كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم

صعوبة التعلُّم هي واحدة من المشكلات التي يواجهها الأطفال في المدرسة، وعلى الرغم من أنَّ صعوبة التعلُّم ليست مقتصرة على التعلم المدرسي، إلا أنَّ المناهج المدرسية وما تتطلبه من إتقان مهارات القراءة والكتابة والحساب تميط اللثام عن هذه المشكلة التي يعاني منها الطفل، وتظهر ضرورة إيجاد طريقة للتعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم.



في المرحلة الإعدادية انضم إلى صفنا طالب راسب، وتبين لنا فيما بعد أنَّ سبب رسوبه المتكرر هو معاناته من صعوبة التعلُّم، فلم يكن طالباً غبياً على الإطلاق؛ بل كان ودون أيَّة مبالغة من أذكى الطلبة، ولكنَّه كان يعاني من صعوبة التركيز لمدة طويلة، وسرعان ما يتشتت انتباهه وينسى كل ما تعلمه، وكانت الرياضيات والقراءة والكتابة أكبر نقاط ضعفه، ولن أخبركم عن مدى صدمتي وأنا ألتقي به برفقة زوجي بعد أن رتَّب اللقاء بيننا صديق نصحنا به بوصفه أفضل دهَّان في المدينة؛ بل سأخبركم عن كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم.

ما هي صعوبة التعلُّم؟

لا بد من الإضاءة بشكل سريع على تعريف صعوبة التعلُّم قبل خوض تفاصيل كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم، فصعوبة التعلُّم أو صعوبات التعلم بحسب جمعية الأطفال والكبار ذوي صعوبات التعلم هي حالة مستمرة، من المفترض أنَّها ناتجة عن بعض العوامل العصبية التي تتدخل في نمو القدرات اللفظية للإنسان وغير اللفظية، كما أنَّ صعوبات التعلم توجد بصفتها حالة إعاقة واضحة على الرغم من وجود قدرات عقلية عادية أو فوق العادية، وفرص تعليم كافية وأنظمة حركية وحسية سليمة ومتكاملة.

من الجدير بالذكر أنَّ صعوبات التعليم تظهر بدرجات متفاوتة في الشدة، وهي تؤثر في تقدير الفرد لذاته وقدرته على التكيف الاجتماعي وتربيته ومهنته ونشاطات حياته اليومية.

إذاً إنَّ صعوبات التعلم هي الحالات التي تواجه الفرد في أثناء تلقيه التعليم بالطريقة التقليدية، وتؤثر في ذاكرته وقدرته على التركيز ومهاراته التنظيمية، إضافة إلى تأثيرها في مهارات الرياضيات والكتابة والقراءة لديه، وهذا ما يجعل الطفل أو البالغ الذي يعاني صعوبة في التعلُّم بحاجة إلى وقت إضافي مقارنة بأقرانه أو أدوات تعليمية إضافية في الصف أو المنزل من أجل استكمال مهامه الدراسية من أجل التغلب على صعوبة التعلُّم.

من الجدير بالذكر أنَّ علاج صعوبة التعلُّم غير ممكن، وأنَّ آثارها تمتد على طول حياة الفرد في النواحي الأكاديمية والعملية والعلاقات الاجتماعية.

إقرأ أيضاً: 14 طريقة لتنمية الذكاء والقدرات العقلية عند الأطفال

أسباب صعوبة التعلُّم:

من أجل إدراك الطريقة الصحيحة في كيفية التعامل مع صعوبات التعلم لا بد من معرفة أسباب صعوبات التعلم، فلم يتوصل العلماء حتى الآن إلى السبب المؤكد، إلا أنَّهم أحاطوا ببعض الأسباب المحتملة ونذكر منها:

  1. التأثيرات الجينية والتأثيرات البيئية وتطورات الدماغ قد تكون من أسباب صعوبات التعلم المحتملة بسبب تأثيرها في النمو عموماً.
  2. الأسباب الوراثية هي أيضاً من أسباب صعوبة التعلُّم المفترضة التي لم يستطع العلماء تأكيدها حتى الآن كونها تتداخل مع السلوكات المكتسبة التي يتعلمها الطفل عبر تقليده لوالديه.
  3. تطور الدماغ قبل الولادة؛ وذلك لأنَّه من الملاحظ أنَّ الأطفال الذين وُلدوا قبل أوانهم أو وُلدوا بأوزان منخفضة أكثر عرضة لمواجهة صعوبات التعلم.
  4. تلقي إصابة في الرأس من شأنه أن يكون سبباً من أسباب صعوبة التعلُّم.
  5. يضاف إلى أسباب صعوبة التعلُّم المذكورة آنفاً مجموعة من المؤثرات البيئية مثل التلوث والسموم وسوء التغذية في مرحلة الطفولة.

كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم:

قد يظن بعض الناس أنَّ كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم هي مسؤولية المدرسة فقط، فهي الجهة المسؤولة عن تقديم العلم للأطفال، ولكنَّنا نرغب في تصحيح هذه المعلومة والتأكيد على الدور الكبير والأساسي الذي تؤديه الأسرة في مساعدة الطفل على مواجهة صعوبة التعلُّم، وبناءً على ذلك فإنَّنا نقدم هذه المجموعة من الخطوات التي توضح كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم:

شاهد بالفيديو: 10 طرق لعلاج صعوبات التعلّم عند الطفل

1. مراقبة الطفل:

إنَّ أول خطوة في تعلم كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم هي الانتباه والملاحظة لمعاناة الطفل من أيَّة مشكلة أو خلل في نموه وتطوره الإدراكي قبل سن المدرسة وخلاله، وفي حال الاشتباه بأيَّة مشكلة يجب البحث والتواصل مع المتخصصين لمناقشة الأمر.

2. تقييم الطفل:

لا يمكن الجزم بأنَّ الطفل يعاني من صعوبة التعلُّم إذا لم يتم تقييمه بالاختبارات المخصصة لهذا الشأن، ويمكن الحصول على النماذج الاختبارية من المتخصص مباشرة، ويوجد بعض منها على صفحات الإنترنت، ومن الضروري أن تتوخى الأسرة الدقة والمصداقية في الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها المتخصص لتقييم الحالة؛ إذ إنَّ تقييم الأطفال بشكل دقيق يساعد على الوصول إلى تشخيص دقيق يساهم في معرفة كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم.

3. التعامل بإيجابية مع الحالة:

يعد التعامل بإيجابية مع الأطفال بعد الحصول على تقييم دقيق لحالاتهم من أهم الخطوات المتعلقة بكيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم؛ وذلك لأنَّ تحمُّل مسؤولية وجود المشكلة واتخاذ القرار بمساعدة الطفل له بصمات إيجابية واضحة وملموسة على استدراك حالته.

4. الصبر والتقبل:

الصبر والتقبل هما أهم مفاتيح كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم، وهما ورقتا المساعدة لهم لتخطي حالتهم، فليس من المنطق جلد الطفل وتأنيبه على حالته التي ليس له أي ذنب بها أو إشهاره بالتقصير أو تحميله أعباء تفوق قدراته وطاقته.

5. التثقف فيما يتعلق بصعوبة التعلُّم:

من أجل معرفة كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم لا بد من القراءة كثيراً عن الموضوع، وسماع آراء المتخصصين، واتباع التدريبات المتعلقة بذلك؛ من أجل اكتساب المهارات اللازمة في عملية التواصل الفعال مع هذه الفئة.

6. تضافر الجهود:

لا بد من تعاون الأسرة مع المدرسة واختصاصي التربية الخاصة من أجل إيجاد أفضل صيغة من التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم؛ إذ يجب على كل من الأسرة والمدرسة تطبيق التعليمات التي يمليها المتخصص بشكل دقيق من أجل مصلحة الطفل.

شاهد بالفيديو: 7 وصايا للوالدين للتعامل مع صعوبات التعلم عند الأطفال

كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم دراسياً:

فيما يأتي بعض الاستراتيجيات التي توضح كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم دراسياً، وتساعد على تقبلهم للمادة التعليمية:

  • تقبُّل حالة الطفل والتعامل معها بإيجابية، وتجنب مقارنة الطفل الذي يعاني من صعوبة التعلُّم بأقرانه وإدراك اختلافه عنهم.
  • البحث عن طرائق سهلة في التعليم بالنسبة إلى الطفل تعتمد على نقاط القوة لديه وتجنب الارتكاز على نقاط الضعف في تقديم المادة التعليمية.
  • من أهم أساسيات التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم دراسياً هي تجنب الاستهزاء والاستخفاف بهم أو أساليب التوبيخ والتهديد في أثناء تقديم المحتوى التعليمي لهم.
  • تدعيم عملية تعليم الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم بالوسائل التعليمية المناسبة والصور والمجسمات وغيرها من الأشياء الملموسة التي تعد أكثر فاعلية في تعليم الطفل، وتجنب أسلوب التلقين والشرح الجاف قدر الإمكان.
  • خفض سقف التوقعات من الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم، وهذا يعني عدم انتظار استجابة فورية منهم يسبب عدم حدوثها الغضب أو الإحباط بالنسبة إلى المعلم؛ وذلك لأنَّ الصبر والهدوء والتكرار هما أكثر ما يلزم المعلم الذي يتعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم.
  • إظهار الحزم خلال عملية تعليم الطفل وعدم منحه السيطرة والتحكم في سير الوقت المخصص للتعلم.
  • اتباع أساليب تعليمية ترتكز على الأسئلة المحفزة لعملية التفكير عند الطفل والمهام التي تتناسب مع قدراته المعرفية والإدراكية، فلا يجب أن تكون شديدة الصعوبة أو شديدة السهولة، مع تحديد وقت خاص لإنجاز كل مهمة.
  • التدرج في عملية حل الواجبات حسب الوقت؛ إذ يتم البدء بحل الواجبات التي تتطلب وقتاً قليلاً، ومن ثم يتم الانتقال إلى واجبات تتطلب وقتاً أكثر.
  • اختيار معلمين يمتلكون الرغبة بالعمل والتعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم، وعلى دراية كافية بأساليب التدريس والتصرف مع هذه الفئة، وحريصين على تعليم الطفل المهارات المطلوبة، ويمتلكون المرونة الكافية لتبديل وسائل وطرائق تقديم المعلومة بأخرى أبسط في حال فشلت في تعليم الطفل المهارة.
  • جعل الطفل مساهماً فعالاً في عملية اختيار النشاطات التعليمية ودور استخدامها، إضافة إلى منحه الوقت الكافي لحل التمرينات أو الإجابة عن الأسئلة؛ وذلك لأنَّ استعجاله يعود بنتائج مناقضة.
  • بناء الخبرات التعليمية الجديدة على أساس الخبرات التعليمية السابقة، وإنشاء خطط يومية لتتبع تطور الطفل تتضمن تعليمات وواجبات يومية.
  • من ضرورات التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم دراسياً امتلاك معرفة في أساليب تعديل السلوك من أجل تطبيقها في التعامل مع الطفل.
إقرأ أيضاً: أهم النصائح لزيادة ذكاء الطفل وتحقيق التفوق في المدرسة

أسلوب "فرنالد" (VAKT) أسلوب الحواس المتعددة:

لا يمكن الحديث عن كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم دون التطرق إلى أسلوب الحواس المتعددة المعروف باسم أسلوب "فرنالد" (VAKT) الذي يعد من أنجع الأساليب في تقديم المادة التعليمية للأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم، فهو يرتكز على استخدام الطفل لجميع حواسه معاً في أثناء عملية التعلم والتدريب، الأمر الذي يزيد من استيعابه للمادة التعليمية ويسهِّل تعامل المعلمين والأهل معه أكاديمياً ويمكِّنهم من تعزيز غنى العملية التعليمة.

على سبيل المثال إذا كان المعلم يرغب بتعليم الطفل الذي يعاني من صعوبة التعلُّم بأسلوب "فرنالد" أنواع الفاكهة مثلاً، فيجب تسمية الفاكهة (تشغيل حاسة السمع) وكتابة اسمها على السبورة (حاسة البصر) وإمساكها باليد (حاسة اللمس) وتذوقها إن أمكن، ونطقها أيضاً.

في الختام:

صعوبة التعلُّم هي واحدة من الحالات التي تُسبب تأخُّر الطفل عن أقرانه في عملية التعلم المدرسي وغير المدرسي، وتتفاوت حدتها بين طفل وآخر، ولكنَّ القاسم المشترك بينها جميعاً هي أنَّها تتطلب أساليب محددة في التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلُّم تُطبق من قِبل الأسرة والمدرسة، إضافة إلى الاستجابة لتعليمات المتخصص المشرف على كل حالة.




مقالات مرتبطة