كيف يمكنك تحقيق السعادة والنجاح معاً؟

يقول رائد الأعمال الأمريكي/ الهندي "نافال رافيكانت" (Naval Ravikant): "إذا كنتَ تريد أن تكون ناجحاً، فأَحِط نفسك بأشخاص أكثر منك نجاحاً، أمَّا إذا كنتَ تريد أن تكون سعيداً، فأحِط نفسك بأشخاص أقل نجاحاً منك".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويُحدِّثُنا فيه عن أنَّه يمكننا تحقيق السعادة والنجاح في الوقت نفسه إذا استطعنا التوفيق بينهما توفيقاً جيداً.

عندما يتعلَّق الأمر بأن تكون سعيداً، فإنَّ السعادة هي الدافع الأساسي لحياتنا والهدف الرئيس لأفعالنا، ومن ثم من المنطقي أن تكون هذه النقطة موضع نقاش دائم في أذهان الناس؛ إذ يظن كبار المفكرين أنَّ السعادة تساوي النجاح، وأنَّ تحديد النجاح أمر متروك للفرد، ولكنَّ تحديد النجاح هو مجرد بداية لمشكلاتنا المتعلِّقة بالسعادة.

ينبع معظم قلقنا الوجودي من عدم قدرتنا على تحقيق النجاحات المرجوة بكفاءة، فنحن نعيش في مجتمع يركِّز اهتمامه في لحظات الحاضر، وإذا لم نكن ناجحين فيه حالياً مثلما تخيَّلنا أنَّنا سنكون، فهذا سوف يسبب كثيراً من التوتر، وإذا انتابنا القلق والتوتر بشأن المستقبل، فهذا لن يُجديَ نفعاً في جعلنا سعداء.

إنَّ التناقض أعمق من ذلك، فبالنسبة إلى الأشخاص أصحاب التفكير الناجح؛ نادراً ما يكون لديهم مستوى النجاح مُرضياً تماماً، ونحن أصحاب التفكير الناجح نضع كثيراً من الأهداف التي نحاول تحقيقها، وعندما نحقق هدفاً من هذه الأهداف، لا نشعر بالسعادة والرضى اللذين كنا نأمل تحقيقهما؛ بل بدلاً من الشعور بالرضى، نشعر بالقلق بشأن الخطوة التالية، ونبدأ بالتفكير فيها دون التوقُّف لتقدير ما وصلنا إليه.

شاهد: 10 أهداف تضمن بلوغ النجاح والسعادة

النجاح يعادل النجاح فقط:

إذا أردتَ أن تكون ناجحاً، يجب أن تحيط نفسك بأشخاص أكثر نجاحاً منك؛ وهذا الأمر يمنحك مزيداً من الدافع على الأقل، ويجب أن تتذكر أنَّك من متوسط الخمسة ​​أشخاص الذين تقضي معظم الوقت معهم، لكن إذا تسبب لك السعي إلى النجاح في إحداث الاضطرابات وانعدام التركيز في الحاضر، ألا يعني هذا أنَّك تحيط نفسك بأشخاص بنفس القدر من التعاسة؟

لقد بدأت القضية تزداد تعقيداً، فماذا يعني النجاح؟ إنَّنا نقضي كثيراً من الوقت في محاولة تعريف السعادة معتقدين أنَّنا نفهم معنى النجاح فعلاً؛ وبالتأكيد هذا لأنَّ النجاح سهل الفهم؛ إذ إنَّه عبارة عن المال أو الشهرة في مجالٍ ما.

كل هذه الأشياء رائعة وهي بالتأكيد أشياء يجب أن نسعى إليها، ولكنَّها ليست ما يعنيه النجاح، وإنَّها لا تحدِّد النجاح؛ بل بدلاً من ذلك، تُمثِّل المظهر الخارجي لما يعنيه أن تكون ناجحاً؛ أي هي عبارة عن شعور فقط.

دعنا نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية؛ إذ إنَّ النجاح عبارة عن شعور؛ إنَّه ليس سيارة، وليس حساباً مصرفياً كبيراً، ولا حتى حياة باذخة، ومع ذلك، إذا كنتَ تشعر بالرضى في أثناء القيام بأيٍّ من هذه الأشياء، فأنا سأقول إنَّك ناجح.

يوجد سبب أساسي كامن وراء سعيك إلى الحصول على تصور ملموس للنجاح، وبالتأكيد، قد يؤدي امتلاكك سيارة رياضية إلى أن تشعر بالنجاح، لكن دعنا نتعمَّق أكثر، ما هو هذا الشعور؟ ربما هو الشعور بالقبول أو ربما الحصول على التقدير من زملائك، وربما هو ارتفاع الأدرينالين من القيادة السريعة؛ إذ إنَّ السيارة هي رمز للنجاح في المجتمع الحديث، ولكنَّها في حد ذاتها لا تجعل الشخص ناجحاً؛ بل إنَّها تحقيق لرغبةٍ ما من خلال توليد شعور داخلي.

دعنا نرى النجاح من منظور الإيثار؛ فلنفترض أنَّك ترى أنَّ النجاح هو امتلاك أكبر تأثير في الأشخاص المحيطين بك، وأنَّك تشعر بشعورٍ رائع عندما تُلهِم عدداً كبيراً من الأشخاص إلهاماً إيجابياً، وتُغيِّر حياتهم نحو الأفضل.

ليس بالضرورة أن يحدث الإيثار على نطاق واسع جداً، فربما تسعى إلى التأثير في حياة الآخرين من خلال الكوتشينغ الفردي، فبالنسبة إليك؛ يمكن أن يكون النجاح هو مساعدة الناس على المستوى الشخصي واحداً تلو الآخر، وبعد القيام بالعديد من الكوتشينغ، ستكتسب القليل من الشهرة وتبدأ تقديم الكوتشينغ إلى مزيدٍ من الأشخاص، إلى أن يُحقِّق بعضٌ منهم النجاح، وعندئذٍ لا بدَّ أنَّك ستشعر بفرحٍ شديد، ولا بدَّ من أنَّك ستشعر بالرضى أيضاً.

شاهد أيضاً: 20 قيمة في الحياة تقودك إلى السعادة والنجاح

السعادة هي أعظم الإنجازات:

إذا كان كلٌّ من النجاح والسعادة عبارة عن مشاعر، فمن المنطقي أنَّ النجاح يساوي السعادة، لكن السعادة هي التي تساوي النجاح وليس خلاف ذلك، فالعلاقة بينهما ليست متعدية هنا.

إنَّنا نقضي حياتنا في السعي إلى الأهداف، فقط لنجد أنَّ الهدف الحقيقي لسبب وجودنا بصفتنا كائنات مفعمة بالأحاسيس هو السعادة؛ إذ إنَّنا نضع أهدافاً سامية لكي نملأ الفراغ الموجود في حياتنا، وإنَّنا نشعر بعدم الرضى عندما لا نسعى جاهدين إلى القيام بأشياء عظيمة، لكن ينبع شعور عدم الرضى لأنَّنا لسنا سعداء، وليس لأنَّنا لسنا ناجحين.

أنا أظن أنَّ الحياة دورية مثل أي شيء آخر؛ وفقط لأنَّ شعور عدم الرضى يراودنا في بعض الأحيان؛ فهذا لا يعني أنَّنا لا نحظى بلحظات سعيدة، وهذه اللحظات السعيدة التي نحظى بها هي أساس النجاح، وكل اللحظات التي تكون فيها سعيداً، هي التي ستجعلك ناجحاً أيضاً.

إنَّ المجتمع هام جداً بالنسبة إليَّ، والقيام بتفاعلات اجتماعية مع أشخاص مثيرين للاهتمام هو أمرٌ يحمِّسني جداً، ولا يمكنني أن أُخبرك بمقدار السعادة والحيوية التي أشعر بها عندما أحظى بتواصل حقيقي مع أحد الأشخاص؛ إذ إنَّ هذه اللحظات التي أتحدث عنها هي لحظات عابرة كما هو الحال بالنسبة إلى كل اللحظات التي نمر بها في الحياة، ولكنَّني فعلاً أشعر بسعادة مُطلقة عندما أشارك الأفكار مع الناس.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات سهلة للحصول على السعادة الأبدية

ومع ذلك، إنَّ المفهوم التقليدي للنجاح بالنسبة إليَّ يأتي على شكل ريادة الأعمال، وأظن أنَّه من الممكن أن أركز في سعادتي تركيزاً يزيد من نجاحي؛ أي بما أنَّني أحب التواصل مع الناس وأحب أن أقوم بريادة الأعمال، وريادة الأعمال تتعلق بالتواصل مع الناس ورواية القصص إلى حدٍّ ما، ومن ثم يمكنني أن أجمع بين النجاح والسعادة؛ أي بأن أُحقِّق السعادة بصفتي رائد أعمال.

إنَّ نجاحي في العمل مُتعلق بسعادتي، ففي النهاية، يجب أن أعمل في مكانٍ يزيد من سعادتي من أجل أن أُحقِّق النجاح؛ أي يجب أن يتم ذلك من خلال شركة تُروِّج لنوع من المنفعة الاجتماعية، أو ربما يجب أن يتم من خلال عمل يمنحني تجربة تعليمية على وجه التحديد؛ وذلك من أجل أن أتمكن يوماً ما من مساعدة أشخاص رائعين آخرين في المجالات التي يريدونها.

إليك دليل آخر؛ إنَّ هدفي الآخر للنجاح هو أن أُصبح كاتباً، فسوف أنال إعجاب معظم الناس في تحقيق هذا الإنجاز، لكن بالطبع نشرُ مؤلفاتي هو ليس الحافز بالنسبة إليَّ ولن يكون سبب سعادتي بحد ذاته، فمرة أخرى سوف أقول: "إنَّ المجتمع هامٌّ جداً بالنسبة إليَّ، وإنَّني أحب مشاركة الأفكار الجديدة وإثارة أفكار جديدة خاصة بي"؛ إذ إنَّ التواصل هو حافزي؛ لذا إذا أصبحتُ كاتباً تقليدياً، فأنا أعلم بأنَّني سأكون سعيداً؛ وذلك ليس بسبب اعتقاد الناس بأنَّني ناجح أو لأنَّني سأصبح ثرياً؛ وإنَّما لأنَّ عدداً كبيراً من الناس سوف تصلهم رسالتي.

بصرف النظر عن ذلك، إنَّ الهدف أو "الأهداف" التي ستجعلك ناجحاً، يجب أن تكون مدفوعة من قِبَل سعادتك وليس خلاف ذلك، لكن إذا اتَّبعت سعادتك، فسوف يتبعها النجاح، وإذا اتَّبعت النجاح أولاً ولم تعمل على مواءمة نجاحك مع سعادتك، فمن المُحتمل أنَّك ستصبح أقل سعادةً مما كنت عليه سابقاً.

إقرأ أيضاً: كيف تبدأ رحلة النجاح؟ 8 خطوات تضمن لك بداية رائعة

يمكنك تحقيق السعادة والنجاح معاً:

هذا يعني أنَّ هناك أملاً، فإذا كانت السعادة تعادل النجاح، فهذا يعني أنَّنا يمكن أن نكون سعداء وناجحين في آنٍ واحد، لكن إذا أَعطينا الأولوية لأحدهما على الآخر بالطبع.

ومع ذلك، فإنَّ إعطاء الأولوية للسعادة على النجاح، لا يعني أنَّنا يجب أن نكون أقل تحفيزاً، فنحن لدينا حياة واحدة فقط لنعيشها ونحن على يقين بأنَّه من الأفضل أن نحقق أقصى استفادة من الوقت الذي نملكه، وبالنسبة إليَّ، فإنَّني فعلاً أريد أن أكون مؤلفاً مؤثراً أو رجل أعمال معروفاً، ولكنَّني أعلم أنَّني إذا أصبحتُ مؤلِّفاً أو رجل أعمال، فهذه الأشياء لن تجعلني سعيداً وحدها.

بدلاً من ذلك، إنَّني أرى الكتابة وريادة الأعمال على أنَّها وسائل تمكِّنني من زيادة سعادتي؛ وهذا يعني أنَّني لا أملك خياراً سوى أن أصبح ناجحاً في كلا المجالين، وسعادتي في الحقيقة لا تعتمد على ذلك، فيجب أن نعمل كل يوم على أن نكون سعداء في وضع حياتنا الحالي، ومع ذلك، هذا لا يعني أنَّه لا يمكننا السعي إلى زيادة سعادتنا من خلال النجاح التقليدي، وهذه النقطة صحيحة جداً.

خلاصة القول هي: يوجد سبب أساسي وراء رغبتك في نوع النجاح الذي تريد تحقيقه، وعندما تحقق هذا النجاح، فإنَّ الهدف بحد ذاته ليس السبب الذي يجعلك سعيداً؛ بل تحقيق سعادتك من خلال تحقيقك للهدف هو ما يجعلك سعيداً؛ لذلك من الممكن تماماً أن تصبح سعيداً وناجحاً في آنٍ واحد، فقط تأكَّد من أنَّ تعريفك للنجاح يتوافق مع شعورك بالسعادة.

المصدر




مقالات مرتبطة