لم يَعُد في إمكان الشركات التجارية الاعتماد على المنتجات الفعَّالة لجذب العملاء والاحتفاظ بهم، مع التقدم التكنولوجي الذي يضع أحدث بدائل المنتجات سريعاً بين أيدي العملاء في جميع أنحاء العالم، وبدلاً من ذلك، يجب عليهم إعطاء الأولوية لتوفير تجارب إيجابية للعملاء إذا أرادوا التمييز في سوق تشهد منافسةً شديدة.
وعلى الرغم من أنَّ 80% من كبار المسؤولين التنفيذيين في العديد من القطاعات يعتقدون أنَّ شركاتهم توفر تجربةً مميزة للعملاء، ويوافق 8% فقط من عملائهم على ذلك.
نُقدِّم لك فيما يلي الأخطاء الخمسة التي يجب تجنُّبها مهما كلَّف الأمر:
1. ضعف إمكانية الوصول إلى موظفين حقيقيين:
نظراً لأنَّ السعي إلى بيع المنتجات والخدمات هو الذي يحرك معظم الشركات، فمن السهل نسيان أنَّ القيمة التي يتلقَّاها العميل من التفاعل مع الشركة تأتي من الرضا عن المنتج ومن تجربة الحصول على المنتج، وإذا كان العميل قد اشترى شيئاً منك أو يُخطِّط لشراء شيء، فإنَّه سيتوقع بأنَّه يمكِنه الوصول إلى ممثل للشركة عند الحاجة.
ومع ذلك، فقد أصبح من الشائع بصورة متزايدة أن تستخدم الشركات روبوتات لإجراء مناقشات، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني، والتفاعل مع العملاء وخدمتهم عن طريق الهواتف الآلية، وعلى الرغم من أنَّ هذه الأدوات لها دورها بلا شك، فهي تساعد على توفير وقت الشركة والقوى العاملة، إلا أنَّها غير قادرة على معالجة حقيقة أنَّه عندما يطلب العملاء المساعدة في مشكلة ما، فإنَّهم غالباً ما يبحثون عن سلوكات خاصة بالإنسان، مثل: الطمأنينة، والتعاطف، والصدق في التعامل، بالإضافة إلى الإجابة عن مشكلاتهم.
في الواقع، وجد استطلاع أنَّ 83% من العملاء في الولايات المتحدة يُفضِّلون التعامل مع البشر باستخدام وسائل رقمية.
الحل:
لا تُقدَّر الخدمات التقنية بثمن، ولكن يجب استخدامها لتعزيز خدمة العملاء الحقيقية بدلاً من استبدالها، فاحرص دائماً على الحصول على رقم هاتف لخدمة العملاء يديره شخص حقيقي مزوَّد بالمعلومات خلال ساعات النهار، واحرص على إبلاغ عملائك بوضوح بأوقات الخدمة هذه.
من الجدير بالذكر أيضاً، أنَّ مجرد وجود خط مخصص لخدمة العملاء لا يكفي؛ وإنَّما يجب أن يتمكن العملاء من الوصول إلى شخص ما على هذا الخط خلال فترة زمنية معقولة، وإذا كان الطلب على المكالمات كبيراً، فاحرص على ضبط عدد المكالمات لتلبية طلب العملاء.
شاهد بالفيديو: 7 مهارات يحتاجها موظفو خدمة العملاء
2. نسيان أنَّ العميل على حق دائماً:
تحتاج الشركات إلى سياسات خدمة عملاء واضحة لحماية مصالحها العليا. ومع ذلك، فإنَّ عدم تطبيق القليل من المرونة على كل حالة على حدة يمكِن أن يُدمِّر تجربة العميل بطريقة لا يمكِن إصلاحها، وتدرك الشركات الكبرى أنَّ اتباع روح القوانين بدلاً من نصها عند التعامل مع الشكاوى يمكِن أن يُحدِث فرقاً كبيراً في تجربة العميل، مع تأثير ضئيل في دخل الشركة.
هل يلتزم ممثلو خدمة العملاء التزاماً صارماً بالسياسات، أو يشيرون بسهولة متى يكون العميل هو المسؤول عن عدم قراءة الشروط والأحكام؟ إذا كان الأمر كذلك، فمن الهام تدريبهم على التفكير بمرونة أكثر، فزوِّدهم بمبادئ توجيهية واضحة تحدد متى يتعاملون مع الموقف وفقاً لما يرونه مناسباً ومتى يلتزمون التزاماً صارماً بالقوانين.
وينبغي أيضاً أن يتلقى الموظفون تدريباً شاملاً حول طريقة التعامل بفاعلية مع العملاء الصعبين، وشجِّعهم على تجنُّب أن يقولوا أنَّ العميل على خطأ، وبدلاً من ذلك أوجِد طرائق مبتكَرة لضمان شعور كل عميل بأنَّ رأيه مسموع ومفهوم، وبهذه الطريقة، من المحتمل أن يُزَكُّوك أمام الآخرين، وتذكَّر أنَّ السمعة الجيدة عندما يتعلق الأمر بالتفاعل مع العملاء هي أمر فعَّال، ووجد بحثٌ أجرته شركة "أمريكان إكسبريس" (American Express) عام 2017 أنَّ العملاء كانوا على استعداد لزيادة الإنفاق بمقدار 17% للتعامل مع شركات تشتهر بتقديم خدمات ممتازة.
الحل:
بالطبع، لا يعني ما ذُكِرَ أعلاه أنَّه يتوجب عليك الاستجابة لكل طلب من أجل إرضاء عملائك، على سبيل المثال: إذا طلب أحد العملاء تعويضاً عن منتج تعرَّض للتلف بسبب إهمالهم له، فمن غير المنطقي من الناحية التجارية تقديم تعويض، وبدلاً من ذلك، يمكِن للموظفين تقديم حل مفيد، مثل خدمة الإصلاح إلى جانب زيادة التأمين لتغطية الأضرار المستقبلية.
3. عدم جمع التغذية الراجعة وتنفيذها:
لقد تبيَّن لمرات عدَّة أنَّ المنظمات التي تعطي الأولوية لتجربة العملاء تضع التركيز الأكبر على جمع التغذية الراجعة التي يُقدِّمها العملاء وتحليلها، وهذا أمر منطقي عندما تفكر في الأرقام المذكورة آنفاً، والتي توضح أنَّ الشركات تبالغ إلى حد كبير في تقدير مدى جودة تجربة عملائها.
وعلى هذا الأساس، يُعدُّ الحصول على تغذية راجعة صادقة من مجموعة واسعة من العملاء أمراً هاماً لتقييم حسن أداء الشركة من حيث تجربة العملاء، وتحديد ما الذي ينبغي القيام به لمنح العملاء ما يرغبون فيه بالفعل، كما يمكِن تشجيع مشاركة العملاء في الاستطلاعات باستخدام أساليب ملائمة لهم، وجعل الاستطلاعات مختصرة قدر الإمكان، وتحديد المدة اللازمة عند بداية الاستطلاع، واستخدام أساليب سرية لجمع التغذية الراجعة.
الحل:
على الرغم من أنَّ جمع التغذية الراجعة يُعدُّ أمراً ضرورياً لتحسين تجربة العملاء، إلا أنَّها ممارسة غير مجدية ما لم تُنَفَّذ الأفكار التي قِيسَت، وقد يبدو هذا الأمر واضحاً، لكنَّ الأبحاث التي أُجرِيَت على مستوى أوروبا وجدَت أنَّه على الرغم من أنَّ 95% من الشركات تجمع التغذية الراجعة من العملاء، إلا أنَّ 10% فقط ينفِّذون النتائج التي توصلوا إليها بالفعل، فاحرِص ألَّا تقع شركتك في هذا الفخ؛ فعندما تحدد نقصاً ما، اتَّخِذ الخطوات اللازمة للتعامل معه.
4. نسيان الجانب العاطفي للأعمال التجارية:
"المسألة ليست شخصيةً؛ بل لها علاقة بالعمل"، نعرف جميعاً هذه العبارة، ولكن عندما يتعلق الأمر بتجارب العملاء، لا يوجد ما هو خاطئ أكثر منها، وتدرك الشركات الناجحة هذا الأمر جيداً، وتتخذ خطوات كبيرة لإضافة لمسات شخصية على خدمتهم، مثل: كتابة أسماء العملاء على أكواب القهوة الجاهزة، إلى توديع جميع العملاء وطلب عودتهم لتجربة المنتجات مرةً أخرى، ولقد أتقنَت كل من شركة "ستاربكس" (Starbucks)، و"آبل" (Apple) فنَّ الاهتمام بتجربة العملاء من خلال التفاعلات الشخصية معهم.
وإذا شعر عملاؤك بالارتباط العاطفي بشركتك، فمن المحتمل أن يكرِّروا تجربتهم معك، فوفقاً لبحث أجرته مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review)، فإنَّ الأفراد المرتبطين ارتباطاً كاملاً بخدماتك هم أكثر قيمةً بنسبة تصل إلى 52% وسطياً، مقارنةً مع الأشخاص الذين يشعرون بالرضا الشديد، وذلك لأنَّهم من المحتمل أن يشتروا منك المزيد من السلع والخدمات، أو ينصحوا الآخرين بخدماتك.
الحل:
يمكِنك التواصل مع عملائك على المستوى العاطفي، بغضِّ النظر فيما إذا كانت شركتك تعمل عبر الإنترنت، أو من دونه، أو كان نظام خدماتها من شركة إلى شركة أو من شركة إلى مستهلك، ففكِّر أين يمكِنك إدراج اللمسات الشخصية في تجربة العميل، مثل: التواصل معهم بالاسم، وشكرهم على تعاملهم معك، والسؤال عمَّا إذا كانت قد لبَّيتَ احتياجاتهم، والتوصية بشركات أخرى تستطيع تلبية احتياجاتهم المُلحَّة والتي تقع خارج نطاق خدماتك.
5. وضع موظفين غير متعاونين لخدمة العملاء:
يجب أن تُقدِّم الشركات دائماً أفضل ما لديها، ويجب أن يتضمن ذلك تعيين موظفين ذوي خبرة، وفعَّالين، وذوي شخصية جذَّابة في أدوار خدمة العملاء، وأظهرَت نتائج إحدى الدراسات دور موظفي خدمة العملاء في تفاعل العملاء، حيث أكَّدَت أنَّ موظفي خدمة العملاء يؤثرون تأثيراً كبيراً في رضاهم؛ لذلك يجب على الشركات أن تعتني جيداً بأدائها.
كما يوجد فروق ثقافية يجب وضعها في الحسبان؛ لذلك يجب أن تفكر في تدريب الموظفين على أساليب التعامل مع العملاء، على سبيل المثال: يقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة (UAE) أشخاصٌ يحملون أكثر من 200 جنسية مختلفة، وقد يكون لكل جنسية أفكار مختلفة حول ما يمكِن عَدُّه خدمة "غير مهذبة" أو "غير لائقة"؛ لذلك، يجب تدريب الموظفين على فهم هذه الاختلافات الثقافية.
وبحسب الدراسة المذكورة أعلاه، يجب أن يتضمن وضع موظفين ذوي أداء عالٍ لخدمة العملاء تعزيز المواقف الإيجابية بين هؤلاء الموظفين، والتي تشمل ضمان رضاهم عن رواتبهم، والتدريب الذي يتلقونه، وظروف العمل، والسعي إلى توظيف موظفين ينسجمون جيداً مع قيم الشركة.
الحل:
باختصار، يجب أن يخبرك ما ذُكِرَ أعلاه أنَّه من الضروري أن تفهم وتلبي احتياجات موظفيك، بالإضافة إلى تزويدهم بتدريب شامل متعلق بعملك التجاري ومنتجاته، والممارسات الفعَّالة لخدمة العملاء، فمِن خلال القيام بذلك، ستنشئ قوىً عاملةً راضيةً ومتحمسةً، والذين من المحتمل أن يعاملوا العملاء وكأنَّهم شخصيات هامة خلال كل تفاعل.
الخلاصة:
من السهل على الشركات التركيز على توفير المنتج المثالي، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ هذا الأمر ليس أهم خطوة لتحقيق شيء ما، وإذا كان الحصول على منتج أو خدمة لشركتك تجربة محبطة أو غير مريحة، فستفقد إمكانية عودة العملاء وعمليات البيع المحتملة والإحالات.
إذاً ماذا تعلَّمنا من هذا المقال؟ باختصار، اسأل نفسك الأسئلة الخمسة التالية:
- هل يمكِن للعملاء الوصول بسهولة إلى موظف حقيقي عندما يحتاجون إلى ذلك؟
- هل العميل دوماً على حق؟
- هل قمتَ بقياس وتنفيذ التغذية الراجعة للعملاء خلال السنة الماضية؟
- هل شركتك دائماً تشكر العملاء بعد كل تفاعل؟
- هل موظفو خدمة العملاء متعاونون، ويشعرون بالرضا، ويمتلكون الكثير من المعلومات؟
إذا أجبتَ بـ "لا" عن أي من الأسئلة السابقة، فمن المحتمل أنَّك بحاجة إلى مراجعة ممارساتك الحالية على نطاق الشركة، وكل ما تحتاجه في البداية هو فريق إداري يعترف أنَّ توفير تجربة للعملاء يُعدُّ أمراً هاماً لنجاح عملك في الدرجة الأولى.
أضف تعليقاً