كيف تهدئ غضبك المكبوت؟

قد يطالبك مديرك بالعمل على مستند حتى لو انتهى يوم عملك. فجأةً، تجد نفسك تنفجر بكاءً أو تجد صعوبةً في التقاط أنفاسك. أو قد يتشاجر أطفالك مرة أخرى، وتفقد أعصابك، وتصرخ عليهم للتوقف، وعلى الفور تقوم بلوم نفسك لفقدان أعصابك. فأنت لا تعرف ماذا تفعل بهذه المشاعر؛ لذا ينتهي بك الأمر بمجرد كبتها عبر تشتيت نفسك بأمر غير صحي تختاره.



إن بدا هذا مألوفاً، فلا تقلق، أنت لست الوحيد. نحن في بعض الأحيان، لدينا ردات فعل عاطفية قوية نعاني معها - وهذا مجرد جزء من كوننا بشراً - ولكن، بالنسبة إلى بعض الناس، يمكن أن تكون عدم القدرة على التحكم بالمشاعر بطرائق صحية وفعالة مشكلة، ويمكن أن يكون لهذا الكثير من العواقب السلبية.

بالمقدار المناسب، تخدم العواطف هدفاً مفيداً. إنَّها تزودنا بالمعلومات، وتؤثر في قراراتنا، وتجبرنا على التصرف. على سبيل المثال، إذا شعرت بالخوف عندما مشيك بمفردك ليلاً وسمعت خطوات بالقرب منك، فإنَّ عقلك يجهزك تلقائياً للاستعداد للركض في حالة وجود خطر. أو إذا كنت تُعامَل بطريقة غير عادلة، فإنَّ الغضب سيحفزك على إجراء تغييرات حتى يعاملك الناس بشكل أكثر إنصافاً.

ومع ذلك، يمكن أن تكون المشاعر مؤلمة ومزعجة. عندما تنشأ، نحاول التحكم بها والتعامل معها. تُعرَف هذه العملية باسم تنظيم العواطف، الذي قد يتضمن إعادة توجيه انتباهنا بعيداً عن كل ما يسبب لنا الضيق أو تغيير أفكارنا حول الوضع أو تغيير سلوكنا في الموقف. تنظيم العواطف لا (ولا ينبغي) أن يجعل مشاعرنا تختفي تماماً، لكنَّها تساعدنا على تهدئتها بحيث يمكن التحكم بها تحكُّماً أكبر.

تظهر المتاعب عندما تصبح المشاعر غامرة ولا يمكننا تنظيمها بطرائق صحية وفعالة؛ وهذا هو المعروف باسم "الاضطراب العاطفي". يصاب الجميع بخلل في بعض الأحيان، لا سيما عندما نتعامل مع ظروف استثنائية مثل جائحة أو كارثة طبيعية أو وفاة أحد الأحباء. ولكن عندما يحدث خلل في المشاعر بشكل منتظم، حتى عند مواجهة ضغوط طفيفة، يمكن أن يسبب هذا الفوضى.

من الصعب على الشخص أن يعيش حياته، وهو عامل في العديد من مشكلات الصحة العقلية، بما في ذلك اضطرابات المزاج والقلق. يساهم عدم التنظيم أيضاً في الانتحار وإيذاء النفس، ويؤدي إلى سلوكات مدمرة للذات مثل تعاطي المخدرات، أو اضطراب الأكل، أو وسائل أخرى لتجنب المشاعر والأفكار المؤلمة.

يتعلم الناس معظمهم كيفية تنظيم عواطفهم خلال نشأتهم. لكن بالنسبة إلى بعضهم، فإنَّ الطريقة التي يتبنونها غير صحية أو غير مفيدة. إحدى النظريات حول سبب حدوث ذلك هي النظرية البيولوجية الاجتماعية، من علاج يسمى "العلاج السلوكي الجدلي" (DBT).

وفقاً لهذه النظرية، يولد بعض الأشخاص بمستوى أعلى من الحساسية العاطفية؛ لديهم ردود أفعال عاطفية أقوى للأشياء، ويستغرقون وقتاً أطول للتغلب على تلك المشاعر الشديدة، ويتعاملون عموماً مع مستوى أعلى من الألم العاطفي (على سبيل المثال، يشعرون بالمزيد من الغضب أو الحزن أو الخجل أو القلق).

في حين أنَّ هذه الحساسية العاطفية (الجزء "البيولوجي" من النظرية) شائعة وليست مشكلة في حد ذاتها، ولكن حين ندمج هذا مع بيئة إشكالية (على سبيل المثال، الجزء "الاجتماعي")، يمكن أن تصبح الأمور صعبة.

على وجه التحديد؛ يترعرع بعض الأطفال في بيئة يختبرون فيها اضطراب عدم التقدير. يتلقون على الدوام رسالة مفادها أنَّ هناك خطباً ما بهم، ويعاقَبون على المشاعر والأفكار والأحاسيس الجسدية التي يمرون بها - أو يتم تجاهل هذه التجارب - عندما يتم تربية طفل شديد الحساسية العاطفية في بيئة يتم فيها عدم تقديرهم على الدوام، فإنَّه يواجه خللاً في تنظيم المشاعر.

ابتكرت عالمة النفس الأمريكية "مارشا لينهان" (Marsha Linehan) إنشاء العلاج السلوكي الجدلي، لعلاج اضطراب الشخصية الحاد؛ إذ يعاني الأشخاص الذين يُشخَّصَون بهذا الاضطراب من عدم تنظيم مشاعر شديد ومزمن، وغالباً ما ينخرطون في سلوكات انتحارية وإيذاء الذات.

على هذا النحو، يركز العلاج السلوكي الجدلي على تعليم الأشخاص المهارات التي يحتاجون إليها للتحكم في عواطفهم تحكُّماً أكثر فاعلية. اليوم، يستعمل العديد من المعالجين نهج العلاج القائم على العلاج السلوكي الجدلي للعديد من مشكلات الصحة العقلية الأخرى، بما في ذلك الاكتئاب واضطرابات القلق.

يتمحور هذا الدليل حول استعمال مهارات العلاج السلوكي الجدلي لمساعدتك على التعامل وإدارة المشاعر القوية. هناك أربع مجموعات من المهارات التي يتم تدريسها في العلاج السلوكي الجدلي: اليقظة الذهنية؛ هي المهارات التي تساعد الناس على العيش أكثر في الوقت الحاضر وإضفاء سلوك تقبل وانفتاح على تجربتهم.

وتحمُّل الضائقة؛ هي المهارات التي تساعد الناس على تجاوز أوقات الأزمات دون جعل الأمور أسوأ. والتنظيم الانفعالي الذاتي؛ هي مهارات تساعد الناس على تعلُّم المزيد عن العواطف والطرائق الأكثر صحة للتعامل معها.

وفاعلية التعامل مع الآخرين؛ هي المهارات التي تساعد الأشخاص على أن يكونوا أكثر فاعلية في علاقاتهم، من خلال أمور كالتواصل الحازم. في هذا الدليل، سنركز تركيزاً أساسياً على المهارات الثلاث الأولى.

على الرغم من أنَّنا لا نستطيع التعمق في جميع المهارات هنا، إلا أنَّنا نرغب في تزويدك ببعض الأفكار من نماذج عدة ستساعدك على تنظيم مشاعرك تنظيماً أكثر فاعلية، على الأمد القصير والطويل.

شاهد: كيف يتعامل الأشخاص الناجحون مع الغضب؟

ماذا عليك أن تفعل؟

عندما تكون المشاعر شديدة، غالباً ما يصعب التفكير فيما يمكنك فعله لمساعدة نفسك؛ لذا فإنَّ أول شيء تحتاج إلى العمل عليه هو إعادة التنظيم بأسرع ما يمكن. فيما يأتي بعض المهارات سريعة المفعول التي تعمل على تغيير كيمياء جسمك. سيكون من المفيد للغاية أن تجرب هذه الأشياء أولاً قبل أن تكون في موقف عاطفي، حتى تعرف كيفية استعمالها.

1. الانحناء إلى الأمام:

انحنِ كأنَّك تحاول لمس أصابع قدميك (لا يهم إن كان بإمكانك فعلاً لمس أصابع قدميك. يمكنك أيضاً القيام بذلك وأنت جالس إذا احتجت إلى ذلك، عن طريق وضع رأسك بين ركبتيك).

خذ أنفاساً عميقة وبطيئة، وابقَ على هذه الوضعية لبعض الوقت (30 إلى 60 ثانية إذا استطعت). يؤدي الانحناء إلى الأمام إلى تنشيط نظامنا العصبي اللاإرادي؛ وهذا يساعدنا على التمهل والشعور بالهدوء قليلاً. وعندما تكون مستعداً للوقوف مرة أخرى، لا تفعل ذلك بسرعة كبيرة، فأنت لا تريد أن تسقط.

2. التركيز على زفيرك من خلال "التنفس السريع":

قد يبدو الأمر مبتذلاً، ولكنَّ التنفس بالفعل هو أحد أفضل الطرائق لتصل بمشاعرك إلى مستوى يسهل التحكم فيه. على وجه الخصوص؛ ركز على جعل الزفير أطول من الشهيق؛ وهذا أيضاً ينشط الجهاز العصبي اللاإرادي، ويساعدنا على الشعور بالهدوء قليلاً وإعادة هذه المشاعر إلى مستوى يمكن التحكم به تحكُّماً أكبر.

عندما تستنشق، عد في رأسك لترى كم سيستغرق الشهيق، وفي أثناء الزفير، عد بالوتيرة نفسها، وتأكد من أنَّ الزفير أطول قليلاً من الشهيق. على سبيل المثال، إذا وصلت إلى الرقم 4 عند الشهيق، فتأكد من إخراج الزفير عند 5 على الأقل.

ستساعدك طرائق إعادة التنظيم هذه على التفكير بشكل أكثر وضوحاً لبضع دقائق، لكنَّ عواطفك ستشتد مرة أخرى إذا لم يتغير شيء في محيطك؛ لذا فإنَّ الخطوات الآتية مطلوبة أيضاً.

زيادة الوعي بعواطفك:

من أجل إدارة العواطف إدارةً أكثر فاعلية على الأمد الطويل، يجب أن تكون على دراية بعواطفك وجميع مكوناتها. وتحتاج إلى تعلُّم تسمية عواطفك بدقة. قد يبدو هذا غريباً - بالطبع أنت تعرف ما تشعر به، أليس كذلك؟ لكن كيف تعرف ما إذا كان ما تسميه دائماً "الغضب" هو في الواقع غضب وليس قلقاً؟ لم يفكر معظمنا البتة في عواطفه كثيراً، لكنَّنا نفترض فقط أنَّ ما نعتقد بأنَّنا نشعر به هو شعورنا بالفعل، تماماً مثلما نفترض أنَّ اللون الذي ندعوه دائماً "ألأزرق" هو في الواقع أزرق، لكن كيف نعرف حقاً؟

غالباً ما يتعلم الأشخاص الحساسون الذين ترعرعوا في بيئة مضطربة تجاهل تجاربهم العاطفية أو عدم الثقة بها، ويحاولون تجنب هذه التجارب أو الهروب منها؛ وهذا يؤدي إلى صعوبات في تسمية العواطف بدقة. بالطبع، يمكن لأي شخص يعاني من تنظيم العواطف أن يواجه صعوبة في معرفة ما يشعر به، ومن ثمَّ يعيش في "ضباب" عاطفي. عندما تشعر "بالحزن"، أو "السوء" أو "التعب"، هل يمكنك تحديد ما تشعر به بالفعل؟ إذا كنت تعاني من هذا، ففكر في كل من الأسئلة التالية في المرة القادمة التي تشعر فيها بشعور طفيف حتى:

  • ما هو الحدث المسبب أو المحفز للشعور؟ وماذا كان رد فعلك؟ (لا تحكم على ردك إن كان صحيحاً أم خاطئاً، فقط صف ما حدث).
  • ما هي أفكارك حول الوضع؟ وكيف فسرت ما كان يحدث؟ وهل لاحظت أنَّك تحكم أو تقفز إلى الاستنتاجات أو تضع افتراضات؟
  • ماذا لاحظت في جسدك؟ على سبيل المثال، شد أو تشنج في مناطق معينة؟ أو تغيرات في تنفسك، أو معدل ضربات قلبك، أو درجة حرارتك؟
  • كيف كانت وضعية جسدك؟ صِف لغة جسدك ووقفتك وتعبيرات وجهك.
  • ما هي الرغبات الملحة التي شعرت بها؟ وهل أردت الصراخ أو رمي الأشياء؟ وهل كانت هناك رغبة في عدم القيام بتواصل بصري، تجنباً أو هرباً من الموقف الذي كنت فيه؟
  • ماذا كانت أفعالك؟ وهل تصرفت بناءً على أي من الرغبات الملحة التي ذكرتها آنفاً؟ وهل فعلت شيئاً آخر بدلاً من ذلك؟

سيساعدك القيام بهذا التمرين على زيادة قدرتك على تسمية عواطفك بدقة. بمجرد أنَّ تسأل نفسك الأسئلة المذكورة آنفاً، يمكنك أن تسأل نفسك ما إذا كانت عواطفك تتناسب مع إحدى هذه الفئات الأربع (المتناغمة تقريباً): غاضب، وحزين، وسعيد، وخائف. استعمل هذه المصطلحات مع العملاء كنقطة انطلاق مفيدة للتمييز بين العواطف الأساسية، لكن يمكنك العمل تدريجياً على أن تصبح أكثر تحديداً. وقوائم العواطف يمكن أن تكون مفيدةً أيضاً.

قد تتساءل عن سبب أهمية ذلك. كما قال "دان سيجل" (Dan Siegel) الطبيب النفسي الأمريكي: "إن لم تستطع تسميتها، فلا يمكنك التحكم بها". بمجرد أن تتمكن من تحديد عواطفك، ستكون أكثر قدرة على اختيار ما يجب فعله حيال ذلك، بدءاً من التحقق من صحة الشعور الذي يراودك، وهي المهارة التالية التي سنلقي نظرة عليها فيما يأتي.

التحقق من صحة عواطفك:

عندما نحكم على أنفسنا بسبب ما نشعر به، فإنَّنا غالباً ما نخلق المزيد من الألم العاطفي لأنفسنا. لنلقِ نظرة على مثال الصراخ في وجه أطفالك: تشعر بالإحباط من الأطفال بسبب شجارهم؛ ولكنَّك تذكِّر نفسك بعد ذلك أنَّ لديهم الكثير من المهام أيضاً - ربما يكونون متوترين بشأن الواجب المدرسي، أو تجادلوا مع أصدقائهم - وتبدأ بالحكم على نفسك على أنَّك "والد سيئ".

الآن، أنت ما زلت تشعر بالإحباط من أطفالك فقط، ولكن قد تشعر أيضاً بالذنب والخجل والغضب من نفسك. هذه هي الطريقة التي يمكن بها زيادة حدة العواطف التي نمرُّ بها.

الشيء الهام الذي يجب تذكُّره هو أنَّ العواطف ليست جيدة أو سيئة، أو صحيحة أو خاطئة؛ بل هي مجرد عواطف. كل ما نشعر به هو ما يجب أن نشعر به، في ظل الظروف. ما يمكن أن يكون صحيحاً أو خاطئاً، هو تصوراتنا وتفسيراتنا لما يحدث طبعاً.

توقف لحظة لتفكر في تجربتك الخاصة مع العواطف: هل لديك مشاعر تعتقد أنَّه "لا يجب" أن تشعر بها؟ تأكد من أنَّك لا تخلط بين العواطف والسلوكات.

بالمناسبة: الشعور بالغضب (العاطفة)، على سبيل المثال، يختلف تماماً عن الصراخ عند الغضب (السلوك). بمجرد تحديد العواطف التي تحكم على نفسك بسبب شعورك بها، قم بالتحقق مما إذا كان بإمكانك ربطها بالرسائل التي تلقيتَها حول هذه العواطف: أين تعلمت أنَّه "ليس من المقبول أن تشعر بالحزن" على سبيل المثال؟

بعد ذلك، خذ بعض الوقت لتفكر في كيفية تقدير نفسك، بدلاً من الاستمرار في الحكم على نفسك بسبب هذا الشعور. فالتقدير لا يعني أنَّك تحب ما تشعر به، أو أنَّك تريده أن يستمر؛ هذا يعني فقط أنَّك تقبل ما تشعر به. اكتب بعض العبارات لمساعدتك على التحقق من صحة العواطف، مثل ما يأتي:

  • أشعر بالغضب.
  • لا بأس أن أشعر بالغضب الآن.
  • من المنطقي أن أغضب الآن؛ لأنَّ (اكتب السبب هنا).
  • من المنطقي أن يكون لدي سرعة في الغضب؛ بسبب البيئة التي نشأت فيها.

ثم تدرب على التحقق منها مراراً وتكراراً. عادةً ما يكون من الصعب تغيير الحديث الذاتي؛ لأنَّه تلقائي ومتأصل بشدة فينا؛ لذا اكتب بيانات التحقق الخاصة بك أو ضعها في هاتفك حتى تكون دائماً معك. عندما تلاحظ أنَّ العواطف تنشأ بداخلك، اسحبها لتقرأها لنفسك. اقرأها مرة أو مرتين يومياً، ومع مرور الوقت، ستلاحظ تحولاً في طريقة تفكيرك في هذا الشعور؛ ستجد أنَّك أصبحت أكثر تقبلاً لعواطفك وأقل حكماً على نفسك لشعورك بهذه الطريقة.

إقرأ أيضاً: الثبات الانفعالي: أنواع الانفعالات والتحكم بها

تقليل حدة العواطف من خلال "التصرف العكسي":

بمجرد أنَّك أصبحت هادئاً أكثر، تكون قد اكتشفت العواطف التي تشعر بها وتحققت من صحتها، فإنَّ الخطوة التالية هي تحديد ما إذا كنت تريد فعل شيء لتقليل هذه العواطف. ربما تفكر: "إذا كان الأمر غير مريح، فأنا بالطبع أريد تقليله"، لكن تذكَّر أنَّ العواطف تظهر لسبب ما، ومن الهام التأكد من أنَّنا نُصغي إلى ما تخبرنا به. ومع ذلك، في بعض الأحيان، توصل العاطفة رسالتها، ثم تظل شديدة وتعوق طريقنا؛ وهذا يمنع قدرتنا على التصرف بشكل فعال.

تخيل أنَّك تشعر بالغضب من شخص ما. فقد جاء الغضب ووجه رسالته، وتريد محاولة التواصل مع هذه العاطفة لتحسين الموقف، لكنَّك ما زلت غاضباً للغاية بحيث لا يمكنك إجراء محادثة مثمرة. هذا هو الوقت الذي تريد فيه تقليل غضبك.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات تساعدك على تمالك أعصابك عند الغضب

القلق هو أيضاً مثال جيد هنا. لنفترض أنَّك قلق من أن تكون بين مجموعة من الناس. أنت تعلم منطقياً أنَّه في الواقع لا يوجد شيء يهدد سلامتك في الموقف، وترى أنَّ القلق يعوقك في الخروج والقيام بأشياء مع الآخرين، لكنَّك ما تزال غير قادر على تقليل القلق. هذه أمثلة عن الأوقات التي يمكنك فيها محاولة التصرف بعكس ذلك الشعور.

بهذه المهارة، وبمجرد التحقق من صحة العواطف التي تشعر بها، تأكد من الحقائق. هل هذه العواطف مبررة في الموقف الذي تواجهه؟ على سبيل المثال، يجب أن نشعر بالخوف عندما تكون صحتنا أو سلامتنا أو مصلحتنا (أو صحة شخص نهتم به) في خطر. سيتطلب هذا بعض الممارسة.

بالمناسبة، ربما ترغب في القيام ببعض القراءة حول متى يتم تبرير كل العواطف التي تعاني معها. إذا كانت العواطف لا تتناسب مع الحقائق، أو إذا كانت كذلك ولكنَّك ما زلت ترغب في تقليل حدتها، فيجب عليك تحديد الرغبات الملحة المرتبطة بهذا الشعور - ما هو الفعل الذي يحثك هذا الشعور للقيام به؟ - ثم افعل عكس هذه الرغبة.

في العلاج السلوكي الجدلي، يوجد قول مفاده أنَّ: "العواطف تحب نفسها". إنَّها تميل إلى جعلنا نتصرف بطرائق تجعلها تستمر، أو تجعلها أقوى؛ لذا، فإنَّ الفكرة من هذه المهارة هي أن نقطع الحلقة: من خلال القيام بعكس ما تملي علينا العاطفة، يمكننا تقليل شدة هذه العاطفة. إليك بعض الأمثلة لما قد يبدو عليه هذا مع بعض العواطف الأخرى:

الغضب: أنت تشعر بالغضب من شريكك بعد مشاجرة، ولديك الدافع لقول بعض الأشياء المؤذية. التصرف بعكس ذلك قد يعني تجنب شريكك بلطف لبعض الوقت. إذا كانوا جالسين في غرفة المعيشة يشاهدون التلفاز، فربما تذهب إلى غرفة نومك للقراءة. أو قد يعني ذلك أنَّك قررت معاملة شريكك بطريقة متحضرة وباحترام والتركيز على عدم جعل الأمور أسوأ، وبدلاً من ذلك تتصرف تصرفاً لائقاً تجاهه.

بالطبع، إذا قررت الابتعاد ثم وجدت نفسك جالساً في غرفة النوم وتواصل التفكير في الموقف وإطلاق الأحكام بشأن شريكك، فهذا سيبقي غضبك مستمراً. في هذه الحالة، يمكنك محاولة التصرف عكس أفكارك أيضاً (على سبيل المثال، فكر بلطف في شريك حياتك).

الحزن/ الاكتئاب: إن كان مزاجك سيئاً أو كنت تشعر بالاكتئاب، فغالباً ما يكون الدافع هو القيام بأشياء مثل عزل نفسك والتوقف عن القيام بالنشاطات التي تقوم بها عادة، ومن ثمَّ، فإنَّ التصرف عكس ذلك هو التواصل مع الآخرين، والاستمرار في القيام بنشاطاتك (أو العودة إليهم)، والتأكد من قيامك بأشياء لنفسك تشعرك عادةً بالرضى، ومثيرة للاهتمام، وممتعة ومهدئة، وما إلى ذلك.

أحياناً يكون للتصرف عكس العواطف آثار فورية إلى حد ما، ولكن في أحيان أخرى، ستكون عملية تدريجية، وستتطلب بعض الممارسة المستمرة قبل أن تلاحظ تحولاً في العواطف. مثل كل مهارات العلاج السلوكي الجدلي. طبعاً، لا يتعلق الإجراء المعاكس بقمع العواطف أو مجرد التخلص منها؛ تذكَّر، جميعها لها هدف معين. ولكن إذا كانت العواطف قد أوصلت رسالتها، وهي الآن تعترض طريقك، فيمكنك العمل على تقليل العواطف بهذه المهارة.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة