كيف توضح لأفراد فريقك الحاجة إلى تتبع الوقت؟

لقد تحدَّثنا في مقال "ما هي أكثر المخاوف المتعلقة بتتبُّع الوقت في العمل شيوعاً؟" عن الأسباب التي تدفع الموظفين إلى التخوف من استخدام تتبُّع الوقت في الشركة، وتطرَّقنا إلى الأهداف الحقيقية وراء الحاجة إليه؛ وسنسلط الضوء في مقالنا هذا على الطرائق التي يمكنك من خلالها إخبار الموظفين بقرارك في تطبيق تتبُّع الوقت.



كيف توضِّح الحاجة إلى تتبُّع الوقت للموظفين؟

ستضطر إلى مواجهة نظرة الموظفين السلبية التي تصاحب التحدُّث عن موضوع تتبُّع الوقت، وتتعامل مع مخاوفهم مباشرةً؛ إذ ليس ضرورياً أن يواجه فريقك أو الموظفون المشكلات الشائعة ذاتها التي ذكرناها في مقال "ما هي أكثر المخاوف المتعلقة بتتبُّع الوقت في العمل شيوعاً؟"؛ لذا إليك فيما يلي بعض الطرائق لطرح فكرة تتبُّع الوقت كتغيير إيجابي، مع مراعاة الشكوك التي تساور أفراد الفريق:

1. الاتفاق على الأمور الأساسية وتحديد القواعد:

يُنصَح دائماً بأن يعقُد قائد الفريق أو المدير اجتماعاً لمناقشة موضوع تتبُّع الوقت والفوائد التي ستعود بها على الموظفين؛ حيث سيؤدي وضع بعض القواعد الأساسية قبل كل شيء إلى تفادي أي التباس مستقبلاً عند قراءة البيانات التي تجمعها، وتشمل هذه القواعد، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:

  • السبب الكامن وراء حاجة فريقك إلى تتبُّع الوقت.
  • الأوقات التي ستطلع خلالها على الساعات المحددة التي يقضيها أفراد الفريق في العمل، وتلك التي ستركِّز خلالها على النتائج فقط.
  • مدى ضرورة تقديم جميع التقارير الأسبوعية أو الشهرية.
  • كيفية تطبيق تتبُّع الوقت في إدارة المشاريع والمواعيد النهائية.

إنَّ الهدف من ذلك هو التوصُّل إلى أرضية مشتركة كي ينجح تطبيق تتبُّع الوقت معك، وألا يكون سبباً لإثارة الخلافات؛ وأسوأ ما قد يحدث هو أن تعوق بعض الفِرَق سير العمل، بينما يدرك بعضها الآخر أنَّ الأمر يستغرق الكثير من الوقت والجهد، مما قد يؤدي إلى إفشال "النظام" الذي أنشأته.

2. الإعلان إعلاناً غير رسمي عن تطبيق تتبُّع الوقت:

يعمل "الإعلان غير الرسمي" على تقديم فكرة تتبُّع الوقت للموظفين دون أي تفاصيل معينة، كعملية إطلاق منتج أو خدمة جديدة تماماً؛ حيث تخبرهم من خلاله بأنَّك ستعقد اجتماعاً وتذكُر رؤوس أقلام عن الأمور التي ستناقشها، وننصحك بالقيام بذلك قبل بضعة أسابيع أو شهر على أكثر تقدير من طرح موضوع تتبُّع الوقت.

شدِّد على فكرة أنَّ تتبُّع الوقت سيكون تغييراً إيجابياً، وركِّز على تأثيره الإيجابي الذي سيعود على كلٍّ من الفريق والمشاريع، وأضِف أنَّه لن يعرِّض وظيفة أي شخص للخطر (وهو أول أمر يخشاه الموظفون عادةً).

ستُثير بهذه الطريقة حديث الموظفين في الشركة إثارةً طبيعية، بدلاً من تسريب معلومات (قد تكون خاطئة)؛ فإخفاء المعلومات عن الموظفين يثير مخاوفهم ويجعلهم يخشون أن تراقبهم عن كثب وتقيِّد حريتهم.

إقرأ أيضاً: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

3. جعل الموظفين يشعرون بأنَّك تسمعهم:

أرسِل استبياناً مجهول الاسم إلى الموظفين لكتابة مخاوفهم المتعلقة بموضوع تطبيق تتبُّع الوقت قبل حوالي أسبوعين من طرحه؛ ونظراً لأنَّ العديد من الموظفين يترددون في كتابة جميع الأمور التي تقلقهم في الاستبيانات حتى لو لم يكشفوا عن هويتهم، عليك إتاحة طرائق مختلفة لتدفعهم إلى تسجيل المعلومات لتضمن تلقِّي أفضل الردود الممكنة؛ حيث يمكنك أن تجرِّب الأمور الآتية:

الإجابات متعددة الاختيارات:

ما هي أكثر الأمور التي تقلقك إذا طبَّقتْ الشركة سياسة تتبُّع الوقت؟

  • ستنخفض إنتاجيتي.
  • أخشى أن أضيِّع الكثير من الوقت.
  • يُعدُّ انتهاكاً لخصوصيتي.
  • لا يعكس تتبُّع الوقت سير عملي بدقة.
  • هناك الكثير من المشتتات.
  • سأنسى تتبُّع الوقت.
  • أسباب أخرى.

أو اختَر طرح الأسئلة المفتوحة:

  • هل لديك خبرة في تتبُّع الوقت؟ وهل ينجح الأمر معك؟

لإجراء هذه الأنواع من استطلاعات الرأي، عليك أن تعمل مع ممثِّل إدارة الموارد البشرية في الشركة عملاً وثيقاً، وتغطي أكبر قدر ممكن من الموضوعات لمعالجة مخاوف عدة مسبقاً؛ كما وينبغي أن تكون البيانات التي جمعتها أول موضوع تطرحه للنقاش عند انعقاد الاجتماع حينما يحين وقته.

4. السماح لإجراء مناقشات شخصية:

ينبغي أن تُعلِم إدارة الموارد البشرية جميع الموظفين أنَّه يمكنهم القدوم إليهم شخصياً ليصغوا إلى آرائهم إن أمكن؛ حيث يفضِّل بعض الموظفين التعبير عن أفكارهم لفظياً، ويمكن أن يعدُّوا الإجابة عن الأسئلة على الورق بمثابة بادرة مزيفة ستتجاهل الشركة بعدها ما يقلقهم.

5. عقد اجتماع لطرح موضوع تطبيق تتبُّع الوقت:

قبل أسبوع من عقد الاجتماع، أرسل رسالة بريد إلكتروني جماعية لفريق العمل تحدد فيها جميع النقاط التي ستتطرق إليها، والتي يمكن أن تشمل: مخاوف الموظفين، وهدفك من تطبيق تتبُّع الوقت، والأداة التي ستستخدمها لذلك، والمساعدة التي ستقدِّمها، وغيرها من الأمور.

اذكر النقاط هذه ذِكراً موجزاً؛ حيث ستمنح هذه الرسالة الإلكترونية وقتاً كافياً للموظفين لتحضير أسئلتهم وملاحظاتهم التي ربما نسوا أن يذكروها في الاستبيان؛ كما أنَّ الناس سيعرفون الوقت المناسب لطرح أسئلتهم حينما يدركون الترتيب الذي ستُناقَش فيه هذه النقاط، بدلاً من السؤال عن أمر خارج سياق الحديث.

إنَّ إحدى الأمور المفيدة التي يمكنك القيام بها تشجيعُ الناس على إحضار دفاتر ملاحظات أو حتى مجرد قطعة من الورق؛ وذلك لأنَّه قد تراودهم أسئلة إضافية ينبغي مناقشتها في أثناء الاجتماعات أحياناً، والتي قد ينسونها في حال لم يسجِّلوها.

9 خطوات لطرح موضوع تطبيق تتبُّع الوقت لفريقك:

ستضمن من خلال الخطوات الآتية أن توضِّح أفكارك بدقة حينما يحين الوقت لطرح موضوع تتبُّع الوقت.

1. البدء بمقدمة قصيرة:

لا أحد يحب حضور الاجتماعات الطويلة، ولا سيما حينما يكون لدى أفراد الفريق أموراً أهم عليهم القيام بها، أو في حال كانت هناك إمكانية لتوضيح النقاط التي ستناقَش في الاجتماع عبر البريد الإلكتروني، اشكُر الجميع على حضورهم، وقدِّم الأمور التي ستناقشها في الاجتماع بالترتيب، وأخبرهم أيضاً أنَّك ستجيب عن جميع أسئلتهم في نهاية الاجتماع.

إقرأ أيضاً: دليل الإنتاجية: الاستراتيجيات الفعالة لإدارة الوقت

2. معالجة مخاوف الفريق أولاً:

باستخدام البيانات التي جمعتها من الاستبيان، اذكر أكبر المشكلات العامة التي يواجهها الموظفون حينما يتعلق الأمر بتتبُّع الوقت؛ حيث ستؤكِّد لهم من خلال ذلك أنَّك تهتم لآرائهم في شؤون الشركة، وبعدها اذكر تفاصيل الأمور التي تفاوضتَ بشأنها مع قادة الفِرَق في بداية هذه العملية، وكيف ستؤثر في كل قسم أو فريق.

3. شرح النقاط الخمس الأساسية الآتية لفريقك:

عليك استخدام تتبُّع الوقت كطريقة لتحسين حياة الموظفين الإجمالية؛ إذ لن نربكك بمعلومات مفصَّلة؛ لذا سنورِد القائمة القصيرة الآتية التي تشمل أهم خمس نقاط عليك توضيحها لفريقك:

  • يساعدهم تتبُّع الوقت على توضيح الأسباب التي دفعتهم إلى العمل لوقت إضافي والتفاوض على مزايا العمل.
  • يساعدهم على تحديد عوامل التشتيت التي يتعرضون إليها والوقت الضائع في العمل.
  • سيصبحون أكثر وعياً بالوقت الإضافي الذي يقضونه في العمل، مما يجنِّبهم التعرض إلى الإرهاق.
  • سيدركون متى يستحقون الحصول على إجازة تعويضية.
  • سيتجنبون الأخطاء الكتابية وسرقة الوقت؛ حيث يُعدُّ تتبُّع الوقت دليلاً دامغاً يحمي حقوقهم. 

4. تقديم الكثير من البيانات:

جهِّز بعض البيانات مسبقاً (ومن الأفضل استخدام الإنفوغراف للحفاظ على حيوية الاجتماع)؛ حيث يمكنك أن تبحث عن دراسات حالة لشركات نجحت في تطبيق تتبُّع الوقت لصالحها؛ فقد يسارع بعض الموظفين إلى البحث على محرك البحث "غوغل" (Google) عن أمثلة فشِلت فيها الشركات في تطبيق تتبُّع الوقت حينما تساورهم الشكوك في النتائج التي ستترتب على تطبيقه؛ مما سيدفعهم إلى التصرف بدفاعية وتقديم حجج معارضة، والتي ينبغي عليك أن تستعدَّ لها أيضاً.

5. طلب حضور إدارة الموارد البشرية إلى الاجتماع:

احرص على أن يكون ممثِّل الموارد البشرية حاضراً طوال فترة الاجتماع وفي أثناء عملية تسوية النقاش، واطب منه الجلوس مع الموظفين والمشاركة في النقاش إن أمكن؛ حيث سيمنحك وجوده الدعم ريثما تتخطى هذه المهمة الصعبة؛ إلى جانب أنَّه يستطيع تبديد أي شكوك أو حالات ارتباك أو حل أي خلاف قد ينشأ بين الفِرَق.

6. تقبُّل الأسئلة والأجوبة بصدر رحب:

اجعل الاجتماع كمنبر حر تتيح للجميع فيه التعبير عن آرائهم، إلا إذا ساد الصمت الاجتماع؛ حيث يمكنك حينها طرح أسئلة محددة علَّها تثير النقاش.

7. إرسال رسائل بريد إلكتروني تعْقُبُ الاجتماع التمهيدي لفريقك:

إنَّها طريقة رائعة لتلخيص الاجتماع؛ حيث يمكنك إما ذكر تفاصيل فيها أو كتابتها بإيجاز، وإذا شعرت بأنَّ الأمر يتطلب الكثير من الجهد، يمكنك استخدام تطبيقات لإدارة الوقت، كتطبيق "أوتر" (Otter)، الذي يسجِّل الاجتماعات، ثم يدوِّنها ويضيف ختماً زمنياً إليها لإنشاء تقرير.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 تطبيقات لإدارة الوقت والمهام

8. توفير المصادر اللازمة:

بعد انقضاء عدة أيام على الاجتماع وتسوية جميع الأمور، أرسِل رسالة بريد إلكتروني جماعية للفريق تحتوي على مجموعة من المصادر اللازمة، بدءاً من كيفية إدارة وقتهم إدارةً أفضل، ووصولاً إلى كيفية استخدام أدوات تتبُّع الوقت وتحويله إلى عادة ليصبح الأمر تلقائياً.

9. طمأنة الفِرَق بأنَّهم سيحصلون على المساعدة على استخدام البرنامج الذي ستعتمده الشركة لتتبُّع الوقت:

إنَّ إحدى المشكلات الهامة التي لم نتطرق إليها بصورة واسعة أنَّ الكثير من الموظفين يخشون الشعور بالإحراج إذا فشلوا في تعلُّم كيفية استخدام أداة تتبُّع الوقت؛ حيث أفضل طريقة لحل هذه المشكلة هي تجنُّب سؤالهم مباشرةً ما إذا كانوا يعانون من صعوبات في تعلُّم الأمر (لأنَّه لن يعترف سوى قلة قليلة منهم بذلك)؛ بل تقديم "كراش كورس" (Crash Course) بدلاً من ذلك، وطلب مساعدة من العمليات أو موظفيك البارعين في الأمور التقنية أو مطوري البرنامج الذي ستستخدمه.

في الختام:

حينما يخشى الأطفال الوحوش التي تقبع في خزانة غرفهم، نعلم أنَّ الوحشة الحقيقية تنبع من الخوف من المجهول؛ حيث تكتنف الظلمة غرفهم، وتتشكل الظلال على جدرانها، وتغرق مساحاتهم الخاصة بضوضاء مخيفة من الداخل والخارج؛ إذ لا عجب أنَّهم يستسلمون لمخيلتهم الخاصة وينسجون في أذهانهم أكثر السيناريوهات رعباً.

لا يتغير الأمر كثيراً حينما نكبر؛ حيث يمكن أن يثير أمراً بسيطاً كتطبيق تتبُّع الوقت في الشركة الخوف في نفوسنا حينما لا نحمل ما يكفي من المعلومات الواقعية عنه في أذهاننا، ولكن من خلال استخدام الأساليب التي ذكرناها، يمكنك أن تُضيء عتمة تلك الغرفة وتفتح باب الخزانة التي تثير الرعب في قلوب الموظفين لتثبت أنَّ لا شيء داخلها يدعو إلى الخوف؛ لذا عالِج مخاوف فريقك من خلال تقديم المعلومات، واغمرهم بالتَّعاطف والتفهُّم والكثير من الطمأنينة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة