كيف نعزز دور النساء في المناصب القيادية؟

إذا أردنا تمكين النساء من تقلُّد مناصب قيادية، فعلينا إثبات ذلك فعلاً وليس قولاً فقط؛ وذلك عن طريق إجراءات جديَّة واقعية تساعد على تطويرهنَّ المهني.



تجلَّت فاعلية المرأة في المناصب القيادية مؤخراً؛ حيث سَجَّلت البلدان التي كانت إدارتها تحت قيادة نسائية خلال الجائحة انخفاض عدد الوفيات بنسبة 43% عن باقي دول العالم. وكان رؤساء الدول والحكومات مثل جاسيندا أرديرن (Jacinta Arden) من نيوزيلندا (New Zealand) وتساي إنغ وين (Tsai Ing-wen) من تايوان (Taiwan) مثالاً يحتذى به في إدارة الأزمات؛ ابتداءً من توقُّع الأزمة قبل حدوثها، ووصولاً إلى الإجراءات الفعَّالة المُتَّبعة لتخفيف الأضرار.

أظهَرت الدراسات أنَّ النِّساء يَمِلنَ إلى نشر قيم التعاون والرحمة والتعاطف الإنساني والتي تساعد مساعدة كبيرة أصحاب المناصب القيادية؛ ومع ذلك، وعلى الرغم من أنَّ هذه التجارب والدراسات تُبيِّن قدرة المرأة على القيادة بامتياز، إلا أنَّ المناصب القيادية ما زالت مرتبطة بالرجال، على سبيل المثال، لا تُمثِّل النساء سوى 6% في رؤساء دول العالم.

وذكرت الأمم المتحدة بتقريرٍ لها أنَّه من بين 193 دولة فإنَّ 22 امرأة فقط يشغلن هذه المناصب القيادية الرئاسية، تساهم أسباب عدَّة في ضعف التمثيل النسائي في المناصب القيادية، نذكر منها:

  1. أولاً، التمييز الاجتماعي على أساس نوع الجنس؛ حيث يميل المجتمع إلى ربط المنصب القيادي بالجنس الذكري.
  2. ثانياً، الاهتمام بالشكليات؛ أي توظيف النساء ضمن شركة لإظهار تنوع مجلس الإدارة، والظهور بمظهر الديمقراطية في اتِّخاذ القرار، بينما لا تؤخَذ مساهمتهنَّ لنجاح مكان العمل في الحسبان.
  3. ثالثاً، انعدام فُرص التطوير الوظيفي؛ حيث لا تستثمر الشركة الخبرات الموجودة لديها، ولا تُحسِّن قدرات ومهارات النساء للارتقاء في السُّلَّم الوظيفي، وفي هذا المقال سأعطيك ثلاث استراتيجيات لتعزيز تنمية الدور القيادي للمرأة في مكان العمل والمساواة بين الجنسين في المناصب القيادية.

الاستراتيجية الأولى "إنشاء برنامج في الوظيفة لرعاية النساء":

عادةً ما تَرِدُ كلمة "الراعي" ضمن سياق الحديث عن مشاريع الشركة بمعنى الكفيل المالي لمشروع أو قضيَّة ما، ولكنَّ ما نقصده هو قيام الراعي برعاية احتياجات الموظفين ضمن أعمالهم، فرعاةُ الموظفين هم أشخاص في المنظمة يشغلون منصباً رفيعاً في الشركة، قد يكون نائب الرئيس أو الرئيس أو المدير؛ إذ يُكرِّس هذا الشخص وقته للعمل في التطوير المهني لموظف آخر.

وقد أَظهَرت العديد من قصص نجاح الشركات كالتي نُشِرت في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو (Harvard Business Review) أنَّ الرِّعاية في مكان العمل أمرٌ بالغ الأهمية للنساء والأقليات على حدٍ سواء.

يؤثر وجود رعاة الموظفين في المجتمع والعمل بشكل كبير؛ حيث يسعون إلى حماية حقوق الموظف كما يساعدونه على تحسين أدائه الوظيفي، ويُزكِّي هؤلاء الرعاة الموظفين من أجل المزيد من الفرص الجديدة والمشاريع والعلاوة على الراتب، والمناصب القيادية.

لا يجتمع الراعي بالموظف يومياً، كما لا يجب أن تكون على شكل منتورينغ، الهام هو أنَّ الراعي -الشخص المؤثِّر تأثيراً كبيراً- يُكرِّس نفسه لمساعدة الموظف وتزكيته لنيل المزيد من الفرص في الشركة.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تمكن النساء من دعم بعضهن بعضاً في العمل

الاستراتيجية الثانية "إنشاء شبكة علاقات تمكِّن الموظفين القدامى من تقديم المنتورينغ للموظفين المُعيَّنين حديثاً":

يساعد المنتور على تطوير المناصب القيادية النسائية، فعلاقة المنتورينغ هي علاقة تضم شخصين أو أكثر؛ حيث يُقدِّم المنتور المشورة لمتلقي المنتورينغ بناء على تجاربه السابقة، وتهدف هذه النصائح إلى مساعدتهم على تحقيق أهدافهم المهنية أو الشخصية.

تَحدث علاقات المنتورينغ هذه في بعض الأحيان حدوثاً طبيعياً، كما يمكنك أيضاً بدء شبكة منتورينغ على مستوى الشركات أو الإدارات أو داخل الفريق الواحد، إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تُنشِئ فيها شبكة منتورينغ، فإليك ست نصائح للبدء:

  1. أَعِدَّ قائمة بمتلقي المنتورينغ: النساء اللواتي ترغبنَ في الاستعداد للمناصب القيادية.
  2. أَعِدَّ قائمة بجميع المنتورز المتوفرين في المؤسسة.
  3. أَجرِ استطلاعاًلمعرفة الأهداف المهنية لمتلقي المنتورينغ من أجل التطوُّر المهني.
  4. أجرِ استطلاعاً لمعرفة المجالات التي يمكن للمنتورز تقديم المنتورينغ فيها، على سبيل المثال: المبيعات والتسويق والقيادة.
  5. حدِّد منتوراً لكل متلقي منتورينغ.
  6. اعقُدْ اجتماعات أسبوعية أو نصف أسبوعية لجلسات المنتورينغ.

وبالإضافة إلى المنتورينغ والرعاية، فمن الهام أيضاً المساعدة على القضاء على التحيزات الجنسية.

الاستراتيجية الثالثة "تحرير المرأة من الاضطهاد في مكان العمل":

تُمثِّل التحيزات ضد المرأة تهديداً عندما نُكوِّن فكرة أو حكماً مسبقاً أو دلالة سلبية تجاه المرأة لمجرد أنَّها امرأة، وللأسف، أفادت الأمم المتحدة بأنَّ تسعة من كل عشرة أشخاص لديهم تحيُّز ضد المرأة، يمكن أن تظهر هذه الأضرار في مكان العمل بشتَّى الطرائق مثل:

  • إذا تصرَّفت المرأة بحزم، فإنَّها تُصنَّف على أنَّها شخص يصعب العمل معه، في حين لو تصرَّف الرجل بحزم، فإنَّه يوصف على أنَّه شخص يتمتع بصفات قوية وإيجابية.
  • تقديم الشركة راتباً أقل للمرأة التي تؤدي الوظيفة نفسها التي يؤديها رجل آخر، فقط لكونها امرأة.
  • توكِل الشركة المزيد من المهام الإدارية مثل نسخ الملفات، وصنع القهوة فقط للنساء وليس للرجال، لمجرَّد أنَّهنَّ نساء.

تَضرُّ التحيزات على أساس الجنس بالمرأة بشكل كبير؛ وذلك لأنَّها تترك لديها تجربة عمل سلبية وتُخلِّف أضراراً جسيمة بالفعل فقط لكونها امرأة، فهذا الضرر لا يلحقُ بها بسبب رداءَة أدائها أو عدم رغبتها في العمل؛ وإنَّما بسبب الأفكار النمطية السلبية للتحيُّز على أساس الجنس التي نربطها بشخصٍ ما دون أن نعرف حقيقته.

إليك بعض النصائح لمكافحة الضرر الذي يلحق بالمرأة في مكان العمل:

  • تأكَّد من المسؤوليات الموكلة إلى الفريق وحسِّن تقسيم المهام بناءً على الكفاءة وليس على الجنس.
  • تأكَّد من حصول النساء في الاجتماعات الإدارية على الفرصة الكافية لإبداء آرائهنَّ.
  • وزِّع المهام الإدارية على فريق العمل بالتساوي.
إقرأ أيضاً: كيف نواجه ظاهرة التحرش الجنسي في العمل؟

الختام:

إنَّ أخذ استراتيجيات الرعاية والمنتورينغ وإجراءات منع التحيُّز على أساس الجنس في الحسبان، سيؤدي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في العالم، ويُعزِّز المزيد من تمثيل النساء في المناصب القيادية في الشركات، وبمساعدة القادة الدَّاعمين للتمثيل النسائي وتنمية المرأة، يمكننا أن ننقلَ العالم إلى مستوى أكثر توازناً وإنصافاً لمواهبنا.

المصدر




مقالات مرتبطة