كيف تكون منتجاً مثلما كان ألبرت أينشتاين؟

في عام 1915، كان ألبرت أينشتاين في مأزق، وقد كانت ثلاث سنوات من عمله الشاق على وشك أن تتبدَّد في الهواء؛ فمعادلته كانت خاطئةً، ولزيادة الطين بلَّة، كان أحد طلابه يقترب من التوصل إلى المفهوم نفسه باستخدام معادلات أفضل.



وفعلَ أينشتاين ما يجيده؛ ألا وهو التعامل مع المشكلة من خلال التركيز على مَهمَّةٍ واحدة على حدة والعمل عليها حتى اكتمالها، بدلاً من التهرب من المشكلة التي تلوح في الأفق؛ حيث ركَّزَ تركيزاً شديداً على معادلاته لأشهر، وعمل على كل مشكلة في عزلة تامة.

هذا مثال متطرف بعض الشيء، ولكنَّه يوضح قدرة أينشتاين واستعداده للتركيز على مَهمة واحدة والالتزام بها حتى تنتهي بنجاح، فلا يحتاج معظمنا إلى عزل أنفسهم لإنجاز مهامهم، خاصةً مع توفُّر العديد من الأدوات والتطبيقات التي يمكِنها أن تساعدك في إنجاز المهام دون استنزاف مواردك كلها.

عندما توفي أينشتاين في عام 1955 في مستشفى نيوجيرسي (New Jersey)، اجتمع الصحفيون في منزله للحصول على صورة أولية لطاولة دراسته؛ فوجدوا مساحة عمله مليئةً بغليونات التبغ، وأكواب القهوة المتسخة، ومجموعات من الأوراق المنتثرة في كل مكان.

رغم أنَّ العِلم قد كشف أنَّ المكتب الفوضوي يدل على التمتع بعقل عبقري، هناك دروس إنتاجية أخرى يمكِننا جميعاً تعلُّمها من ألبرت أينشتاين:

1. تبنِّي أسلوب حياة متواضع جداً:

لم يكن ألبرت أينشتاين من أصحاب الثروات؛ بل أعطى في الواقع معظم قيمة جائزة نوبل لزوجته، وتبنَّى عقلية العيش على الحد الأدنى، وعندما انتظرَته مجموعة من الطلاب لاستقباله، خرج من مقصورة قطار من الدرجة الثالثة.

هل تعتقد أنَّ أينشتاين لم يستطع تحمُّل تكاليف هذه الأمور الصغيرة؟ بالطبع كان يستطيع ذلك، ولكنَّه فضَّل أسلوب الحياة البسيط لسبب ما.

اعتقدَ أينشتاين أنَّه من خلال التركيز على الأشياء الهامة حقاً، يمكِنه أن يصفي ذهنه ويستخدمه بشكل أفضل (وهو ما فعله فعلاً).

الخلاصة هي أنَّه من خلال العيش المقتصد، كان أينشتاين قادراً على تركيز جهوده على أشياء قليلة فقط، واتَّخذَ قراراً واعياً بتجاهل كل شيء آخر غير هام.

إقرأ أيضاً: 21 طريقة بسيطة لجعل الحياة أكثر بساطة

الطقوس اليومية:

عندما بدأ أينشتاين التدريس في جامعة برينستون (Princeton University)، كان معروفاً لدى العامة بسبب نظريته النسبية؛ حيث اعتاد على اختيار ناس من الشوارع وشرحها لمن يصغي إليه. بالطبع، هذا فعلٌ مبالغ، ولا يمكِنك فعله في أيامنا هذه.

ولكن ما يمكِنك فعله هو اتباع الطقوس اليومية لألبرت أينشتاين؛ حيث يمكِن أن تساعدك الطقوس وخاصة الطقوس الصباحية في الحفاظ على إنتاجيتك طوال اليوم.

يشارك الكاتب ماسون كوري (Mason Currey) في كتابه الأكثر مبيعاً، الطقوس اليومية (Daily Rituals)، الروتين اليومي لأكثر الشخصيات نجاحاً في العالم، فيمكِن للنزهة في الحديقة، أو تصفُّح كتاب، أو حتى الاسترخاء على الأريكة كما في حالة أينشتاين أن تزيد من إنتاجيتك.

بالطبع، يصعب على بعض الناس أن يلتزموا بالعادات اليومية، لكنَّ الأشخاص الناجحين يعرفون أنَّ الطقوس هامَّة، وتزيد من الإنتاجية بشكل لا يمكِن تصوُّره.

بالنسبة إلى ألبرت أينشتاين، فإنَّ التمسك بالروتين اليومي سمح له بمعالجة الأفكار العلمية التي كانت تستعر بداخله، كما تعلَّمنا سابقاً، كان مكتبه فوضوياً، وعاش بأسلوب حياة بسيط سمح له بإنجاز اختراعات عظيمة في مجال العلوم.

شاهد بالفديو: 9 تقنيات لزيادة الإنتاجية الشخصية

تقنية البومودورو (The Pomodoro Technique):

وهي واحدة من أكثر الطرائق شيوعاً في إدارة الوقت، فنحن نعرف جميعنا أسطورة تعدُّد المهام تمام المعرفة؛ لذا تخلَّص من جميع المتاعب التي يسببها تعدُّد المهام خلفك، فلربما لم يدرك آينشتاين حتى أنَّه كان في ذلك الوقت يتبع تقنية البومودورو لتحقيق أهدافه الهامة.

عند تطبيق تقنية البومودورو، نضبط المؤقت لفترة من الزمن، ونُركِّز خلالها فقط على مَهمة واحدة كل مرة، متجنِّبين جميع أنواع المشتتات تماماً، فكان أينشتاين بارعاً في هذا وتحلَّى بقدرة خارقة في تركيز جهوده على المهمة الوحيدة التي بين يديه فقط، ولم يدع عقله يُضل الطريق ولو لجزء من الثانية.

قد ينزعج بعض الناس من فكرة التنصل من تعدُّد المهام والتركيز على مهمة واحدة على حدة، ولكنَّ هذه الطريقة هي التي اعتاد الناس الأكثر نجاحاً اتباعها للوصول إلى ما هم عليه اليوم، فكان آينشتاين معروفاً بتخصيص جزء كبير من الوقت ليغرق بعمقٍ في التفكير وسبر أغوار أفكاره، حيث اعتاد أن ينفق طاقته كلها على المهمة التي بين يديه دون تناول الطعام أو التحدث إلى الناس؛ فهل تريد أن تراودك أحلام اليقظة؟ اضبط مؤقتاً وامضِ بعض الوقت في مراقبة الطيور والأشجار خارج نافذتك. كان وقت التفكير هذا حاسماً بالنسبة إلى آينشتاين، حيث أدرك تماماً أنَّ أفكاره تحمل بين طياتها قيماً غير عادية.

الخلاصة:

ما يجعل آينشتاين على صلة بنا هو قدرته على تجربة شيء ما والفشل، ثمَّ محاولة شيء آخر لتحقيق النتيجة ذاتها؛ فعندما ننظر إلى طقوس أشخاص مثل آينشتاين، يمكِننا أن نتعلم كيف نصبح أكثر إنتاجيةً ونجاحاً في حياتنا اليومية.

المصدر




مقالات مرتبطة