إنَّ هذا الأمر ينشأ نتيجة الفرضيات التي نضعها؛ فعندما تخطط لشيء ما، فإنَّ الخطوة الأولى سوف تؤدي بوضوح إلى الخطوة الثانية، وحتى إذا لم تؤدي إلى هذه النتيجة، فإنَّ خطتك الاحتياطية موجودة لترتيب كل شيء وإعادتك إلى المسار الصحيح.
"إذا تركتُ وظيفتي وبدأت نشاطاً تجارياً، فسوف أعوِّض الدخل في أقل من عام، وبعد ذلك، يمكنني العيش حيثما أشاء والسفر إلى أي مكان أريده"، كم منَّا قال هذه الكلمات، أو قال شيئاً مشابهاً؟ الأمر سهل نظرياً، ولكنَّ تطبيقه على أرض الواقع صعب جداً.
مشكلة في المشاعر:
تكمن المشكلة في أنَّنا لا نستطيع توقُّع ردود أفعالنا العاطفية تجاه التقلُّبات الحتمية وغير المتوقعة في خطتنا؛ إذ لا يمكننا كتابة مشاعرنا التي نشعر بها حالياً على الورق قبل أن نشعر بها؛ لذلك، في حين أنَّ الخطوة الأولى التي تقوم بها لإنجاز خطتك تؤدي دائماً إلى الخطوة التالية، فإنَّ عواطفك لا تفعل شيئاً من هذا القبيل، فالعاطفة التي يجب أن تثير استجابة عاطفية أخرى بأسلوب منطقي، تدفعك بدلاً من ذلك إلى عاطفة مختلفة لم تكن مستعداً لها.
إنَّ المشاعر لا يمكن التحكُّم بها بطبيعتها، فعند تنفيذ خطة ما، قد لا يكون ما تريده هو ما تحتاجه، وقد يكون ما تحتاجه هو شيء لا تريده، ومع ذلك، فإنَّ الأمر بالنسبة إلى المشاعر مختلف؛ إذ تريد باندفاع ما تريده باندفاع، ولا تستطيع أنت التحكُّم بذلك، ولكن عندما تتسبَّب هذه الدوافع العاطفية في تغيير مسارك عن إنجاز خطتك، فقد يكون لها آثار سلبية، أو ربما لا.
لنفترض أنَّك كنت تريد التنقُّل في جميع أنحاء البلاد، وقرَّرت القيام بذلك في غضون شهرين، ولكن بعد ذلك تلتقي بشخص وتصبح مفتوناً به على الفور، ثمَّ تذهب في مواعيد عدة، وستدرك بسرعة أنَّ هذه العلاقة المُحتملة من الممكن أن تنجح، ماذا الآن؟
يمكنك متابعة خطتك، ويمكنك التخلُّص منها وأن تركِّز فقط على هذه العلاقة العاطفية الجديدة، أو يمكنك متابعة خطتك مع الحفاظ على علاقتك ولكن من مسافة بعيدة، فأي خطة واقعية هي الخطة الصحيحة؟ وهل أي منها صحيح؟
شاهد: 15 طريقة بسيطة لتطوير الذات قد تغير حياتك
تعديل خطتك حسب نزوة مشاعرك:
إنَّ الخطر يكمن في تنفيذ خطتك في الوقت الفعلي، فعندما تكون في مرحلة التخطيط، وإذا كنت تفعل ذلك بطريقة صحيحة، فإنَّ الخطة تؤدي دائماً إلى تحقيق أقصى رغباتك؛ لذلك، عندما تنتهي من مرحلة التخطيط وتدخل في مرحلة التنفيذ، تبدأ على الفور بالتحرُّك نحو تحقيق أهدافك الرئيسة في الحياة.
ثمَّ تتَّجه الحياة نحو طريق مُختلف لا مفرَّ منه؛ إذ يحدث شيء فجأة يُظهِر لك مقدار صعوبة الطريق الذي تسلكه، أو يُظهِر لك أنَّ هدفك ربما ليس هو ما تريده بعد كل شيء، وهنا تواجه خيارين، إمَّا متابعة مسيرتك كما خطَّطت لها، أو تعديلها، أيُّهما أصح؟ المشكلة هي أنَّ القرار مرتبط بطبيعته في العاطفة التي نشعر بها؛ فإذا استخدمنا المثال الذي ذُكِرَ آنفاً، فإنَّ الهدف الأساسي للسفر عبر البلاد هو العاطفة.
إنَّ تجربة السفر أمرٌ مثيرٌ بسبب التجارب الجديدة والمخيفة التي تجعلك تعيشها؛ وذلك لأنَّك تترك الأصدقاء والعائلة والمعارف وراءك، وفي المقابل، فإنَّ مقابلة ذلك الشخص المُميَّز الذي يجعلك تعيد النظر بخطتك هو أمر عاطفي أيضاً، وعندما تقودك عواطفك فقط، فإنَّك تخاطر باتخاذ قرار خاطئ.
لنفترض أنَّك قررت في النهاية السفر في جميع أنحاء البلاد؛ فهل ضيَّعت فرصة لقاء شريكك المحتمل في المستقبل، وهو شيء لطالما أردته؟ أو هل تستكشف عواطفك الجديدة وتبقى؟ حسناً، ماذا يحدث إذا سرعان ما توترت العلاقة، أو اكتشفت أنَّ هذا الشخص ليس هو الشخص الذي تريد قضاء بقية حياتك معه؟ هناك خطر في تلك الحالة (الاعتماد على العاطفة)، لكن في الحقيقة لا يوجد خطر أبداً.
عقبة غير متوقعة في حياتك:
ما هو الشيء الخطير في وجود عقبة غير متوقعة؟ لا شيء؛ إذ إنَّ وجود عقبة هو مجرد فرصة لاستكشاف إمكانية الفرص الجديدة، وعلى أيَّة حال، أليست العاطفة هي ما نسعى إليها؟ فهذا الهدف الذي تحاول تحقيقه وتخطِّط له، أليس مجرد شعور، وليس شيئاً في حد ذاته؟
فشراء السيارات السريعة، ووجود أصدقاء ممتعين، وحياة جيدة، والسفر؛ كل هذه الجوانب عبارة عن أهداف، وجميعها تثير ردود فعل عاطفية إيجابية؛ لذا، أيَّاً كان الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه، ومهما كنت تخطِّط لتحقيقه، فهو ليس مادياً ولكنَّه مجرد؛ إذ إنَّها السعادة التي تحصل عليها من عيش اللحظة، لحظة تلو الأخرى.
إذاً، إذا كان هذا هو الحال، ألن يكون التغيير في خطة حياتك - الذي يتسبَّب في استجابة عاطفية - نعمة؟ ستظلُّ رحلتك موجودة دائماً، فلمجرد أنَّك قابلت شخصاً ما، لا يعني أنَّه يجب عليك التخلِّي عن خطتك؛ بدلاً من ذلك، ما يمنحك هذا الأمر هو الفرصة لاستكشاف مجموعة جديدة من المشاعر في غضون ذلك، وإذا أصبحت هذه المشاعر إيجابية، فسيكون لديك الفرصة لاستكشافها.
وبعد ذلك، تصبح وجود عقبة في الطريق انحرافاً يسيراً عن خطتك، أو تعديلاً، أو توسُّعاً في خطتك الشاملة، ومع ذلك، كما قال الحكماء: لا تجعل سعادتك معتمدة فقط على العاطفة التي تدفعك إلى إعادة التفكير في خططك، فهذا يشكِّل خطراً حقيقياً؛ وذلك لأنَّه كلما وضعت قيمة وأهمية كُبرى لهذه العلاقة، زادت احتمالية قدرتها على التحكُّم بك، بدلاً من أن تكون جزءاً هامَّاً من فسيفساء حياتك؛ لذا، غادر أو ابقَ، لكن أولاً، اجلس وتأمَّل، واشعر بعمق بعواطفك، فعندما تواجه عقبة، سيخبرك جسدك بطريقة اكتشافها أولاً.
أضف تعليقاً