع الموظفين.

إقرأ أيضاً: أسباب الإرهاق أثناء العمل وطرق التخلص منه

تمكين بيانات تجربة الموظفين (EX) إلى أقصى حد:

يمكن لقادة الموارد البشرية الاستفادة من بيانات تجربة الموظفين (EX) بطرائق عدة. ماذا لو استطاعت الموارد البشرية إعلام قادة الأعمال كيف يمكن أن يؤثروا إيجاباً في تجربة موظفيهم قبل مغادرة أفضل موظفيهم؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون لدى قادة الأعمال فرصةٌ للإبقاء على هؤلاء الموظفين وعدم مغادرتهم الشركة.

تكلف مغادرة الموظفين الشركة تكاليف كبرى؛ تكاليف كان من الممكن تجنبها لو عرف قادة الموارد البشرية وقادة الأعمال ما هي تأثيرات تجربة الموظف في مغادرته. ولا توفر نسبة ضئيلة من دوران القوى العاملة هذا المستوى من الفهم.

إذا كان قادة الموارد البشرية يعرفون كيف يختبر الموظفون وظائفهم اليومية، وتفاعلهم مع الموظفين الآخرين، وإذا كانوا يحصلون على الدعم من القادة الذين يحتاجون إليهم أو يريدونهم، فيمكن للقادة اتخاذ قراراتٍ أفضل وإنشاء عملياتٍ أفضل، ومن ثمَّ خلق تجربةٍ أفضل للموظف.

يجب على قادة الموارد البشرية استخدام بيانات تجربة الموظفين (EX) للنظر في دورة حياة الموظف بأكملها، وتحديد المكان الذي يشعر فيه الموظفون بالألم خلال تلك الرحلة والتغييرات التي ستُحدِث التأثير الأكبر فيهم. لا توفر استطلاعات تفاعل الموظفين والبيانات التشغيلية هذا المستوى من الفهم.

إقرأ أيضاً: التسويق الداخلي، بين التسويق وإدارة الموارد البشرية

التفكير في الموظفين بطريقة التفكير في العملاء:

تشرح بيانات تجربة الموظفين (EX) السبب الكامن وراء التأثير البشري في الشركة، الذي يحتاج قادة الموارد البشرية إلى تأمينه لشركاء أعمالهم.

يُعَدُّ جمع الموارد البشرية لبيانات الموظفين التشغيلية (O) مع بيانات تجربة الموظفين (EX)، المفتاح لربط السلوك البشري بمخرجات العمل.

إذا كان الموظفون المسؤولون عن تنفيذ استراتيجية العملاء الخاصة بك لا يختبرون عملهم ضمن الشركة بطريقةٍ إيجابية، فما هو احتمال أن يقدموا تجربةً رائعةً إلى عملائك، بغضِّ النظر عن استراتيجية العميل؟ إنَّ ذاك الاحتمال ليس بكبير.

حان الوقت للتفكير في الموظفين بالطريقة نفسها التي نفكر بها في العملاء؛ إذ يُعَدُّ الحصول على بيانات تجربة الموظفين (EX) ثم استخدامها، الخطوة الأولى في هذه العملية.

المصدر




مقالات مرتبطة